الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حماد عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه كان قاعدًا في مسجد الكوفة ومعه حذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم، فخرج عليهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو أمير الكوفة يومئذٍ، فقال: إن غدًا عيدكم فكيف أصنع؟ فقالا: أي: أمرًا بابن مسعود بأن أخبرنا يا أبا عبد الرحمن، كيف يصنع؟ فأمره عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن يصلي بغير أذان ولا إقامة، وأن يكبر في الأولى خمسًا، وفي الثانية أربعًا، وأن يوالي بين القراءتين، وأن يخطب بعد الصلاة، انتهى، وقد فصلناه في باب العيد من (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح).
لما فرغ من بيان كمية التكبير وكيفية في صلاة العيد، شرع في بيان قيام شهر رمضان، فقال: هذا
* * *
باب قيام شهر رمضان وما فيه من الفضل
أي: في بيان أحكام إحياء ليالي شهر رمضان، وما فيه أي: وبيان عمل في شهر رمضان، قوله: من الفضل، بيان بما فيه، أي: من النوافل الزوائد على الفرائض كالتراويح والتسبيح وقراءة القرآن، ورمضان: مصدر رمض إذا احترق فأضيف إليه الشهر وجعل علمًا لجميع أيام الشهر، ومنع من الصرف للعلمية، والألف والنون كما منع عثمان وسعدان، وإنما سموه بذلك إما لارتماضهم أي: لاحتراقهم فيه من حر الجوع والعطش، أو لارتماض الذنوب فيه أو لوقوعه أيام رمض الحر حينما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة. كذا قاله عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} الآية [البقرة: 185].
238 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب الزُّهري، عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في المسجد. فصلى بصلاته ناس، ثم كثروا في القَابِلَةِ، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة أو الرابعة، وكثروا، فلم يخرج إليهم
(238) صحيح، أخرجه: البخاري (1129)، ومسلم (761)، وأبو داود (1373)، والنسائي (3/ 202).
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: "قد رأيتُ الذي صنعتم البَارِحَة، فلم يمنعني أن أخرج إليكم إلا أني خَشيتُ أن يُفْرَض عليكم"، وذلك في رمضان.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام في المذهب، من كبار أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم (ق 237) الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، أخبرنا ابن شهاب أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهري، يُكنى أبا بكر، كان في الطبقة الرابعة، من أهل المدينة، عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر، أي: ابن العوام، كان في الطبقة الثانية من أهل المدينة، قال لبنيه: يا بني سلوني ولقد تركت حتى كدت أن أنسى، وإني لأُسأل عن الحديث فيفتح لي حديث يومي، واجتمع قومٌ في الحرم فقالوا: تَمنَّ، فقال: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وكان يتألف الناس على خدمته، وقال: رب كلمة ذُلّ احتملتها أورثتني عزًا طويلًا، وقال: إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة، فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أختها، وقال لبنيه: تعلموا فإنكم إن تكونوا صغار قوم عسى أن تكونوا كبراءهم، واسوأتاه ماذا أقبح من شيخ جاهل؟
وكان إذا جاء الرطب تسلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون ويحملون، وكان إذا دخل ردد هذه الآية في سورة الكهف:{وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: 39]، حتى يخرج، وكان يقرأ ربع القرآن كل يوم نظرًا في المصحف ويقوم به الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، ثم عاود الليلة (القليلة) ووقعت الأكلة في رجله فقطعت وهو صائم ولم يمسكه أحد، ولم يَحْضرَّ وجهه، ودخل أكبر ولده اصطبله ففرسته دابة وقتلته، فما أحد سمع منه شيء، حتى قدم المدينة فقال: اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذتَ واحدًا وأبقيتَ لي ثلاثة فلك الحمد، وكان لي بنون أربعة فأخذتَ واحدًا وبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وايم الله لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليتَ لطالما عافيت.
وقال له الأطباء: نسقيك شيئًا لئلا تحس، فقال: لا، شأنكم، فنشروها بالمنشار فما حرك عضوًا عن عضو، وصبر، فلما رأى القدم بأيديهم دعا بها فقبلها، ثم قال: أما والذي حملني عليك، إنه ليعلم أني ما مشيتُ بك إلى حرام قط - أو قال معصية - أو قال:
سوء - وكان يسرد الصوم، ومات وهو صائم. كذا قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي في (طبقاته).
عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى في المسجد أي: بعد صلاة العشاء في أول ليلة من رمضان على ما هو المتبادر من إطلاق الزمان، فصلى بصلاته أي: مع صلاته صلى الله عليه وسلم ناس كثير أي: مقتدون به، ثم كثروا أي: الناس من القَابِلَةِ وهي الليلة الآتية التي هي الثانية، ثم اجتمعوا أي: مع الزيادة في الليلة الثالثة أي: فيها أو الرابعة شك من الراوي، وفي رواية مالك لمسلم من رواية يونس عن ابن شهاب: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا معه، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد عن الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، ولأحمد من رواية معمر عن الزهري: امتلأ المسجد حتى اضطر (ق 238) بأهله، قاله الزرقاني.
فكثروا أي: أكثر مما كانوا فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في الليلة الرابعة.
قال ابن عبد البر: تفسير هذه الليالي المذكورات فيه بما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ثلاثةً وعشرين - أي: إلى ثلث الليل - ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أنا لا ندرك الفلاح، أخرجه النسائي (1)، والفلاح: السحور، قالوا: ما عدد ما صلى؟ ففي حديث ضعيف: أنه صلى عشرين ركعة والوتر، أخرجه ابن أبي شيبة (2) من حديث ابن عباس، وأخرجه ابن حبان (3) في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر، وهذا أصح. ذكره السيوطي.
فلما أصبح أي: النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"قد رأيتُ الذي صنعتم البَارِحَة، أي: الكثرة والمزاحمة والحرص على العبادة معي، قد فعلتم في الليلة الماضية، فلم يمنعني أن أخرج إليكم أي: بعدها إلا أني خَشيتُ أن يُفْرَض عليكم"، أي: صلاة الليل فتعجزوا عنها، كما في رواية يونس عند مسلم، ونحوه من رواية عقيل عند البخاري، أي: تشق عليكم
(1) النسائي (1/ 410).
(2)
المصنف (2/ 163).
(3)
ابن حبان (6/ 169) رقم (2409).
فتتركوها مع المقدرة عليها، وليس المراد العجز الكلي؛ لأنه يسقط التكليف من أصله، وقد استشكلت هذه الخشية مع قوله سبحانه:"هن خمس وهن خمسون، لا يبدل القول لديّ"، فإذا أمن من التبديل كيف يخاف من الزيادة؟
وأجاب الخطابي بأن صلاة الليل كانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله الشرعية تجب على الأمة اقتداءً به فيها عند المواظبة، فترك الخروج إليهم لئلا يدخل ذلك في الواجب بطريق الأمر بالاقتداء به، لا من طريق إنشاء فرض جديد زائد على الجنس، وهذا كما يوجب المرء على نفسه صلاة نذر فيجب عليه ولا يلزم زيادة فرض في أصل الشيء، وباحتمال أن الله تعالى لما فرض من الصلاة خمسين ثم حط معظمها بشفاعة نبيه، فإذا عادت الأمة فيما استوعب لها والتزمت ما استعفى لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وتبعه جماعة من الشراح، وهو مبني على وجوب قيام الليل والاقتداء بأفعاله في كل شيء، وفي كل من الأمرين نزاع.
وجواب الكرماني بأن حديث الإِسراء يدل على أن المراد الأمن من نقض شيء ولم يتعد للزيادة فيه نظر؛ لأن ذكر المضعف بقوله: هن خمس إشارة إلى عدم الزيادة أيضًا؛ لأن التضعيف لا ينقص عن العشر، ودفع بعضهم في أصل السؤال بأن الزمان قابل للنسخ فلا مانع من خشية الافتراض، وفيه نظر؛ لأن قوله: لا يبدل القول لديَّ خبر، ولا يدخله النسخ على الراجح، وليس كقوله: مثل صوموا الدهر أبدًا؛ فإنه يجوز النسخ فيه.
وقال سعيد بن زيد الباجي: قال القاضي أبو بكر: يحتمل أن يكون أوحى الله إليه أنه إن واصل الصلاة (ق 239) معهم فرضها عليهم، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن ذلك سيفرض عليهم لما جرت عادته بأن ما دام عليه على وجه الاجتماع من القرب فرض على أمته، ويحتمل أن يريد بذلك أنه خاف أن يظن أن واحدًا من أمته بعده إذا داوم عليها.
