الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أكتَوِيَ".
الثاني:
(لَذْعَة) بمعجمة ثم مهملة: خفيف الإحراق بالنار، يريد: الكَيَّ، وهذا مما أغفلَه (ع) في "المشارق"، وفيه: أن كلَّ ما يتأذى به المؤمنُ، وإن ضَعفَ أذاه وإن كان مُحرِمًا، يُبَاحُ له إزالتُه؛ فمداواةُ أسقامِ الأجسامِ بالطريق الأَولَى.
* * *
17 - بابُ مَنِ اكتَوَى أَوْ كَوَى غَيْرَه، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكتَوِ
(باب مَن اكتَوى أو كَوَى غيرَه)
الفرق بينهما: أن (افتعل) لنفسه، و (فعل) للأعمِّ، كاكتسب وكسب، واشتَوى: اتخذ الشواءَ لنفسه، وشَوَى: اتخذه له أو لغيره.
5704 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَليدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قتادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ
أَدْوِيتكُمْ شِفَاءٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أحِبُّ أَنْ أكتَوِيَ".
الحديث الأول:
(وما أُحبُّ أن أكَتَوِيَ)؛ أي: لِمَا فيه من الإحراق والتعذيب، وكان يتعوَّذ دائمًا من عذاب النار، وأباحَه للأُمَّة لِمَا فيه من الشفاء.
قال (ع): ولا يُبيحُ لهم إلا ما هو مُبَاحٌ، كما كان يمتنع من أكل الضب، وأُكِلَ على مائدته ولم يَأكُلْ.
* * *
5705 -
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَا رُقْيةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ.
5705 / -م - فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا، أُمَّتي هَذِهِ؟ قِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، قِيلَ: انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاء سَبْعُونَ ألفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ"، ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبيِّنْ لَهُمْ،
فَأفَاضَ الْقَوْمُ، وَقَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللهِ، وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإسْلَامِ، فَإِنَّا وُلدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ فَقَالَ:"هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يتطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يتوَكلُونَ"، فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "نعمْ"، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ قَالَ: "سَبقَكَ عُكَّاشَةُ".
الثاني:
(مِن عَينٍ) هو إصابةُ العائنِ غيرَه بعينه، وهو أن يتعجَّبَ الشخصُ من الشيء حين يراه؛ فيتضرَّر ذلك الشيءُ منه.
(أو حُمَة) بضم المهملة وخفة الميم: السُّمُّ.
قال الجَوهري: حُمَةُ العقربِ: سُمُّها، فالتقدير: مِن لَدغَةِ ذي حُمَةٍ، وهذا موقوفٌ على عثمان، وإنما غرضُ البخاريِّ حديثُ ابنِ عباس.
قال (خ): لم يُرِدْ به حصرَ الرُّقية الجائزة منها، وإنما أراد: لا رقيةَ أحقُّ وأَولَى من رُقية العين والحُمَة؛ لشدة الضرر فيهما.
(فذكرته) هو من قول عامر الشَّعْبي.
(والنَّبِيُّ ليس معه) إن قيل: النَّبِيُّ مُخبِرٌ عن الله، فلابدَّ له ممن يُخبرُه؛ فكيف لا يكون معه أحدٌ؟ قيل: هو أَخبَرَ، ولكن ما آمَنَ به أحدٌ.
(بغير حسابٍ)؛ أي: مَن كان بهذه الصفات لا يكون لهم مَعَاصٍ ولا مَظَالِمُ، أو أنهم ببركةِ هذه الصفاتِ يَغفرُ اللهُ لهم أو يَعفُو عنهم.
(دخل) أي: إلى الحُجرةَ.
(ولم يُبيِّنْ لهم) أي: للصحابة مَنْ السبعون.
(فأفاضَ) أي: اندفعوا فيه وناظَرُوا عليه.
(لا يَستَرقُون) الجمع بين هذا وبين ما سيأتي من أمره بالاسترقاء، وكذلك رُقيته صلى الله عليه وسلم، وكذا أبو سعيد الخُدْري رَقَى اللَّديغَ وأقرَّه: أن المأمورَ به ما كان بقوارع القرآن ونحوه، والمذمومَ ما كان يَرقي به العزَّامون وأهلُ الجاهلية، وقيل: الإذنُ والفعلُ لبيان الجواز، والمدحُ لبيان الأَولَى والأفضل.
(ولا يتطيَّرون) أي: يتشاءَمُون بالطيور ونحوها كفعل الجاهلية، والطِّيَرة: ما كان في الشرِّ، بخلاف الفأل فإنه في الخير، وكان صلى الله عليه وسلم يحبُّ الفَألَ.
(ولا يَكتَوُون) أي: مُعتقدِين كالجاهلية أن الشفاءَ فيه، وإلا فقد كَوَى صلى الله عليه وسلم سعدَ بنَ مُعاذ وغيرَه، وهو صلى الله عليه وسلم أولُ مَن يدخل الجنةَ.
(يتوكَّلُون) هو تفويضُ الأمرِ إلى الله تعالى في ترتيب المُسبِّبات على الأسباب، وقيل: تركُ السعيِ فيما لا تَسعُه قدرةُ البشر؛ فالشخصُ يأتي بالسبب معتقدًا أن ترتيبَ السبب عليه من الله عز وجل، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم:(اعقِلْها وتوكَّلْ)، ولبسَ يومَ أُحُدٍ درعَينِ، مع كونه
من التوكُّل بمحلٍّ لم يَبلُغْه أحدٌ، وحرَّم تركَ طلبِ ما يُقيم حياتَه، كمن يقعد منتظرًا أن يأتيَه من السماء شيءٌ، فيستمرُّ كذلك حتى يموتَ، فإنه يموت عاصيًا، فالمَدارُ على ترك عقائد الجاهلية واعتقاد عقائد الإسلام، وملاحظةُ مثلِ هذا إنما يقع من الكاملين، وإن كان المؤمنون يتشاركون في أصل الاعتقاد لذلك، ثم ذكرُ السبعين يَحتمل حقيقة، واللهُ أعلمُ بهم، ويَحتمل الكثيرَ مبالغةً بذكر هذا العدد، وممن قرَّر نحو ذلك (خ)؛ فقال: المكروهُ من الرُّقية ما كان على مذهب التمائم التي كانوا يُعلقونها في الرِّقاب، ويزعمون أنها دافعةٌ للآفات، وبالجملة: فلا مُؤثِّرَ في الكل إلا الله تعالى.
(عُكَاشة) بضم المهملة وتخفيف الكاف وتشديدها وبالمعجمة؛ وبالتشديد أشهرُ.
(ابن مِحْصَن) بكسر الميم.
(آخر) قال الخطيب: هذا سعدُ بنُ عُبَادة، وقيل: إن هذا الآخرَ كان منافقًا، فأراد صلى الله عليه وسلم سترَه وردَّه بجميل لعله أن يتوبَ، فإن صحَّ هذا فبَطلَ قول الخطيب، على أن الخطيبَ ذكرَه مُرسَلًا، في سنده مَن ضُعِّف.
(سبقَك)؛ أي: في السؤال عنها، أو سبق أنه يُجاب، وذلك بوحي، ولم يَجعل ذلك للآخر.
* * *