الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن الفرق بين المشترك والمتواطئ والمشكك
يقرب من المشترك والمتواطئ: المشكك.
فالمشكك مشتق من الشك؛ لأنه يشك الناظر فيه هل هو مشترك
أو متواطئ، فإن نظر إلى إطلاقه على المختلفات قال هو: مشترك
كالعين والقرء.
وإن نظر إلى أن مسماه واحد: قال: هو متواطئ، فجاء هذا
الشك؛ لاستواء الأفراد في حصول معناه لها، وتفاوتها في مفهومه
بالأولوية وغيرها، ولعلي أشرح ذلك قائلاً:
إن الكلي إن تفاوتت أفراده بقلة وكثرة كنور الشمس والسراج، أو
تفاوتت أفراده بشدة وضعف كبياض الثلج، وبياض العاج: فإن هذا
مشكك؛ لأن الناظر يشك فيه هل هو من المتواطئ؛ لوجود الكلي
في أفراده والتساوي، أو مشترك لتغاير أفراده.
وبناء على هذا يمكن أن نعرف المشكك بأنه: اللفظ الموضوع لمعنى
كلي مختلف في محاله.
وأتينا بعبارة: " مختلف في محاله " لإخراج المتواطئ؛ لأنه مستو
في محاله.
أما قول بعضهم - كابن التلمساني - من أنه لا حقيقة للمشكك؛
حيث إن ما به التفاوت إن دخل في التسمية فمشترك، وإلا
فمتواطئ، فإنا نجيب عنه بأن كلًّا من المتواطئ والمشكك موضوع
للقدر المشترك، لكن:
إن كان التفاوت بأمور من جنس المسمى: فمشكك مثل: نور
الشمس والسراج.
وإن كان بأمور خارجة عنه كالعلم، والجهل، والذكورة،
والأنوثة، فمتواطئ مثل: هذا إنسان عالِم، وهذا إنسان جاهل.
خاتمة في بيان الكلي، والكلية، والكل، والجزئي
والجزئية، والجزء
لما عرفنا أن المتواطئ والمشكك قسمان للكلي باعتبار استواء أفراده
في معناه، وتفاوتها فيه: كان لا بد من بيان المراد من الكلي والفرق
بينه وبين الجزئي، والكل، والكلية، والجزء، والجزئية، فأقول:
الكلي هو: ما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه.
أي: لا يكون معناه شخصا معينا، بل هو معنى عام يصدق على
كثيرين كالإنسان، فإنه يصدق على زيد، وعمرو، وعلي، وبكر،
وغيرهم مما لا يحصى، وهؤلاء الكثيرون هم أفراده وجزئياته.
أما الجزئي فهو الذي يمنع تصوره من الشركة فيه.
أي: ما كان معناه شخصا لا يصدق على كثيرين نحو: " زيد "،
و" عمرو "، و " هذا الرجل ".
أما الكل فهو: الحكم على المجموع من حيث هو مجموع مثل
قولنا: " كل رجل يحمل الصخرة العظيمة ".
والفرق بين الكلي والكل هو: أن الكلي يجوز حمله على أفراده
وجزئياته حمل مواطأة، كما يجوز تقسيمه إليها بأداة التقسيم.
مثاله: " الحيوان "، فيصح أن يقال:" الإنسان حيوان "،
ويقال: " الفرس حيوان "، ويقال:" الحيوان إما إنسان أو فرس ".
بخلاف " الكل "، فإنه لا يجوز حمله على أفراده حمل مواطأة،
كما لا يجوز تقسيمه إليها بأداة التقسيم مثل: " الشجرة "، فلا
يصح أن يقال: " الأغصان شجرة "، ولا يقال: " الشجرة إما
أغصان أو جذع ".
وإنما يقال: " ذات جذع وذات أغصان ".
أما " الكلية " فهي: الحكم على كل فرد بحيث لا يبقى فرد مثل
قولنا: " كل رجل يشبعه رغيفان ".
والفرق بين " الكل "، و " الكلية " هو: أن " الكل " لا يتبع
الحكم فيه كل فرد من أفراده، بل يكون الحكم على الكل بالحمل
على مجموعه مثل المثال السابق، وهو: " كل رجل يحمل الصخرة
العظيمة "، فليس كل فرد محكوم عليه بأن يحمل تلك الصخرة،
بل أن يجتمع كل الأفراد على تلك الصخرة يحملونها.
بخلاف " الكلية "، فتبع الحكم فيها كل فرد من أفرادها مثل
المثال السابق وهو قولنا: " كل رجل يشبعه رغيفان " معناه: كل فرد
من الأفراد محكوم عليه بأنه يشبعه رغيفان.
أما الجزء فهو: ما تركب منه ومن غيره " كل " مثاله: " الخمسة
مع العشرة "، و " الجذع بالنسبة للشجرة ".
أما الجزئية فهي الحكم على بعض أفراد الحقيقة من غير تعيين مثل:
" بعض الحيوان إنسان ".