الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيره، كان في الطبقة الثامنة من طبقات التابعين (ق 33) من أهل حمص، مات سنة إحدى أو اثنين وثمانين ومائة، وله بضع وتسعون سنة، كذا قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب)(1).
قال: حَدثني بالإِفراد حَرِيزُ بن عثمان، عن حبيب على وزن سبيل عن عُبيد، عن أبي الدَّرْدَاء، رضي الله عنه، وهو أحد من أكابر الصحابة، وزهادهم، أنه سئل عن مس الذكر؟ فقال: إنما هو بَضْعَة منك، أي: قطعة من أعضائك.
ولما فرغ من بيان أحكام الأحاديث التي تدل على عدم لزوم الوضوء من مس ذكر، شرع في بيان أحكام الأحاديث التي تدل على عدم لزوم الوضوء من أكل الطعام المطبوخ بالنار، فقال: هذا
* * *
باب في بيان الأحاديث التي تدل على عدم لزوم الوضوء مما أي: من أجل أكل الطعام الذي غيرت، أي: مسته النار
والمناسبة ما بين هذا الباب وبين الباب السابق عدم لزوم الوضوء، وحُكِي عن بعض الصحابة كابن عمر وأبي هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم إيجاب الوضوء منه، وإنما اختلف الأئمة الأربعة في أكل لحم الجزور، فقول أبي حنيفة ومالك والشافعي في الجديد الراجح من مذهبه: أنه لا ينقض.
وقال أحمد: ينقض، وهو القول القديم المختار عند بعض الشافعية، كما قاله علي القاري.
29 -
أخبرنا مالك، حدثنا وهب بن كَيْسَان، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: رأيت أبا بكر الصديق رضوان الله عليه أكل لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ.
(1) انظر: التقريب (1/ 53).
(29)
صحيح، أخرجه أحمد (13887)، ومالك (54)، وأبو يعلى (2017).
• محمد قال: أخبرنا وفي نسخة: حدثنا، وفي نسخة أخرى: نا، رمزًا إلى أخبرنا مالك، قال: كما في نسخة حدثنا، وفي نسخة: ثنا رمزًا إلى حدثنا أبو نُعيم بالتصغير، وهب بن كَيْسَان، بفتح وسكون القرشي مولاهم، وأيوب السختياني وآخرون، وثقه النسائي وغيره، وروى له الجميع، وكان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين، ومات سنة سبع وعشرين، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، من مشاهير الصحابة، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير، استشهد بصفين مع علي رضي الله عنه، ومات بالمدينة آخر الصحابة في قول.
يقول: رأيت أبا بكر الصديق رضوان الله عليه لسبقه لصدق النبي صلى الله عليه وسلم وكان علي يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، أكل لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ، فهؤلاء الخلفاء الأربعة وعامر بن ربيعة وابن عباس، رضي الله عنهم، فعلوا ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم فدل على نسخ الوضوء مما مسته النار. وقد قال مالك: إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان وعمل أبو بكر وعمر بأحدهما، دل على أن الحق ما عملا به.
وكان مكحول يتوضأ مما مسته النار، فأخبره عطاء بن رباح بحديث جابر هذا عن أبي بكر فترك الوضوء، وقال: لأن يقع أبو بكر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأتى الإِمام بذلك لرد قول شيخه ابن شهاب أنه ناسخ لحديث الإِباحة.
روى البخاري ومسلم عن عمرو بن أمية: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز كتف شاة فأكل منها، فدُعِي إلى الصلاة فألقاها والسكين، وصلى ولم يتوضأ (1). زاد البيهقي: قال الزهري: فذهبت تلك القصة. . . ثم آخر رجال من الصحابة ومن أزواجه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "توضأ مما مسته النار"، قال: وكان الزهري يرى أن الأمر بذلك ناسخ لأحاديث الإِباحة؛ لأن الإِباحة سابقة، واعترض عليه بحديث جابر، قال: كان آخر الأمرين (ق 34)، من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار (2)، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
(1) أخرجه: البخاري (208)، ومسلم (355).
(2)
أخرجه: أبو داود (192)، والنسائي (185).
قال المهلب: كانوا في الجاهلية قد ألفوا قلة التنظيف فأمروا بالوضوء مما مسته النار، فلما تقررت النظافة في الإِسلام وشاعت نسخ الوضوء تيسيرًا على المسلمين.
وقال النووي: كان الخلاف بين الصحابة والتابعين فيه معروفًا ثم استقر الإِجماع على أن لا وضوء مما مسته النار، إلا لحوم الإِبل. فقال أحمد بالوضوء منه لشدة زهومته، واختاره ابن خزيمة وغيره من محدثي الشافعية.
