الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبق معنى النُّشرة، وفيه: جوازُ النُّشرة، وأنها كانت مشهورةً عندهم، ومعناها اللغويُّ ظاهرٌ فيها، وهو نشرُ ما طَوَى الساحرُ وتفريقُ ما جمعَه، أي: هلَّا استَخرجتَ الدَّفينَ حتى يَرَاه الناسُ، فكرهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك لِمَا في إظهاره من الفتنة، وهو معنى قوله:(على أحدٍ من الناس شرًّا) فيُحتمل أن المرادَ به لَبيدُ بنُ الأَعصَم؛ لأنه مسلمٌ في الظاهر، أو الناسُ مطلقًا، وقد سبق.
* * *
50 - بابُ السِّحْرِ
(باب السِّحر)
5766 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أبو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِنه لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِي دَعَا اللهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا استفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ "، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "جَاءَنِي رَجُلَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَم، الْيَهُودِيُّ مِنْ بني زُرَيْقٍ، قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ
طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: في بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ" قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْل، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ: "وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُؤُسُ الشَّيَاطِينِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أفأَخْرَجْتَه؟ قَالَ: "لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ وَشَفَانِي، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا" وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.
الحديث الأول:
(لَيُخَيَّل)؛ أي: يَظهرُ له من نشاطه وتقدُّم عادته؛ فإذا دنا منهنَّ أخذَه السِّحرُ، فلم يتمكن من ذلك، وقيل: كان يُخيَّل إليه، ولكن لم يكن يعتقد صحةَ ما تَخيَّله، وقيل: كان السِّحرُ جاريًا على جسده وجوارحه، لا على عقله وقلبه، فيتخيَّل بالبصر لا بالبصيرة، وليس فيه قدحٌ فيما يتعلق بالنبوة، وسبق بيانُ ذلك في (باب صفة إبليس) في (كتاب بدء الخلق)، وقيل: تجويزُ مثلِه يَمنع الثقةَ بالشرع، ورُدَّ بأنه معصومٌ بالمعجزات عما يتعلق بالتبليغ، بخلاف أمور الدنيا فإنه لا يَبعُدُ، ولا نقصَ فيه بذلك.
قال (خ): لأن الأنبياءَ -عليهم الصلاةُ والسلامُ- بشرٌ جارٍ عليهم من العِلَل والأعراض ما هو جارٍ على غيرهم، وليس تأثيرُ السحر فيهم بأكثرَ من القتل والسم، وقد قُتِلَ زكريا ويحيى وأمثالهم، وذلك ابتلاءٌ، قال: فقد عصمَه اللهُ، وإنما كان يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيءَ من أمر النساء خصوصًا، ولا يفعل؛ وهذا لا نقصَ فيه.