المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في بيان أحكام صلاة العيدين وبيان أمر الخطبة - المهيأ في كشف أسرار الموطأ - جـ ١

[عثمان الكماخي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌موطأ محمد وما يمتاز به

- ‌ترجمة الشارح

- ‌من آثاره:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة محمد بن الحسن

- ‌شيوخه:

- ‌جملة من أصحابه وتلاميذه:

- ‌ثناء الأئمة على محمد:

- ‌تصانيف الإمام محمد بن الحسن:

- ‌وفاة الإمام محمد بن الحسن - رضى الله عنه

- ‌أبواب الصلاة

- ‌باب في بيان أحكام وقت الصلاة

- ‌باب ابتداء الوضوء

- ‌باب غسل اليدين في الوضوء

- ‌باب الوضوء في الاستنجاء

- ‌ باب الوضوء من مس الذكر

- ‌باب في بيان الأحاديث التي تدل على عدم لزوم الوضوء مما أي: من أجل أكل الطعام الذي غيرت، أي: مسته النار

- ‌باب في بيان حكم حال الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد

- ‌باب في بيان الوضوء من الرُّعاف

- ‌باب في بيان الغسل، أي: غسل الثوب من بول الصبي

- ‌باب في الوضوء من المذي

- ‌باب في بيان عدم جواز الوضوء من ماء قليل يشرب منه السباع وتلغ فيه السباع

- ‌باب في بيان جواز الوضوء بماء البحر

- ‌باب في بيان أحكام المسح على الخفين

- ‌باب في بيان أحكام المسح على العمامة والخمار

- ‌باب في بيان أحكام الاغتسال من الجنابة

- ‌باب في بيان الأحكام التي تتعلق إلى الرجل الذي تصيبه الجنابة من الليل أي: بعض أجزاء الليل

- ‌باب في بيان أحكام الاغتسال يوم الجمعة

- ‌باب في بيان أحكام الاغتسال في يوم العيدين

- ‌باب في بيان أحكام التيمم بالصعيد

- ‌باب في بيان حكم حال الرجل الذي يصيب، أي: يقبل امرأته، وهي حائض

- ‌باب في بيان إذا التقى الختانان، هل يجب الغسل

- ‌باب في بيان حال الرجل ينام هل ينقض ذلك - أي: النوم - وضوءه؟ الرجل والمرأة في هذا الحكم سواء

