الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجمع الأئمة على أن الرجل إذا جامع امرأته، والتقى الختانان فقد وجب الغسل عليهما، وإن لم يحصل الإنزال، كما قاله علي القاري.
فإن قيل: ما الحكمة فى الأمر بالختان، ولأي معنى سره؟
الجواب: قيل: للتطهر؛ لأنه يوجب المحبة الإِلهية، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]، فيحصل الاحتراز من البول بالختان.
وقيل: أمر بذلك لأنه وضع على عضو عبارة، وعلامة يعرف بها، فوضع على القلب التوحيد، وعلى اللسان: الشهادة، وعلى الوجه: الوضوء، وعلى الجبين: السجدة، وعلى الرأس: المسح، وعلى الشفة: قص الشارب، وعلى الأصابع: تقليم الأظافر، وعلى العانة حلقها، وعلى الإِبط: نتفها، وعلى الذكر: الختان.
وقيل: في الختان خواص، منها: نضارة الوجه، ونماء البدن كالشجر إذا انقطع فضله، وغصنه الزائد، ويحصل لها النماء.
فإن قيل: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أول من اختتن إبراهيم عليه السلام"، وفي الخبر: ولد الأنبياء عليهم السلام مختونين؟
الجواب: أقول: إنه عليه السلام ولد مختونًا، ولكنه ختن نفسه، ليقتدي به؛ لأنه مقتدى الأمم، ومتبوع الملل، كما في (خواتم الكلم).
لما فرغ من بيان ما يوجب الطهارة الكبرى، شرع ما يوجب الطهارة الصغرى، فقال: هذا
* * *
باب في بيان حال الرجل ينام هل ينقض ذلك - أي: النوم - وضوءه؟ الرجل والمرأة في هذا الحكم سواء
عبَّر المصنف، رحمه الله، بذلك عن النوم إشارة إلى أن النوم خصلة تبعد صاحبها عن القرب الإلهية. والوضوء خصلة تقرب صاحبها إلى رحمة رب العالمين، فيلزم للرجل الكامل أن يستيقظ من نومة الغافلين.
79 -
أخبرنا مالك، أخبرنا زيد بن أسْلَم، قال: إذا نام أحدُكم وهو مُضْطَجع فليتوضَّأ.
• أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: ثنا مالك، أخبرنا زيد بن أسْلَم، قال: إذا نام أحدُكم والحال: وهو مُضْطَجع، أي: راقد على جنبه، وفي معناه: أنا راقد على قفاه، أو على بطنه، وكذا إذا أسند إلى ما لو أزيل لسقط، فليتوضَّأ.
وليحيى عن مالك عن زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: إذا نام أحدكم مضطجعًا فليتوضأ.
* * *
80 -
أخبرنا مالك، أخبرني نافع، عن ابن عمر: أنه كان ينام وهو قَاعِدٌ فلا يتوضأ.
قال محمد: وبِقَوْل ابن عمر في الْوَجْهَيْن جميعًا نأخُذُ وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزا إلى حدثنا مالك، أخبرني بالإِفراد، وفي نسخة قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: ثنا نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان ينام وهو قَاعِدٌ فلا يتوضأ.
قال محمد: وبِقَوْل ابن عمر في الْوَجْهَيْن جميعًا، أي: في نقض الوضوء إذا نام مضطجعًا، وفي عدم نقض الوضوء، إذا نام قاعدًا، نأخُذُ، أي: نعمل ونفتي، فيه تغليب (ق 82) قول ابن عمر على زيد بن أسلم؛ لأن ابن عمر لم يذكر في الوجه الأول، وهو أي: عدم نقض الوضوء إذا نام قاعدًا، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
واتفقوا على نوم المضطجع والمتكئ ينقض الوضوء، واختلفوا فيمن نام على حالة،
(79) إسناده صحيح.
(80)
إسناده صحيح.
من أحوال المصلين، من قيام أو ركوع أو سجود أو قعود.
فقال أبو حنيفة: لا ينقض، وإن طال نومه، فإن وقع على جنبه ينقض، ويدل عليه ما رواه البيهقي عنه صلى الله عليه وسلم:"لا يجب الوضوء على من نام جالسًا، أو قائمًا، أو ساجدًا، حتى يضع جنبه على الأرض، فإنه إذا اضطجع، استرخت مفاصله"(1).
وروى أبو داود، والترمذي، من حديث: ابن عباس رضي الله عنهما، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد، حتى غَطّ أو نفخ ثم قام يصلي، فقلتُ: يا رسول الله إنك نمت، قال:"إن الوضوء لا يجب على من نام مضطجعًا؛ فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله"(2).
وقال مالك: ينتقض الوضوء في حال الركوع والسجود، إذا طال دون القيام والقعود.
وقال مالك وأحمد: إذا نام طال نوم الجالس فعليه الوضوء، والله أعلم.
ولما فرغ من بيان ما يعرض الرجل بمنامه من الحدث الصغرى، شرع في بيان ما يعرض للمرأة في منامها من الحدث الكبرى.
* * *
(1) رواه البيهقي في الكبرى (601)، وقال: تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالي، وقال أبو داود: قوله: الوضوء على من نام مضطجعًا، هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد الدالي عن قتادة.
قلت: يزيد صدوق.
(2)
أخرجه: أبو داود (202)، والترمذي (77)، وأحمد (2313)، وابن أبي شيبة (1/ 126)، والدارقطني (1/ 159)، والطبراني في الكبير (12748)، وأبو يعلى (2487)، (2610)، والبيهقي في الكبرى (600)، وابن عدي في الكامل (7/ 277)، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (195).
قال أبو داود: هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالي عن قتادة.
قال ابن الملقن: ضعيف باتفاقهم (خلاصة البدر)(157)، قال ابن حجر: اتفق أئمة الحديث على ضعف الرواية، (التلخيص)(162)، وضعفه أحمد والبخاري.