قوله: زهومته، أي: دسومته أو منتنة ريحه، كما قاله الزرقاني.
* * *
30 -
أخبرنا مالك، حدثنا زيد بن أسْلَمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل جَنْب شاة، ثم صلى ولم يتوضأ.
• محمد قال: أخبرنا، وفي نسخة: ثنا بدل حدثنا، وفي نسخة: قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: أنا بدل أخبرنا مالك، حدثنا زيد بن أسْلَمَ، العدوي مولى عمر يكنى أبا عبد الله وأبا أسامة المدني، ثقة، عالم، كان يرسل وكان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين ومائة، عن عطاء بن يَسَار، بلفظ مولى ميمونة أم المؤمنين، ومن التابعين المشهورين بالمدينة المكثرين للرواية، عن ابن عباس، كان في الطبقة الثانية من طبقات صغار التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع وتسعين وله أربع وثمانون سنة. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل جَنْب شاة، وفي (الموطأ) لمالك، في رواية ليحيى أكل كتف شاة، والكتف بفتع الكاف وكسر التاء المثناة والفاء: نهاية الذراع عنه ظهر، وفي رواية للبخاري: معرفة، أي: أكل ما على العرق بفتح المهملة وسكون الراء، وهو العظم، ويقال له أيضًا: العُراق بالضم، أفاد القاضي إسماعيل أن ذلك في بيت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أنه كان في بيت ميمونة.
(30) أخرجه: البخاري (207)، ومسلم (354)، وأبو داود (187)، وأحمد (2402)، ومالك (50).
كما في الصحيحين (1) عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عندها كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ، ولا مانع من التعدد، كما في (فتح الباري) على البخاري، فهذا نص في أن: لا وضوء مما مسته النار.
وأما خبر زيد بن ثابت مرفوعًا: "لا وضوء مما مسته النار"(2).
وحديث أبي هريرة وعائشة رفعاه: "توضؤوا مما مسته النار"(3).
أخرجه الثلاثة: مسلم، وحديث جابر بن سمرة عند مسلم: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ"(4). فقال: أنتوضأ من لحم الإِبل؟ قال: "نعم، توضؤوا من لحم الإبل".
فقد حمل ذلك الوضوء غسل اليدين والمضمضة لزيادة دسومته وزهومة لحم الإِبل، أي: نتنه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت وفي يده دسم خوفًا من عقرب ونحوها.
وبأنها منسوخة بقول جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترك الوضوء مما مسته النار، رواه أبو داود، كما قاله الزرقاني.
* * *
31 -
أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن المُنْكَدِر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن ربيعة بن عبد الله؛ أنه تعشى مع عمر بن الخطاب، ثم صلى، ولم يتوضأ.
• محمد قال: أخبرنا، كذا في نسخة، وفي نسخة: ثنا، بدل من حدثنا، وفي نسخة: أنا وثنا، أي: أخبرنا وحدثنا، بدل أخبرنا وحدثنا مالك، أخبرنا وفي نسخة: أنا بدل أخبرنا، وفي نسخة: ثنا بدل حدثنا محمد بن المُنْكَدِر، بصيغة اسم فاعل، وهو من
(1) أخرجه: البخاري (210)، ومسلم (356).
(2)
أخرجه: مسلم (351).
(3)
أخرجه: مسلم (352) عن أبي هريرة، و (353) عن عائشة.
(4)
أخرجه: مسلم (360).
(31)
صحيح، أخرجه: مالك (51).
مشاهير التابعين، ومن الطبقة الثالثة من طبقاتهم (ق 35) من أهل المدينة، جمع بين الزهد والعبادة، وسمع جابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وابن الزبير، رضي الله عنهم، وروى عنه جماعة، منهم: الثوري، ومالك، وكان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين، وله نيف وسبعون سنة، قوله: النيف: بفتح النون وتشديد التحتية والفاء: بمعنى الزيادة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، ابن تيمي وقرشي من أجلاء التابعين، سمع علقمة بن وقاص، وأبا سلمة، عن ربيعة، تابعي، جليل القدر، أحد فقهاء المدينة اتفاقًا، سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وروى عنه الثوري ومالك، مات سنة ست وثلاثين ومائة.
قال بكر بن عبد الله الصنعاني: أتينا مالك بن أنس، فجعل يحدثنا عن ربيعة، وكنا نستزيده من حديثه، فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة؟ قال: نعم، قلنا: الذي يحدث عند مالك بن أنس؟ قال: نعم، كيف خطابك مالك ولم تحظ أنت بنفسك؟!