- ‌باب المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل

- ‌باب المستحاضة

- ‌باب المرأة ترى الصفرة أو الكدرة

- ‌باب المرأة تغسل بعض أعضاء الرجل وهي حائض

- ‌باب الرجل يغتسل ويتوضأ بسؤر المرأة

- ‌باب الوضوء بسؤر الهرة

- ‌باب في بيان أحكام الأذان والتثويب

- ‌باب في بيان فضل المشي إلى الصلاة وفضل المساجد

- ‌باب الرجل يصلي وقد أخذ المؤذن في الإقامة

- ‌باب تسوية الصفوف

- ‌باب افتتاح الصلاة

- ‌باب القراءة في الصلاة خلف الإمام

- ‌باب الرجل يسبق ببعض الصلاة

- ‌باب الرجل يقرأ بالسور في الركعة من الفريضة

- ‌باب الجهر بالقراءة في الصلاة وما يستحب من ذلك

- ‌باب التأمين في الصلاة

- ‌باب السهو في الصلاة

- ‌باب العبث بالحصا في الصلاة وما يكره من تسويته

- ‌باب التشهد فى الصلاة

- ‌باب السنة في السجود

- ‌باب الجلوس في الصلاة

- ‌باب صلاة القاعد

- ‌باب الصلاة في الثوب الواحد

- ‌باب صلاة الليل

- ‌باب الحدَثِ في الصلاة

- ‌باب فضل القرآن وما يُسْتَحَبُّ من ذكر الله عز وجل

- ‌باب الرجل يُسَلَّم عليه وهو يصلي

- ‌باب الرجلان يصليان جماعة

- ‌باب الصلاة في مَرَابِض الغنم

- ‌باب الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها

- ‌باب الصلاة في شدة الحر

- ‌باب الرجل ينسى الصلاة أو يفوته وقتها

- ‌باب الصلاة في الليلة المطيرة وفضل الجماعة

- ‌باب قَصْرِ الصلاة في السفر

- ‌باب المسافر يدخل المِصْرَ أو غيره متى يُتِمُّ الصلاة

- ‌باب القراءة في الصلاة في السفر

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر والمطر

- ‌باب الصلاة على الدابة في السفر

- ‌باب الرجل يصلي فيذكر عليه صلاة فائتة

- ‌باب الرجل يصلي المكتوبة في بيته ثم يدرك الصلاة

- ‌باب الرجل تحضره الصلاة والطعام، بأيهما يبدأ

- ‌باب فضل العصر والصلاة بعد العصر

- ‌باب وقت الجمعة وما يستحب من الطيب والدهان

- ‌باب القراءة في صلاة الجمعة وما يستحب من الصمت

- ‌باب في بيان أحكام صلاة العيدين وبيان أمر الخطبة

- ‌باب في بيان حكم صلاة التطوع قبل صلاة العيد أو بعده

- ‌باب في حكم القراءة في صلاة العيدين

- ‌باب في بيان كمية التكبير وكيفيته في العيدين

- ‌باب قيام شهر رمضان وما فيه من الفضل

- ‌باب في بيان حكم دعاء القنوت في صلاة الفجر

- ‌باب في بيان فضل صلاة الفجر في الجماعة

- ‌باب طول القراءة في الصلاة وما يستحب من التخفيف

- ‌باب بيان حكم صلاة المغرب وتر صلاة النهار

- ‌باب في بيان أحكام صلاة الوَتْر

- ‌باب الوتر على الدابة

- ‌باب تأخير الوتر

- ‌باب في بيان حكم السلام في أثناء الوتر

الفصل: ‌باب في بيان أحكام صلاة العيدين وبيان أمر الخطبة

قال: والله ما نعلم كل ما تسألونا عنه، ولو علمنا ما كتمناه، ولا يحل لنا أن نكتم، ولأن يعيش الرجل جاهلًا بعد أن يعرف حق الله تعالى، خيرٌ له من أن يقول ما لا يعلم.

وقال له أعرابي: أنت أعلم أم سالم، أي: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: ذاك منزل بنا، لم يزده عليها، كره أن يقول: هو أعلم مني فيكذب، أو يقول: أنا أعلم منه فيزكي نفسه. واجتمعوا عليه في صَدَقَةٍ قسَّمها وهو يصلي، فجعلوا يتكلمون، فقال ابنه: والله ما نال منها درهمًا ولا دانقًا؛ فأوجز في صلاته، ثم قال: يا بني قل فيما تعلم، وصدَّق ابنه، ولكنه أراد تأديبه في المنطق وحفظه.

وقال لابنه حين مات: سن عليَّ التراب سنًا، وسوي عليَّ قبري، والحق بأهلك وإياك أن تقول كان. وهو كان في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة كما قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي من علماء الحنبلية في (طبقاته).

لما فرغ من بيان صلاة الجمعة شرع في بيان صلاة العيدين، وأمر الخطبة فيهما، فقال: هذا

