الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وليم. بالكوانت) بقوله: "إن عواطفه الشخصية تجاه إسرائيل كانت تبدو راسخة بالمحبة والإعجاب، وتشير الظواهر كلها إلى أنه كان فعلاً يحب إسرائيل والإسرائيليين الذين تعامل معهم. كما عرف أقرب مستشاريه بصداقتهم لإسرائيل، إضافة إلى أن اتصالاته المباشرة مع الجالية اليهودية الأمريكية كانت حميمة خلال مسيرة حياته"(1). وهناك تصريح لجونسون، أدلى به في سبتمبر 1968م أمام جمعية بنات برث (أبناء العهد) ربما يلقى الضوء على أثر الأفكار والنبوءات التوراتية على سياسته تجاه الصراع العربي الإسرائيلي حيث قال فيه:"إن بعضكم، إن لم يكن كلكم، لديكم روابط عميقة بأرض إسرائيل، مثلى تماماً، لأن إيماني المسيحي ينبع منكم، وقصص التوراة منقوشة في ذاكرتي، تماماً مثل قصص الكفاح البطولي ليهود العصر الحديث، من أجل الخلاص من القهر والاضطهاد"(2).
مستقبل إسرائيل والعالم
؟!
عندما عبر الرئيس (جونسون) عن قناعاته الدينية التي تدفعه لدعم إسرائيل، فإنه لم يكن الوحيد الذي ينظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي هذه النظرة الدينية، بل إنه كان يعبر عن وجهة نظر عامة سادت الأوساط الشعبية البروتستانتية المتدينة في أمريكيا، وبالذات بعد الانتصار الإسرائيلي في حرب 1967م، حيث ساهم هذا الانتصار إلى حد كبير في تزايد التيار المسيحي البروتستانتي المؤيد لإسرائيل، باعتبار أن ما حدث على أرض فلسطين ما هو إلا تحقيق لنبوءات توراتية ولمشيئة إلهية. فقد أثار انتصار إسرائيل السريع خلال حرب الستة أيام في العام 1967م وغزو مجمل أراضى القدس حماسة عارمة لدى (الاعفائيين) الموقوفين على نظريات داربي، وكان (نلسون بل) ناشر (كريستيانيتي توداي) وحماه المبشر الشهير (ببلى غراهام) قد كتب:"أن تقع القدس بين يدي اليهود للمرة الأولى منذ أكثر من ألفي عام يثير القشعريرة عند كل من يقرأ الكتاب المقدس ويشعره بإيمان يتجدد في صحة وشرعية الكتاب"(3).
(1) عقد من القرارات ـ وليم كوانت ـ ترجمة عبد الكريم ناصيف ـ ص67ـ 68
(2)
الولايات المتحدة وإسرائيل ـ برنارد ريتش ـ ترجمة مصطفى كمال ـ ص 179
(3)
عالم بوش السري ـ اريك لوران ـ ترجمة سوزان قازان ص95
ولهذا لم يكن من المستغرب أن نجد عناوين الكتب والمقالات التي نشرت في أمريكيا وبعض الدول الأوربية، في أعقاب حرب 1967م من هذا الطراز الديني المستمد من النصوص التوراتية، مثل (وانتصروا في اليوم السابع)، (حرب إسرائيل المقدسة)، (عملية السيف البتار)، (داوود وجوليات)، (أضربي يا صهيون) وغيرها من العناوين. وضمن الإطار نفسه، قامت بعض الجماعات الدينية المسيحية، بتوزيع منشورات وكراسات بعناوين مثل، (مستقبل إسرائيل والعالم) و (الخطط المقدسة للتاريخ)، حاولت فيها إظهار انتصار إسرائيل في عام 1967، وكأنه ينبثق عن الإرادة الإلهية، إذ تبر بوعدها لشعب الله المختار، وتقوم باستباق الأحداث لتجعلها مطابقة لما جاء في النصوص الدينية، ونبوءات العهد القديم من الكتاب المقدس.
وقد نشرت صحيفة الأنوار اللبنانية، صورة لمنشور (مستقبل إسرائيل والعالم) في صفحتها الأولى في 10 نيسان 1968م. وهذه مقتطفات مما جاء في هذا المنشور: "إن العهد القديم من الكتاب المقدس لم يتنبأ بالأزمة التي نشهدها في الشرق الأوسط فحسب، بل تنبأ بالانتصارات الإسرائيلية واحتلال القدس
…
وحتى توقيت هذه الأحداث في حد ذاته. لقد تنبأت نصوص الكتاب المقدس بمساحة أكبر من المساحة الواقعة بأيدي إسرائيل في شباط فبراي ـ 1968م، فالنص الوارد في سفر التكوين (15:18) يوضح المسألة باختصار على أساس وعد أله إسرائيل بالأرض الممتدة من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات" (1). غير أن الكثيرين يتساءلون عن صحة هذه النبوءات، ويزعم البعض الآخر، أن الأساس التوراتى لمزاعم إسرائيل الأرضية لا علاقة له بالموضوع
…
وأن الواقع المعاصر هو الذي يقوم بتعيين حدود الشرق الأوسط. ومع ذلك فإن النصوص المقدسة برهنت على صحتها فيما يتعلق بالأحداث حتى الآن، مما يقوى الحجة لصحتها فيما يتعلق بالأحداث المستقبلية أيضاً" (2). وواضح من مضمون المنشور السابق أنه يفسر الأحداث الحاضرة والمستقبلية، التي جرت وستجرى في منطقة الشرق الأوسط، على أسس
(1) إسرائيل الكبرى ـ د. أسعد رزوق ـ ص 605.
(2)
صحيفة الأنوار اللبنانية- 10 نيسان 1968 - العدد 2677.