الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناحية والطريق، ينهاهم أي: حال كونه ينهى أهل النواحي أن يجمعوا بين الصلاتين، ويخبرهم: أن الجمع بين الصلاتين في وقت واحدٍ كبيرةٌ من الكبائر، لأنه عزم منه أداء صلاة في غير وقتها، وهي فاسدة فيكون تاركًا لتلك الصلاة.
أخبرنا بذلك، أي: بأن الجمع بين الصلاتين كبيرة من الكبائر، الثقات بكسر المثلثة، أي: العدول من الرواة، عن العَلَاءِ بن الحارث بن عبيد، وهو ابن سبعين سنة، مات سنة ستة وثلاثين بعد المائة (1).
عن مكحول، أبي عبد الله، ثقة فقيه، كثير الإِرسال، مشهور، مات سنة بضع عشرة ومائة، تابعي من الطبقة الخامسة من أهل الشام، وهي في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، ومكحول كان معلمًا للأوزاعي، قال الزهري: العلماء أربعة: ابن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام، فلم يكن في زمان مكحول: أبصر بالفُتيا منه، وكان لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا رأيي والرأي يخطئ ويصيب.
روى عن جماعة من الصحابة، وعنه كثير خلق.
لما فرغ من بيان جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بالتأخير، والمغرب والعشاء في السفر والمصر، شرع في بيان جواز الصلاة على الدابة في السفر، فقال: هذا
* * *
باب الصلاة على الدابة في السفر
بيان حكم الصلاة على الدابة في حال السفر. أخذ المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، أي: قبلة الله.
قال عبد الله بن عمر: نزلت هذه في المسافر يصلي التطوع حيث ما توجهت به راحلته، كذا في (معالم التنزيل) للبغوي، والمناسبة بين هذا الباب والباب السابق، الصلاة في السفر.
(1) انظر: التقريب (1/ 457).
205 -
أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن دينار، قال: عبد الله بن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيث ما تَوَجَّهَتْ به، قال: وكان عبد الله بن عمر يصنع ذلك.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد أخبرنا، حدثنا عبد الله بن دينار العدوي، مولاهم أبو عبد الرحمن، المدني، مولى ابن عمر، ثقة، تابعي في الطبقة الرابعة من أهل (ق 209) المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، مات سنة سبع وعشرين ومائة، كذا في (التقريب من أسماء الرجال)، وفي نسخة: أخبرنا، قال: قال عبد الله بن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أي: صلاة نافلة بإيمائه وإشارته على راحلته أي: على ناقته وهي من جياد الإِبل، فقد ورد:"الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلته"، في السفر قيل: قدر فرسخين، وقيل: قدر رمح، والأصح في كل موضع يقضي فيه المسافر، ولا يشرط السفر، وشرطه أحمد، وعن أبي يوسف وهو مذهب الشافعي.
ورواية عن أحمد: يجوز التنفل في المطر أيضًا على الدابة، حيث ما تَوَجَهَتْ أي: راحلته صلى الله عليه وسلم به، والباء للتعدية والضمير المجرور، إما عائد إلى حيث أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعائد إلى حيثما محذوف، أي: إليه، كذا قاله الهروي يمينًا وشمالًا يوافق القبلة أم لا ومفهومه أنه صلى الله عليه وسلم يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليه، ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة، فتقديره إلى حيث توجهت، فقوله: توجهت متعلق بيصلي.
قال: أي: عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر يصنع ذلك، أي: يصلي على دابته لكمال متابعته فيما هنالك عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أنَّ العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح.
* * *
(205) أخرجه: البخاري (1096)، ومسلم (700)، ومالك (356).
206 -
أخبرنا مالك، أخبرني أبو بكر بن عُمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، أن سعيدًا أخبره: أنه كان مع عبد الله بن عمر في سفر، فكنت أسير معه وأتحدَّث معه، حتى إذا خَشيت أن يطلع الفجر، تخلَّفْت، فنزلت، فأوْتَرْت، ثم ركبت فلحقته، فقال لي ابن عمر: أين كنت؟ قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن نزلت فأوْتَرْتُ، وخشيت أن أُصبح، فقال: أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسْوَة حسنة؟ فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتِر على البعير.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد أخبرنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال، أخبرني أي: وحدي أبو بكر بن عُمر، بلا واو، وفي رواية يحيى: عن أبي بكر بن عمرو، بالواو وجميع الرواة يقولون بخلافه.
