الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما في البخاري عنه: قال ابن عبد البر (1): في ترجيله صلى الله عليه وسلم لشعره، وأخذه من شاربه، ونحو ذلك دليل على أنه: خلاف النظافة وحسن الهيئة في اللباس، والزينة، ليس من الشريعة، كما قاله العلامة الزرقاني (2).
لما فرغ من بيان جواز غسل المرأة الحائض، بعض أعضاء الرجل الطاهر، شرع في بيان جواز استعمال سؤر المرأة الجنب والحائض، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يغتسل ويتوضأ بسؤر المرأة
89 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: لا بأس بأن يغتسلَ الرجلُ بفضْل وَضوء المرأةِ ما لم تكن جُنُبًا أو حائضًا.
قال محمد: لا بأس بفضْلِ وَضوء المرأة وغُسْلِها وسُؤرِها، وإن كانت جُنُبًا أو حائضًا.
بلَغَنَا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وعائشةَ من إناء واحِدٍ، يَتَنَازَعَانِ الغُسْل جميعًا، فهذا أفْضَلُ غُسل المرأةِ الجُنُب، وهو قولُ أبي حنيفة.
بيان حال الرجل يجوز أن يغتسل، ويتوضأ بسؤر المرأة: كلمة "أو" للتفريع، أو بمعنى الواو، وجمع بينهما ليكون نصًا على اتحاد حكمهما، إلا أن الغسل أنفع، للتقرب إلى الله تعالى، والسؤر: بضم السين المهملة، وسكون الهمزة، بعدها راء مهملة ماء أبقاه الحيوان بعد شربه، ولاسم بقية الطعام، وبقية ماء الوضوء: بفتح الواو وهو ما يتوضأ به، فيجوز الغسل والوضوء والشرب بسؤر المرأة مطلقًا، سواء صغيرة أو كبيرة، أو مسلمة أو كافرة أو طاهرة أو حائضًا أو نفساء؛ لأن سؤر الآدمي طاهر في نفسه مطهر غيره، بلا كراهة في استعماله بالاتفاق؛ لأن لعابهم متولدة من لحم طاهر، فيكون المخلوط به مثله،
(1) انظر: التمهيد.
(2)
انظر: شرح الزرقاني (1/ 174).
(89)
أخرجه: مالك (116).
ولا يؤكل لحمه لكرامته لا لخبثه، كما استتبعناه في (سلم الفلاح) شرح مذنب (نور الإِيضاح).
• أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: ثنا، وفي نسخة أخرى: محمد ثنا مالك، حدثنا، وفي نسخة قال: ثنا رمزًا إلى: حدثنا نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: لا بأس أي: لا كراهة بأن يغتسلَ الرجلُ بفضْل وَضوء المرأةِ ما لم تكن جُنُبًا أو حائضًا، أي: أجنبية.
ذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى الجواز بلا كراهة، وعليه فقهاء (ق 91) الأمصار، إلا أن ابن حنبل فكرهه إذا خلت به، لعله أراد بفضل وضوء المرأة بقية ماء شربته المرأة الأجنبية، فأبقت ماء ثم توضأت منه، فأبقت ماء فيجوز وضوء رجل أجنبي منه مع الكراهة؛ لأنه استعمل بجزء من أجزاء الأجنبية وهو ريقها المختلط بالماء، وهذا منقول عن التمرتاشي في (منح الغفار) عن (المجتبى) من أنه قال: لا يجوز شرب سؤر المرأة الأجنبية للرجل، والعكس أنه يصير مستعملًا بجزء من أجزاء الأجنبية، وهو ريقها المختلط بالماء.
وحجة الجمهور: ما صح عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: كنتُ أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، من الجنابة (1)، كما تقدم، وفعله صلى الله عليه وسلم مع ميمونة رضي الله عنها، وغيرها من أزواجه.
قال ابن عبد البر (2): والآثار في معناه متواترة.
قال محمد: لا بأس أي: لا حرج لرجل أن يستعمل بفضْل وَضوء المرأة بفتح الواو، أي: بقية ماء وضوءها، وغُسْلِها، ولا يبعد ضبطها بفتح الواو، وغُسْلِها بكسر العين المعجمة، ماء يغسل به سؤرها، أي: وسائر سؤرها؛ ليشمل بقية مائها بعد شربها، مع أنه أقوى، وإن كانت وصلية، أي: ولو كانت المرأة جُنُبًا أو حائضًا، أي: إن لم تكن أجنبية، كما يؤيده قوله: بلَغَنَا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو أي: النبي صلى الله عليه وسلم آكد به، ليصح
(1) أخرجه: البخاري (260).
(2)
انظر: التمهيد (8/ 100 - 101)، وشرح الزرقاني (1/ 156).