الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ حد القذف
شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ: التَّكْلِيفُ إِلَّا السَّكْرَانَ، وَالاخْتِيَارُ، وَيُعَزَّرُ الْمُمَيزُ، وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ وَلَدِه وَإِنْ سَفَلَ؛ فَالْحُرُّ ثَمَانُونَ، وَالرَّقِيقُ أَرْبَعُونَ
===
(كتاب حد القذف)
الحد لغة: المنع، وسمي حد القذف وغيره بذلك؛ لأنه يمنع من معاودته، والقذف لغة: الرمي، والمراد به هنا: الرمي بالزنا في معرض التعبير، وهو من الكبائر، وفي الحديث: من السبع الموبقات: قذف المحصنات (1)، وقد ذكر المصنف القذف في (باب اللعان).
(شرط حد القاذف: التكليف) فلا يحد الصبي والمجنون؛ لارتفاع القلم عنهما (إلا السكران) فإنه يحد وإن لم يكن مكلفًا، وهذا من زياداته على "المحرر" ولا يحتاج إليه؛ كما ذكرنا في الباب قبله، ولم يذكره في "الروضة" هنا (2).
(والاختيار) فلا يحد المكره على القذف، ولا يعزر؛ لرفع القلم عنه، ولا يحد المكره بكسر الراء أيضًا، والفرق بينه وبين القتل: أنه يمكن جعل يد المكرَه كالآلة له؛ بأن يأخذ يده فيقتل بها، ولا يمكن أن يأخذ لسان غيره فيقذف به.
وكان ينبغي زيادة: الالتزام؛ ليشمل الذمي والمرتد، ويخرج الحربي.
(ويعزر المميز) صبيًّا كان أو مجنونًا؛ للزجر والتأديب، (ولا يحد بقذف ولده وإن سفل) كما لا يجب بقتله القصاص.
نعم؛ يعزر على النص.
(فالحر ثمانون) لقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ، والدليل على أنه في الحر: قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} والعبد لا تقبل شهادته وإن لم يقذف.
(والرقيق أربعون) بالإجماع؛ لأنه يتبعض، فكان الرقيق فيه على النصف؛ كحد الزنا، والمدبر والمكاتب وأم الولد والمبعض .. كالقن.
(1) أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
روضة الطالبين (10/ 106).
وَالْمَقْذُوفِ: الإِحْصَانُ، وَسَبَقَ فِي اللِّعَانِ. وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًا .. حُدُّوا فِي الأَظْهَرِ، وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبيدٍ وَكَفَرَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إِقْرَارِهِ .. فَلَا، وَلَوْ تَقَاذَفَا .. فَلَيْسَ تَقَاصًّا، وَلَوِ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالاسْتِيفَاءِ .. لَمْ يَقَعِ الْمَوْقِعَ.
===
(والمقذوف: الإحصان) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} فقيد إيجاب الثمانين بذلك، (وسبق في اللعان) بيان ما يحصل به الإحصان.
(ولو شهد دون أربعة بزنًا .. حدوا في الأظهر) لأن عمر رضي الله عنه جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا؛ كما ذكره البخاري في "صحيحه"، ولم يخالفه أحد (1)، ولئلا تتخذ صورة الشهادة ذريعة إلى الوقيعة في أعراض الناس، والثاني: المنع؛ لأنهم جاؤوا شاهدين لا هاتكين.
(وكذا أربع نسوة، وعبيد، وكفرة) أهل ذمة (على المذهب) لأنهم ليسوا من أهل الشهادة، فلم يقصدوا إلا القذف، والطريق الثاني: طرد القولين، وينزل نقصان الصفة منزلة نقصان العدد، وجعل الإمام موضع الخلاف إذا كانوا في ظاهر الحال بصفة الشهود، ثم بانوا عبيدًا، أو كفارًا (2)، ومراده: أن القاضي إذا علم حالهم .. لا يصغي إليهم، فيكون قولهم قذفًا محضًا بلا خلاف، وهو ظاهر؛ لأنه ليس في معرض شهادة.
(ولو شهد واحد على إقراره) بالزنا ( .. فلا) حد قطعًا؛ لأن من قال لغيره: (قد أقررتَ بأنك زنيت)، وهو في معرض القذف والتعيير .. لا حد عليه، فكذا هنا.
(ولو تقاذفا .. فليس تقاصًّا) لأن التقاص إنما يكون عند اتفاق الجنس والصفة، والحدان لا يتفقان في الصفة؛ إذ لا يعلم التساوي؛ لاختلاف القاذف والمقذوف في الخِلقة، وفي القوة والضعف غالبًا.
(ولو استقلَّ المقذوف بالاستيفاء .. لم يقع الموقع) كحدِّ الزنا لو استوفاه أحد
(1) ذكره تعليقًا في كتاب الشهادات، باب: شهادة القاذف.
(2)
نهاية المطلب (17/ 202).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
==
الرعية، ويستثنى: ما لو قذف العبد سيده .. فإن له أن يحده؛ كما صرحا به في آخر الباب قبله (1)، وما لو كان بعيدًا عن السلطان وقدر على الاستيفاء بنفسه من غير مجاوزة فيه فإنه يجوز، ذكره الماوردي في (باب صول الفحل)(2).
* * *
(1) الشرح الكبير (11/ 166)، روضة الطالبين (10/ 104).
(2)
الحاوي الكبير (17/ 368).