قال السيوطي: ليحيى عن مالك عن أبي بكر بن عمرو، عن سعيد بن يسار، وقال ابن عبد البر: كذا وقع في نسختنا، وكان أحمد بن خالد، يقول: عن أبي بكر بن عمر، كذا قاله جماعة أصحاب مالك، وهو كما قاله، وأنه أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، كذا رواه جماعة، أي: ابن الخطاب، ولم أقف على اسمه، أن سعيدًا أي: ابن يسار، أخبره أي: إلى أبي بكر بن عمر أنه أي: سعيد كان مع عبد الله بن عمر في سفر، فكنت أسير معه أي: مترافقين، وأتحدَّث معه، أي: متوفقين حتى إذا خشيت أن يطلع الفجر، تخلَّفْت، أي: عن السير معه فنزلت، أي: عن الدابة فأوْتَرْت، أي: فصليت الوتر على الأرض، وهذا يدل على وجوبه، ثم ركبت فلحقته، أي: أدركت ابن عمر، فقال لي ابن عمر: أين كنت؟ أي: فيما تخلفت، فقلت: يا أبا عبد الرحمن نزلت فأوْتَرْتُ، وخشيت أن أُصبح، أي: أدخل في الصباح فيفوتني الوتر، فلذا تأخرت، فقال: أي: عبد الله بن عمر: أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسْوَة حسنة بكسر الهمزة وفتحها، أي: اقتداء يستحسن نقلًا وعقلًا، فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُوتِر على البعير، ظاهره دائمًا، ويحتمل أنه يقع أحيانًا لعذر به صلى الله عليه وسلم (ق 210)
(206) أخرجه: البخاري (999)، ومسلم (700)، ومالك (271).
والله أعلم، ومع الاحتمال لا يصلح الاستدلال هذا.
وقال الطحاوي: ويعارض حديث الوتر على البعير حديث حنظلة بن سفيان عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض، ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، والعجب من الخصم أن يقول الوتر فرض على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يزعمون جواز هذا الفرض على الراحلة، ويقولون لخصمهم: لو كان فرضًا لما أُدي على الراحلة.
* * *
207 -
أخبرنا مالك، أخبرني عمرو بن يحيى، عن سعيد بن يسار، عن عبد الله بن عمر، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجِّه إلى خَيْبَر.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد أخبرنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا عمرو بن يحيى، بن عمار بن أبي حسن المازني، ثقة في الطبقة السادسة من أهل المدينة، مات في سنة مائة بعد الثلاثين، وفي نسخة: أخبرني بالإِفراد، وفي نسخة:"عن" موضع "أخبرنا"، عن سعيد بن يسار، المدني، ثقة، تابعي، في الطبقة الرابعة مات سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: قبلها، عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار لم يتابع عليه عمرو بن يحيى، وإنما يقولون: على راحلته.
قال النسائي: أي حديث ابن عمر، فالمعروف والمحفوظ فيه راحلته، وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل، وأما غير ابن عمر فروى جابر: كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة، وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم، كذا قاله في (التمهيد)، لكن لرواية عمرو شاهد يحيى بن سعيد عن أنس، رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حماره وهو ذاهب إلى خيبر، رواه السراج بإسناد حسن.
(207) أخرجه: مسلم (700)، وأبو داود (1226)، والنسائي (739)، وأحمد (4506)، مالك (343)، وابن حبان (2515)، وأبو يعلى (2636).
وهو أي: النبي صلى الله عليه وسلم متوجِّه إلى خَيْبَر، بخاء معجمة أوله وراء آخره، زاد الحسيني عن مالك خارج (الموطأ) ويومئ إيماءً، أي: الركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما وليكون البدل على وفق الأصلي، وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.
* * *
208 -
أخبرنا مالك، أخبرني يحيى بن سعيد؛ قال: رأيت أنس بن مالك في سفر يصلي على حماره، وهو متوجه إلى غير القبلة، يَركع ويسجد إيماء برأسه، من غير أن يضع وجهه على شيء.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد أخبرنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، أبو سعيد القاضي، تابعي، ثقة، ثبت، في الطبقة الخامسة من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين أو بعدها ومائة (1)، وفي نسخة: قال: أخبرنا، وفي نسخة أخرى: قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، قال: رأيت أنس بن مالك في سفر يصلي على حماره، وهو متوجه إلى غير القبلة، يَركع ويسجد إيماء برأسه، من غير أن يضع وجهه على شيء، بردعه أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم: عن محمد بن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.
قال المهلب: هذه الأحاديث تختص قوله تعالى في سورة البقرة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، أي: جانب المسجد الحرام، وتبين أن قوله تعالى في سورة البقرة:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، أي: قبلة الله في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار؛ إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة
(208) أخرجه: البخاري (1100)، ومسلم (702)، ومالك (357).
