الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الآخَرُ إِبْقَاءَهُ. . فَكَابْتِدَاءِ عَقْدٍ، وَقِيلَ: يَجُوزُ. وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ نَصِيبهِ أَوْ أَعْتَقَهُ. . عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَقُوِّمَ الْبَاقِي إِنْ كَانَ مُوسِرًا.
فَصْلٌ [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]
يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ جُزْءًا مِنَ الْمَالِ، أَوْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ،
===
أحدهما بملك الآخر، فإن اختلفت النجوم في الجنس أو قدر الأجل أو العدد أو شرطا التساوي في النجوم مع التفاوت في الملك أو بالعكس. . ففي صحة الكتابة القولان فيما إذا انفرد أحدهما بكتابة نصيبه بإذن الآخر، وقيل: يبطل قطعًا.
وقوله: (على نسبة ملكيهما) يفهم: أنه لا يشترط تساوي الشريكين في ملك العبد الذي يكاتبانه، وهو الصحيح.
(فلو عجز فعجَّزه أحدهما وأراد الآخر إبقاءه) أي: العقد (. . فكابتداء عقد) فلا يجوز بغير إذن الشريك، وكذا بإذنه على المذهب كما مرَّ، (وقيل: يجوز) قطعًا وإن منع في الابتداء؛ لأنه يحتمل في الدوام ما لا يحتمل في الابتداء.
(ولو أبرأ) أحد الشريكين (من نصيبه أو أعتقه. . عتق نصيبه، وقوم الباقي إن كان موسرًا) أما في العتق. . فلما سلف في بابه، وأما في الإبراء. . فلأنه أبرأه عن جميع ما يستحقه فأشبه ما لو كاتب جميعه وأبرأه عن النجوم، فإن كان معسرًا. . فلا تقويم على ما مرَّ.
وأفهم كلامه: أن التقويم في الحال، والأظهر في "الشرح" و"الروضة": لا، بل إن أدى نصيب الآخر من النجوم. . عتق عنه والولاء بينهما، وإن عجز وعاد إلى الرق. . فحينئذ يسري ويقوم، ويكون كلُّ الولاء له (1).
* * *
(فصل: يلزم السيد أن يحط عنه) في الكتابة الصحيحة (جزءًا من المال، أو يدفعه إليه) بعد أخذ النجوم ليستعين به؛ لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} وظاهر الأمر: الوجوب، وإنما خرجنا عنه في الكتابة لدليل، ولم يقم دليل
(1) الشرح الكبير (13/ 487)، روضة الطالبين (12/ 238).
وَالْحَطُّ أَوْلَى، وَفِي النَّجْمِ الأَخِيرِ أَلْيَقُ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الاسْمُ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ، وَأَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ،
===
على حمل الإيتاء على الاستحباب فعمل بما اقتضاه الظاهر، وقد روي الحطُّ عن الصحابة قولًا وفعلًا.
وظاهر كلامه: أنه يتعين أن يكون المدفوع من نفس المال المكاتب عليه، والأصح: أنه لا يتعين ذلك، وإنما يتعين أن يكون من جنسه إذا لم يرض المكاتب بغير الجنس، فإن رضي به. . جاز.
(والحط أولى) من الدفع؛ فإنه المنقول عن الصحابة، ولأن المقصود إعانته ليعتق، والإعانة في الحط محققة وفي الدفع موهومة؛ فإنه قد ينفق المال في جهة أخرى.
وقضية كلامه: أن الواجب أحد الأمرين، وليس أحدهما بدلًا عن الآخر، وهو وجه، والأصح المنصوص في "الأم": أن الحطَّ أصلٌ، والإيتاء بدل عنه، وقيل: عكسه.
(وفي النجم الأخير أليق) لأنه حالة الخلوص من الرق، وقد روى مالك في "الموطأ" عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كاتب عبدًا على خمسة وثلاثين ألفًا، ووضع منها خمسة آلاف درهم، وذلك من آخر نجمه (1).
(والأصح: أنه يكفي ما يقع عليه الاسم، ولا يختلف بحسب المال) كثرة وقلة؛ لأنه لم يرد فيه تقرير، وقوله تعالى:{مِنْ مَالِ اللَّهِ} يتناوله القليل والكثير، وهذا ما نصَّ عليه في "الأم"، لكن قال البُلْقيني: إنه من المعضلات، فإن إيتاء فلس لمن كوتب على ألف درهم. . يبعد إرادته بالآية الكريمة، والثاني: ينبغي أن يكون قدرًا يليق بالحال، ويستعين به على العتق دون القليل الذي لا وقع له.
