الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصحة صلاة الصبي المميز ووضوءه، كذا قاله الزرقاني (1).
قال محمد: وبهذا أي: المذكور في هذا الحديث، نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، إذا صلى الرجل، وفي حكمه الصبي الواحد مع الإِمام قام عن يمينه، أي: مساويًا له عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وواضعًا أصابع رجليه إزاء عقب الإِمام عند محمد، وإذا صلى الاثنان قاما خلفه، أي: الإِمام، يعني ندبًا فيهما، وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، وعن أبي يوسف يقوم الإِمام بين الاثنين.
لما روى مسلم عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أنه صلى بعلقمة والأسود، فقام بينهما.
لما فرغ من بيان جواز الصلاة على الحصير ملبوسًا بالأرض، شرع في بيان جواز الصلاة على التراب بغير سجادة، فقال: هذا
* * *
باب الصلاة في مَرَابِض الغنم
بيان جواز الصلاة في مرابض، أي: موضع الغنم، هو جمع مربض بكسر الباء الموحدة كمجلس، وهو الموضع الذي يكون فيه الغنم بالليل، كما في (المصباح).
179 -
أخبرنا مالك، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدُّؤَلي، عن حُميد بن مالك بن الْخَيْثم، عن أبي هريرة، أنه قال: أحْسن إلى غنمك، وأطِبْ مُرَاحَها، وصَلَّ في ناحيتها، فإنها من دواب الجنة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بالصلاة في مَراح الغنم، وإن كان فيه من أبوالها وبعرها؛ ما أكَلْتَ لحمَه فلا بأس ببوله.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: باب الصلاة في مرايح الغنم، محمد قال: ثنا، رمزًا إلى
(1) انظر: شرح الزرقاني (1/ 440).
(179)
صحيح، أخرجه: أحمد (9342)، ومالك (1737).
حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد: أخبرنا مالك بن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، من أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من أهل المدينة، عن محمد بن عمرو بن حلحلة بفتح الحائين المهملتين، وما بينهما لام ساكنة، وبعدهما لام مفتوحة، وهاء بعدها، الدُّؤَلي، بضم المهملة وفتح الهمزة، ويجوز إبداله، المدني، ثقة كان في الطبقة السادسة (1)، عن حُميد بالتصغير ابن مالك بن (ق 181) الْخَيْثم، بفتح الخاء المعجمة، وسكون التحتية، ففتح المثلثة مصغرًا ويقال: مالك جده واسم أبيه عبد الله، ثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين (2). عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال: أحْسن أي: حميد بن مالك بن الخيثم إلى غنمك، أي: فإن الله يحب المحسنين، وأطِبْ أي: خلص عن المؤذيات مُرَاحَها بضم الميم، أي: الموضح الذي يجتمع فيه الغنم في آخر النهار، كذا ذكره السيوطي (3)، وصَلِّ في ناحيتها، أي: في طرف تلك البقعة، وهو أمر إباحة، أي: يجوز لك أن تصلي في ناحية منها، وإن كانت الغنم موجودة فيها، لعدم تنفرها وكمال أنسها؛ ولأن أصحاب الغنم كانوا ينظفون المرابض، فأبيحت الصلاة فيها لذلك.
وأما معاطن الإِبل فلا تصلى الصلاة فيها؛ لأن أصحاب الإِبل يتغوطون ويبولون في المعاطن، وإن كان المكان طاهرًا فيجوز فيه الصلاة.
وإليه ذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى كما قاله ابن الملك، في (شرح المصابيح)، فإنها من دواب الجنة، هذا الحديث موقوفًا ظاهرًا ومرفوع حكمًا، لما روى أبو هريرة من طريق آخر أن رسول الله: صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في معاطن الإبل"(4)، رواه الترمذي.
ومفهوم الحديث: أن لا يُصلى في معاطن الإِبل ونحوها؛ لتمردها الموجب
(1) انظر: التقريب (2/ 543).
(2)
انظر: التقريب (1/ 143).
(3)
انظر: تنوير الحوالك (1/ 226).
(4)
أخرجه: الترمذي (348)، وابن ماجه (768)، وأحمد (9516)، والدارمي (1363)، وابن أبي شيبة (1/ 421)، وابن حبان (1384)، وابن خزيمة (795).
لتشويش قلب المصلي عندنا، وروى ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة، رضي الله عنه مرفوعًا: صلوا في مراح الغنم، وامسحوا رغامها؛ فإنها من دواب الجنة (1). والرغام، بضم الراء المهملة، والغين المعجمة، ما يسيل من أنفها.
قال محمد: أي: المصنف ابن الحسن بن فرقد الشيباني، الكوفي من أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من الطبقات الحنفية، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، مات في اليوم الذي مات في الكسائي وقال الرشيد في حقه: دفن الفقه والعربية في الري، وبهذا أي: بحديث أبي هريرة نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، لا بأس لا فساد بالصلاة تُصلى في مَراح أي: في موضع طاهر من مرابض الغنم، وإن كان أي: ولو وجد فيه أي: في جانب واحد من أبوالها وبعرها؛ أنث الضمير باعتبار جنسه، وما أكل على بناء المجهول، لحمها، أي: من غيرها كالإِبل والبقرة، وفي نسخة: ما أكَلْتَ على صيغة الخطاب، والظاهر أن من تعرف الكاتب فلا بأس ببوله، وفي نسخة: ما أكل لحمه فلا بأس ببولها، وما موصولة مبتدأ، وأكل صفته ولحمها نائب الفاعل، لأكل فلا بأس خبر المبتدأ، وفيه: أنه لا دلالة في الأحاديث السابقة على أن يصلى فوق بولها أو بعرها من غير سجادة ونحوها، بل قول أبي هريرة: صل في ناحية، يأتي عن هذا المعنى، وأيضًا فلا يحصل الفرق حينئذٍ بين مرابض الغنم ومعاطن الإِبل.
والشارع صلى الله عليه وسلم فرَّق بينهما، وفضَّل (ق 182) فيهما، وقالوا: صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإِبل، وأما طهارة بول مأكول اللحم ودونه فيومئذٍ من دليل آخر، محمد خلافًا لأبي حنيفة، وأبي يوسف؛ فإنه نجس نجاسة خفيفة عنهما، ولذا لم يقل هنا، وهو قول أبي حنيفة؛ إلا أنه يجوز عند محمد: شرب بول ما يؤكل لحمه للتداوي وغيره، ويجوز عند أبي يوسف للتداوي؛ لحديث العرنيين، ولا يجوز عند أبي حنيفة مطلقًا، ولعله يحمل الحديث على التخصيص، أو وجد ما يدل على نسخه، والله أعلم.
لما فرغ من بيان جواز الصلاة في مرابض الغنم، شرع في بيان عدم جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة، فقال: هذا
* * *
(1) أخرجه: البيهقي (4462).