الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالأَظْهَرُ: لَا دِيَةَ. وَلَوْ قَالَ: (اقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا). . فَلَيْسَ بإِكْرَاهٍ.
فَصْلٌ [في اجتماع مباشرتين]
وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ مُذَفِّفَانِ كَحَزٍّ وَقَدٍّ، أَوْ لَا كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ. . فَقَاتِلَانِ.
===
(والأظهر: لا دية) بناء على أنها تثبت للمقتول في آخر جزء من حياته، ثم ينتقل إلى الوارث، وهو الأظهر، ولهذا تنفذ منها وصاياه، وتقضى ديونه، ولو كانت للورثة ابتداء. . لم يكن كذلك، والثاني: تجب، ولا يؤثر إذنه؛ بناء على أنها تثبت للورثة ابتداءً عقب هلاك المقتول.
ومحل الخلاف: إذا أمكن دفعه بغير القتل، فإن لم يمكن دفعه إلا بالقتل. . فلا قود ولا دية قطعًا؛ كما أشار إليه في "الشرح" و"الروضة"(1).
لا يقال: إذا أمكن دفعه بغير القتل. . فقد انتفى الإكراه؛ فينبغي أن يجب القصاص جزمًا؛ لأنا نقول: الإذن بلا إكراه مسقط.
(ولو قال: "اقتل زيدًا أو عمرًا") وإلّا قتلتك (. . فليس بإكراه) لأنه بقتل أحدهما مختار لتعيينه، والمكره هو المحمول على قتل معين لا يجد عنه محيصًا، وقيل: إنه إكراه، لأنه لا يتخلص إلا بقتل أحدهما، فهو ملجأ إليه، فعلى هذا: قال ابن الرفعة: يظهر أن يجيء في القصاص على القاتل قولا المكرَه، وأما المكره -بالكسر-. . فيظهر تخريجه على الخلاف في قصد عين الشخص هل يشترط في العمدية، وفيه خلاف، فإن شرطناه. . لم يجب، وإلا. . وجب.
* * *
(فصل: وجد من شخصين معًا فعلان مزهقان مذففان؛ كحز وقد أو لا) أي: غير مذففين (كقطع عضوين) ومات منهما (. . فقاتلان) يجب عليهما القصاص أو الدية؛ لوجود السبب منهما.
واقتضى كلامه: أنه لو كان فعل أحدهما مذففًا دون الآخر أن القاتل صاحب
(1) الشرح الكبير (10/ 144)، روضة الطالبين (9/ 138).
وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إِلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ؛ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إِبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ، ثُمَّ جَنَى آخَرُ. . فالأَوَّلُ قَاتِلٌ، ويُعَزَّرُ الثَّانِي، وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الإِنْهَاءِ إِلَيْهَا؛ فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ. . فَالثَّانِي قَاتِلٌ، وَعَلَى الأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ، وَإِلَّا. . فقاتِلَانِ. وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ. . وَجَبَ الْقِصَاصُ. .
===
المذفف، قال في "أصل الروضة": وهو قياس ما سنذكره (1).
واحترز بقوله: (معًا): عما إذا ترتب فعلهما، وسنذكره.
(وإن أنهاه رجل إلى حركة مذبوح؛ بأن لم يبق إبصار ونطق وحركة اختيار، ثم جنى آخر. . فالأول قاتل) لأنه صيّره إلى حالة اليأس التي لا يصح فيها إسلامه ولا ردته، ولا يرث ولا يورث، وينتقل ماله إلى ورثته الموجودين دون من حدث بعدها، (ويعزر الثاني) لهتكه حرمة الميت.
(وإن جنى الثاني قبل الإنهاء إليها؛ فإن ذفّف؛ كحزٍّ بعد جرح. . فالثاني قاتل) لأن الجرح إنما يقتل بالسراية، وحزّ الرقبة يقطع أثر السراية، وسواء تيقن الهلاك من الجراحة بعد يوم أو أيام أو لا؛ لأن له في الحال حياة مستقرة، وقد عهد عمر رضي الله عنه في هذه الحالة، فعمل بعهده ووصاياه (2).
(وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال) من تعمده أو خطئه، (وإلا) أي: وإن لم يذفف الثاني؛ كما لو قطع كف شخص، وقطع آخر مرفق ذلك الكف أو جافاه ومات بسرايتهما (. . فقاتلان) لأن القطع الأول قد انتشرت سرايته وآلامه إلى الأعضاء الرئيسة التي هي الكبد والقلب والرأس، وانضم إليها ألم الثاني، ومات من الألمين، ولو شك في الانتهاء إلى حركة المذبوح. . عمل بقول أهل الخبرة.
(ولو قتل مريضًا في النزع وعيشه عيش مذبوح. . وجب القصاص) لأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يُظن ذلك ثم يشفى، بخلاف من انتهى إلى حركة المذبوح بجراحة.
وما جزم به قد يخالفه ما في (الفرائض) من "زيادة الروضة" عن الأصحاب: أن
(1) روضة الطالبين (9/ 145).
(2)
أخرجه البخاري (3700).