الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابقة، كانت صدى لموعظة المبشر ليفى برسونس في عام 1821م التي قال فيها:"في قلب كل يهودي، تتأجج رغبة لا يمكن إخمادها، لاستيطان الأرض التي أعطيت لأجدادهم إذا دمرت الإمبراطورية العثمانية، فان معجزة فقط يمكنها أن تمنع عودة اليهود الفورية إلى أرضهم، من كافة أقطار العالم"(1). والمهم هنا هو أن محاضرة نوح تلك لم تلفت نظر اليهود إليها، لكن المسيحيين الصهاينة أولوها اهتماماً كبيراً، وكتب (اسحق ليسر) في صحيفة الغرب يقول:"أثارت محاضرة نوح قدراً كبيراً من الاهتمام بين مواطنينا المسيحيين، فاق بكثير ما أثارته من اهتمام بيننا نحن اليهود"(2).
الرئيس المنصر جون كوينسي آدمز
أصبح جون آدمز الرئيس السادس للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1825 م، وخلافاً لأسلافه الثلاثة اكتفى آدمز بفترة رئاسية واحدة، وآدمز لم يشتهر بأنه كان وزيراً لخارجية أمريكا أو رئيس لها فحسب، بل اشتهر بدوره كمنصر بروتستانتي انصب جهده على اختصار الطريق إلى تحقق مخطط الله، عن طريق محاولة إقناع اليهود بتغيير رأيهم فيما يتعلق بمسألة المجيء، والقبول بالمسيح (حسب الإيمان المسيحي) والتعجيل بذلك ببدء العصر الألفي السعيد، حيث كان هذا هو الاعتقاد السائد لدى المسيحيين الصهاينة في ذلك الوقت، وأنه لابد من أن يشرق عصر ذهبي يضع حداً للظلم وللشر المستشري في العالم. وقد علق على ذلك الباحث جروس بقوله:"إن الطموح إلى تحويل اليهود إلى المسيحية اكتسب قوة جعلت منه شبه حملة صليبية اجتماعية في مستهل حياة الجمهورية الأمريكية، وأنه تولدت عنه حركة شاعت بين النخبة الأمريكية كان من أوائل مؤيديها جون كوينسي آدمز، حيث تحول الرمز اللاهوتي إلى مخطط سياسي هو المشروع الصهيوني الذي اضطلعت الولايات المتحدة الأمريكية بدور القائد في تنفيذه"(3).
(1) مكان تحت الشمس ـ بنيامين نتنياهوـ ترجمة محمد الدويرى ـ ص77
(2)
المسيحية والتوراة ـ شفيق مقار- ص178
(3)
المصدر السابق- ص182
وكمنصر بروتستانتي عمل آدمز من موقعه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق الحلم الصهيوني، "حيث بدل جهوداً كبيرة أثمرت عن عقد اتفاقية مع الإمبراطورية العثمانية في عام 1830 م، استغلتها الكنيسة البروتستانتية في إطلاق العنان للبعثات التبشيرية البروتستانتية في المنطقة، والتي انتشرت ستون بعثه منها، بقرار من المجلس الأمريكي للبعثات الخارجية من اليونان حتى إيران، ومن اسطنبول وحتى القدس. وهذه البعثات هي التي مهدت الطريق أمام مشاريع الاستيطان اليهودي في فلسطين عملاً بتعاليم الصهيونية المسيحية التي تؤمن بها الكنيسة البروتستانتية الأمريكية"(1). حيث لعبت هذه البعثات دوراً تخريبياً في المنطقة العربية والعالم الإسلامي باعتبارها أداة وركيزة للاستعمار والصهيونية، ومعول هدم وتدمير لكل ما يمت للإسلام بصله (2).
فالتبشير كان ولازال دعامة من دعامات الاستعمار وأداة من أدوات الفكر الغربي، فقد قدم الاستعمار ولا يزال يقدم العون المادي والمعنوي للمبشرين ويقوم بحمايتهم وإزالة الصعاب من أمامهم. "فارتباط التنصير بالاستعمار يكاد يكون عضوياً، حيث مهدت السلطات الاستعمارية لنشاط التنصير ووفرت له الحماية والأمن والدعم المعنوي والمادي، وكان كثير من مبشري القرن التاسع عشر الميلادي يتحركون بعقلية صليبية وكانوا استعماريين يقومون بدور مزدوج في التبشير وخدمة مخططات دولهم الاستعمارية. لقد كان المبشرون هم الرواد الأوائل للاستعمار الثقافي الغربي في عالمنا الإسلامي وبلادنا العربية"(3). ويقول علي عبد الحليم محمود: "كان التبشير هو الخطوة الأولى التي مهدت للاستعمار ومكنته من الاستيلاء على بلاد المسلمين وتسخير أرضهم وخيراتها وكثير من أبنائها لخدمة الأغراض السياسية والتبشيرية معاً"(4). ويقول باحث آخر: "إن التبشير الديني نفسه
(1) الصهيونية المسيحية ـ محمد السماك ص89
(2)
راجع كتابنا أحمد ديدات بين القاديانية والإسلام مكتبة مدبولى
(3)
منطقة الخليج العربي أمام التحدي العقدي - سعيد عبد الله حارب ص70 - نشر مكتبة الأمة بدبي ط 1985
(4)
الغزو الفكري وأثره في المجتمع الإسلامى المعاصرـ على عبد الحليم ـ ص165 - دار المنار- القاهرة 1989