قال القرطبي: قوله: أن تفرض عليكم، أي: تظنونه فرضًا، فتجب على من ظن ذلك، كما إذا ظن المجتهد حل شيء أو حرمته فيجب عليه العمل به، وقيل: كان حكمه صلى الله عليه وسلم إذا واظب على شيء من الأعمال، واقتدى الناس به فيه، أنه يُفْرَض عليهم. انتهى.
وذلك أي: عدم خروجه صلى الله عليه وسلم إلى أن يصلي صلاة التراويح بالناس، خشية أن يفرض على أمته قيام ليالي رمضان، ثبت في رمضان.
قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ترك الجماعة في صلاة التراويح، وفي رواية ابن أبي ذئب عن الزهري: ولو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام، رواه أحمد، كذا قاله الزرقاني (1).
* * *
239 -
أخبرنا مالك، حدثنا سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهُ سأل عائشة، كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَزِيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حُسْنهنّ وطُولهنّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حُسْنهنّ وطُولهنّ، ثم يصلي ثلاثًا، قالت: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن تُوتر؟ فقال: "يا عائشة، عيناي تنامان ولا ينام قلبي".
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، حدثنا ابن أبي سعيد أي: ابن كيسان المَقْبُرِيّ، كذا في نسخة، وهو بفتح الميم، وسكون القاف، وضم الموحدة وفتحها، نسبته إلى المقبرة؛ لأنه كان مجاورًا لها، وهو تابعي ثقة، في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، عن أبي سلمة اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرحمن، أي: ابن عوف الزهري، التابعي ابن الصحابي، ثقة، مكثر، من الطبقة الثالثة من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين، أنهُ أي: أبا سلمة سأل عائشة رضي الله تعالى عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ والمراد: صلاة النافلة، قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَزِيد في رمضان ولا غيره أي: بالأولى على إحدى عشرة ركعة، بسكون الشين المعجمة وبكسرها، أي: غير ركعتي الفجر، كما في رواية القاسم عنها، وفيه أن صلاته كانت متساوية في جميع السنة، ولا ينافي ذلك حديثها، كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر من رمضان يتهجد فيه ما لا يتهجد في غيره؛ لأنه يحتمل على التطويل في الركعات دون الزيادة في العدد.
(1) في شرحه (1/ 338).
(239)
صحيح، أخرجه: البخاري (3/ 1308).
قال السيوطي لا يعارض ما رواه يحيى بن يحيى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة؛ لأن هذا محمول على أنها ختمت فيه ما كان يفتتح صلاته من ركعتين خفيفتين قبل إحدى عشرة ركعة. انتهى. ويحتمل أن يكون محمولًا على اختلاف الحالات، وما ذكرته بطريق الحصر يكون أمرًا عاديًا عندها.
وقال الحافظ ابن حجر: وأما ما رواه ابن أبي شيبة (1) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عشرين ركعة والوتر فضعيف، وقد عارض هذا (ق 240) الحديث الصحيح، مع كون عائشة أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلًا من غيرها، كذا ذكره السيوطي، ولا يبعد أنه حصل العلم من ابن عباس رضي الله عنهما من غير طريق عائشة رضي الله عنها من سائر أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، وعلى كل تقدير، فالعمل بالحديث الضعيف جائز عند الكل في فضائل الأعمال، والله أعلم بالأحوال، ويكفينا ما رواه البيهقي في (المعرفة) بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد قال: كنا نقوم زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر، فهذا كالإِجماع من غير نكير منكر في هذا الاجتماع، لا سيما وقد ورد:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدهم"، الظاهر من كلام ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي عشرين ركعة في ليالي رمضان من أولها.