قال: أما علمتم أن مثقالًا من دولة خير من حمل علم. . انتهى.
كما رُوي عن عمر بن الخطاب: لولا الجاه لضاع العلم.
ابن عبد الله؛ أي: ابن هُدَيْرة، بالتصغير التيمي عند المحدثين، أنه تعشى أي: أكل طعام العشاء مما مسته النار، والعشاء بفتح العين المهملة والشين المعجمة: الطعام الذي يؤكل بعد الظهر إلى وقت السحور، والعِشاء بكسر العين المهملة صلاة المغرب والعشاء، مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، صلى العِشاء بكسر العين المهملة والشين المفتوحة، أي: صلاة العشاء ولم يتوضأ. وروى يحيى في (موطئه) عن مالك، عن موسى بن عتبة، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري، أن أنس بن مالك قدم من العراق فدخل عليه أبو طلحة، وأبيّ بن كعب فقرَّب لهما طعامًا قد مسته النار فأكلوا، فقام أنس فتوضأ، فقال أبو طلحة وأبي بن كعب: ما هذا يا أنس؟ أعراقية؟ أي، إلى العراق استندت هذا العلم، وتركت عمل أهل المدينة، فقال أنس: ليتني لم أفعل؟ أي: لأنه يوهم الشبهة، وقام أبو طلحة وأبي بن كعب فصليا ولم يتوضئا (1).
* * *
(1) أخرجه: مالك (58)، والبيهقي في الكبرى (751).
32 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ضَمْرَة بن سعيد المازني، عن أبَانَ بن عثمان: أن عثمان بن عفان: أكل لحمًا، وخبزًا، فَمَضْمَضَ، وغسل يديه، ثم مسحهما بوجهه، ثم صلى ولم يتوضأ.
• محمد قال: أخبرنا، وفي نسخة: ثنا بدل من حدثنا مالك، كذا في نسخة، أخبرني وحدي ضَمْرَة بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم ابن سعيد بن أبي حنة، بمهملة ثم نون وقيل موحدة، الأنصاري المازني، بكسر الزاي المعجمة نسبة إلى قبيلة بني مازن، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، عن أبَانَ بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة، ينصرف ولا ينصرف، ابن عثمان، أي ابن عفان الأموي، إلى سعيد وأبي عبد الله المدني، تابعي ثقة، سمع أباه وغيره من الصحابة، وهو كثير الرواية، وروى عنه: الزهري وغيره، مات بالمدينة زمن يزيد بن عبد الملك، أن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، أكل لحمًا، وخبزًا، فَمَضْمَضَ، وغسل يديه، ثم مسحهما بوجهه، كذا في (موطأ) مالك بن أنس، ولعله خشي أن يعلق به شيء من الطعام، ثم صلى ولم يتوضأ.
عن أبي أسامة مرفوعًا: أشد هذه الأمة بعد نبيها حياءً: عثمان بن عفان.
وعن عائشة مرفوعًا: حين يمشي عثمان، تستحي منه الملائكة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي خليل في أمته، وإن خليلي: عثمان بن عفان".
* * *
33 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سألت عبد الله بن عامر بن ربيعة العَدَويَّ، عن الرجل يتوضّأُ ثم يُصيب الطعام قد مَسّتْهُ النار، أيتوضأُ منه؟ قال: قد رأيت أبي يفعل ذلك، ثم لا يتوضأُ.
(32) صحيح، أخرجه: مالك (53)، والبيهقي في الشعب (5827) ..
(33)
صحيح، أخرجه: مالك (55).
• محمد قال: أخبرنا، وفي نسخة: ثنا بدل حدثنا (ق 36) مالك، أخبرنا، وفي نسخة: قال: حدثنا يحيى بن سعيد، بكسر العين وسكون الياء التحتية، الأنصاري، مدني، سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وطلق وسواهما، وروى عنه: هشام بن عروة، ومالك، وشعبة، والثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وغيرهم، كان إمامًا من أئمة الحديث، مشهورًا بالورع والزهد والديانة، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة.
قال: سألت عبد الله بن عامر بن ربيعة العَدَويَّ، بفتحتين، منسوب إلى بني عدي، عن الرجل اللام للجنس، والمراد به الشخص يتوضّأُ ثم يُصيب الطعام قد مَسّتْهُ النار، أيتوضأُ منه؟ قال: قد رأيت أبي عامر بن ربيعة التستري، وهو ممن هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا والمشاهد كلها، روى عنه نفر، مات سنة اثنين وثلاثين من ليالي قتل عثمان يفعل ذلك، أي: الأكل مما مسته النار، ثم لا يتوضأُ، فدل ذلك على النسخ أيضًا.
