الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا يَنكَأ) قال (ع): الرواية بفتح الكاف مهموز الآخر، والأشهرُ:(ينكِي) بكسر الكاف منقوصًا لا مهموزًا، ومعناه: المبالغةُ في الإصابة والتشديدُ في التأثير، وقال في "المُحكَم" في الكاف والنون: نَكَأتُ العدوَّ أَنكَأتُهم لغةٌ في نَكَيتُهم، وقال في الكاف والنون والياء: نَكَى العدوَّ نِكَايةً: أصابَ منه، وقال ابن الأثير: يُقال: نكيتُ في العدو وأَنكِي نِكايةً فأنا ناكٍ: إذا أكثرتُ فيهم الجرحَ والقتلَ، والهمزُ لغةٌ فيه.
وقال (ع) في "الإكمال": (لا يَنكَأ العدوَّ)؛ وكذا رويناه مهموزًا، ويُروَى:(لا يَنكِي) بكسر الكاف، وهو أوجهُ في هذا الموضع؛ لأن المهموزَ إنما هو من: نَكَأتُ القَرحةَ، وليس هذا موضعَه إلا على تجوُّزٍ، وإنما هو من النِّكاية. قال صاحبُ "العَين": ونَكَأتُ لغةٌ، فعلى هذا تتوجَّه هذه الروايةُ.
* * *
6 - بابُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ
(باب مَن اقتَنَى كلبًا)
الاقتناء: الاتخاذ والادِّخار.
5480 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنِ اقْتَنَى كلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيةٍ أَوْ ضَارِيَةٍ، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ".
الحديث الأول:
(ضارية)؛ أي: معتادة الصيد مُعلَّمة، يقال: ضَرِيَ الكلبُ بالصيد ضراوةً، أي: تعوَّد، فإن قيل: حقُّه ضارٍ كقاضٍ؟ قيل: أتى بالياء والهاء فيه لأنه صفةُ الجماعة الصائدين أصحابِ الكلاب المُعتادة للصيد، فسُمُّوا ضاريةً استعارةً، أو هو من باب التناسب للفظ، نحو: لا دَرَيتَ ولا تَلَيتَ، والغدايا والعشايا.
(قيراطَين) القيراط في الأصل: نصف دانق، والمراد به هنا: مقدارٌ معلومٌ عند الله، أي: نقص جزأَينِ من أجزائه.
* * *
5481 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كلْبٌ ضَارٍ لِصَيْدٍ أَوْ كلْبَ مَاشِيةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ".
5482 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اقْتَنَى كلْبًا إِلَّا كلْبَ
مَاشِيةٍ أَوْ ضَارٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ".
الثاني:
(أو ضارٍ) رُوي (ضاري) بالياء، و (ضارٍ) بحذفها، و (ضاريًا) بألفٍ بعد الياء منصوبًا، وهو ظاهرُ الإعراب، وأما الأوَّلانِ فهما مجروران عطفًا على (ماشية)، ويكون من إضافة الموصوف إلى صفته كـ: ماء البارد، ويكون ثبوتُ الياء في (ضاري) على اللغة القليلة في إثباتها في المنقوص من غير الألف، والمشهورُ حذفُها، أي: كلب تعوَّد بالصيد، يقال: ضَرِيَ الكلبُ، وأضرَاه صاحبُه، أي: عوَّدَه وأغرَاه به، ويُجمَع على: ضَوَارٍ، وقيل: إن (ضارٍ) هنا صفةٌ للرجلِ الصائدِ صاحبِ الكلابِ المعتادةِ الصيدَ، فسمَّاه: ضاريًا استعارةً، كما في الرواية الأُخرى:(إلا كلبَ ماشيةٍ أو كلبَ صيدٍ)، وقال (ك):(إلا) بمعنى: غير، صفة للكلب لتعذُّر الاستثناء، ويجوز أن تُنزلَ النكرةُ منزلةَ المعرفة، فيكون استثناءً.
(قيراطان) قد سبق: (قيراطين) بالنصب؛ لأن (نقص) يكون لازمًا ومتعديًا، باعتبار اشتقاقه من النقصان والنقص.
واختُلف في سبب نقص الأجر؛ فقيل: لامتناع الملائكة من دخول بيته، وقيل: لِمَا يلحق المارِّين من الأذى، وقيل: لِمَا يُبتلَى به من ولوغه في الأواني عند غفلة صاحبه، وهذا التعليلُ -وإن عمَّ جميعَ الكلاب- لكنَّ المُستثنَى لعلَّه لا يَنقصُ الأجرُ للحاجة أو لقلةِ أكلِه النجاسةَ، وقبحِ رائحتِه ونحوه؛ نعم سبق قُبيلَ (كتاب الأنبياء) أن