وكلام عائشة مشيرًا إلى صلاة التهجد يصلي أربعًا، ظاهره أنه بسلام واحد فلا تسأل عن حُسْنهنّ أي: في الكيفية وطُولهنّ أي: لأنه لا يمكن وصفها، والفاء جواب الشرط محذوف تقديره: إذا سألت أبا سلمة عن كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم وكميتها فلا تسأل عن حُسنهن؛ لأنهن من كمال كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم وكميتها، فلا تسأل الحسن والطول، تستغن لظهورهن عن السؤال، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حُسْنهنّ أي: في الكيفية وطُولهنّ أي: في الكمية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثمان ركعات في المرتين، لا يعتبر أحد بحسنهن، يعني أربع ركعات في الطول والحسن، ثم أربعًا كذلك، وترتيب القراءة ونحو ذلك، فلا ينافي أنه يجلس في كل ركعتين ويسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى"، ومحال أن يأمر بشيء ويفعل خلافه، كذا في (التمهيد).
(1) ضعيف، تقدم قريبًا.
ثم يصلي ثلاثًا، أي: ثلاث ركعات، الوتر غير فصل، كما هو الظاهر، قالت: أي: عائشة - كما في (الموطأ) لمالك - فقلت: يا رسول الله أتنام بهمزة الاستفهام الإِخباري؛ لأنها لم تعرف النوم قبل الوتر، مع أنه واجب يخاف فوته بالنوم قبل أن تُوتر؟ فإنه لا ينام حتى يوتر، وكان مقررًا عندها أن لا نوم قبل الوتر، فأجابها صلى الله عليه وسلم بأنه ليس كغيره، فقال:"يا عائشة، عيناي تنامان ولا ينام قلبي".
قال النووي: هذا من خصائص الأنبياء عليهم السلام. انتهى.
لأن القلب إذا قويت حياته لا ينام إذا نام البدن، ولا يكون ذلك إلا للأنبياء عليهم السلام، كما قال صلى الله عليه وسلم:"إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا"، ولذا قال ابن عباس وغيره من العلماء: وبالأنبياء وحي ولو سلط النوم على قلوبهم كانت رؤياهم كرؤيا سواهم، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ، ثم يصلي ولا يتوضأ؛ لأن الوضوء إنما يجب بغلبة النوم على القلب، لا على العين ولا يعارض نومه بالوادي ليلة التعريس؛ لأن رؤية الفجر بالعين لا بالقلب. قال ابن عبد البر (1): وفي هذا الحديث تقديم وتأخير؛ لأن السؤال بعد ذكر الوتر، ومعناه بأنه كان ينام قبل صلاته، وهذا يدل على أنه كان يقوم ثم ينام ثم يقوم ثم ينام ثم يقوم فيوتر، ولذا جاء الحديث: أربعًا ثم (ق 241) أربعًا، ثم ثلاثًا، أظن ذلك والله أعلم.
ومن أجل ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان ينام بينهن، فقالت: أربعًا ثم أربعًا، تعني بعد النوم، ثم ثلاثًا بعد النوم، ولذا قالت: أتنام قبل أن توتر؟ وقد قالت أم سلمة: كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما ينام، ثم ينام قدر ما صلى. الحديث.
يعني فهذا شاهد لحمل خبر عائشة رضي الله عنها على ما ذكره، وأخرجه البخاري في الصلاة عن عبد الله بن يوسف، وفي الصلاة عن إسماعيل، وفي الصفة النبوية عن القعنبي، ومسلم عن يحيى، وأصحاب السنن الثلاثة عن قتيبة، وعن طريق ابن القاسم، وابن مهدي، والترمذي من طريق معن الثانية عن مالك به، كذا قاله الزرقاني (2).
* * *
(1) في التمهيد (21/ 72).
(2)
الزرقاني في شرحه (1/ 353).
240 -
أخبرنا مالك، حدثنا الزُّهريّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُرَغِّب الناس في قيام رمضان، من غير أن يأمر بعَزيمة، فيقول: مَنْ قام رمضان إيمانًا واحْتسَابًا غُفرَ له ما تقدَّم من ذنبه. قال ابن شهاب: فَتُوفِيَ النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر في خلافة أبي بكر وصَدْرًا من خلافة عمر على ذلك.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من أتباع التابعين في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، حدثنا الزُّهريّ، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، التابعي، كان في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، وفي نسخة: قال: ثنا، عن أبي سلمة قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، ثقة، مكثر، تابعي ابن صحابي، كان في الطبقة الثالثة من أهل المدينة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال)(1)، وفي نسخة الشارح تبع (بالموطأ) لمالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُرَغِّب الناس بضم الياء التحتية، وفتح الراء المهملة، وتشديد الغين المعجمة المكسورة، أي: يحثهم في قيام رمضان، أي: في قيام لياليه بالعبادة، أمر استحباب لطلب زيادة الثواب، من غير أن يأمر بعَزيمة، أي: لا يأمرهم أمر إيجاب، بل أمرهم أمر ندب وترغيب، وفسره بصيغة الترغيب والندب دون الإِيجاب بقوله: فيقول: مَنْ قام رمضان.
