الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما فرغ من بيان أحكام القراءة في الصلاة خلف الإِمام شرع في بيان حال الرجل الذي سبق بعض الصلاة، فقال: هذا.
* * *
باب الرجل يسبق ببعض الصلاة
بيان حال الرجل الذي يُسْبَق ببعض الصلاة بصيغة المجهول، أي: يصير الرجل مسبوقًا ببعض صلاة الإمام؛ بأن فاته من أولها شيء.
128 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع: أن ابن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإِمام التي يُعْلنُ فيها بالقراءة، فإذا سلم الإِمام قام ابنُ عُمر، فقرأ لنفسه، فيما يقضي.
قال محمد: وبهذا نأخُذُ لأنه يَقضي أول صلاته، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة: محمد أخبرنا مالك، أي: مالك بن أنس، بن عامر بن عمير الأصبحي، من كبار أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من الطبقات السبعة (1) من أهل المدينة، كما قاله أبو الفرج بن الجوزي، من علماء الحنابلة في (طبقاته). أخبرنا، وفي نسخة: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: عن بدل أخبرنا نافع، وهو مولى عبد الله بن عمر، ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة عشرة ومائة (2)، أن ابن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإِمام التي يُعْلنُ فيها بالقراءة، بصيغة المجهول والموصول صفة الصلاة، والظاهر أنه قيد اتفاقي (ق 120)، فإذا سلم أي: الإِمام قام ابنُ عُمر، فقرأ لنفسه، فيما يقضي، أي: يؤدي بقية صلاته.
قال محمد: وبهذا نأخُذُ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن ابن عمر؛ لأنه يَقضي
(128) أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه (3170)، والمدونة (1/ 97) وهب عن مالك.
(1)
انظر: التقريب (2/ 565)، وصفة الصفوة (2/ 177).
(2)
انظر: التقريب (2/ 619).
أول صلاته، أي: في حق القراءة، ويقضي آخرها في حق التشهد، فلو أدرك مع الإِمام ركعة من صلاة المغرب، فإنه يقرأ الركعتين بالفاتحة والسورة، ولو ترك القراءة في أحدهما فسدت صلاته، وعليه أن يقضي ركعة بتشهد؛ لأنها ثانية، ولو ترك التشهد جاز استحسانًا لا قياسًا، ولو أدرك ركعة من الرباعية، فعليه أن يقضي ركعة، ويقرأ الفاتحة والسورة ويتشهد؛ لأنه يقضي الأخرى في حق التشهد، ويقضي ركعة كذلك، ولا يتشهد في الثالثة، يتخير والقراءة أفضل، كذا ذكره ابن الهمام في (شرح الهداية)، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله تعالى.
وقال مالك في المشهور عنه: آخرها، وقال الشافعي: هو أولها فعلًا وحكمًا، فيعيد القنوت في الباقي، وعن أحمد: روايتان.
* * *
129 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا جاء إلى الصلاة فوجد الناس قد رفعوا من رَكْعَتِهِمْ سجد معهم.
قال محمد: وبهذا نأخُذُ، ويسجد معهم ولا يَعتدُّ بها، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا نافع، وفي نسخة: عن بدل أخبرنا عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان إذا جاء إلى الصلاة أي: صلاة الجماعة في المسجد، فوجد الناس أي: الإِمام والقوم قد رفعوا أي: رؤوسهم من رَكْعَتِهِمْ أي: من ركوعهم سجد معهم، أي: ولم ينظر قيامهم.
قال محمد: وبهذا نأخُذُ، أي: نعمل ونفتي، ويسجد أي: المقتدي معهم، أي: مع القوم استحبابًا، ولا يَعتدُّ بها، أي: لا يحسب تلك السجدة، حيث لم يدرك الركوع مع الإِمام، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
* * *
(129) سنده صحيح.
130 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا وجد الإِمام قد صلى بعض الصلاة يُصلي مَعَهُ ما أدرك من الصلاة، إن كان قائمًا قام، وإن كان قاعدًا قعد، حتى يقضيَ الإِمامُ صلاته، لا يخالفُهُ في شيء من الصلاة.