(وأن وقت وجوبه قبل العتق) ليستعين به في الأداء، والثاني: بعده؛ كالمتعة ليتبلغ به.
(1) الموطأ (2/ 788).
وَيُسْتَحَبُّ الرُّبُعُ، وَإِلَّا. . فالسُّبُعُ. وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ، وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَيَجِبُ مَهْرٌ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَصَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً، فَإِنْ عَجَزَتْ. . عَتَقَتْ بِمَوْتهِ،
===
هذا في وقت الوجوب، أما وقت الجواز. . فمن أول عقد الكتابة، ويجوز بعد الأداء وحصول العتق أيضًا، لكن يكون قضاءً إذا قلنا بالأول.
(ويستحب الربع) لما روى النسائي عن علي رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ربع الكتابة، وروي مرفوعًا (1)، قال البُلْقيني: ولو بلغ الشافعي هذا. . لقال به، فإنه قال: ولو كان موقوفًا على علي رضي الله عنه. . فهو لا يقوله باجتهاد، وإنما يقوله عن توقيف؛ فيكون في حكم المرفوع، ونقل الزركشي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أجمع أهل التأويل في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} : أنها ربع الكتابة.
(وإلا. . فالسبع) إن لم يسمح بالربع، اقتداءً بابن عمر رضي الله عنهما؛ كما مر (2).
(ويحرم وطء مكاتبته) لاختلال ملكه؛ لخروج الأكساب عنه، (ولا حد فيه) وإن علم التحريم؛ للشبهة، لكن يعزر على الصحيح، (ويجب مهر) ولو كانت مطاوعة على الأصح؛ لشبهة الملك، (والولد حر) نسيب؛ لأنها علقت به في ملكه، (ولا تجب قيمته على المذهب) لحريته عند علوقها به؛ لأنه ابن أمته، والخلاف مبني على حكم ولدها من غيره؛ إن قلنا لا يثبت له حكم الكتابة. . لم يلزمه؛ لأنه قن له، وإن قلنا يثبت وهو الأصح كما سيأتي. . ففي لزوم قيمته خلاف ينبني على أن حق الملك فيه لمن؟ إن قلنا للسيد وهو الأظهر. . لم يلزمه، وإن قلنا للأم. . لزمه.
(وصارت مستولدة مكاتبه) ولا يبطل الاستيلاد حكم الكتابة؛ لأن مقصودهما واحد، وهو العتق، (فإن عجزت. . عتقت بموته) عن الاستيلاد وعتق معها أولادها
(1) السنن الكبرى (5018)، والحديث المرفوع أخرجه الحاكم (2/ 397).
(2)
سبق تخريجه في (ص 590).
وَوَلَدُهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا مُكَاتَبٌ فِي الأَظْهَرِ يَتبعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النُّجُومِ، وَالْحَقُّ فِيهِ لِلسَّيِّدِ، وَفِي قَوْلٍ: لَهَا، فَلَوْ قُتِلَ. . فَقِيمَتُهُ لِذِي الْحَقِّ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَكَسْبَهُ وَمَهْرَهُ يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَيْهِ، وَمَا فَضَلَ. . وُقِفَ، فَإِنْ عَتَقَ. . فَلَهُ، وَإِلَّا. . فَلِلسَّيِّدِ. وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنَ الْمُكَاتبَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ.
===
الحادثون بعد الاستيلاد دون من قبله، وإن أدت النجوم قبل موته. . عتقت عن الكتابة وتبعها كسبها وولدها.
(وولدها من نكاح، أو زنًا مكاتب في الأظهر يتبعها رقًّا وعتقًا) لأن الولد يتبع أمه في الرق والحرية فكذا في سبب العتق؛ كولد أم الولد، والثاني: لا، بل يكون قنًّا للسيد؛ لأن الكتابة عقدٌ يقبل الفسخ، فلا يثبت حكمه في الولد؛ كولد المرهونة.
(وليس عليه) أي: الولد (شيء من النجوم) لأنه لم يوجد منه التزام (والحق فيه) أي: في الولد اللسيد) كما أن حقَّ الملك في الأم له، (وفي قول: لها) أي: للمكاتبة؛ لأنه تكاتب عليها فيكون الحق فيه لها؛ كما أن الحق في المكاتب للسيد، ولأنه لو كان للسيد. . لما عتق بعتقها.