* * *

‌باب في بيان أحكام صلاة العيدين وبيان أمر الخطبة

أي: حكمها، قدم باب صلاة الجمعة على باب صلاة العيدين لشرفها؛ فإن صلاة الجمعة فرض بدليل قطعي، وصلاة العيدين واجبة بدليل ظني، سُمي عيدًا؛ لأن لله تعالى عوائد الإِحسان إلى عباده، أو لأنه يعود ويتكرر كل عام، أو لأنه يعود بالفرح والسرور، وهو من الأسماء الغالبة على يوم الفطر والأضحى، وجمعه: أعياد، وقياسه أن يقال: أعواد؛ لأنه من العود لكن جمع بالياء فرقًا بينه وبين العَوْد؛ فإنه يجمع على عيدان وعود الله، فإنه يجمع على أعواد، ووجه المناسبة بين صلاة العيدين وصلاة الجمعة؛ لأن كلًا منهما صلاة نهارية، وتؤديان بالجمع العظيم، ولكون القراءة فيهما جهرًا، ويشتركان أيضًا في حق التكليف، وفي إضافة الصلاة إلى العيدين تعظيم لشأن صلاة العيدين، كما عظم الله تعالى بعباده بإضافتهم إلى نفسه، حيث قال في سورة الزمر:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية [الزمر: 53].

ص: 450

وكانت صلاة عيد الفطر في السنة الأولى من الهجرة كما رواه أبو داود مسندًا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، قال:"ما هذان اليومان؟ "، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ق 230):"إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر"، كذا نقلناه في (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح ونجاة الأرواح).

232 -

أخبرنا مالك، أخبرنا الزهري، عن أبي عُبَيْد مَوْلى عبد الرحمن، قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب، فصلى ثم انصرف، فخطب فقال: إن هذين اليومين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما، أحدهما يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون من لحوم نُسُككُم، قال: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفَّان، فجاء فصلى، ثم انصرف فخطب، فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحبّ من أهل العَاليَة أن ينتظر الجمعة فلينتظرها؛ ومن أحب أن يرجع فليرجع، فقد أذنت له، فَقَال: ثم شهدت العيد مع عليّ وعثمان محصورٌ، فصلى ثم انصرف فخطب.

• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، كان في الطبقة السابعة من طبقات كبار أتباع التابعين من أهل المدينة في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: أخبرنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا الزهري، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ويُكنى أبا بكر، تابعي ثقة، في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، عن أبي عُبَيْد بضم العين، اسمه سعد، بسكون العين ابن عبيد الزهري، تابعي كبير، من رجال الجميع، ويقال له: أدريك، مَوْلى عبد الرحمن بن أزهر بن عوف الزهري، المدني، صحابي صغير، مات قبل الحرة، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف.

(232) صحيح، أخرجه: البخاري (1990)، ومسلم (1137)، وأبو داود (2416)، والترمذي (771)، والنسائي في الكبرى، كما في التحفة (8/ 120)، وابن ماجه (1722)، وابن أبي شيبة (3/ 103)، والبيهقي في الكبرى (4/ 297).

ص: 451

قال ابن عبد البر: وفي البخاري.

قال ابن عيينة: من قال مولى ابن أزهر فقد أصاب، ومن قال: مولى عبد الرحمن بن عوف فقد أصاب، لاحتمال أنهما اشتركا في ولاية، أو أحدهما على الحقيقة والآخر على المجاز، بملازمته أحدهما للخدمة، أو للأخذ عنه، أو انتقاله من ملك أحدهما إلى ملك آخر، وجزم الزبيري بأنه مولى عبد الرحمن بن عوف، فعليه فنسبته إلى ابن أزهر هي المجازية، ولعلها بسبب انقطاعه بعد موت ابن عوف.

قال: أي: أبي عبيد مولى عبد الرحمن، شهدتُ العيد أي: حضرت يومه مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فصلى زاد عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: قبل أن يخطب بلا أذان ولا إقامة، ثم أي: بعد صلاة العيد انصرف فخطب أي: بالناس كذا في (الموطأ) لمالك، زاد عبد الرزاق فقال: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاثة أيام فلا تأكلوا بعد هذا.

قال أبو عمر: أظن مالكًا إنما حذف هذا؛ لأنه منسوخ، كذا قاله الزرقاني (1).