قال محمد: وبهذا نأخُذُ، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخبرنا نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا وجد الإِمام قد صلى بعض الصلاة يُصلي مَعَهُ ما أدرك من الصلاة، أي: قليلًا أو كثيرًا، أو في أي حالة يكون الإِمام، إن كان قائمًا قام، أي: معه، وإن كان قاعدًا ولو في التشهد الأخير، قعد أي: قعد معه لإِدراك فضيلة الجماعة حتى يقضيَ الإِمامُ صلاته، أي: ويفرغ الإِمام عنها بتسليمة، لا يخالفُهُ أي: إمامه في شيء من الصلاة، أي: لا بالمسابقة ولا بالمفارقة.
قال محمد: وبهذا أي: المذكور، نأخُذُ، أي: نعمل ونُفتي، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
وسبب كون المسبوق يقضي بعد فراغ الإِمام ما روى أحمد (1) عن معاذ بن جبل قال: كانوا يأتون الصلاة، وقد سبقهم ببعضها النبي صلى الله عليه وسلم فكان الرجل يشير إلى الرجل، إذا جاءكم صلى، فيقول: واحدة أو اثنين فيصلها، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم.
قال فجاء معاذ، فقال: لا أجده على حال - أبدًا - إلا كنت عليها، ثم قضيت ما سبقني، قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها، فثبت معه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد سن لكم معاذ، وهكذا فاصنعوا.
* * *
(130) أخرجه البيهقي في الكبرى (3435) عن شعيب بن أبي حمزة عن نافع.
(1)
أخرجه: أبو داود (506)(507)، وأحمد (21107).
131 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك الصلاة".
قال محمد: وبهذا نأخُذُ، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد أخبرنا مالك؛ أي: ابن أنس بن عامر بن عمير الأصبحي من كبار أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من الطبقات السبعة من أهل المدينة، كما قاله أبو الفرج بن الجوزي، من علماء الحنابلة في (طبقاته)(1).
أخبرنا ابن شهاب؛ أي: الزهري، وفي نسخة: أخبرني بالإِفراد، وفي نسخة أخرى: عن ابن شهاب، وهو محمد بن مسلم بن (ق 121) شهاب الزهري، يُكنى أبا بكر من الطبقة الرابعة، من الطبقات السبعة من أهل المدينة، قال مالك بن أنس: أدركت فقيهًا محدثًا غير واحد قيل: من هو؟ قال: ابن شهاب الزهري.
وقال أيوب: ما رأيتُ أحدًا أعلم من الزهري. وقيل لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وأكثرهم فقهًا وأعلمهم بما مضى من أمر الناس.
قال عمرو بن دينار: ما رأيتُ أحدًا أهون عليه الدينار والدرهم من ابن شهاب، وما كانت عنده إلا مثل البعوضة، وكان يعطي من سأله، حتى إذا لم يبق معه شيء تسلف من أصحابه، فلا يزالون يسلفونه حتى إذا لم يبق معهم شيء، تسلف من عبيده؛ فيقول: أي فلان، أسلفني وأضعف مالك، كما تعلم فيسلفونه، كما قاله أبو الفرج ابن الجوزي في (طبقاته)(2).
(131) أخرجه: البخاري (580)، ومسلم (607)، وأبو داود (412)، والترمذي (186)، (524)، والنسائي (515)، وابن ماجه (1122)، وأحمد (7242)، والدارمي (7175)، ومالك (15).
(1)
تقدم.
(2)
انظر: صفة الصفوة (2/ 136).
عن أبي سلمة، قيل: اسمه كنيته، وقيل: عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرحمن، أي: ابن عوف الزهري، المدني، ثقة فقيه، كثير الحديث، ولد سنة بضع وعشرين، ومات أربع وتسعين أو أربع ومائة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أدرك من الصلاة أي: مع صلاة الإِمام ركعة، فقد أدرك الصلاة".