قال ابن عبد البر: رواة (الموطأ) على هذا اللفظ، وأما أصحاب ابن شهاب فاختلفوا، ورواه مالك ومعمر وقريش وأبو أويس، كذلك رواه ابن عيينة وحده عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ:"من صام رمضان"، انتهى، والحديث بلفظ:"من صام" رواه أحمد وأصحاب الكتب السنة عن أبي هريرة، وبلفظ:"من قام" الشيخان والأربعة، وقد ورد بالجمع بينهما ومن الصحيحين.
(240) صحيح، أخرجه: البخاري (1/ 22)، (2/ 707)، ومسلم (1/ 523).
(1)
التقريب (1/ 645).
قال النووي: المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، وقال غيره: قيل: مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل، كذا ذكره السيوطي، والأظهر أن المراد بالقيام إحياء الليل بالعبادة، أعم من أن يكون صلاة، أو طواف الكعبة، أو تلاوة القرآن، وغير ذلك من أنواع العبادات، وأصناف الطاعات، الشاملة للعلوم النافعة.
إيمانًا أي: تصديقًا بسنته، واحْتسَابًا أي: طلبًا لثواب الآخرة، لا لرياء ونحوه مما يخالف الإِخلاص، (ق 242) ونصبهما على المصدر أو الحال، وعلى العلة، كذا نقله علي القاري عن السيوطي، غُفرَ له بصيغة المجهول، ما تقدَّم من ذنبه، أي: ذنبه المتقدم، "فمن" للبيان لا للتبعيض، أي: الصغائر لا الكبائر، كما قطع إمام الحرمين والفقهاء، وعزاه عياض لأهل السنة، وجزم ابن المنذر بأنه يتناول بهما.
وقال الحفاظ: إنه ظاهر الحديث.
وقال ابن عبد البر: اختلف فيه العلماء فقال قوم: يدخل فيه الكبائر، وقال الآخرون: لا تدخل فيه لكن لا بد من أن يقيد بما لا يمكن تداركه من حقوق الله، ومن حقوق العباد، وألا يترتب عليه كثير من الفساد لأرباب العناد، كذا قاله علي القاري.
وقال الزرقاني (1): وقد ورد في غفر أن ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد، واستُشكِل بأن المغفرة تستدعي سبق ذنب المتأخر من الذنوب، ولم يأت بعد فكيف يغفر؟ وأجيب بأن ذنوبهم تقع مغفورة، وقيل: هو كناية عن حفظ الله تعالى بعباده في المستقبل عن الذنوب، كما قيل في قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم" انتهى.
لكن ثبت أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر، فإذا كانت الفرائض لا تكفرها فأولى قيام الليل من شهر رمضان، وهو سنة، وأجيب بأن المكفر ليس قيام الليل هو فعل العبد، بل فضل من الله تعالى، والذي يظهر لي والمراد بالكبائر فيما ثبت من الحديث أكبر الكبائر، وهو الكف، أو المراد بالكبائر هي مطلق الكبائر، والمطلق ينصرف إلى الكمال، والكامل في الكبائر هو المكفر كما فصلناه في باب التأمين.
(1) في شرحه (1/ 337).