(فلو قتل. . فقيمته لذي الحق) فعلى الأول: للسيد، وعلى الثاني: لها، (والمذهب: أنَّ أرش جنايته عليه) أي: على الولد فيما دون النفس (وكسبه ومهره) إن كان الولد جارية ووطئت بشبهة، (ينفق منها عليه، وما فضل. . وقف، فإن عتق. . فله، وإلا. . فللسيد) كما أن كسب الأم إذا عتقت يكون لها، وإلا. . فللسيد، وقيل: لا يوقف، بل يصرف إلى السيد؛ كما تصرف إليه القيمة إذا قتل، هذا كله إذا قلنا: إن الحق في الولد للسيد، فإن قلنا: بأنه للأم. . فهو لها تستعين به في كتابتها.
(ولا يعتق شيء من المكاتب حتى يؤدي الجميع) أو يبرأ منها؛ لحديث: "الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" رواه أبو داوود (1).
(1) سنن أبي داوود (3926)، وأخرجه ابن حبان (4321)، والترمذي (1259) عن عبد بن عمرو رضي الله عنهما.
وَلَوْ أَتى بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ: (هَذَا حَرَامٌ) وَلَا بَيِّنَةَ. . حَلَفَ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ:(تَأْخُذُهُ أَوْ تبرِئُهُ عَنْهُ؟ )، فَإِنْ أَبَى. . قَبَضَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ نَكَلَ الْمُكَاتبُ. . حَلَفَ السَّيِّدُ. وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدَّى مُسْتَحَقًّا. . رَجَعَ السَّيِّدُ بِبَدَلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي النَّجْمِ الأَخِيرِ. . بَانَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ كَانَ قَالَ عِنْدَ أَخْذِهِ:(أَنْتَ حُرٌّ)،
===
(ولو أتى بمال فقال السيد: "هذا حرام"، ولا بينة. . حلف المكاتب أنه حلال) ويصدق فيه عملًا بظاهر اليد، (ويقال للسيد:"تأخذه أو تبرئه عنه؟ ") ويجبر على أحد الأمرين؛ عملًا بظاهر الحال، (فإن أبى. . قبضه القاضي) وعتق المكاتب.
واحترز بقوله: (ولا بينة): عمَّا لو أقام السيد بينة على ما قاله. . فإنه لا يجبر وتسمع بينته؛ لأن له فيها غرضًا ظاهرًا، وهو الامتناع من الحرام، قال الرافعي: كذا أطلقه جماعة، وشرط الصَّيْدَلاني: أن يعين المغصوب منه، وإلا. . فلا. انتهى، وبه صرح الماوردي أيضًا (1).
(فإن نكل المكاتب. . حلف السيد) وكان كإقامة البينة.
(ولو خرج المؤدَّى مستحقًّا. . رجع السيد ببدله) لفساد القبض، (فإن كان في النجم الأخير. . بأن أن العتق لم يقع) لبطلان الأداء، فإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب. . تبيَّن أنه مات رقيقًا وأن ما تركه للسيد دون الورثة.
(وإن كان قال عند أخذه: "أنت حر") أو (أعتقتك) لأنه بناه على ظاهر الحال، وهو صحة الأداء وقد تبيَّن خلافه؛ فلم يعتق.
وقوله: (عند أخذه) يوهم التصوير بما إذا قاله متصلًا بقبض النجوم، وهو ما نقلاه عن كلام الإمام، حيث قالا: وفي كلام الإمام إشعارٌ بأن قوله: (أنت حر)، إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتبه على القبض، فلو انفصل عن القرائن. . لم يقبل التأويل، قالا: وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به، لكن في "الوسيط": لا فرق بين أن يكون جوابًا عن سؤال حريته أو ابتداءً، أو بين أن يكون
(1) الشرح الكبير (13/ 507)، الحاوي الكبير (22/ 210).
وِإنْ خَرَجَ مَعِيبًا. . فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَتَسَرَّى بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ
===
متصلًا بقبض النجوم أو غير متصل؛ لشمول العذر. انتهى (1).
وقيَّده ابن الرفعة بما إذا قصد الإخبار عن حاله بعد أداء النجوم، فإن قصد إنشاء العتق. . برئ المكاتب وعتق. انتهى.
وأول كلامه يقتضي: أنه إذا أطلق ولم يقصد شيئًا. . يعتق؛ لأنه لم يقصد إلا الإخبار، وآخره يقتضي عكسه.
(وإن خرج معيبًا. . فله رده وأخذ بدله) إن لم يرض به، سواء كان ذلك العيب يسيرًا أو فاحشًا، لأنه دون حقه.