زاد النسائي: كلها إلا أنه يقضي ما فاته، وبهذه الزيادة اتضح معنى الحديث، إذ ظاهره بدونها متروك بالإِجماع؛ لأنه لا يكون بالركعة الواحدة مدركًا لجميع الصلاة، بحيث تبرء ذمته منها، فإذن فيه إضمار تقديره، فقد أدرك وقت الصلاة، أو حكم الصلاة ونحو ذلك، ويلزمه إتمام بقيتها، والمراد بحكم الصلاة ما يفوته الإِمام من سهوه.
وقيل: فضل الجماعة، كما قاله الزرقاني (1).
قال الحافظ مغلطاي: وإذا حملناه على إدراك فضيلة الجماعة، فهل يكون ذلك مضاعفًا لمن حضرها من أولها، أو غير يكون غير مضاعف؟ قولان، وإلى التضعيف. ذهب أبو هريرة وغيره من السلف.
وقال عياض: يدل على المراد فضل الجماعة.
رواية ابن وهب عن يونس، عن الزهري، من زيادة قوله: مع الإِمام، وليس هذه الزيادة في حديث مالك وغيره عنه.
قال محمد: أي: ابن حسن الشيباني، وبهذا أي: المذكور نأخُذُ، أي: نعمل ونُفتي، وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة رحمه الله، هذا الحديث مقدم على ما سبق.
وفي نسخة أخرى: رواه أصحاب الكتب الستة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة".
قال عبد الرحمن بن قرش في (شرح المشارق) للإِمام الصنعاني، وهذا محتاج إلى التأويل؛ لأن مدرك ركعة، لا يكون مدركًا لكل الصلاة إجماعًا، وقيل: تقديره: فقد أدرك وجوب الصلاة. أي: من لم يكن أهل الصلاة، وكذا لو أدرك قدر تحريمة فتقييده بالركعة يكون على الغالب؛ لأن ما دونه لا يعرف قدره.
(1) انظر: شرح الزرقاني (1/ 43).
وقيل: تقديره: فقد أدرك فضيلة، أي: من كان مسبوقًا وأدرك (ق 122) ركعة مع الإِمام، فقد أدرك فضيلة الجماعة، وعلى هذا قيد ركعة يكون لإخراج ما دونها.
وقيل: معنى الركعة هنا الركوع، ومعنى الصلاة الركعة إطلاقًا للكل على الجزء، أي: من أدرك الركوع مع الإِمام، فقد أدرك تلك الركعة، كذا قاله علي القاري.
* * *
132 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: إذا فاتتْك الركعةُ فقد فاتتْك السجدة.
قال محمد: من سجد السجدتين مع الإِمام لا يَعتد بهما، فإذا سلم الإِمام قضي ركعة تامّةً بسجدتيها. وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، وفي أخرى: محمد أخبرنا مالك بن أنس بن عامر بن عمير الأصبحي، من كبار أتباع التابعين، ومن الطبقة السابعة من الطبقات السبعة من أهل المدينة (1).
أخبرنا نافع، وفي نسخة: عن مكان أخبرنا، وفي نسخة أخرى: أخبرني بالإِفراد، وهو أي: نافع، المدني مولى عبد الله بن عمر، أحد الثقات، من أشد الناس اتباعًا للأمر، مات في آخر سنة ثلاث وسبعين أو أول التي تليها (2). عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان يقول: إذا فاتتْك الركعةُ أي: الركوع مع الإِمام، فقد فاتتْك السجدة، أي: الركعة، والمعنى: فيقضي ركعة تامة بسجدتيها.
قال محمد: من سجد السجدتين وفي سجدتين مع الإِمام أي: من غير إدراك الركوع معه لا يَعتد بهما، أي: لا يعتبر بهما من الركعة، ولا يعتد بالواو، فإذا سلم الإِمام قضي أي: أدى ركعة تامّةً بسجدتيها. وهو، أي: المذكور، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
(132) أخرجه: أبو داود (3435)، ومالك (16)، (17)، والبيهقي في الكبرى (2414).
(1)
تقدم.
(2)
تقدم.