الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني هل المجاز واقع في اللغة
؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المجاز واقع في اللغة العربية، وهو مذهب
جمهور العلماء.
وهو الحق؛ لأن اللغة العربية لغة فصيحة، والمجاز لا ينافي
الفصاحة، بل ربما كان المجاز أبلغ من الحقيقة - كما سيأتي ذكره في
أسباب العدول إلى المجاز - وقد ورد ووقع المجاز في لغة العرب
كثيراً -: فقد استعمل العرب لفظ " الأسد " للرجل الشجاع،
والحمار للرجل البليد، والبحر للعالم، وقولهم: " قامت الحرب
على ساق "، وقال الصلتان العبدي:
أشاب الصغير وأفنى الكبير
…
كر الغداة ومر العشي
فإن هذا البيت قد جمع بين المجاز اللغوي، والمجاز العقلي؛
حيث إن لفظ " الصغير " قد استعمل في غير ما وضع له؛ لأن المراد
به: الذي كان صغيراً فهو مجاز مرسل باعتبار ما كان، وقد أسند
الشاعر فيه الإشابة والإفناء إلى الزمن مع أن الذي يشيب ويفني هو
الله تعالى، وبذلك يكون الفعل قد أسند إلى غير ما هو له لعلاقة
السببية باعتبار أن الزمن هو السبب في المشيب، والفناء، فكان
مجازاً عقلياً.
المذهب الثاني: أنه لا مجاز فى اللغة العربية، وهو مذهب
الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني.
دليل هذا المذهب:
أن المجاز فيه إلباس المقصود بغير المقصود، فلا يفهم السامع من
اللفظ ما أراده المتكلم منه، وهذا ينافي المقصود من اللغة؛ لأن
المقصود منها: إفادة الألفاظ لما تستعمل فيه من المعاني، فيكون
المجاز ممنوعاً.
وعليه: فلا يقع في اللغة.
جوابه:
أنا نقول: لا مجاز بلا قرينة صرفت اللفظ من الحقيقة إلى المجاز،
أما مع وجود القرينة فلا إلباس ولا إيهام؛ لأن السامع يفهم المقصود
من اللفظ بواسطة تلك القرينة.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي؛ لأن أبا إسحاق لا ينكر استعمال الأسد
للشجاع، وأمثال ذلك، ولكنه يشترط في ذلك القرينة ويُسميه حقيقة.
إذن الخلاف في التسمية والعبارة.