الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب العاشر طرق معرفة الحقيقة من المجاز
الطريق الأول: سبق الفهم، بيانه:
أن اللفظ له معنيان فيسبق أحد المعنيين إلى فهم السامع من غير
قرينة، أما المعنى الآخر فإنه لا يفهم ولا ينقدح في الذهن إلا بقرينة،
فيكون اللفظ حقيقة في المعنى الذي تبادر إلى فهم السامع مطلقا،
أي: بدون قرينة.
الطريق الثاني: العراء عن القرينة، بيانه:
أن أهل اللغة إذا أرادوا إفهام غيرهم معنى من المعاني اقتصروا على
عبارة مخصوصة، وإذا عبروا عنه بعبارة أخرى لم يقتصروا عليها،
بل يذكرون معها قرينة، فيعلم أن العاري عن القرينة حقيقة؛ حيث
إنه لو لم يتفرد في ذهنهم استحقاق تلك اللفظة لذلك المعنى لم
يقتصروا عليه.
الطريق الثالث: صحة الاشتقاق، بيانه:
أن يكون أحد اللفظين يصح فيه الاشتقاق، والتصريف إلى
الماضي، والمستقبل، واسم الفاعل، واسم المفعول، واللفظ الآخر
لا يصح فيه ذلك، فيكون الأول هو الحقيقة، والآخر هو المجاز،
وذلك لأن تصريف اللفظ يدل على قوته وأصالته، وعدم تصريفه
يدل على ضعفه وفرعيته، فمثلاً لفظ " الأمر " يطلق على الطلب
نحو: " ادخل "، ويطلق على الشأن والفعل كقوله تعالى:
(وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) ، والمقصود شأن فرعون وفعله، فوجدنا العرب
يصرفون اللفظ ويشتقون منه فيقولون: أمر، يأمر، أمراً، فهو
مأمور، وهو آمر، في حين أنهم لا يقولون ذلك في الأمر بمعنى
الفعل، فلا يقولون فيه: أمر يأمر، أي: أن إطلاق الأمر على
الفعل لا يشتق لمن قام به منه اسم الآمر، فدل ذلك على أن الأول
حقيقة، والثاني مجاز.
الطريق الرابع: صحة النفي في المجاز، بيانه:
أنه يصح النفي في المجاز، فيصح أن يقال لمن سُمِّي من الناس
حماراً لبلادته: إنه ليس بحمار، ولكن لا يصح أن يقال: إنه ليس
بإنسان في نفس الأمر؛ لأنه حقيقة فيه.
الطريق الخامس: عدم الاطراد، بيانه:
أن لا يكون اللفظ مطرداً في مدلوله مع عدم ورود المنع من أهل
اللغة والشارع من الاطراد، وذلك كتسمية الرجل الطويل نخلة،
فهذا مجاز؛ لأنه لا يطرد، ولهذا لا يُسمَّى كل طويل من شجرة أو
رمح وغير ذلك نخلة.
الطريق السادس: إطلاق اللفظ على المستحيل، بيانه:
أنه إذا أطلق على اللفظ بما يسحيل تعليقه به علم أنها في أصل
اللغة غير موضوعة له أصلاً، فيعلم أنه مجاز فيه مثل قوله تعالى:
(وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) فإن السؤال بالنسبة إلى القرية مستحيل عادة.