الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة) فقط، ثم قال عليٌّ:(وبلغني أن عبدَ الرزاق أَسندَه بعدَ ذلك).
* * *
47 - بابُ السِّحْرِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ، وَقولهِ تَعَالَى:{وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ، وَقَوْلهِ:{أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} ، وَقَوْلِهِ:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} ، وقوله:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} ، وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ، {تُسْحَرُونَ}: تُعَمَّوْنَ.
(باب السِّحْر)
وهو أمرٌ خارقٌ للعادة صادرٌ من نفسٍ شريرةٍ لا يتعذَّر معارضتُه، وقد أنكرَه قومٌ وقالوا: إنما هو خيالاتٌ باطلةٌ لا حقيقةَ لها، وأكثرُ الأُمم من العرب والرُّوم والهند والعجم على ثبوته ووجوده حقيقةً، وله تأثيرٌ، وليس بمستحيلٍ عقلًا أن الله تعالى يَخرقُ العادةَ عندَ النطق
بكلامٍ مُلفَّقٍ وتركيبِ أجسامٍ على وجهٍ لا يَعرفُه كلُّ أحدٍ، وأشار البخاريُّ إلى ثبوته، وأكَثَرَ في الاستدلال عليه بالآيات وصريح الحديث، وأنه مُمرِضٌ، حيث قال: شفاني الله، وحينئذٍ فالفرقُ بينه وبين معجزة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنها بالتحدي، ولا تعارضَ بخلافه، أو أنه يظهر على لسان الفاسق أو يحتاج إلى آلاتٍ وأسبابٍ، والمعجزةُ لا تحتاج إليها.
(تُسْحَرون: تُعْمَون) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه، ومنهم مَن يفتح ثانيَه ويُشدِّد ثالثَه.
* * *
5763 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونس، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجلٌ مِنْ بني زُريقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِي، لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ:"يَا عَائِشَةُ! أَشَعَرْتِ أَنَّ الله أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أتانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَم، قَالَ: في أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: في بِئْرِ ذَرْوَانَ"، فَأتاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ
فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ! كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءَ، أَوْ كَأَنَّ رُؤُسَ نَخْلِهَا رُؤُسُ الشَّيَاطِينِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلَا أَستخْرِجُهُ؟ قَالَ: "قَدْ عَافَانِي اللهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا"، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبو ضَمْرَةَ، وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ: في مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ، يُقَالُ: الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ.
(زُرَيْق) بتقديم الزاي.
(لَبِيْد) بفتح اللام وكسر الموحدة وبالمهملة: ابن (الأَعْصَم) بمهملتين.
(يُخيَّل) بالبناء للمفعول.
(يَفعَل)؛ أي: يأتي النساءَ، كما سيأتي.
(ذات يوم) بالرفع، وفي بعضها بالنصب، و (ذات) مُقحمَةٌ للتأكيد.
قال الزَّمَخْشَري: أو من إضافة المُسمَّى إلى اسمه.
(لكنه) محلُّ الاستدراك هو إما (وهو عندي)، أي: كان عندي، لكن ليس مشتغلًا بي، بل بالدعاء، أو (يفعل)، أي: كان التخييلُ في الفعل لا في القول والعلم؛ إذ كان دعاؤُه وفهمُه على الوضع الصحيح.
(مَطْبُوب)؛ أي: مسحور، والطبُّ من الأضداد.
(مُشْط) بضم الميم وكسرها، والشينُ ساكنةٌ فيهما.
(ومُشَاطة) ذُكِرَ آخرَ الحديث تفسيرُها وتفسيرُ المُشَاقة، وقيل: هما بمعنَى، والقافُ تُبدَل من الطاء.
(وَجُفّ) بضم الجيم وتشديد الفاء: وعاءُ طلعِ النخل وغشاؤُه، سواءٌ الذكرُ والأنثى، فلذلك قيَّده بقوله:(ذَكَر)، وفي بعضها:(جُبّ) بالموحدة بمعناه.
(طَلْعة نخلة) الهاء فيه لتمييز المفرد، كتمرة.
(ذَرْوَان) بفتح المعجمة وسكون الراء وبالواو والنون، وفي بعضها:(ذي أَرْوَان) بفتح الهمزة وإسكان الراء، وقد سبق ذلك.
قال (ن): كلاهما صحيحٌ، والثاني أجودُ وأصحُّ، وادَّعَى ابنُ قُتيبةَ أنه الصوابُ، وهي بئرٌ بالمدينة في بستان بني زُرَيْق.
(نُقَاعَة) بضم النون وخفة القاف وتشديدها.
(الحِنَّاء) بالمدِّ، أي: الماء الذي يُنقَع فيه الحِنَّاء.
(وكأن رؤوسَ نخلِها رؤوسُ الشياطين) وجهُ التشبيه: وحاشةُ المَنظر، وهو مَثَلٌ في استقباح الصورة.
(أُثَوِّر) بفتح المثلثة وتشديد الواو المكسورة.
(شرًّا)؛ أي: بأن يَعلَمَ المنافقون السحرَ، فيُؤذون المسلمين به، وهو من باب دفع أعظم المفاسد.
(تابَعَه أبو أُسامة) موصولٌ بعدَ بابٍ.