المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأضحية هِيَ سُنَّةٌ لَا تَجِبُ إِلا بِالْتِزَامٍ، وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَلَّا - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجراح

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع مباشرتين]

- ‌فَصْلٌ [في شروط القود]

- ‌فَصْلٌ [في تغير حال المجروح بحرية أو عصمة أو إهدار أو بمقدار للمضمون به]

- ‌فَصْلٌ [في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني]

- ‌بابُ كيفيَّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فَصْلٌ [في اختلاف مستحق الدم والجاني]

- ‌فَصْلٌ [في مستحق القود ومستوفيه وما يتعلق بهما]

- ‌فَصْلٌ [في موجب العمد وفي العفو]

- ‌كتابُ الدِّيات

- ‌فَصْلٌ [في موجب ما دون النفس من جرح أو نحوه]

- ‌فَرْعٌ [في موجب إزالة المنافع]

- ‌فَرْعٌ [في اجتماع جنايات على شخص]

- ‌فَصْلٌ [في الجناية التي لا تقدير لأرشها والجناية على الرقيق]

- ‌‌‌بابُ موجبات الدِّية والعاقلة والكفَّارة

- ‌بابُ موجبات الدِّية والعاقلة والكفَّارة

- ‌فَصْلٌ [في الاصطدام ونحوه مما يوجب الاشتراك في الضمان وما يذكر مع ذلك]

- ‌فَصْلٌ [في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله]

- ‌فَصْلٌ [في جناية الرقيق]

- ‌فَصْلٌ [في الغرة]

- ‌فَصْلٌ [في كفارة القتل]

- ‌كتابُ دعوى الدَّم والقسامة

- ‌فَصْلٌ [فيما يثبت به موجب القود وموجب المال بسبب الجناية من إقرار وشهادة]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌فَصْلٌ [في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة]

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حد القذف

- ‌كتابُ قطع السرقة

- ‌فصلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌ باب

- ‌فصلٌ [في شروط السارق الذي يقطع]

- ‌بابُ قاطع الطريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع عقوبات على شخص واحد]

- ‌كتابُ الأشربة

- ‌فَصْلٌ [في التعزير]

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [في حكم إتلاف البهائم]

- ‌كتابُ السِّيَر

- ‌فَصْلٌ [في مكروهات ومحرمات ومندوبات في الجهاد وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الأسر وأموال أهل الحرب]

- ‌فَصْلٌ [في أمان الكفار]

- ‌كتابُ الِجزْيَة

- ‌فَصْلٌ [في مقدار الجزية]

- ‌باب

- ‌فَصْلٌ [في أحكام عقد الجزية]

- ‌بابُ الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيد والذَّبائح

- ‌فَصْلٌ [في آلة الذبح والصيد]

- ‌فَصْلٌ [فيما يملك به الصيد وما يذكر معه]

- ‌كتاب الأضحية

- ‌فَصْلٌ [في العقيقة]

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌كتابُ الأيمان

- ‌فصلٌ [في صفة الكفارة]

- ‌فصلٌ [في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما]

- ‌فصلٌ [في الحلف على أكل وشرب مع بيان ما يتناوله]

- ‌فصلٌ [في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها]

- ‌فصلٌ [في الحلف على ألا يفعل كذا]

- ‌كتاب النَّذر

- ‌فصلٌ [في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌(باب

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يعتبر فيه شهادة الرجال]

- ‌فصلٌ [في تحمل الشهادة وأدائها]

- ‌فصلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فصلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فصلٌ [فيما يتعلق بجواب المدعى عليه]

- ‌فصلٌ [في كيفية الحلف والتغليظ فيه]

- ‌فصلٌ [في تعارض البينتين]

- ‌فصلٌ [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌فصلٌ [في شروط القائف]

- ‌كتابُ العتِق

- ‌فصلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصلٌ [في الإعتاق في مرض الموت وبيان القرعة في العتق]

- ‌فصلٌ [في الولاء]

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌فصلٌ [في حكم حمل المدبرة]

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان لزوم الكتابة وجوازها]

- ‌فَصْلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌أهمّ مصادر ومراجع التّحقيق

الفصل: ‌ ‌كتاب الأضحية هِيَ سُنَّةٌ لَا تَجِبُ إِلا بِالْتِزَامٍ، وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَلَّا

‌كتاب الأضحية

هِيَ سُنَّةٌ لَا تَجِبُ إِلا بِالْتِزَامٍ، وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَلَّا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ،

===

(كتاب الأضحية)

هي بتشديد الياء وتخفيفها، وبكسر الهمزة وضمها.

