الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع حرف " أوْ " - بفتح الهمزة وتسكين الواو
-
وهي تفيد أحد الشيئين أو الأشياء.
وهي تقع بين اسمين كقولك: " جاء زيد أو عمرو "، وبين
فعلين كقولك: " خط الثوب أو ابن الجدار ".
وإذا وردت في الإنشاء كالمثال السابق ففيه تفصيل:
إن كان أمراً: أفادت التخيير بينهما، وتحافظ على أصلها فتكون
لأحد الشيئين أو الأشياء.
وإن كان نهيا أو نفيا: أفادت العموم، وأفادت حظر كل واحد
منهما منفرداً، وحظرهما مجتمعين قولك: دالا تكلم زيداً أو عمراً،.
وما قلناه - وهو أنها لأحد الشيئين أو الأشياء - هو الأصل في
استعمالها، وقد تستعمل لغير ذلك، ولكن بقرينة، وإليك بيان
المعاني التي تستعمل فيه " أو ".
أولاً: أنها تأتي للشك، وهي المختصة بالخبر كقولك: " جاء
زيد أو عمرو "، ومنه قوله تعالى:(لبثنا يوما أو بعض يوم) ،
وهذا مذهب جمهور العلماء، ودليلهم: الاستقراء لكلام العرب.
وحالف في ذلك كثير من الحنفية مستدلين بأن الكلام موضوع
لإفهام السامع، وهو منتف في الشك.
جوابه:
إن هذا التعليل لا يدفع مجيئها للشك، لأن الشك - أيضا -
معنى يقصد إفهامه بأن " يخبر المتكلمُ المخاطب بأنه شاك في تعيين أحد
الأمرين.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي؛ لاتفاق الفريقين على أن " أو " في أصل
الوضع لأحد الشيئين، ولاتفاقهم على أنه لو قال: " رأيت زيداً أو
عمراً " أنه أخبر عن رؤية أحدهما، وأنه غير معين، وذلك يقتضي
الشك، ولا يخرجها عن كونها لأحد الشيئين، وإذا كان المعنى
متفقا عليه، فلا خلاف حقيقي.
ثانيا: أنها تأتي للإباحة كقولك: " جالس العلماء أو الأدباء ".
ثالثا: أنها تأتي للتخيير، وهي التي يمتنع فيه الجمع مثل:
"تزوج هنداً أو أختها ".
أما الإباحة فيجوز الجمع بينهما.
رابعا: أنها تأتي للإبهام، كقولك:" قام زيد أو عمرو " إذا
كنت تعلم من هو القائم منهما، ولكن قصدت الإبهام على
المخاطب.
وبهذا تعرف الفرق بين ذلك وبين الشك؛ حيث إن الشك لا
يعلمه المتكلم والسامع، أما الإبهام فيعلمه المتكلم دون السامع.
خامسا: أنها تأتي بمعنى " الواو "، فتكون لمطلق الجمع، ومنه
قوله تعالى: (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) ،
وقول الشاعر توبة الحميري مخاطبا ليلى الأخيلية:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر
…
لنفسي تقاها أو عليها فجورها
سادساً: أنها تأتي للإضراب مثل " بل "، ومنه قوله تعالى:
(وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) أي: بل يزيدون.
سابعا: أنها تأتي بمعنى " إلا "، كقولك: " لأقتلن الكافر أو
يسلم " أي: إلا أن يسلم.
ثامناً: أنها تأتي بمعنى " إلى " كقولك: " لألزمنك أو تقضيني حقي ".
تاسعا: أنها تأتي للتفريق بين الأشياء والتقسيم بينها، كقولهم:
" الكلمة اسم، أو فعل، أو حرف ".
عاشراً: أنها تأتي بمعنى " إن " الشرطية، كقولك: " لأضربنه
عاش أو مات ".
وهذه المعاني لا تفهم إلا بقرائن، والأصل هو المعنى الأول -
وهو: أنها تفيد أحد الشيئين أو الأشياء، فإن كانت في أمر أفادت
التخيير بينهما، وإن كانت في نهي أفادت العموم وحظر كل واحد
منهما منفرداً أو هما معاً مجتمعين، وقد بني على ذلك بعض
الأحكام الشرعية ومنها:
1 -
لو قال في النفي: " واللهِ لا أكلم زيداً أو عمراً "، فلو كلم
واحداً منهما أو كلمهما معاً: حنث.
2 -
لو قال في الإثبات: " واللهِ لأدخلن هذه أو هذه الدار ":
برَّ بدخول إحدى الدارين.
3 -
لو قال: " بع هذا أو هذا "، فإن هذه وكالة صحيحة،
وهي بمنزلة ما لو قال له: " بع أحدهما ".