الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - بابُ قولِ المَرِيضِ: إِنِّي وَجِعٌ، أَوْ: وَارَأْسَاهْ، أَوِ: اشْتَدَّ بي الْوَجَعُ، وَقَوْلِ أيُّوبَ عليه السلام:{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
(باب قول المريض: إني وَجِعٌ، أو: وارَأسَاه)
تفجُّع على الرأس من شدة صداعه.
5665 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيحٍ وَأيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ، فَقَالَ:"أيَؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ "، قُلْتُ: نعم، فَدَعَا الْحَلَّاقَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ أَمَرَني بِالْفِدَاءِ.
الحديث الأول:
(نعمْ)؛ أي: نعم، يُؤذيني ذلك وأنا وَجِعٌ منه.
(بالفداء)؛ أي: بالفدية، وسبق شرحُ الحديث في (الحج).
* * *
5666 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زكرِيَّاءَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ،
فَاَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللهِ إِنِّي لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ، وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يتمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأبَى اللهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللهُ وَيَأبَى الْمُؤْمِنُونَ".
الثاني:
(ذاك)؛ أي: موتك، دلَّ عليه السياقُ.
(واثُكْلِيَاهْ) مندوبٌ؛ إما للمصدر، واللامُ مكسورة، وإما للثُّكل صفةً، فاللامُ مفتوحةٌ، والثُّكل: فقدانُ المرأةِ ولدَها، ثم صار يُقال عندَ كلِّ مصيبةٍ أو خوفِ مكروهٍ أو نحو ذلك.
(لَظَلِلْتَ) بكسر اللام.
(مُعْرِسًا) بتسكين العين، من: أَعرَسَ بأهله: بنَى بها أو غَشِيَها، وفي بعضها بالتشديد، من التَّعْرِيس.
قال (ش): وفيه نظرٌ من جهة اللغة، انتهى. لكن تقدَّم في (النكاح) في (باب قيام المرأة على الرجال) ما يمنعُه.
(بل أنا وَارَأْسَاهُ)؛ أي: لا بأسَ عليك مما تَخافين؛ لكن أنا الذي أَموتُ في هذه الأيام، وأنتِ تعيشين بعدي، عَرفَ ذلك صلى الله عليه وسلم بالوحي.
(أَعْهَد)؛ أي: أُوصي بالخلافة، يقال: عَهِدتُ إليه، أي:
أَوصيتُه، وفائدةُ ذكر الابن، وإن لم يكن له في الخلافة مدخلٌ: أن المقامَ لاستمالة قلب عائشةَ رضي الله عنها، يعني: كما أن الأمرَ مُفوَّضٌ إلى والدك، كذلك الائتمارُ يكون بحضور أخيك وأقاربك، أو لأنه مَحْرَم؛ فربما احتِيجَ إلى إرساله إلى أحدٍ أو قضاءِ حاجةٍ، فيكون متصديًا لذلك.
(أن يقول)؛ أي: كراهةَ أن يقولَ قائلٌ: الخلافةُ لي.
(أو يتمنى)؛ أي: أحد ذلك، فأُعينه بذلك قطعًا للنزاع.
(المُتمنُّون) أصلُه: المُتمنِّيُون، فحُذفت ياؤُه.
(أو يَدفَعُ الله) هو شكٌّ من الراوي: أيَّ الأمرَينِ قال.
وفي الحديث: أن مَن اشتكى عضوًا يجوز أن يتأوَّهَ منه، وفيه: جوازُ المزاح؛ لأنه علم أن الأجلَ لا يتقدَّم ولا يتأخَّر، فقال ذلك على وجه المداعبة، وفيه: أن ذكرَ الوجع ليس بشكايةٍ؛ بل قد يَسكتُ الإنسانُ ويكون شاكيًا، ويذكرُ وجعُه ويكون راضيًا، فالمُعوَّلُ على النيَّة لا على الذِّكر. قال عن بعضهم: إنه يُكتَب على المريض أنينُه، وما سُمِعَ لطلحَةَ أنينٌ حتى ماتَ، قالوا: ويُكرَه شكوى العبدِ ربَّه على ضرٍّ نزلَ به، بأن يذكرَ ذلك على وجه الضجر أو التسخُّط بالقضاء، لا الذي يُخبر إخوانَه ليَدعُوا له بالعافية، ولا مَن استراح إلى الأنين؛ بل الأنينُ قد يَغلبُ على الإنسان بحيث لا يُطيقُ ردَّه، وفيه: تركُ مصلحةٍ لمصلحةٍ أعظمَ منها، فتَركَ العهدَ، وهو ما أراد اللهُ أن
لا يُكتَبَ؛ ليُؤجَرَ المسلمون على الاجتهاد في بابِه والسعيِ في أمره والاتفاقِ على بيعته.
* * *
5667 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِي، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُويدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّكَ لتوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ:"أَجَلْ كمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ"، قَالَ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: "نعمْ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللهُ سَيِّئَاتِهِ كمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا".
الثالث:
سبق قريبًا شرحُه.
* * *
5668 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي زَمَنَ حَجَّةِ الْوَداعِ، فَقُلْتُ: بَلَغَ بِي مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنةٌ لِي، أفأتصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:"لَا"، قُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: "الثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَنْ تَدع وَرثتك أغنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