فقال: إن هذين اليومين فيه تغليب؛ فإن الغائب يشار إليه بذاك، فلما أن جمعهما بلفظ غلب الظاهر على الغائب، فقال:"هذان يومان"، كذا في نسخة، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما، نهي تحريم، يوم أي: بالرفع إما على أنه خبر مبتدأ محذوف أحدهما أو على البدل من يومان ومضاف إلى فطركم من صيامكم، وهو: أي أوله والآخر يوم تأكلون من لحوم نُسُككُم، أي: أضحيتكم، وهو أي: يوم تأكلون فيه عيد الأضحى، ولا يبعد أن يراد به ما بعده من أيام التشريق، وقد روى الشيخان عن عمرو عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما قالا: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر، لئلا يمتنع المؤمنون عن ضيافة الله تعالى، وهو إثم. كذا في (مراقي الفلاح). قال أبو عمر: فيه أن الضحايا نسك وأن الهدي منها مستحب كهدي التطوع إذا بلغ محله؛ قال تعالى في سورة الحج: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] انتهى.

ووصف اليومين إشارة إلى العلة في وجوب فطرهما، وهي الفصل من الصوم

(1) في شرحه (1/ 514).

ص: 452

وإظهار تمامه وحده بفطر ما بعده، (ق 231) والآخر النسك المتقرب بذبحه فيؤكل منه، ولو شُرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى، فعبر عن علة التحريم بالأكل من النسك لا يستلزم النحر، كذا قاله الزرقاني.

قال: أي: أبو عبيد، كما في (الموطأ) لمالك: ثم شهدت العيد أي: حضرت يومه مع عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، فجاء فصلى، أي: صلاة العيد، وفي نسخة، فجاء ثم أي: بعد صلاة العيد ثم انصرف فخطب، أي: الناس، فقال: أي: عثمان في خطبته، أي: في وعظه إنه أي: الشأن قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، أي: أحدهما: الجمعة، وقد ورد أن يوم الجمعة يوم عيد، فمن أحبّ من أهل العَاليَة، وهي قرى بظاهر المدينة قدر نصف الفرسخ، وهي العوالي، أن ينتظر الجمعة أي: صلاة الجمعة فلينتظرها؛ أي: صلاة الجمعة حتى يصليها، ومن أحب أن يرجع أي: إلى منزله فليرجع، فقد أذنت له، أي: يجوز له أن يخرج قبل دخول وقت الجمعة، وليس على أهل القرى الجمعة، فَقَال: أي: أبو عبيد، كما في (الموطأ) لمالك، وفي نسخة قال: ثم شهدت العيد أي: حضرت يوم العيد، مع عليّ رضي الله عنه، والحال أن عثمان رضي الله عنه محصورٌ.

قال ابن إسحاق: لما كان مدة خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، اثنتي عشرة سنة على قول وقعت الغزوات واتسعت الدنيا على الصحابة وكثرت الأموال حتى كان الفرس الواحد يستوي بمائة ألف درهم، حتى كان البستان يباع بالمدينة يباع بأربعمائة ألف درهم، وكانت المدينة عامرة كثيرة الخيرات والأموال والناس، يُجبى إليها خراج الممالك، وهي دار الأمان، وقبة الإِسلام، فبطر الناس بكثرة الأموال والخيل والنعم، وفتحوا الأقاليم الدنيا، واطمأنوا وتفرعوا، ثم أخذوا ينقمون على خليفتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، لكونه يعطي المال لأقاربه ويوليهم الولايات الجميلة، فتكلموا فيه، وكان قد صار له أموال عظيمة، وله ألف مملوك قال بهم الأمر، إلى أن قالوا: هذا ما يصلح للخلافة، وهموا بعزله، وساروا أيامًا، وكانوا رؤوس شعر وأهله.

