الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثامن هل النهي عن الشيء أمر بضده
؟
لقد سبق - في باب الحرام -: أن الأمر بالشيء نهي عن ضده
من حيث المعنى على أصح الأقوال.
وهذه المسألة عكس تلك المسألة، وهي: النهي عن الشيء هل
هو أمر بضده؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن النهي عن الشيء أمر بضده إذا كان له ضد
واحد، وإن كان له أضداد فهو أمر بأحدها، فإذا قال:" لا تقم "
فهو أمر بالقعود.
وهذا هو مذهب جمهور العلماء.
وهو الحق؛ لأن المنهي يتحتم عليه ترك المنهي عنه، ولا يمكنه ترك
المنهي عنه إلا بفعل ضده، وما تحتم فعله إلا لأنه مأمور به.
المذهب الثاني: أن النهي لا يكون أمراً بضده، سواء كان له ضد
واحد، أو أضداد، وهو لبعض الحنفية كالجرجاني، وبعض
المتكلمين.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أنه لا يمكن أن يكون لفظ واحد أمراً ونهيا.
جوابه:
نحن لم نقل: إن لفظ " لا تفعل " هي عين: " افعل "، بل إنا
نقول: إن النهي عن الشىء أمر بضده من جهة المعنى، كما قلنا:
إن الأمر بالشيء نهي عن ضده من جهة المعنى، فهو مثل قولنا:
"زيد موجود في مكة"، ومعناه:" أنه ليس موجوداً في المدينة "
وهكذا.
الدليل الثاني: أن الإنسان منهي عن قتل نفسه، وليس بمأمور
بترك قتل نفسه؛ لأنه لا يثاب على ترك قتل نفسه، ولو كان مأموراً
به لأثيب عليه.
جوابه:
لا نسلم ذلك، بل هو مأمور بترك قتل نفسه، ويثاب على ذلك
كما يعاقب على قتل نفسه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي؛ حيث إن الرجل إذا قال لزوجته: " إن
خالفت أمري فأنت طالق "، ثم قال لها: " لا تقومي " فقامت،
فإنه يلزم على المذهب الأول: أنها تطلق؛ لأن النهي عن الشيء أمر
بضده، ويلزم على المذهب الثاني: أنها لا تطلق؛ لأن النهي عن
الشيء ليس أمراً بضده.