الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَؤُلَاء أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلَاء سَبْعُونَ ألفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ"، فتفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبيَّنْ لَهُمْ، فتذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا في الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللهِ وَرَسُولهِ، وَلَكِنْ هَؤُلَاء هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "هُمُ الَّذِينَ لَا يتطَيَّرُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يتوَكلُونَ"، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "نعمْ"، فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: "سَبقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ".
(معه) في بعضها: (ومعه) في المواضع كلِّها.
(عُكاشة) سبق أنه بالتخفيف والتشديد، كما سبق في (باب مَن اكتوى).
(سبقَك) قيل: كانت ساعةَ إجابةٍ، والأَشبهُ كي لا يتسلسلَ الأمرُ.
* * *
43 - بابُ الطِّيَرة
(باب الطِّيَرة)
بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسكن، من: التطيُّر، وهو التشاؤم،
كانوا يُنفِّرون الظِّباءَ والطيورَ؛ فإذا أخذَتْ ذاتَ اليمين تبَرَّكُوا به وأخذوا في حوائجهم، وإن أَخذَتْ ذاتَ الشمال رجعوا من ذلك وتشاءموا، فأبطلَه الشرعُ وأَخبرَ بأنه لا تأثيرَ لذلك في نفعٍ ولا ضرٍّ.
* * *
5753 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ في ثَلَاثٍ: في الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ".
الحديث الأول:
(لا عَدوَى) هو كما سبق لا تعديةَ للمرض من صاحبه إلى غيره، ولا ينافي هذا قولَه عقبَه:(والشُّؤمُ في ثلاثة)، بل هو كما قال (خ): عامٌّ مخصوص، فإنه كالمُستثنَى منه ذلك، أي: إلا أن يكونَ له دارٌ يَكرَهُ سكناها، أو امرأة يَكرَهُ صحبتَها، أو فرسٌ كذلك؛ فَلْيُفارِقْهنَّ، وقيل: شُؤمُ الدار: ضيقُها وشُؤمُ جوارِها، وشُؤمُ المرأةِ: سَلاطتُها وعدمُ ولادتها، وشُؤمُ الفرسِ: أن لا يُغزَى عليه، وقال مالك: هو على ظاهره، فكلٌّ من الثلاثة قد يكون سببًا للضرِّ.
* * *
5754 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
أَخْبَرَني عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبة، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَألُ"، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدكم".
الثاني:
(وخيرُها الفَألُ) بهمزة ساكنة ولام مخففة، وبلا همزٍ تسهيلًا، وإضافتُه للطيرة مُشعِرٌ بأنه طِيَرةٌ؛ فإما أن ذلك باعتبار أن الأصلَ إطلاقُها في الخير والشرِّ، ثم خصَّص العُرفُ الطِّيَرةَ بالشرِّ، أو أن الإضافةَ للتوضيح، فلا يَلزمُ أن يكونَ منها.
قال (ن): الفَألُ يُستعمَل فيما يَسوءُ وفيما يَسرُّ، والغالبُ السرورُ، والطيَرةُ لا تكون إلا في الشرِّ، وقد يُستعمَل في الخير مجازًا.
قال (خ): الفَألُ طريقُ حسنِ الظنِّ بالله تعالى، والطِّيَرةُ طريقُ الاتِّكالِ على ما سواه.
قال الأصمعي: سألتُ ابنَ عَون عن الفأل؟ فقال: مِثلُ أن يكونَ له مريضٌ، فيسمعَ قائلًا: يا سالِمُ! وهذا بخلاف سُنُوحِ الطير وبُرُوحِها؛ فإنه تكلُّفٌ من المُتطيِّر بما لا أصلَ له لعدم تمييز البهائم، حتى يَستدلَّ بها على معنًى، وطلبُ العلمِ من غيرِ مَظَانِّه جهلٌ.
قال (ك): كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَستحبُّ الاسمَ الحسنَ والفَألَ الصالحَ؛ وكذا في فطرة الناس الارتياحُ للمَنظر الأنيق، والماء الصافي وإن لم يَشرَبْه.
* * *