وفي سيرة مغلطاي: حاصره الكوفيون وعليهم الأشرف النخعي والمصريون في داره، وعبد الرحمن بن عديس وعمر بن الأحمق، وسودان بن حمران، ومحمد بن أبي بكر الصديق، وروي عن عبد الله بن سلام أنه قال: لما حوصر عثمان في داره ولى أبا هريرة على الصلاة، وكان ابن عباس يصلي أحيانًا؛ وأقام للناس في الحج في ذلك العام

ص: 453

عبد الله بن عباس وكان عثمان قد حج عشر حجج متواليات، خَرَّجه القعنبي.

وقال الواقدي: حاصروه تسعة وأربعين يومًا.

وقال الزبير: حاصروه شهرين وعشرين يومًا، وهو في الدار في ستمائة رجل، ثم دخلوا من دار أبي حزم الأنصاري، فضربه سيّار بن عياض الأسلمي بمشقص - أي بنصل طويل - في وجهه، فسال الدم على مصحف في حجره على آية في قوله تعالى في سورة البقرة:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]. فذبحوه في بيته وهو شيخ كبير ابن ثلاث وثمانين سنة (ق 232) ، وكان ذلك أول وهن ثَمَّ على الأمة بعد نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، فقتلوه يوم الجمعة ثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، كذا نقله صاحب الخميس من التاريخ عن (الاستيعاب)، فاطلب تفصيلها فيه.

فصلى ثم انصرف فخطب، فهذا يدل على أن خطبة العيد بعد صلاتها بخلاف الجمعة؛ لأن الخطبة شرط لها، وشرط الشيء مقدم عليه، فلو صلى الجمعة ثم قرأ خطبتها لا تصح، كذا في مجمع الأنهر.

* * *

233 -

أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب الزهري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة، وذكر أن أبا بكر وعمر كانا يصنعان ذلك.

قال محمد: وبهذا نأخُذُ، إنما رخّص عثمان في الجمعة لأهل العَاليَة، لأنهم ليسوا من أهل المِصْرِ. وهو قولُ أبي حنيفة.

• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام من أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي من الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، أخبرنا ابن شهاب أي:

(233) إسناده ضعيف لإرساله، وهو في الموطأ برواية يحيى (178)، وبرواية محمد بن الحسن (233).

ص: 454

محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، تابعي من الطبقة الرابعة، من أهل المدينة، وفي نسخة: قال: ثنا، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى، أي: في غير منى، إذ لا صلاة فيهما قبل الخطبة، هذا حديث مرسل متصل من وجوه، كما أخرجه الشيخان (1) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الفطر والأضحى ثم يخطب بعد الصلاة، ولهما عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وذكر أي: ابن شهاب الزهري أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يصنعان ذلك، أي: ما ذكر من الترتيب، فلا يكون منسوخًا، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: شهدتُ العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة.

واختلف في أول من غَيَّر ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وفي ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم، أي: على العادة - فرأى ناسًا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي: يخطب قبل الصلاة، وهذه العلة غير الذي اعتل بها مروان؛ لأن عثمان رضي الله عنه راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، أما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم سب من لا يستحق السب، والإِفراط في مدح بعض الناس، فقيل: هذا إنما راعى مصلحة نفسه، ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانًا بخلاف مروان، فواظب عليه، فلذا نسب إليه.

ورُوي عن عمر مثل فعل عثمان، كذا قاله الزرقاني (2).

قال محمد: وبهذا أي: بهذا الحديث، كله، أي: بكل ما عمله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما نأخُذُ، أي: نعمل ونفتي، إنما رخّص عثمان رضي الله عنه في الجمعة لأهل العَاليَة، وهي اسم موضع في جهة الشرق من المدينة، مسافته إلى المدينة خمسة أميال أو ستة، كما قيل، حيث قال لهم عثمان: من أحب من أهل العالية أن ينتظر صلاة الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع إلى منزله فليرجع فقد أذنت له (ق 233) أن

(1) البخاري (914)، ومسلم (1961).

(2)

في شرحه (1/ 513).

ص: 455