قال ابن شهاب: فَتُوفِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي نسخة: النبي صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، أي: وحال الناس على ما كانوا عليه في زمنه صلى الله عليه وسلم من ترك الناس الجماعة في صلاة التراويح، يعني لا يجتمعون على إمام يصلي بهم التراويح، خشية أن تفرض عليهم، ويصح أن يكون معناه لا يصلون إلا في بيوتهم، ويصلي الواحد منهم في المسجد، ويصح أن يكونوا لم يجتمعوا على إمام واحد، ولكنهم كانوا يصلون متفرقين، في رواية ابن أبي ذئب عن الزهري: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام، رواه أحمد، وأدرج معمر قول ابن شهاب في نفس الخبر، رواه الترمذي، وما رواه ابن وهب عن أبي هريرة رضي الله عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الناس يصلون على ناحية المسجد، فقال:"ما هذا؟ " فقيل: ناس يصلي بهم أبي بن كعب، فقال:"أصابوا، ونعم ما صنعوا"، ذكره ابن عبد البر، ففيه مسلم بن خالد وهو ضعيف، والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب، كذا قاله ابن حجر. وقال سعيد بن زيد الباجي - المالكي: هذا مرسل من ابن شهاب. ثم كان الأمر أي: الحال في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وصَدْرًا من خلافة عمر أي: ابن الخطاب رضي الله عنه، بنصب صدرًا عطف على (ق 243) خبر كان، وفي نسخة بخفضه عطف على خلافه، على ذلك أي: على ترك الجماعة في صلاة التراويح.
قال النووي (1): أي استمر الأمر على هذه المدة، على أن كل واحد يقوم رمضان في بيته منفردًا.
* * *
241 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر، عن عبد الرحمن بن عبد القَاريّ، أنَّه خرج مع عمر بن الخطاب ليلةً في رمضان، فإذا الناس أوْزَاع متفَرِّقُون، يصلي الرجل فيصلي بصلاته الرَّهْط، فقال عمر: والله إني لأَظُنّني لو جَمَعْتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمَثَلَ، ثم عَزَم
(1) في شرحه على مسلم (6/ 40).
(241)
إسناده صحيح.
فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلةً أخرى والناس يصلُّون بصلاة قارئهم، فقال: نعْمَت البِدْعَة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون فيها، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوَّله.
قال محمد: وبهذا كلّه نأخذ، لا بأس بالصلاة في شهر رمضان، أن يُصَلِّي الناس تَطَوُّعًا بإمام، لأن المسلمين قد أجْمَعُوا على ذلك ورَأوْهُ حَسَنًا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح".
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من كبار أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، التابعي، في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر أي: ابن العوام، من التابعين في الطبقة الثانية من أهل المدينة، عن عبد الرحمن بن عبد الله بالتنوين القَاريّ، بتشديد الياء نسبة إلى "قارة" بطن من خزيمة بن مدركة المدني عامله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على بيت المال، يقال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره العجلي في ثقات التابعين، واختلف قول الإِمام الواقدي فيه قال تارة: له صحبة، وتارة: إنه تابعي، مات سنة ثمانين، كذا قاله الزرقاني، أنَّه خرج مع عمر بن الخطاب ليلةً في رمضان، أي: إلى المسجد النبوي، فإذا الناس الفاء للمفاجأة أوْزَاع بفتح الهمزة وسكون الواو فألف وعين مهملة، أي: جماعات متفَرِّقُون، نعت لفظي أو تأكيد مثل نفخة واحدة؛ لأن الأوزاع الجماعات المتفرقة لا واحد له من لفظه.
قال ابن عبد البر: وهم القرون، قال تعالى في سورة المعارج:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37]، وفي الحديث:"ما لي أراكم عزين"(1) رواه الإِمام أحمد في مسنده، وذكر ابن فارس والجوهري أن الأوزاع الجماعات، ولم يقولوا متفرقين، فعليه يكون النعت للتخصيص، أراد أنهم كانوا يتنفلون في المسجد بعد صلاة العشاء متفرقين،
(1) أحمد (5/ 93، 101، 107).
يصلي الرجل أي: لنفسه، بيان لما أجمله أولًا، من قوله:(أوزاع) فيصلي بصلاته الرَّهْط، بفتح الراء المهملة، وسكون الهاء والطاء: الكثير ما دون العشرة من الرجال، ورهط الرجل قومه وقبيلته، والجمع راهط، كذا قاله صاحب الأختري، فقال عمر أي: ابن الخطاب: والله إني لأَظُنّني أي: لأحسب نفسي، وليحيى: والله إني لأدرى بضم الهمزة، أي: لأظنني لو جمَعْتُ هؤلاء أي: الأوزاع والجماعات على قارئ أي: على رجل واحد يقرأ القرآن ليكون إمامًا لهم لكان أي: أمرهم أو جمعهم أَمَثَلَ أي: أفضل وأكمل؛ لأنه أنشط الكثير من المصلين. قال سعيد بن زيد الباجي - من المالكية - وابن التين وغيرهما: استنبط عمر بن الخطاب ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي، وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يُفرض عليهم، فلما مات صلى الله عليه وسلم أمن ذلك.