(1)
انظر: التقريب (2/ 348).
بالتكبير حال ابتداء الصلاة، (ق 211) لما رواه أبو داود، وأحمد، والدارقطني (1) عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوع في السفر استقبل بناقته القبلة، ثم صلى حيث توجهت ركابه. واختلف في السفر الذي لا تقتصر فيه الصلاة، فأجاز الجمهور: في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينتقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، كذا قاله الزرقاني (2).
* * *
209 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن ابن عمر لم يصل مع صلاة الفريضة في السفر التطوعَ قبلها ولا بعدها، إلا من جوف الليل، فإنه كان يصلي نازلًا على الأرض، وعلى بعيره أينما توجّه به.
قال محمد: لا بأس بأن يصلي المسافر على الدابة تطوعًا إيماء وحيث كان وجهه، ويجعل السجود أخفض من الركوع، فأما الوَتْرُ والمكتوبة فإنهما تُصَلّيان على الأرض، وبذلك جاءَت الآثار.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، وفي نسخة أخرى: محمد أخبرنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، أخبرنا نافع، المدني، مولى ابن عمر، وفي نسخة: أن ابن عمر لم يصل مع صلاة الفريضة في السفر التطوع أي: القوافل الشوامل للسنن الرواتب، قبلها ولا بعدها، أي: قبل صلاة فرض أداها وبعدها إلا من جوف الليل، وهو يشمل أول الليل وآخره، فإنه أي: ابن عمر، كان يصلي نازلًا على الأرض، أي: لأنه كان ينزل بالليل في المنزل، وعلى بعيره أي: ويصلي التطوع على مركوبه، أينما توجّه، والباء للتعدية، والضمير المجرور إما عائد إلى أين، أو إلى ابن عمر.
قال محمد: أي: ابن الحسن الشيباني: لا بأس أي: لا كراهة بأن يصلي المسافر على دابته تطوعًا أي: سننًا رواتب وغيرها، إيماء أي: إشارة، حيث، وفي نسخة: حيثما
(1) أخرجه: أبو داود (1225)، وأحمد (12696)، والدارقطني (1/ 396).
(2)
انظر: شرح الزرقاني (1/ 430).
(209)
صحيح، أخرجه: مالك (352).
كان وجهه، من الجهات الأربع، ويجعل السجود أي: إيمائه إليه، أخفض من الركوع، أي: من إيمائه إليه، والجملة استثنائية بيانية أو حالية، فأما الوَتْرُ لكونه واجبًا عند أبي حنيفة وآكد السنن عند صاحبيه، والمكتوبة أي: أداءً وقضاء أو نذرًا فإنهما أي: صلاة الوتر والمكتوبة، تُصَلّيان على صيغة المجهول، على الأرض، وكذا صلاة الجنازة والسجدة التي تليت على الأرض. وعن أبي حنيفة: ينزل الراكب لسنة الفجر لأنها آكد الرواتب، وعنه أنها واجبة، وبذلك أي: في حق أن تكون صلاة الوتر والمكتوبة تصليان على الأرض، جاءَت الآثار، أي: الأحاديث والأخبار، منها الوارد هنا ستة آثار.
* * *
210 -
قال محمد: أخبرنا أبو حنيفة، عن حُصين، قال: كان عبد الله بن عمر يصلي التطوع على راحلته إيماءً أينما توجهت به، فإذا كانت الفريضة والوتر نزل فصلى.
• قال محمد: أخبرنا أبو حنيفة، أي: سلطان المجتهدين في الذهب، برهان الأئمة في المشارق والمغارب، الإِمام الأعظم، والهمام الأكرم نعمان بن ثابت بن طاوس بن هرمز بن ملك بن شيبان، تابعي ولد في عهد الصحابة سنة ثمانين، وقيل: إحدى وستين، وكان في الطبقة السادسة من طبقات الفقهاء وهو ابن سبعين سنة، في أشهر الروايات، ومات سنة خمسين ومائة ببغداد، وهي بلدة في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة. عن حصين بالتصغير، وهو ابن مالك البجلي، صدوق تابعي، في الطبقة الثالثة من أهل الكوفة، وهي بلدة في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة. قال: أي: حُصين بن مالك، كان عبد الله بن عمر يصلي التطوع أي: السنن الرواتب وغيرها، على راحلته إيماءً أينما توجهت أي: راحلة ابن عمر، به، والباء للتعدية والضمير المجرور عائد إلى حيث ما أو إلى ابن عمر، فإذا كانت أي: الصلاة (ق 212) الفريضة أي: إذا أوقعت الفريضة، أو الوتر نزل فصلى على الأرض لكونه واجبًا بمنزلة الفرض.
