الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المُوجِبة للحَدِّ.
* * *
49 - بابٌ هل يَسْتخْرِجُ السِّحْرَ
؟
وَقَالَ قتادَةُ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب: رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإصْلَاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ.
(باب هل يُستَخرَج السِّحرُ؟)
(وقال قتادة) وصلَه أبو بكر الأَثرَم في "سننه" من طريق أبانَ العطَّار عن قتادة بمثله، ومن طريق هشام الدَّسْتُوائي عن قتادة بلفظ:(يلتمس مَن يُداويه)، فقال: إنما نهى اللهُ عما يَضرُّ ولم يَنهَ عما ينفع.
قولهُ: (طِبٌّ)؛ أي: سِحرٌ.
(يُؤَخَّذ) بمعجمتين والتشديد، أي: يُحبَس عن مباشرة المرأة، وهذا هو المشهورُ بعقد التأجيل.
قال الجَوهري: الأُخذة بالضم: الرُّقية كالسحر، أو خرزةٌ تُؤخَذ بها النساءُ والرجالُ، وهي من التأخيذ.
(أو يُنَشَّر) بالتشديد، من: النُّشْرَة، أي: بضم النون وسكون المعجمة، وهي كالتعويذ والرُّقية يُعالَج بها المجنونُ، يُنشَّر عنه
تنشيرًا، أو يُحتمل أن تكون شكًّا أو تنويعًا شبيهًا باللَّفِّ والنَّشرِ، بأن يكون الحلُّ في مقابلة الطِّب، والتنشير في مقابلة التأخيذ.
قال (ط): هل يُسأل الساحرُ عن حلِّ السِّحر عن المسحور؟ قال الحسنُ البَصريُّ: لا يجوز إتيانُ الساحر مُطلَقًا، وقال ابنُ المُسَيَّب وغيرُه: ذلك إذا أتاه وسألَه أن يَضرَّ مَن لا يحلُّ ضررُه، وأما للحلِّ فنفعٌ، وقد أَذِنَ له لذوي العِلَل في المعالجة، سواءٌ كان المُعالج ساحرًا أو لا.
قال (ط): في كتب وَهْب بن مُنبِّه: أن الحلَّ، ويُسمَّى النُّشرة: أن يَأخذَ سبعَ ورقاتٍ من سِدْرٍ أخضرَ، فيدقَّه بين حَجَرَينِ، ثم يَضربَه بالماء ويقرأَ عليه آيةَ الكرسي وذواتِ {قُلْ} ، ثم يَحْسُوَ منه ثلاثَ حَسَوَاتٍ ويغسلَ به، فيذهبَ عنه كلُّ ما به إن شاء اللهُ تعالى، وهو جيدٌ للرجل إذا حُبس عن أهله.
* * *
5765 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، فَسَألتُ هِشَامًا عَنْهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأتِيهِنَّ، قَالَ سُفْيَانُ: وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ إِذَا كَانَ كَذَا، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَعَلِمْتِ أَنَّ الله قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أتانِي
رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ، كانَ مُنَافِقًا، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ في مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ، في بِئْرِ ذَرْوَانَ"، قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ، فَقَالَ: "هَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِي أُرِيتُهَا، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءَ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُسُ الشَّيَاطِينِ"، قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: أفلَا أَيْ تنشَّرْتَ؟ فَقَالَ: "أَمَا وَاللهِ فَقَدْ شَفَانِي، وَأكرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا".
(كان منافقًا) في هذه الرواية دليل على أن قولَه في الرواية السابقة: (اليهودي) نسبةٌ، بأنه حِلْفٌ لهم.
قال أبو الفرج: يدل على أنه كان قد أَسلَمَ نفاقًا.
(رَاعُوفة) بالراء والمهملة والفاء: صخرةٌ تُترَك في أصل البئر عندَ حفرِه ثانيةَ ليُحبَس [ليجلس] عليها مُستقيه إذا احتاج، وقيل: حجرٌ على رأس البئر يُستقَى عليه، وفي بعض الروايات:(رَعُوفة) بغير ألف، ورُوي بالثاء المثلثة؛ والمشهورُ الفاءُ.
(أفلا تنشَّرت) وفي بعضها: (هلَّا تنشَّرْت)، تفعُّل من النُّشرة، وفي بعضها:(أفلا، أي: تنشَّرْت)، بزيادة (أي) التفسيرية، وفي بعضها:(أفلا أُتِيَ بِنُشْرَة)، فعلٌ ماضٍ مبني للمفعول، من: الإتيان،