الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [في حكم إتلاف البهائم]
مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ. . ضَمِنَ إِتْلَافَهَا نَفْسًا وَمَالًا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ. . فَلَا ضَمَانَ، وَيَحْتَرِزُ عَمَّا لَا يُعْتَادُ كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحَلٍ، فَإِنْ خَالَفَ. . ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ
===
(فصل: من كان مع دابة أو دواب. . ضمن إتلافها نفسًا ومالًا ليلًا ونهارًا) لأنها تحت يده وتصرفه، وعليه القيام بحفظها وتعهدها، وسواء كان الذي معها مالكًا أو مستأجرًا أو مودعًا أو مستعيرًا أو غاصبًا، وسواء كان راكبًا أم سائقًا أم قائدًا.
ويستثنى من إطلاقه صور: منها: لو ركب دابة فنخسها إنسان بغير إذنه فرمحت وأتلفت شيئًا. . فالضمان على الناخس، وقيل: عليهما، ومنها: لو غلبته دابته فاستقبلها إنسان فردها فأتلفت في انصرافها شيئا. . ضمنه الراد، ومنها: ما لو سقط مركوبه ميتًا على شيء فأتلفه. . لم يضمنه، قاله البغوي، وأقراه (1).
(ولو بالت أو راثت بطريق فتلف به نفس أو مال. . فلا ضمان) لأن الطريق لا يخلو من ذلك، ولو ضمن. . لامتنع المرور من الطريق، ولا سبيل إليه.
وما جزم به من عدم الضمان كذا هو في "الشرح" و"الروضة" هنا، وهو احتمال للإمام (2)، والمذهب المنصوص: الضمان؛ لأن الارتفاق مشروط بسلامة العاقبة، وقد حكاه ابن الرفعة عن الأصحاب، وجزما به في "الشرح" و"الروضة" في (جزاء الصيد)، وجزم به في "شرح المهذب" أيضًا (3)، قال الأَذْرَعي بعد نقله له عن الجمهور: وما جزما به هنا تبعًا للإمام لا ينكر اتجاهه، ولكن المذهب: نقل.
(ويحترز عما لا يعتاد؛ كركض شديد في وحل، فإن خالف. . ضمن ما تولد منه) لتسببه فيه.
(1) الشرح الكبير (11/ 336)، روضة الطالبين (10/ 202).
(2)
الشرح الكبير (11/ 331)، روضة الطالبين (10/ 198)، نهاية المطلب (16/ 570).
(3)
كفاية النبيه (16/ 36)، الشرح الكبير (3/ 500)، روضة الطالبين (3/ 150)، المجموع (20/ 164).
وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةٍ فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ. . ضَمِنَهُ، وَإِنْ دَخَلَ سُوقًا فَتَلِفَ بهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ. . ضَمِنَ إِنْ كَانَ زِحَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَمَزَّقَ ثَوْبٌ. . فَلَا، إِلَّا ثَوْبَ أَعْمَى وَمُسْتَدْبِرِ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ إِذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ؛ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ. . فَلَا، وَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَأَتْلفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا. . لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا، أَوْ لَيْلًا. . ضَمِنَ،
===
(ومن حمل حطبًا على ظهره أو بهيمة فحك بناء فسقط. . ضمنه) لوجود التلف بفعله.
(وإن دخل سوقًا فتلف به نفس أو مال. . ضمن إن كان زحام) مطلقًا، سواء كان صاحب الثوب مستقبلًا أو مستدبرًا؛ لإتيانه بما لا يعتاد، (وإن لم يكن) زحام (وتمزق ثوب. . فلا) إذا كان مستقبل البهيمة؛ لأن التقصير منه؛ إذ عليه الاحتراز (إلا ثوب أعمى ومستدبر البهيمة؛ فيجب تنبيهه) فإن نبهه وأمكنه الاحتراز فلم يحترز. . فلا ضمان، وإن لم ينبهه. . ضمن؛ لتقصيره؛ فإن الإعلام معتاد في ذلك.
(وإنما يضمنه) أي: وإنما يضمن صاحب البهيمة ما أتلفته (إذا لم يقصر صاحب المال، فإن قصر؛ بأن وضعه بطريق أو عرّضه للدابة. . فلا) لأنه المضيع لماله.
(وإن كانت الدابة وحدها فأتلفت زرعًا أو غيره نهارًا. . لم يضمن صاحبها، أو ليلًا. . ضمن) للحديث الصحيح فيه (1).
والمعنى فيه: أن العادة الغالبة: أن أصحاب الزروع والبساتين يحفظونها نهارًا، فما تتلفه نهارًا. . فهو من تقصير صاحب المال، والماشية ترسل نهارًا للرعي، ثم ترد إلى أماكنها، فمن أرسلها ليلًا أو نهارًا وتركها منتشرة بالليل. . فقد قصر، ولزمه الضمان.
وما أطلقه من التفصيل: موضعُه إذا جرت عادة البلد بإرسال البهائم نهارًا، وحفظِ الزرع ليلًا، فلو انعكس. . انعكس الحكم على الأصحِّ.
ويستثنى من عدم الضمان نهارًا: ما إذا كانت المراعي متوسطة المزارع، أو كانت
(1) أخرجه ابن حبان (6008)، والحاكم (2/ 48)، وأبو داوود (3570)، والنسائي في "الكبرى"(5753)، وأحمد (4/ 295) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
إِلَّا أَلَّا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا، أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا، وَكَذَا إِنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي الأَصَحِّ. وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إِنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا. . ضَمِنَ مَالِكُهَا فِي الأَصَحِّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَإِلَّا. . فَلَا فِي الأَصَحِّ.
===
البهائم ترعى في حريم السواقي. . فيجب ضمان ما تفسده إذا أرسلها بلا راعٍ؛ لاعتياد الراعي في مثل ذلك.
(إلا ألا يفرط في ربطها) بأن ربطها وأغلق بابه واحتاط على العادة، ففتح الباب لص، أو انهدم الجدار فخرجت ليلًا. . فلا ضمان؛ لعدم التقصير منه، (أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها)، فلا يضمن صاحبها وإن قصر بإرسالها؛ لأن صاحب الزرع هو المضيع بتهاونه.
(وكذا إن كان الزرع في محوط له باب تركه مفتوحًا في الأصح) لأن التقصير منه بفتح الباب، والثاني: يضمن؛ لأن العادة ربط البهائم وحفظها ليلًا، فإرسالها تقصير.
(وهرة تتلف طيرًا أو طعامًا إن عهد ذلك منها. . ضمن مالكها في الأصح ليلًا أو نهارًا) كما يضمن مرسل الكلب العقور ما يتلفه؛ لأن مثل هذه ينبغي أن تربط ويكف شرها، وكذا كل حيوان يُولَع بالتعدي، والثاني: لا ضمان، سواء أتلفت ليلًا أو نهارًا؛ لأن العادة أنها لا تربط.
(وإلا) أي: وإن لم يعهد ذلك منها (. . فلا) ضمان (في الأصح) لأن العادة حفظ الطعام عنها لا ربطُها، والثاني: يفرق بين الليل والنهار؛ كما سبق في البهيمة.
* * *