الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
142 -
قال محمد: أخبرنا يحيى بن سعيد، أن أنس بن مالك صلى بهم في سفرٍ كان معهُ فيه فصلى سجدتين، ثم نَاءَ للقيام فسبح بعضُ أصحابه، فرجع، ثم لما قضى صلاته سجد سجدتين، لا أدري: أقَبْلَ التسليم أو بعدهُ.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: ثنا، وفي نسخة محمد: أخبرنا يحيى، وفي نسخة: ثنا ابن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة، ثبت كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة كذا في (التقريب)(1)، أن أنس بن مالك رضي الله عنه صلى إمامًا بهم، أي: يحيى ومن معهم في سفرٍ كان أي: يحيى معهُ فيه أي: في السفر، فصلى سجدتين، أي: ركعتين، ثم نَاءَ أي: قام للقيام، فشرع فيه فيسبح بعضُ أصحابه، أي: تنبيهًا لما به، فرجع، عن قصد القيام أو بعده إن كانت الصلاة ثنائية، ثم لما قضى صلاته أي: بالسجدتين بالتشهد، سجد سجدتين، قال أي: يحيى: لا أدري: أقَبْلَ التسليم أي: سجد قبله، أو بعدهُ، وفي نسخة: أم بعده.
فهذا الحديث لا لنا ولا لغيرنا، كما قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم الفعل الزائد، من أفعال الصلاة يفعله المصلي سهوًا، شرع في بيان حكم العقل الزائد، يفعله المصلي قصدًا، فقال: هذا
* * *
باب العبث بالحصا في الصلاة وما يكره من تسويته
بيان حكم فعل العبث، وهو بفتحتين، عمل ما لا فائدة فيه بالحصى، وهي الحجارة الصغار، يفرش بها المساجد، ونحوها في الصلاة، وبيان حكم ما أي: فعل يكره للمصلي أن يفعله، من تسويته أي: تسوية الحصى عند إرادة السجدة عليها بلا ضرورة، لتسويتها فيكره تسويته بلا احتياج إليه، وما كان النهي فيه ظنيًا، كراهته تحريمه إلا لصارت وإن لم يكن الدليل، نهيًا بل كان مقيد الترك الغير جازم، فهي تنزيهية، والمكروه تنزيهًا إلى
(1) انظر: التقريب (2/ 561).
الخلاف أقرب، والمكروه تحريمًا إلى الحرمة أقرب، فتعاد الصلاة مع كونها صحيحة، كترك واجب وجوبًا، وتعاد استحبابًا بترك غيره.
قال صاحب (الهداية) في التجنيس: كل صلاة أديت مع الكراهة؛ فإنها تعادل على وجه الكراهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلى بعد صلاة مثلها"، تأويله النهي عن الإِعادة بسبب الوسوسة؛ فلا يتناول الإعادة بسبب الكراهة، قاله صدر الإِسلام علي البزدوي في (الجامع الصغير).
143 -
أخبرنا مالك، حدثنا أبو جعفر القارئ، قال: رأيت ابن عمر إذا أراد أن يسجد سَوَّى الحصى تسوية خفيفةً؛ وقال أبو جعفر: كنت يومًا أصلي وابن عمر ورائي فالتفتُّ فوضع يدَهُ في قفايَ فَغَمَزَني.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: محمد أخبرنا، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: قال: ثنا أبو جعفر القارئ، بالهمز، ويبدل وقفًا، وهو قارئ المدينة، وهو شيخ الإِمام نافع، وقرأ عليه مالك وغيره، واسمه يزيد بن القعقاع، وقيل: جندب بن ضرورة، وقيل: فيروز، (ق 137) ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة، كذا في (تقريب التهذيب)(1).
قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما، إذا أراد أن يسجد سَوَّى الحصى تسوية خفيفةً؛ أي: لا قليلة تصل إلى حد الكثرة في العمل، وفي الصحيحين من حديث معيقب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب، حيث سجد:"إن كنتَ فاعلًا فواحدة"، وقال أبو جعفر: أي: القارئ: كنت يومًا أصلي وابن عمر ورائي، أي: واقفًا خلفي، فالتفتُّ أنا في: أثناء صلاتي، فوضع يدَهُ في قفايَ فَغَمَزَني، أي: أشارني بعينه إلى خطأي، والمراد بالالتفات أن يميل المصلي يمينًا أو يسارًا، وهو مكروه، وهذا الحديث موقوف إلى ابن عمر في طريق: محمد بن الحسن، ومرفوع في طريق البيهقي، عن أبي
(1) انظر: التقريب (2/ 675 - 706).