(ولا يتزوج) المكاتب (إلا بإذن سيده) لأنه عبد، كما سلف، (ولا يتسرى بإذنه على المذهب) لضعف ملكه، وخوفًا من هلاك الجارية في الطَّلْق، قال الشيخ أبو محمد: ولا يبعد إجراء الوجهين في وطء من يؤمن حبلها؛ كما في المرهونة، قال الإمام: وهو غير مرضي (2)، وفي "أصل الروضة" في نكاح العبد أنه يجوز للقن التسري بالإذن، وفي "زيادتها" في آخر (معاملات العبيد) أن فيه القولين في تبرعاته (3).
ومقتضاه: ترجيح جوازه بالإذن، قال في "المهمات": والصواب: المنع، فقد نصَّ عليه في "البويطي" و"الأم"(4).
وجمع النشائي بين الكلامين: أن المذكور في معاملة العبيد، وفي نكاح العبد مبنيٌّ على أنه يملك بتمليك السيد، والمذكور هنا مبني على الجديد، وهو منع ملكه، وقد صرَّح الرافعي هنا بأن تسريه بإذن السيد مبنيٌّ على الخلاف في تملك العبد بإذن السيد.
(1) الشرح الكبير (13/ 500)، روضة الطالبين (12/ 248).
(2)
نهاية المطلب (19/ 382).
(3)
الشرح الكبير (13/ 550)، روضة الطالبين (12/ 260).
(4)
المهمات (9/ 515).
وَلَهُ شِرَاءُ الْجَوَارِي لِتِجَارَةٍ، فَإِنْ وَطِئَهَا. . فَلَا حَدَّ، وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. . تبَعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا، وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً فِي الأَظْهَرِ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَاَنَ يَطَؤُهَا. . فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمّ وَلَدٍ.
===
(وله شراء الجواري لتجارة) توسعًا له في طرق الاكتساب، (فإن وطئها. . فلا حدَّ) لشبهة الملك، وكذا لا مهر؛ لأنه لو وجب عليه. . لكان له (والولد نسيب) لشبهة الملك.
(فإن ولدته في الكتابة) أي: في حال كون أبيه مكاتبًا لم يعتق بعد، (أو بعد عتقه لدون ستة أشهر. . تبعه رقًّا وعتقًا) ولا يعتق في الحال في الصورة الأولى؛ لضعف ملكه بل يكون ملكًا له؛ لأنه ولد جاربته ولا يملك بيعه؛ لأنه ولده، بل يتوقف عتقه على عتق أبيه، فإن عتق. . عتق، وإلا. . رق وصار للسيد، وهذا معنى قولهم:(إن ولده تكاتب عليه).
(ولا تصير مستولدة في الأظهر) لأنها علقت بمملوك فأشبه الأمة المنكوحة، والثاني: تصير؛ لأنه ثبت للولد حق الحرية من سيدها حيث تكاتب عليه وامتنع بيعه، فثبت لها حرمة الاستيلاد.
وأجاب الأول: بأن حق الحرية للولد لم يثبت بالاستيلاد في الملك، بل لمصيره ملكًا لأبيه؛ كما لو ملكه بهبة.
(وإن ولدته بعد العتق لفوق ستة أشهر وكان يطؤها. . فهو حر وهي أم ولد) لظهور العلوق بعد الحرية، ولا نظر إلى احتمال العلوق في الرق؛ تغليبًا للحرية، فإن لم يطأها بعد الحرية. . فالاستيلاد على الخلاف المار.
وقوله: (لفوق ستة أشهر) تبع فيه "المحرر"(1)، وهو يفهم: أنها لو ولدت لستة أشهر فقط. . أن الحكم بخلافه، والذي في "الشرحين" و"الروضة" لستة أشهر فأكثر (2)، وصوب ما في "الكتاب" فإنه لا بد من تقدير لحظة زائدة على الستة أشهر.
(1) المحرر (ص 527).
(2)
الشرح الكبير (13/ 555)، روضة الطالبين (12/ 285).
وَلَوْ عَجَّلَ النُّجُومَ. . لَمْ يُجْبَرِ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إِنْ كَانَ لَهُ فِي الامْتِنَاعِ غَرَضٌ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا. . فَيُجْبَرُ، فَإِنْ أَبَى. . قَبَضَهُ الْقَاضِي، وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَهَا لِيُبْرِئَهُ مِنَ الْبَاقِي فَأَبْرَأَ. . لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الإِبْرَاءُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ، وَلَا الاعْتِيَاضُ عَنْهَا،
===
(ولو عجل) المكاتب (النجوم) قبل محلها (. . لم يجبر السيد على القبول إن كان له في الامتناع غرض) صحيح (كمؤنة حفظه) كالطعام الكثير، (أو خوف عليه) بأن كان زمن نهب أو إغارة؛ لما في الإجبار من الضرر والحالة هذه، ولو كاتبه في وقت النهب أو الإغارة وعجل فيه. . لم يجبر أيضًا على الأصح؛ لأن ذلك قد يزول عند المحل.
