الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ريجان وليبيا
في ضروب الهذيان التي امتلأت بها أدمغة المتنبئين والعرافين اليهود، واكتظت بنتائجها صفحات العهد القديم، كان هذيان عن "لهابيم"(ليبيا الآن)، وكيف أن لهابيم هذه من الأمم الكثيرة التي ستزحف جيوشها على أورشليم المدينة المحبوبة، وعلى أرض إسرائيل أمة القديسين (1). وهنا يروى (جيمس ملز) الذي كان رئيساً لمجلس شيوخ ولاية كاليفورنيا ـ ضمن مقالة نشرتها له مجلة (سان رييجو ماجازين) في أغسطس 1985م: أن ريجان سأله أثناء مأدبة حضرها، عما إذا كان قد قرأ الفصلين (38، 39) من (حزقيال)، فأكد ملز لريجان أنه قد قرأ بالفعل، وناقش فقرات حزقيال التي تتحدث عن يأجوج ومأجوج، وعندئذ تحدث ريجان بحرارة عن تحول ليبيا إلى الشيوعية!! وأصر على أن هذا علامة تدل على أن يوم معركة مجدو ليس ببعيد، "لأن تحول هذه الدولة إلى الشيوعية يجعلها من القوى الشريرة، التي ستنضم مع الجيش الشرقي الكبير ضد إسرائيل".
ثم قام (ملز) بتذكير ريجان بأن حزقيال قال أيضاً: "إن الحبشة ستكون بين القوى الشريرة، فقال ريجان: "إنني أوافق أن كل شيء لم يأخذ مكانه بعد، ولكن لم يبقَ إلا حدوث هذا الشيء فقط، إذ يجب أن يسيطر الحمر على أثيوبيا! " وعندما قال ملز:"إنه لا يعتقد أن هذا أمر مرجح"، قال ريجان:"اعتقد بأن هذا أمر لا مفر منه، إنه ضروري لتحقيق النبوءة القائلة بأن أثيوبيا ستكون من الأمم الكافرة التي ستقف ضد إسرائيل"(2).
وبالطبع فإنه من المستحيل إثبات العلاقة بين المعتقدات المعلنة من هذا النوع، وبين عمل قد يقدم عليه الرئيس باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. فالكثير من الناس لديهم معتقدات دينية ليس لها تأثير واضح على أعمالهم الرسمية، ولكن يبدو أن هذا لا ينطبق على الرئيس الممثل (رونالد ريغان)، فمنذ عام
(1) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص386
(2)
النبوءة والسياسة - جريس هالسيل ص48
1986م والجماهيرية الليبية تعتبر العدو الدولي الأول بالنسبة لريغن. ولكن هل كان لذلك التصور علاقة بتفسير ريغان لنبوءات التوراة؟.
حسب رواية (جيمس ميلز)، فإن ريغن كان يكره الجماهيرية الليبية باعتبارها أحد أعداء (إسرائيل) الذين تذكرهم النبوءة، وبالتالي فإنها عدوة يهوه. ويذكر جيمس ميلز في عدد آب 1985م من مجلة (سان رييجو) أنه في حفل عشاء أقيم عام 1971م ساكرامنتو ـ كاليفورنيا على شرف ريغن حاكم الولاية آنذاك، بدأ ريغن فجأة بالتحدث مع جيمس ميلز الجالس بجانبه حول نبوءة الكتاب المقدس، وحتمية الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، (الذي يمثل يأجوج ومأجوج في الكتاب) في حرب عظيمة مدمرة نسبة إلى هرمجدون. ويذكر (جيمس ملز) أن (ريغن) قال له بحدة: إن الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر حزقيال ينص على أن أرض إسرائيل ستتعرض للهجوم على يد جيوش الأمم الكافرة، وعلى أن ليبيا ستكون بين هذه الدول، وتابع ريغن هل تفهم ذلك؟ إن ليبيا الآن شيوعية، وهذا دليل على أن يوم هرمجدون ليس ببعيد. ويبدو أن ريغن بقى متمسكاً بمثل هذه القناعة حتى عام 1986م" (1).
وهنا يتضح أنه عندما ضرب ريجان ليبيا عام 1986م بحجة تفجير (كباريه) أمريكي في ألمانيا، كان الهدف الوحيد هو إضعاف ليبيا قبل دخولها المعركة ضد إسرائيل، التي سيقودها المسيح، حيث تدلل حالة الرئيس العصبية الحرجة أيام رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية، وما أمر به من قصف للأحياء في الجماهيرية الليبية، وما استخدمه من أسلحة أمريكية متطورة في لبنان عن طريق قوات الغزو الصهيوني العنصري، على همجية محاولات الاختبار (الهرمجدونية) التي كان يعتقد بها (ريغن). وكيف أن هذه المحاولات المدمرة قد باءت بالفشل، وانتهت بالبوار والخسران؟!.
"ففى حالة ليبيا، عندما تسلط حزاذ حزقيال على رأس المستر ريجان، كان المطلب الرئيس لإطلاق الكراهية من عقالها متوفراً، وهو كون ليبيا (ايراب)، أي عرب. أما المبرر الأخلاقي، أي الشرارة المشعلة لفتيل تفجير الكراهية فكان الإرهاب.
(1) النبوءة والسياسة - ص18