* * *
34 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن بُشَيْر بن يَسَار: مولى بني حارثة؛ أن سُويْد بن النُّعمان أخبره: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خَيْبَرَ، حتى إذا كانوا بالصَّهْباء - وهي أدنى خيبر - صلوا العصر، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأزْوَاد، فلم يُؤْتَ إلا بالسَّويق فأمر به فَثُرِّيَ لهم بالماء، وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكَلْنَا ثم قام إلى المغرب، فمضمض، ومَضْمَضْنَا، ثم صلى ولم يتوضأ.
قال محمد: وبهذا نأخذ؛ لا وضُوءَ مما مست النار، ولا مما دَخَل، إنما الوضوءُ مما خرج من الحدث، فأما ما دخل من الطعام مما مسته النار، أو لَمْ تَمَسُّه النار فلا وضوء فيه. وهو قولُ أبي حنيفة.
• قال محمد: أخبرنا، وفي نسخة: ثنا بدل حدثنا مالك، قال: نا، بدل أخبرنا،
(34) أخرجه: البخاري (209)(4195)، والنسائي (186)، وابن ماجه (492)، وأحمد (15560)، ومالك (51).
وحدثنا، كذا في نسخة يحيى بن سعيد، بكسر العين وسكون الياء التحتية والدال، وهو الأنصاري، عن بُشَيْر بضم الموحدة، وفتح الشين المعجمة، وسكون تحتية وبراء مهملة، ابن يَسَار، بفتح تحتية وتخفيف السين، مولى وهو يطلق على سيد القوم وعلى عبدهم، بني حارثة؛ من الأنصار الحارثي المدني، وثقه ابن معين، قال ابن سعد: كان شيخًا كبيرًا فقيهًا، أدرك عامة الصحابة، وكان قليل الحديث، وكان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة، أن سُويْدًا بالتصغير ابن النُّعمان بضم النون ابن مالك الأنصاري، صحابي شهد أحدًا وما بعدها، ما رُوي عنه سوى بشير، وذكر أنه استشهد بالقادسية، قاله في (الإِصابة)، وفيه نظر؛ لأن بشير بن يسار سمع منه وهو لم يلحق ذلك الزمان، أخبره: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خَيْبَر، بخاء مفتوحة وتحتية ساكنة، وموحَّدة مفتوحة، وراء مهملة غير منصرفة للعلمية والتأنيث، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير، على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام، وذكر أبو عبيد البكري: إنها سميت باسم رجل من العمالق، وهو خيبر، أخو يثرب ابنا قانية بن هابيل، وقيل: الخيبر بلسان اليهود الحصن، ولذا سميت خيابر أيضًا كما ذكره الحازمي، حتى إذا كانوا أي: النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بالصَّهْباء بفتح الصاد المهملة، وسكون الهاء والباء المفتوحة الموحَّدة، الممدودة - وهي أدنى أي: أقرب خيبر، أي: طرفها مما يلي المدينة، وهو بريد من خيبر، وبيَّن البخاري أن هذه الجملة قول يحيى بن سعيد، أدرجت، صلوا العصر، بفتح الصاد المهملة واللام المفتوحة المشددة، وضم الواو لالتقاء الساكنين، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأزواد، بفتح الهمزة، وسكون الزاي المعجمة، والواو بعدها ألف ودال مهملة، جمع زاد، وهو سائق كل في السفر، ولم يؤت أي: لم يحضر إلا بالسويق، قال الراوي: هو دقيق الشعير، والسُلْت المقلو، ذكره السيوطي في (القاموس)، السلت بالضم: الشعير أو ضرب منه، أو الخامض منه، وفي (المصباح): السلت، قيل: ضرب من الشعير ليس له قشر، ويكون في الفرر والحجا، وقال ابن فارس: هو ضرب منه رقيق القشر صغار الحب (ق 37)، فأمر به، أي: بلله فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه وأكَلْنَا معه، وزاد في رواية للبخاري: وشربنا، وله في رواية أخرى: فأكلنا ولكنَّا شربنا من الماء، أو من المائع، أي مائع السويق، ثم أي بعد أكل السويق قام إلى أن يصلي صلاة المغرب، فمضمض، قبل دخوله في الصلاة، ومَضْمَضْنَا، وفائدتها وإن كان لا دسم في السويق، أنه يحتبس بقاياه بين الأسنان، ونواحي الفم، فيشغله ببلعه عن الصلاة، ثم صلى ولم يتوضأ، بسبب أكل السويق.