(وإلا) أي: وإن لم يكن له غرض في الامتناع (. . فيجبر) لأن للمكاتب غرضًا ظاهرًا فيه، وهو تنجيز العتق أو تقريبه ولا ضرر على السيد.
(فإن أبى) ولم يفد فيه الإجبار (. . قبضه القاضي) لأثر عمر في "سنن البيهقي"(1).
(ولو عجل بعضها) أي: بعض النجوم (ليبرئه من الباقي فأبرأ. . لم يصح الدفع ولا الإبراء) للشرط الفاسد، وإذا لم يصحا. . لا يحصل العتق، وعلى السيد ردُّ المأخوذ.
(ولا يصح بيع النجوم) لأنه بيع دين ما لم يقدر على تسليمه؛ فإن العبد يستقلُّ بإسقاطه، (ولا الاعتياض عنها) لأنها غير مستقرة، والاستبدال عن الدين إنما يجوز في المستقر، وهذا ما صححاه هنا (2)، واقتضى كلامهما في (باب الشفعة) تبعًا للأصحاب: الجواز (3)، قال في "المهمات": وهو الصواب، فقد نصَّ عليه في "الأم"(4).
(1) سنن البيهقي (10/ 334).
(2)
الشرح الكبير (13/ 536)، روضة الطالبين (12/ 272).
(3)
الشرح الكبير (5/ 508)، روضة الطالبين (5/ 87).
(4)
المهمات (9/ 506).
فَلَوْ بَاعَ وَأَدَّى إِلَى الْمُشْتَرِي. . لَمْ يَعْتِقْ فِي الأَظْهَرِ، وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُكَاتَبُ المُشْتَرِيَ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيدِ،
===
(فلو باع) النجوم (وأدى إلى المشتري. . لم يعتق في الأظهر) لأنه يقبض لنفسه بحكم البيع الفاسد ولم يصح قبضه؛ فلم يعتق، والثاني: يعتق؛ لأن السيد سلَّطه على القبض، فأشبه الوكيل، فإن أدى إلى السيد. . عتق لا محالة.
(ويطالب السيد المكاتب والمكاتب المشتري بما أخذ منه) بناءً على الأظهر، وعلى الثاني: ما أخذه المشتري يعطيه للسيد؛ لأنا جعلناه كوكيله.
(ولا يصح بيع رقبته في الجديد) لأن البيع لا يرفع الكتابة؛ للزومها من جهة السيد، فيبقى مستحق العتق، فلم يصح بيعه؛ كالمستولدة، ولأن الكتابة عقد يمنع من استحقاق الكسب وأرش الجناية فيمنع البيع؛ كما لو باع عبدًا من إنسان لا يجوز له بيعه، والقديم: أنه يصح؛ لحديث بريرة في "الصحيحين"(1)، وأجاب عنه في الجديد بثلاثة أجوبة؛ أحدها: أن الكتابة جائزة من جهة العبد، وبريرة ساومت عائشة رضي الله عنها لمواليها من ابتياع نفسها، فيكون ذلك فسخًا منها، ولهذا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بعتقها، ولو بقيت الكتابة. . لعتقت بها؛ فإن الأصح على القديم: أن الكتابة لا تنفسخ بالبيع، بل ينتقل إلى المشتري مكاتبًا، الثاني: أنها عجزت فانفسخت الكتابة، وسعيها في ابتياع عائشة وطلب الأوقية يدل على ذلك، الثالث: أنها رضيت بالبيع، وامتناع البيع محله: إذا لم يرض المكاتب بالبيع؛ فإن رضي. . جاز وكان رضاه فسخًا، وقد صرَّح بذلك البيهقي في "السنن الكبير" عن الشافعي رضي الله عنه (2)، وجزم به القاضي الحسين في "تعليقه" كما في "المهمات"(3)، قال شيخنا: وقد نصَّ على ذلك صريحًا في "اختلاف العراقيين"، ونصَّ عليه في "مختصر المزني" و"البويطي".
(1) سبق تخريجه في (ص 569).
(2)
سنن البيهقي (10/ 336).
(3)
المهمات (9/ 506).