* * *
(210) صحيح.
211 -
قال محمد: أخبرنا عمر بن ذرّ الهَمْدَانيّ، عن مجاهد، أن ابن عمر كان لا يزيد على المكتوبة في السفر على الركعتين، لا يصلي قبلها ولا بعدها، ويُحْيي الليل على ظهر البعيرِ أينما كان وجهه، وينزل قبل الفجر فيوتر بالأرض، وإذا أقام ليلة في منزل أحيا الليل.
• قال محمد: أخبرنا عمر بن ذرّ بكسر الذال المعجمة وتشديد الراء المهملة، ابن عبد الله بن ذرارة الهَمْدَانيّ، بفتح الهاء وسكون الميم وفتح الدال المهملة، والألف والنون والياء نسبة إلى قبيلة، كوفي، كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، وهو من أتباع التابعين، ثقة، في الطبقة السادسة، كذا قاله ابن حجر (1)، وفي نسخة: قال محمد: أنا، رمزًا إلى أخبرنا، عن مجاهد بن جبر، بفتح الجيم، وسكون الموحدة يكنى أبا الحجاج المخزومي، مولاهم المكي، ثقة، إمام في التفسير وفي العلوم، وكان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة إحدى أو اثنين أو ثلاث أو أربع ومائة وله ثلاث وثمانون، كذا في (تقريب التهذيب)، أن ابن عمر كان لا يزيد على المكتوبة في حال السفر على الركعتين، لا يصلي قبلها ولا بعدها، أي: سننًا من السنن النوافل.
ويؤيده ما رواه البخاري (2) من حديث حفص بن عاصم، فقال: سافر ابن عمر فقال: صحبتُ النبي صلى الله عليه وسلم فلم أر يسبح في السفر، وقد قال الله تعالى في سورة الأحزاب:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، أي: متابعة، ومعنى يسبح: يصلي التطوع، ويُحْيي بضم التحتية وسكون الحاء المهملة وبعدها ياء تحتية مكسورة، من الإِحياء، أي: يقيم ابن عمر الليل أي: بالصلاة على ظهر البعيرِ أينما كان وجهه، أي: وجه نفسه أو وجه بعيره، وينزل قبل الفجر فيوتر بالأرض، وفي نسخة: في الأرض، وإذا أقام ليلة في منزل أحيا الليل، أي: بالصلاة على الأرض.
* * *
(211) صحيح.
(1)
انظر: التقريب (1/ 427).
(2)
أخرجه: البخاري (1050).
212 -
قال محمد: أخبرنا محمد بن أَبَانَ بن صالح، عن حماد بن أبي سليمان، عن مجاهد، قال: صحبت عبد الله بن عمر من مكة إلى المدينة، فكان يصلي الصلاة كلها على بعيره نحو المدينة، ويومئ برأسه إيماءً ويجعل السجود أخفض من الركوع، إلا المكتوبة والوتر، فإنه كان ينزل لهما، فسألته عن ذلك فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله حيث كان وجهه، يومئ برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع.
• قال محمد: أخبرنا محمد بن أَبَانَ بفتح الهمزة، وبالموحدة المخففة والألف والنون ابن صالح القرشي، ويقال له: الجعفي، الكوفي، ضعفه أبو داود وابن معين، وقيل: كان مرجئًا صدوق، كان في الطبقة العاشرة من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات سنة ثمان وثلاثين ومائة، وعاش تسعين سنة، كذا قاله الذهبي في (الميزان)، وابن حجر في (تقريب التهذيب). عن حماد بن أبي سليمان، مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، وهو أفضل التابعين وأكمل أئمة المهتدين، في الطبقة الخامسة من فقهاء الكوفة، عن مجاهد، وهو تابعي، قال: صحبت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، لم يقل صاحبت تأدبًا، من مكة إلى المدينة، فكان يصلي الصلاة أي: جنسها كلها أي: جميع أنواعها، على بعيره نحو المدينة، أي: جانبها مع أن الصلاة بين مكة والمدينة، ويومئ أي: يشير برأسه إيماءً ويجعل السجود أي: في إيمائه إليه أخفض أي: أسفل من إيمائها إلى ركوعه، أي: قيامًا على أصلهما، إلا المكتوبة والوتر، استثناءً من كلها فإنه أي: الشأن أو ابن عمر كان ينزل لهما، أي: حيث لم يكن له عذر في أدائها على الأرض، وإلا فيجوز أداء الفريضة على الدابة إن خاف زيادة المرض أو سبعًا، (ق 213) أو عدوًا، أو كانت الدابة جموحًا، أو كان الطين والوحل بحال يغيب فيه وجهه، وهذا إذا كانت الدابة تسير بنفسها، وإن كانت تسير بتسييرها صاحبها، فالفريضة لا تجوز كما لا تجوز التطوع، كذا ذكره الشمني،، ويشكل إذا كان الخوف من عدو، وكذا إذا كان الطين والوحل،
(212) ضعيف لضعف محمد بن أبان بن صالح، ضعفه أبو داود، وقال البخاري: ليس بالقوي، (الميزان)(6/ 41).