وقال ابن عبد البر (1): لم يسن عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ (ق 244) رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]، فلما أمن عمر رضي الله عنه من ذلك أقامها، وأحياها في سنة أربعة عشرة من الهجرة، ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم من ذلك قوله:"إن الله فرض عليكم رمضان، وسننتُ لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه"، ثم عَزَم أي: جزم وتيقن بعد ما حسب وظن، فجمعهم على أبي بن كعب، أي: جعله إمامًا لهم.
قال الحافظ ابن حجر (2): وكان اختياره عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"(3)، وقد قال عمر: أقرؤنا أُبيّ، وكان تميم الداري يصلي بالنساء، وقيل: سليمان بن أبي حثمة، قال ابن حجر (4): ولعل ذلك كان في وقتين، كذا نقله علي القاري عن السيوطي. قال: أي: عبد الرحمن بن عبد القارئ: ثم خرجت معه أي: مع عمر ليلةً أخرى والناس أي: والحال أن الناس يصلُّون بصلاة قارئهم، أي: مع إمامهم المذكور، وهو صريح في أن عمر كان لا يصلي معهم؛ لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته، ولا سيما
(1) انظر شرح الزرقاني (1/ 339).
(2)
الفتح (4/ 252).
(3)
أخرجه: مسلم (1/ 465).
(4)
الفتح (4/ 253).
في آخر الليل أفضل، أو لأنه كان لا يصلي معهم إما لشغله بأمور الناس، وإما لانفراده بنفسه في الصلاة، فقال: أي: عمر، كما في (الموطأ) لمالك: نعْمَت البِدْعَة هذه، أي: هذه بدعة حسنة؛ إذ أصل البدعة ما أحدث على غير مثال سابق، ويطلق في الشرع على ما يقابل السنة، أي: ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم وما يخالف السنة فهو ممنوع، والتي أي: الساعة أو الصلاة ينامون عنها أي: يغفلون عنها أفضل من الصلاة التي يقومون أي: الناس، وفي نسخة أخرى: ينامون، وتقومون بالفوقية، يريد أي: عمر بن الخطاب آخر الليل، والمعنى أن العبادة في آخر الليل أفضل من أوله، ولا سيما مع إخفاءها، وكان الناس أي: والحال أنهم يقومون أوَّله.
قال الحافظ ابن حجر: هذا صريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله، وقد أثنى تعالى على المستغفرين بالأسحار، وقال أهل التأويل في يعقوب صلوات الله على نبينا وعليه في حق أولاده:{سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ} [يوسف: 98]، أخرهم في الدعاء إلى وقت السحر؛ لأنه أقرب للإِجابة، ويأتي حديث:"ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير"، وتأويله ينزل ملك من ملائكة الله تعالى (1) فيقول حاكيًا من قوله تعالى: "ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه
…
" الحديث.
قال محمد: وبهذا كلّه أي: بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه نأخذ، أي: نعمل ونفتي بأنه لا بأس أي: لا كراهة بالصلاة في شهر رمضان، أن يُصَلِّي الناس أي: صلاة التراويح تَطَوُّعًا أي: بطريق التطوع لا باعتبار الوجوب بإمام أي: معه وإن كانت الجماعة بالنافلة بدعة مستحسنة؛ لأن المسلمين قد أجْمَعُوا على ذلك، حيث لم ينكر أحد من الصحابة على عمر هنالك، تم استمر عليه المسلمون، ورَأوْهُ حَسَنًا، أي: فإنه محض خير، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح"(2). كذا رواه الإِمام أحمد في مسنده، وفي (ق 245) نسخة:
(1) هذا خطأ بخلاف ما عليه السلف، والصحيح أنه ينزل نزولًا يليق به من غير كيف ولا تشبيه.
(2)
أخرجه: الحاكم في المستدرك (3/ 83)، وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 178)، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، رجاله موثقون.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه.