الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
215 -
قال محمد: أخبرنا الفضيل بن غَزْوان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان أينما توجهت به راحلته صلى التطوع، فإذا أراد أن يُوتِرَ نزل فأوتر.
• قال محمد: أخبرنا الفضيل بن غَزْوان، بفتح الغين المعجمة، وسكون الزاي المعجمة، وهو ابن يزيد الرقاشي، إنه تابعي في الطبقة الثانية من أهل البصرة، وهي بلدة في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، كذا قاله أبو الفرج ابن الجوزي في (طبقاته)(1)، عن نافع، المدني، مولى ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: أي: نافع، كان أي: ابن عمر أينما توجهت به راحلته صلى التطوع، والباء للتعدية والضمير المجرور إلى ابن عمر يعني أنَّ ابن عمر يصلي التطوع على دابته إلى أيِّ جانب توجهت دابته، وتقبله إليه، فإذا أراد أن يُوتِرَ نزل فأوتر، أي: صلى الوتر.
وفي مسند أحمد والصحيحين (2) عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة.
ولا يبعد أن يقول المكتوبة الفرض والوتر الواجب؛ لأنه فرض عملي عند من يقول به، كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان الصلاة على الدابة في السفر، شرع في بيان الصلاة الفائتة، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يصلي فيذكر عليه صلاة فائتة
بيان حال الرجل يصلي، أي: مع الإِمام، فتذكر من باب التفعل، أي: طلع في قلبه، وفي نسخة: فيذكر أن عليه، أي: ثبت عليه صلاة فائتة، أصلها فاوت قلبت واوه
(215) إسناده صحيح، أخرجه: أحمد (4462)، وابن أبي شيبة (2/ 202)، وعبد الرزاق في مصنفه (4541)، والدارقطني (2/ 22)، من طرق عن ابن عمر.
(1)
انظر: صفة الصفوة (3/ 205).
(2)
تقدم.
همزة لوقوعها بعد الألف الزائدة وجمعها فوائت، فالذكر المستفاد منه قوله: فيذكر على نسخة مصدر من ذكر يذكر ذكر بكسر الذال المعجمة، وسكون القاف فيكون بمعنى ما يجري على اللسان من التلفظ، وبضم الذال المعجمة وسكون الكاف فيكون بمعنى ما يجري في القلب ويحضر فيه، وهنا بمعنى الحضور فيه، واستنبط المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة طه:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، والمناسبة بين هذا الباب وذاك الباب إسقاط ما لزم عليه.
* * *
216 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: من نسي صلاةً من صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإِمام، فإذا سلم الإِمام فليصل صلاته التي نسى، ثم ليصلّ بعدها الصلاة الأخرى.
قال محمد: وبهذا نأخذ، إلا في خصلة واحدة: إذا ذكرها وهو في صلاة في آخر وقتها، يخاف إن بدأ بالأولى أن يخرج وقت هذه الثانية قبل أن يصليها، فليبدأ بهذه الثانية حتى يفرغ منها، ثم يصلي الأولى بعد ذلك. وهو قولُ أبي حنيفة وسعيد بن المسيب.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من كبار أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي بلدة في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أبرنا نافع، المدني، مولى ابن عمر، وفي نسخة: حدثنا، وفي نسخة:"عن" موضع "أخبرنا"، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان يقول: من نسى صلاةً أي: تركها كما يقال: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]، أي: تركهم، كذا في الأخرى أو من غفل عنها كذا قاله السيد الشريف الجرجاني.
(216) صحيح، أخرجه: مالك (395)، وعبد الرزاق في مصنفه (2254)، والبيهقي في الكبرى (3278).
فالغفلة عن الشيء هي أن يخطر ذلك الشيء بباله، من صلاته أي: من أنواع صلاته من المكتوبة والوتر، فلم يذكرها أي: فلم يخطرها بباله إلا أي: لكن أحضرها في باله، وهو أي: والحال أنه يصلي مع الإِمام، فإذا سلم الإِمام وسلم هو أيضًا فليصل صلاته التي (ق 215) نسىَ، أي تركها، ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى، أي: غير الأولى من الصلوات، ومذهبنا أنه إذا دخل في صلاة فتذكر فائتة، وفي الوقت سعة تبطل صلاته الأولى، فيجب عليه أن يقدم القضاء ثم يصلي الأداء.
قال محمد رحمه الله تعالى: وبهذا أي: بحديث ابن عمر نأخذ أي: نعمل ونُفتي إلا في خصلة واحدة، أي: وهي ضيق الوقت كما بينه بقوله: إذا ذكرها أي: أحضر صلاة الفائتة، وهو في صلاة في آخر وقتها، وفي نسخة: وهو يصلي صلاة يخاف إن بدأ بالأولى أي: الفائتة، أن يخرج وقت هذه الثانية قبل أن يصليها، أي: الثانية فليبدأ بهذه الثانية حتى يفرغ منها، ثم يصلي الأولى، أي: الفائتة بعد ذلك، وهو أي: أن يصلي الوقتية أولًا في آخر الوقت ثم الفائتة، قولُ أبي حنيفة وسعيد بن المسيب، أي: ابن حزن يكنى أبا محمد، من أجلاء التابعين، بل أفضلهم، كان في الطبقة الأولى من الطبقات السبعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة وقد مر منقبته تفصيلًا في باب الصلاة في الثوب الواحد.
واعلم أن الترتيب فرض بين الفروض الخمسة والوتر، فائت كلها أو بعضها.
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله: لا ترتيب بين الفروض والوتر، على أنَّ الوتر سنة عندهما. وقال مالك: الترتيب في قضاء الفوائت واجب بالذكر ساقط بالنسيان في خمس وما دونها.
وقال الشافعي: الترتيب في الفروض مستحب لنا لما في الصحيحين من حديث جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل يسب كفار قريش يوم الخندق، وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فصلى صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، وصلينا بعدها المغرب، ولو كان الترتيب مستحبًا لما أخَّر النبي صلى الله عليه وسلم لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بالاتفاق وغير جائز عند الشافعي على القول بضيق وقتها عنده، وعند مالك.