هريرة رضي الله عنه: "إياكم والالتفات في الصلاة، فإنها هلكة".
وفي طريق البخاري عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم:"هو من اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"(1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الله مقبلًا على العبد، وهو في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه"(2) كذا في (مراقي الفلاح).
* * *
144 -
أخبرنا مالك، أخبرنا مسلم بن أبي مَرْيَمَ، عن عليِّ بن عبد الرحمن المعَاوِيِّ أنه قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبَثُ بالحصى في الصلاة، فلما انصرفت نهاني وقال: اصنعْ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعُ، فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعُ؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفَّه اليُمنى على فخِذِه اليمنى وقبض أصابعه كلَّها، وأشار بأُصبعه التي تلي الإِبْهَام، ووضع كفه اليسرى على فَخِذِهِ اليسرى.
قال محمد: وبصنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخُذُ، وهو قولُ أبي حنيفة. فأما تسوية الحصى فلا بَأسَ بتسويته مرَّة واحدةً، وتركُهَا أفضل، وهو قولُ أبي حنيفة.
(1) أخرجه: البخاري (751)، وأبو داود (910)، والترمذي (590)، والنسائي (1196)، وأحمد (23891).
(2)
أخرجه: أبو داود (909)، والنسائي في المجتبى (1195)، وأحمد (21547)، والدارمي (1423)، والنسائي في الكبرى (1118)، وابن خزيمة (482)، والحاكم (862)، والطبراني في الكبير (9345)، والبيهقي في الكبير (3346)، وابن المبارك في الزهد (1186).
(144)
أخرجه: مسلم (579)، وأبو داود (987)، والنسائي في المجتبى (1160)، وأحمد (5331)، ومالك (199)، والنسائي في الكبرى (1190)، وابن حبان (1942)، وعبد الرزاق في مصنفه (3238)، والبيهقي في الصغرى (468).
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا، وفي نسخة: أخبرني مسلم بن أبي مَرْيَمَ، واسمه يسار المدني، مولى الأنصاري، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، كما في (التقريب)(1)، روى عن ابن عمر، وأبي سعيد، وجماعة، وعنه: شعبة والسفيانان، وابن جريج، ومالك وآخرون، وثقة أبو داود والنسائي وابن معين، وأثنى عليه مالك، وقال: كان رجلًا صالحًا، يهاب رفع الأحاديث، وروى له البخاري ومسلم، ومات في خلافة المنصور، كما قاله الزرقاني، عن عليَّ بن عبد الرحمن المُعَاوِيِّ، بضم الميم وفتح العين المهملة وبعد الألف واو.
قال ابن عبد البر: منسوب إلى بني، معاوية، فخذ من الأنصار، تابعي، مدني، قاضي المدينة، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، كما قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب)(2)، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي، أنه قال: رآني عبد الله بن عمر بن الخطاب وأنا والحال أنا أعَبثُ من باب فرح، أي: لعب بالحصى أي: بصغار الحصى في الصلاة، فلما انصرفت أي: فرغت عنها بالسلام، نهاني أي: عن العود إلى العبث لكراهته، كالعبث بكل شيء، ولم يأمره بالإِعادة؛ لأن ذلك كان يسيرًا لا يشغله عن صلاته، وجاء في حديث أبي ذر:"ومسح الحصى مرة واحدة، وتركها خيرٌ من حمر النعم".
قال أبو عمر (3) في رواية ابن عيينة: عن مسلم، عن علي، فلما انصرف ومر قال: فرغ عن صلاته، قال: لا تقلب الحصى؛ فإن تقلب الحصى من الشيطان، وقال: اصنعْ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (ق 138) يصنعُ، فقلت: كيف وفي نسخة: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعُ؟ ولعله كان عبثه حال التشهد، فمن هنا، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة أي: للتشهد وضع كفَّه اليُمنى على فخِذِه اليمنى وقبض أصابعه كلَّها، وأشار بأُصبُعه التي تلي الإِبْهَام.
وذكر أبو يوسف في (الأمالي) أنه كان يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق بالوسطى
(1) انظر: التقريب (2/ 583).
(2)
انظر: التقريب (1/ 416).
(3)
انظر: التمهيد (13/ 196).