الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يتجَوَّز من اللباسِ وَالْبُسْطِ
(باب ما كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يتجوَّز من اللِّباس والبُّسط)
جمع: بِسَاط، ومعنى التجوُّز منها: التخفيف منها.
5843 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَبِثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأتيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرتا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ، فَنَزَلَ يَومًا مَنْزِلًا فَدَخَلَ الأَرَاكَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ فَقَالَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ قَالَ: كنَّا في الْجَاهِلِيَّةِ لَا نعدُّ النِّسَاءَ شَيْئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإسْلَامُ وَذَكَرَهُنَّ اللهُ، رَأَيْنَا لَهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْنَا حَقًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ في شَيْء مِنْ أُمُورِنَا، وَكَانَ بَيني وَبَيْنَ امْرَأَتِي كَلَامٌ فَأَغْلَظَتْ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: وَإِنَّكِ لَهُنَاكِ، قَالَتْ: تَقُولُ هَذَا لِي وَابْنتكَ تُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: إِنِّي أُحَذِّرُكِ أَنْ تَعْصِي الله وَرَسُولَهُ، وَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا في أَذَاهُ، فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ لَهَا، فَقَالَتْ: أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ قَدْ دَخَلْتَ في أُمُورِنَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ، فَرَدَّدَتْ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْتُهُ أتيْتُهُ بِمَا يَكُونُ، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدَ أتانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ بِالشَّأمِ، كنَّا
نَخَافُ أَنْ يَأتِينا، فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِالأَنْصَارِيِّ وَهْوَ يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، قُلْتُ لَهُ: وَمَا هُوَ؟ أَجَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ قَالَ: أَعْظَمُ مِنْ ذَاكَ، طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، فَجئْتُ فَإِذَا الْبُكَاءُ مِنْ حُجَرِهَا كُلِّهَا، وإذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَعِدَ في مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَعَلَى باب الْمَشْرُبَةِ وَصيفٌ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي، فَدَخَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِذَا أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ وَقَرَظٌ، فَذَكرْتُ الَّذِي قُلْتُ لِحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَالَّذِي رَدَّتْ عَلَيَّ أُمُّ سَلَمَةَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَبِثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نزَلَ.
الحديث الأول:
(تظاهَرتا)؛ أي: تعاضَدَتا، قال تعالى:{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} [التحريم: 4].
(الأَرَاك) الشجر المالح المُرُّ، أي: دخل بيتها لقضاء الحاجة.
(فاغلَظَت لي) في بعضها: (عليَّ).
(لَهُناك) أي: في هذا المقام، ولك حدان تُغلظي عليَّ، [و] (أن تَعصي الله) في بعضها:(أن تُغضبي الله) من الإغضاب.
(وتقدَّمت إليها)؛ أي: دخلتُ إليها أولًا قبلَ الدخول على غيرها.
(في أذاه)؛ أي: في قصة إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأنه، أو المعنى: تقدَّمت إليها في أذى شخصها وإيلام بدنها بضربٍ ونحوه.
(أُمَّ سَلَمة)؛ أي: هند، وإنما أتاها عمرُ رضي الله عنه لأنها قرابتُه، قيل: إنها خالتُه.
(أَعجَب) بهمزة المتكلم.
(فرَدَّدَتْ) من الترديد، في بعضها:(فرَدَّتْ)، من الردِّ، وفي بعضها:(فبَرَزَتْ)، من البُروز.
(من حول)؛ أي: من الملوك والحكام.
(غَسَّان) بفتح المعجمة وشدة المهملة.
(بالأنصاري إلا وهو يقول) في جُلِّ النُّسَخ بإسقاط (إلا)؛ إما بتقديرها لدلالة القرينة، أو (ما) زائدة أو مصدرية، وتكون مبتدأ، وخبره:(بالأنصاري)، أي: شعوري بالأنصاري قائلًا.
(أَعظَم) إنما كان أعظمَ مِن توجُّه العدو؛ لأن فيه ملالةَ خاطرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأما في عُمرَ فظاهرٌ من حيث مفارقتُه صلى الله عليه وسلم حفصةَ، ولعلمهم أن الله تعالى يَعصمُ رسولَه صلى الله عليه وسلم من الناس:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].
(طلَّق) قال ذلك ظنًّا أن اعتزالَه تطليقٌ.
(من حُجَره) في بعضها: (حُجَرهنَّ)، والكلُّ صحيحٌ.
(مَشْرَبَة) بفتح الميم وإسكان المعجمة وفتح الراء وضمِّها: الغرفة.
(وَصِيف) بفتح الواو وكسر المهملة: الخادم.
(مِرفَقَة) بكسر الميم وفتح الفاء والقاف: المخدَّة.
(أدم) جمع: أديم.
(أَهَب) بفتحتين، جمع: إهَاب، وهو جلدٌ لم يُدبَغ.
(وقَرَظ) بفتح القاف والراء وبظاء معجمة: ورقُ شجرٍ يُدبَغ به، وسبق الحديثُ في (باب المظالم).
* * *
5844 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ؟ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ؟ كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِي كُمَّيْهَا بَيْنَ أَصَابِعِهَا.
الثاني:
(ماذا) استفهامٌ متضمنٌ معنى التعجب والتعظيم، أي: رأى في منامه أنه سيقع بعدَه الفتنُ، وتُفتَح الخزائنُ، أي: الرحمةُ، لقوله تعالى:{خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} [ص: 9]، كما يُكنَّى عن العذاب بالفتن لأنها سببُه.
(صَوَاحب الحُجُرات) في بعضها: (الحُجَر) باعتبار الجنس.
(عارِيَة) بالجر، أي: كم عاريةٍ كاسيةٍ عرفتُها، وبالرفع، أي: