الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترومان ـ قورش ـ العصر الحديث
!
عندما تولى ترومان منصب الرئاسة خلفاً لروزفلت، كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين تأييداً للمطالب الصهيونية، حيث كان لجهوده الفضل الأكبر في إنشاء إسرائيل حتى أن الحاخام الأكبر قال له: "لقد وضعك الله في رحم أمك لتعيد إنشاء إسرائيل (1). ففي 31 أغسطس عام 1945م، طلب الرئيس ترومان ـ نيابة عن الصهيونية ـ من رئيس الوزراء البريطاني أتلى، إدخال مائة ألف لاجئ يهودي إلى فلسطين، ولكن رد أتلى كان غير مشجع، حيث أنه أشترط أن تتحمل أمريكيا الأعباء العسكرية والاقتصادية لتنفيذ هذا الطلب، ولكن الرئيس ترومان رفض ذلك وقال: أنه لا يرغب في إرسال50،000 جندي لإقرار السلام في فلسطين. ونتيجة لذلك بدأت اتصالات بين الحكومة البريطانية وبين الزعماء الصهاينة المدعومين من أمريكيا، لتحقيق مطالبهم، ولكن هذه الاتصالات فشلت، مما دفع ترومان إلى تأييد الحل الصهيوني المتمثل بتقسيم فلسطين.
ترومان ومشروع التقسيم
أصدر الرئيس ترومان في 4 أكتوبر بياناً بادر فيه إلى المطالبة بإدخال مائة ألف يهودي فوراً إلى فلسطين، كما أوصى بتطبيق خطة التقسيم حسب الخطوط التي اقترحتها الوكالة اليهودية، وقال ترومان:"إنه كان يعتقد بأن حلاً على هذه الصورة سيصادف تأييداً من الرأي العام في الولايات المتحدة، وصدفة على حد قوله، صدر هذا البيان في يوم عيد كيبور ـ الغفران ـ اليهودي". ولكن لم يمضى وقت طويل حتى صدر رد الفعل العربي على بيان ترومان، ففي رسالة من الملك عبد العزيز بن سعود، إلى ترومان، اتهم فيها اليهود بأنهم يضعون مخططات ضد الأقطار العربية المجاورة، وأنتهي الملك عبد العزيز إلى القول، بأن بيان ترومان قد بدل الموقف الأساسي في فلسطين، خلافاً للوعود السابقة. وفي الرد على ذلك بتاريخ 26 أكتوبر
(1) زعماء ودماء ـ ايمن ابو الروس ص64.
1946م، أدعى ترومان، أن تأييد وطن قومي يهودي كان دائماً من صلب السياسة الأمريكية المنسجمة مع نفسها (1).
وبعد مشاورات عديدة رفع مشروع تقسيم فلسطين إلى الأمم المتحدة، حيث أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن قامت أمريكيا بالضغط على كثير من الدول لتأييد المشروع، حيث يعتبر البعض إن أهم ما يسجل لهاري ترومان في سياق تأييده للحركة الصهيونية، موقفه من مشروع قرار تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة، إذ لم يكتف ترومان بإعطاء توجيهاته للوفد الأمريكي في الأمم المتحدة بالتصويت إلى جانب التقسيم يوم 29 تشرين الثاني 1947م، بل طلب من المسئولين الأمريكيين أن يمارسوا شتى ألوان الضغط والإغراء من أجل إقناع الحكومات الأخرى بالتصويت إلى جانب التقسيم، ويقول كبير الدبلوماسية سمنر ويلز:"بأمر مباشر من البيت الأبيض فرض المسؤولون الأمريكيون، كل أنواع الضغوط بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، خاصة مع تلك الدول المتمردة أو المعارضة للتقسيم ولم يتوان البيت الأبيض عن استخدام الوسطاء والوكلاء في سبيل ضمان الأكثرية اللازمة للتصويت. كما كتب وكيل الخارجية الأمريكي (روبرت لافل) عن دور البيت الأبيض ما يلي: "إنني لم أتعرض في حياتي قط لمثل ما تعرضت له من ضغوط قبيل مشروع التقسيم خاصة تلك الأيام التي سبقته من صباح الخميس إلى مساء السبت" (2).
وبالرغم من الجهد الكبير الذي بذلته أمريكا لتمرير قرار التقسيم، إلا أنها بعد فترة تراجعت عن هذا المشروع بسبب صعوبة تنفيذه، واقترحت وضع فلسطين تحت الوصايا، ولكن هذا الاقتراح لم يقبله الزعماء الصهاينة الذين كانوا يعدون العدة لإعلان قيام دولة إسرائيل بمجرد انتهاء الانتداب البريطاني عليها في 15مايو 1948م. وعندما أعلن عن قيام دولة إسرائيل، أعترف الرئيس ترومان بها بعد دقيقة من إعلان قيامها، كما أنه قام بتصرف يخالف كل المبادئ الدبلوماسية المعروفة،
(1) الصهيونية الأمريكية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص 234.
(2)
على أعتاب الألفية الثالثةـ الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيلـ حمدان حمدان ص127ـ128