الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينتشر المنصّرون التوراتيون في معظم أنحاء الولايات المتحدة، في عدة آلاف من الكنائس التي يعملون في كهانتها، عبر مؤسسة الزمالة الدولية لكنائس الكتاب المقدس. ويؤمن أتباع هذه النبوءة، بأنهم شعب نهاية الزمن، وأنهم يعيشون اللحظة التي كتب عليهم فيها تدمير الإنسانية، ويؤكدون قرب نهاية العالم بمعركة الهرمجدّون، التي بشّرت بها التوراة، والتي سيسبقها اندلاع حرب نووية تذهب بأرواح أكثر من 3 مليارات إنسان! وتبدأ شرارتها من جبل الهرمجدون، الذي يبعد مسافة 55 ميلاً عن تل أبيب بمسافة 15 ميلاً من شاطئ البحر المتوسط، وهو المكان الذي أخذ أكبر حيز من اهتمام المسيحيين بعد الجنة والنار! (1)
نفوذ الجماعات المسيحية
أصبح للجماعات المسيحية البروتستانتية المنظمة صوت مسموع بشأن الصراع العربي الإسرائيلي في أمريكا، حتى أنها باتت قوة سياسية قادرة على الوصول إلى الرأي العام، عبر مختلف وسائل الأعلام، كما أنها أصبحت قادرة على توجيه الأصوات الانتخابية، التي لا يستطيع الحزبان الديمقراطي والجمهوري ضبطهما في حملتهما الرئاسيتين، حتى أن أكثر المرشحين لرئاسة الجمهورية الأمريكية أصبحوا مضطرين لحضور اجتماعات هذه الجماعات التي تبلغ 800 ألف هيئة، منها1500 هيئة بارزة وأتباعها يقدمون سنوياً ما يزيد عن 370 مليون دولار أمريكي، على شكل هبات وتبرعات، وتبلغ إعفاءات البريد التي أقرها الكونغرس للجمعيات الدينية 600 مليون دولار سنوياً (2).
وتحلّل) جريس هالسل) كيف أفرزت هذه الحركة المسيحية أكثر من ألف ومائتي حركة دينية متطرفة، يؤمن أعضاؤها بنبوءة نهاية العالم الموشكة في الهرمجدّون، وترصد سلوك وأفكار هذه الحركات الغريبة، التي دفعت ببعضها إلى القيام بإنتحارات جماعية من أجل التعجيل بعودة المسيح المخلّص وقيام القيامة، ومنها جماعة
(1) يد الله ـ تأليف جريس هالسل ـ ترجمة محمد السماك
(2)
شهود يهوه - بين برج المراقبة الأمريكي وقاعة التلموذ اليهودي - تأليف/ حسين عمر حماده - دار قتيبه 1990 - ص25
(كوكلس كلان) العنصرية، والنازيون الجدد، وحليقو الرؤوس، وجماعة (دان كورش) الشهيرة، والتي قاد فيها (كورش) أتباعه، لانتحار جماعي قبل عدة سنوات بمدينة (أكوا) بولاية تكساس من أجل الإسراع بنهاية العالم، وكذلك القس (جونز) الذي قاد انتحارًا جماعيًّا لأتباعه أيضًا في (جواينا) لنفس السبب، وقد كان (ماك تيموثي) الذي دبّر انفجار (أوكلاهوما) الشهير من المنتمين لهذه الجماعات.
وتشير الاستفتاءات والمسوح الإحصائية فيما يتعلق بمعركة هرمجيدون إلى أن 39% من الشعب الأمريكي يعتقد بتدمير الأرض بهرمجدون نووية. وأن 61 مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى الوعاظ الذين يؤكدون أنهم لن يستطيعوا عمل شيء لمنع الحرب النووية في حياتنا، بل إن إحدى محطات التلفزيون الأمريكية التابعة لشركة شبكة الإذاعة المسيحية (سى. بى. أن)، والعاملة في جنوب لبنان تقدم أخبارها التلفزيونية من المنظور الهرمجدونى السابق. ومن بين الآلاف الأربعة من الأصوليين الإنجيليين الذين يحضرون سنوياً مؤتمرات الإذاعيين الدينية الوطنية، هناك ما يقارب من ثلاثة آلاف يؤمنون بأن المحرقة النووية هي القادرة فحسب على إعادة المسيح المنتظر إلى الأرض. وتبث هذه القناعة ألف وأربعمائة محطة دينية في أمريكيا. وأن غالبية الآلاف الثمانين من القسيسين، الذين يذيعون في أكثر من أربعمائة محطة إذاعية، هم من المؤمنين بهذه القناعة. كما أن معظم مدارس الإنجيل في الولايات المتحدة الأمريكية، تعلم لاهوت هرمجدون حسب رؤية (ديل كرولى) الابن، وهو قسيس في العاصمة واشنطن. وهناك مائة ألف طالب يدرسون في هذه المدارس الإنجيلية، يؤمنون بهرمجدون، وسيخرجون إلى العالم ويصبحون قساوسة مبشرين بهذه العقيدة.
وتشير (غريس هالسل) في كتابها (المبشرون البروتستانت والنية القاتلة) إلى أن الذين يعتقدون بهرمجدون يضمون بين صفوفهم الأغنياء والفقراء والمشهورين والمغمورين، ومنهم بعض أباطرة النفط والغاز وتجار الأسلحة وبارونات صناعة البوظة، وقد أرسل هؤلاء مئات الآلاف من الدولارات لمساعدة الحركات السرية الإرهابية الصهيونية. وتذكر (هالسل) إن الكثيرين من أتباع عقيدة هرمجدون يؤمنون أن "دولة إسرائيل الحديثة وأرض صهيون التوراتية
متطابقتان". وأنه ينبغي تخليص كل (أراضى إسرائيل المقدسة) من النيل إلى الفرات وتمليكها لليهود (1). وتضيف (هالسل) إنها لا ترغب بانتقاد بعض الأصوليين المؤمنين بالإنجيل، الذين أسسوا العديد من الجماعات والمشافى الكبيرة والكنائس العديدة، ولكنها تتساءل إن كان في ذهن هؤلاء القوم، وهم يقومون بمثل هذه الإنشاءات الحضارية أية فكرة عن تدمير هذا العالم وتسليمه لليهود بعد ذلك (2).
(1) يقول بول بوبر في كتابه (عندما يتلاشى الوقت): أن النبوءات الوشيكة الوقوع تتطلب اقتلاع العرب ليس من القدس فقط، إنما من معظم الشرق الأوسط .. لقد وقفوا في طريق الوعود الإلهية لليهود.
(2)
المبشرون البروتستانت، والنية القاتلة- جريس هالسيل- ص 58