الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجده عندما أقام أدبه العظيم الذي سيتردد صداه حتى آخر أيام هذا العالم القديم، والذي سيؤثر في الأخلاق الإنسانية ويشكلها وسيدعم ويلهم الحاضر الإنساني، لا لليهود فحسب، بل للمسيحيين كذلك. لقد استوعبناه وجعلناه جزءاً من أفضل ما في الأخلاق المسيحية" (1).
وهذا هو حاييم وايزمان يؤكد مدى إعجاب لويد جورج بالعهد القديم، عندما تحدث عن إحدى لقاءاته معه، حيث قال:"وصلت إلى مقر رئيس الوزراء في دوانج ستريت وكانت الشوارع مكتظة بالأهالي المتهليين. ولما دخلت على لويد جورج وجدته يقرأ في مزامير داوود، وعرضت عليه خلاصة مستعجلة لأعمالنا وزياراتنا لبلاد فلسطين"(2).
وهكذا التقت أهداف الحكومة البريطانية بأهداف الصهيونية التي اغتصبت أراضي الغير تحت مسمّيات دينية متعصبة. أما كون الفلسطينيين قد عاشوا في فلسطين آلاف السنين، وأنهم كانوا وهم ما زالوا سكان البلاد الذين يملكون أكثرية الأرض والعقار، فهو بالنسبة لهم كأنه لم يكن. ومنذ بدايات الصهيونية، كتب مؤسس الحركة الصهيوينة (ثيودور هيرتزل) في يونيو 1895 م في مذكراته:"علينا أن نقذف بسكان فلسطين المفلسين الفقراء خارج فلسطين بإيجاد فرص عمل لهم في دول أخري، وحرمانهم من التوظيف داخل (بلدنا!) وفي حزيران يونيو 1938 م اجتمعت الوكالة اليهودية ليوم كامل في فلسطين حيث قررت بأغلبية ساحقة عملية التهجير الجماعي (الترانسفير) لعرب فلسطين من أراضي الدولة اليهودية المزمع إقامتها"(3).
الانتداب البريطاني وتسليم فلسطين
بعد صدور وعد بلفور، سعت بريطانيا جاهدة للحصول على موافقة الحلفاء لإخضاع فلسطين للانتداب البريطاني، وقد تم لها ذلك بسبب الدعم الأمريكي
(1) المصدر السابق ـ ص 161
(2)
التجربة والخطأ ـ مذكرات حاييم وايزمان ـ ترجمة محمد الشهابى ـ ص 78.
(3)
إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي 27/ 1ـ 3/ 2/2003م
اللامحدود، والضغوط والمناورات التي استخدمت لإقناع الحلفاء بذلك. "ففي يوم 25 أبريل 1920م وافق المجلس الأعلى للدول المتحالفة عند انعقاده في سان ريمو، على أن يوكل إلى الحكومة البريطانية مهمة الانتداب على فلسطين، وفي 24 يوليو 1922م أسند مجلس جمعية الأمم المتحدة مهمة الانتداب إلى الحكومة البريطانية، غير أن الانتداب لم يطبق رسمياً، لأن تركيا لم تكن قد وافقت على انفصال الولايات العربية عنها. وبمقتضى معاهدة سيفر التي عقدت في 10 أغسطس 1920 م، وافقت تركيا على انفصال الولايات العربية عنها، كما وافقت على تصريح بلفور، بيد أن معاهدة سيفر لم يتم التصديق عليها في الجمعية الوطنية التركية، التي رفضت بعض أحكامها بما في ذلك تصريح بلفور. ولم يصبح فصل الولايات العربية عن تركيا نافذاً بصورة قانونية إلا بعد ثلاث سنوات عندما أبرمت معاهدة لوزان، ووقعت عليها تركيا في 24 يوليو 1923م"(1).
وبعد أن حصلت بريطانيا على ما تريد لتحقيق الحلم الصهيوني عن طريق وضع فلسطين تحت انتدابها، الذي تم في ظله فتح أبواب فلسطين على مصراعيها أمام الهجرة اليهودية، بالإضافة إلى التسهيلات الكبيرة التي قدمتها سلطات الانتداب لليهود، والتي مكنتهم من إقامة المستعمرات، وشراء الأراضي، وتأسيس نواة الجيش الإسرائيلي. وحتى في بعض الحالات التي وجدت فيها الحكومة البريطانية، أن بعض المسئولين يقفون حائلاً أمام سرعة تنفيذ المشروع الصهيوني كما تريد، قامت هذه الحكومة بإبعاد أمثال هؤلاء المسئولين عن مناصبهم، كما فعلت ذلك مع الجنرال (بولز) الحاكم العسكري لفلسطين في بداية الانتداب. الذي قدم توصيات إلى حكومته، طالبها فيها بانتهاج سياسة عادلة تجاه السكان العرب في فلسطين، بالإضافة إلى مطالبته بإلغاء اللجنة الصهيونية، بسبب تدخلها المستمر في شؤون فلسطين الداخلية.
(1) فلسطين في ضوء الحق والعدل ـ هنري كتن ـ ترجمة وديع فلسطين ـ ص 18 - معهد البحوث والدراسات العربية، 1970