لا سيما إذا كان الوقت ضيقًا، فسألته أي: ابن عمر، عن ذلك أي: عن التطوع على الدابة، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، أي: يصلي التطوع حيث كان وجهه، أي: وقع وجهه وهو في سفره، يومئ برأسه، ويجعل أي: إيمائه إلى السجود أخفض أي: أسفل من إيمائه إلى الركوع، وترك تتمة ما فعله اختصارًا.
* * *
213 -
قال محمد: أخبرنا إسماعيل بن عيّاش، قال: حدثني هشام بن عُروة، عن أبيه، أنه كان يصلي على ظهر راحلته، يسجد حيث توجهت، ولا يضع جَبهته، ولكن يشير للركوع والسجود برأسه، فإذا نزل أوتر.
• قال محمد: أخبرنا إسماعيل بن عيّاش، بالتحتية المشددة، هو ابن مسلم العنسي بالنون، أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، من أتباع التابعين، في الطبقة الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنين وثمانين بعد المائة، وله بضع وتسعون، كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال)(1).
قال: حدثني أي: وحدي، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا هشام بن عُروة، عن أبيه، وهو عروة بن الزبير بن العوام، كان في الطبقة الثانية من أهل المدينة، كذا قال أبو الفرج من علماء الحنبلية، في (طبقاته)(2)، أنه كان يصلي على ظهر راحلته، أي: دابته يسجد كذا في نسخة: أي: يومئ برأسه إلى السجود أخفض من إيمائه إلى الركوع، حيث توجهت، أي: راحلته، ولا يضع جَبهته، أي: على شيء، ولكن يشير للركوع والسجود برأسه، أي: كما سبق، فإذا نزل عن راحلته أوتر، أي: يصلي صلاة الوتر على الأرض لكونها واجبة عند أبي حنيفة، وسنة مؤكدة عند صاحبيه.
* * *
(213) إسناده حسن.
(1)
انظر: التقريب (1/ 53).
(2)
انظر: صفة الصفوة (2/ 85).
214 -
قال محمد: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن المغيرة الضبيّ، عن إبراهيم النَّخَعي، أن ابن عمر كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه، تطوعًا، ويومئ إيماء ويقرأ السجدة فيومئ، وينزل للمكتوبة والوتر.
• قال محمد: أخبرنا وفي نسخة: حدثنا خالد بن عبد الله، أي: ابن محرز المازني البصري، كان في الطبقة السابعة من أهل البصرة وهي في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة (1)، كذا في (خلاصة الهيئة)، عن المغيرة بضم فكسر الضبي، بفتح الضاد المعجمة وكسر الموحدة المشددة، وهو أبو هشام الكوفي، الأعمى، ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم من الطبقة السادسة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة في الصحيح، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)(2)، عن إبراهيم النَّخَعي، بفتحتين، ابن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سعد بن مالك، تابعي، رأى عائشة رضي الله عنها، ودخل عليها، وثبت له سماع، وأدرك عصر الصحابة رضي الله عنهم، أخذ العلم عن علقمة والأسود من أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وروى عن: عبد الرحمن السلمي، صاحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وكان أعلم الكوفة، والمقتدى في وقته، كان يفتي وهو ابن ست عشرة سنة، والعصر عصر بقية التابعين، كان في الطبقة الرابعة من طبقات الفقهاء، وهو ابن ست وأربعين، ومات سنة ست وتسعين، وقيل سنة خمس ومائة، كذا قاله في (طبقات الحنفية)، أن ابن عمر كان يصلي على ظهر (ق 214) راحلته أي: دابته، حيث كان وجهه، أي: وجه نفسه تطوعًا، ويومئ إيماء ويقرأ السجدة أي: آيتها فوق الدابة، فيومئ أي: بسجدتها وهذا تيسير إلى مذهب الشافعي، من أن سجدة التلاوة سنة لا واجبة كما هو عندنا، وينزل للمكتوبة والوتر.
* * *
(214) أخرجه: أحمد (4462) بسند صحيح.
(1)
انظر: التقريب (1/ 150).
(2)
انظر: التقريب (2/ 599).