الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ، وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ .. ثبًتَتْ لِغَانِمٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ .. لَمْ يَثْبُتِ الرُّجُوعُ فَيَعْتِقُ سَالِمٌ وَمِنْ غَانِمٍ ثُلُثُ مَالِهِ بَعْدَ سَالِمٍ.
فصلٌ [في شروط القائف]
شَرْطُ الْقَائِفِ: مُسْلِمٌ، عَدْلٌ،
===
المزني، وقال: لا أدري كيف وقع التنصيف؟ ! فإن أصول مذهب الشافعي تنبو عنه وهو كما قال؛ فإنه لا يخلو إما أن يكون عتقهما معًا أو مرتبًا؛ فإن كان مرتبًا .. عتق السابق، وإن كان معًا .. فالإقراع فمن أين جاء التنصيف؟ ! وقد قال في "الروضة" بعد هذا بورقتين: أن المذهب الإقراع (1)، وقال الفارقي وابن أبي عصرون: إنه الصحيح، وحكى ابن الرفعة عن جماعة القطع به، وحمل نصَّ "المختصر" على ما إذا شهدت بالوصية بالعتق لا بتنجيزه.
(ولو شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم، وهو ثلثه، ووارثان حائزان أنه رجع عن ذلك، ووصى بعتق غانم، وهو ثلثه .. ثبتت) الوصية الثانية (لغانم) لأنهما أثبتا للرجوع عنه بدلًا يساويه فلا تهمة.
(فإن كان الوارثان فاسقين .. لم يثبت الرجوع) لعدم قبول شهادة الفاسق (فيعتق سالم) بشهادة الأجنبيين؛ لأن الثلث يحتمله ولم يثبت الرجوع فيه، (و) يعتق (من غانم) قدر ما يحتمله (ثلث) الباقي من (ماله بعد سالم) وكأن سالمًا قد هلك أو غصب من التركة؛ مؤاخذة للورثة بإقرارهم.
* * *
(فصل: شرط القائف: مسلم عدل) لأن الكافر والفاسق لا يعتمد قولهما.
ولو عبر بأهلية الشهادة؛ كما في "الروضة"(2) .. لكان أخصر وأعم؛ فإنه أهمل كونه بصيرًا ناطقًا، وانتفاء العداوة عن الذي ينفيه عنه، وانتفاء الولادة عمن يلحق به.
(1) روضة الطالبين (12/ 87).
(2)
روضة الطالبين (12/ 101).
مُجَرِّبٌ، وَالأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ حُرٍّ ذَكَرٍ، لَا عَدَدٍ وَلَا كَوْنِهِ مُدْلِجِيًّا
===
(مجرب) كما لا يولَّى القضاء من لا علم له بالأحكام، وفسر في "المحرر" التجربة: بأْن يعرض عليه ولد في نسوة ليس فيهن أمه، ثم مرة أخرى، ثم مرة أخرى كذلك، ثم في نسوة فيهن أمه؛ فإن أصاب في الكل .. فهو مجرب.
(والأصح: اشتراط حر ذكر) كالقاضي، والثاني: لا؛ كالمفتي، (لا عدد) كالقاضي، والثاني: لا بد من اثنين؛ كالمزكي.
(ولا كونه مدلجيًّا) لأن القيافة نوع علم؛ فمن علمه .. عمل بعلمه، سواء كان من بني مدلج أم غيرهم، من العرب أو من العجم، والثاني: يشترط؛ لرجوع الصحابة إلى بني مدلج دون غيرهم، وقد يخص الله تعالى جماعة بنوع من المناصب والفضائل؛ كما خصَّ قريشًا بالإمامة.
والأصل في الباب: حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم مسرورًا، فقال:"أَلمْ تَرَي أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ" متفق عليه (1).
قال أبو داوود: وكان أسامة أسود وزيد أبيض (2)، قال الشافعي: فلو لم يعتبر قوله .. لمنعه من المجازفة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يُسرُّ ولا يُقرُّ إلا على الحق (3)، ويعضده ما رواه البزار من حديث أنس رفعه:"إِنَّ للهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ"(4)، وروى أبو أمامة مرفوعًا:"اِتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ الله تَعَالَى"(5).
(1) صحيح البخاري (6771)، صحيح مسلم (1459/ 39).
(2)
سنن أبي داوود (2/ 485).
(3)
الأم (7/ 606).
(4)
مسند البزار (6935).
(5)
أخرجه الترمذي (3127) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا .. عُرِضَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ فَوَلَدَتْ مُمْكِنًا مِنْهُمَا وَتنَازَعَاهُ؛ بِأَنْ وَطِئَا بشُبْهَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً لَهُمَا، أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَطلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ أَمَتَهُ فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَةً فِي الأَصَحِّ، فَإِذَا وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْأَيْهِمَا وَادَّعَيَاهُ .. عُرِضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْأَيْهِمَا حَيْضَةٌ .. فَلِلثَّانِي، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ،
===
(فإذا تداعيا مجهولًا) لقيطًا كان أو غيره ( .. عرض عليه) أي: على القائف، (وكذا لو اشتركا في وطء، فولدت ممكنًا منهما وتنازعاه؛ بأن وطئا بشبهة أو مشتركة لهما، أو وطئ زوجته، فطلق فوطئها آخر بشبهة أو نكاح فاسد) كان نكحها في العدة جاهلًا بكونه فيها.
(أو) وطئ (أمته فباعها، فوطئها المشتري ولم يستبرئ واحد منهما) لما تقدم من قصة مُجزِّز وغيرها (1).
(وكذا لو وطئ منكوحة) لغيره بشبهة (في الأصح) ولا يتعين الزوج للإلحاق؛ لأنه موضع اشتباه، والثاني: يلحق الزوج؛ لقوة الافتراش.
(فإذا ولدت لما بين ستة أشهر وأربع سنين من وطأيهما وادعياه .. عرض عليه) أي: على القائف؛ لإمكان كونه من كلٍّ منهما.
(فإن تخلل بين وطأيهما حيضة .. فللثاني) لأن الحيض أمارة ظاهرة في حصول البراءة عن الأول؛ فينقطع تعلقه عنه، وإذا انقطع الأول .. تعيَّن الثاني.
(إلا أن يكون الأول زوجًا في نكاح صحيح) والثاني واطئًا بشبهة أو نكاح فاسد فلا ينقطع تعلق الأول؛ لأن إمكان الوطء مع الفراش قائم مقام نفس الوطء، والإمكان حاصل بعد الحيضة.
واحترز بالصحيح: عمَّا لو كان الأول زوجًا في نكاح فاسد؛ فإنه ينقطع تعلقه،
(1) سبق تخريجه قبل قليل.
وَسَوَاءٌ فِيهِمَا اتَّفَقَا إِسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا.
===
ويكون للثاني على الأظهر؛ لأن المرأة في النكاح الفاسد لا تصير فراشًا ما لم يوجد حقيقة الوطء.
(وسواء فيهما) أي: في المتنازعين (اتفقا إسلامًا وحريةً أم لا) لأنَّ النسب لا يختلف، وهو تفريع على صحة استلحاق العبد، وهو الأظهر.
* * *