سميت بذلك؛ لأنها تفعل في الضحى، وهو ارتفاع النهار فسميت بأول زمن فعلها.

والأصل فيها قبل الأجماع: قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية، وقوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} على الأشهر أن المراد بالصلاة: صلاة العيد، وبالنحر: الضحايا، وفي "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفحاتهما (1).

(هي سنة) على الكفاية، وليست بواجبة، إذا أتى بها واحد من أهل البيت .. تأدى عن الكل حق السنة؛ لحديث:"أُمِرْتُ بِالنَّحْرِ، وَهُوَ سُنَّةٌ لَكُمْ" رواه الترمذي، وليست بواجبة؛ لحديث:"لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ"(2).

وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لا يضحيان مخافة أن يُرى ذلك واجبًا، رواه البيهقي بإسناد حسن (3).

والضمير في قوله: (هي) عائد إلى الأضحية، وهو لا يصح؛ فإن الأضحية اسم للشاة ونحوها، فلو قال: التضحية كما في "الروضة" .. لاستقام (4).

(لا تجب إلا بالتزام) كسائر القرب.

(ويسن لمريدها ألا يزيل شعره ولا ظفره في عشر ذي الحجة حتى يضحي) لقوله

(1) صحيح البخاري (5565)، صحيح مسلم (1966) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

أخرجه ابن ماجه (1789) عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها.

(3)

سنن البيهقي (9/ 264).

(4)

روضة الطالبين (3/ 192).

ص: 347

وَأَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا .. فَيَشْهَدَهَا. وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ إِبلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، وَشَرْطُ إِبلٍ أَنْ يَطْعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَبَقَرٍ وَمَعْزٍ فِي الثَّالِثَةِ، وَضَأْنٍ فِي الثَّانِيَةِ. وَيَجُوزُ ذكَرٌ وَأُنْثَى،

===

عليه السلام: "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ .. فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ" رواه مسلم (1).

والحكمة فيه: أن يبقى كامل الأجزاء؛ ليشملها المغفرة والعتق من النار. (وأن يذبحها بنفسه؛ للاتباع (2).

نعم؛ تستثنى المرأة، فإن الأفضل لها: أن توكل رجلًا؛ كما قاله في "شرح المهذب"، وجزم به في "التصحيح"(3).

(وإلا .. فيشهدها) لأنه عليه السلام أمر فاطمة رضي الله عنها بذلك؛ كما رواه الحاكم وصحح إسناده (4).

(ولا تصح إلا من إبل، وبقر، وغنم) لقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} ، ولأنها عبادة متعلقة بالحيوان، فاختصت بالأنعام؛ كالزكاة.

(وشرط إبل: أن يطعن في السنة السادسة، وبقر ومعز في الثالثة، وضأن في الثانية) بالإجماع؛ كما قاله في "شرح المهذب"(5).

نعم؛ لو أجذعت الشاة من الضأن؛ أي: سقطت سنها قبل تمام السنة .. أجزت؛ كما نقله الرافعي عن العبادي والبغوي، ويكون ذلك منزلة البلوغ بالاحتلام، وجرى عليه في "الروضة" و"شرح المهذب"(6).

(ويجوز ذكر وأنثى) بالإجماع.

نعم؛ التضحية بالذكر أفضل على الأصح؛ لأن لحمه أطيب.

(1) صحيح مسلم (1977/ 41) عن أم سلمة رضي الله عنها.

(2)

أخرجه مسلم (1218/ 147) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(3)

المجموع (8/ 298).

(4)

المستدرك (4/ 222) عن عمران بن حصين رضي الله عنه.

(5)

المجموع (8/ 287).

(6)

الشرح الكبير (12/ 63)، روضة الطالبين (3/ 193)، المجموع (8/ 287).

ص: 348

وَخَصِيٌّ، وَالْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَأَفْضَلُهَا بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ، وَسَبع شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ، وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ. وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ لَحْمًا؛

===

(وخصي) للاتباع (1).

(والبعير والبقرة عن سبعة) للنص فيه؛ كما رواه مسلم (2)، (والشاة عن واحد) فلو اشترك اثنان في شاة .. لم يجز، والأحاديثُ المخالفة لذلك كحديث:"اللَّهُمَّ؛ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ"(3) .. محمولةٌ على أن المراد: التشريك في الثواب لا في الأضحية.

(وأفضلها بعير) لأنه أكثر لحمًا (ثم بقرة) لأنها كسبع شياه (ثم ضأن ثم معز) لأن لحم الضأن أطيب من المعز.

(وسبع شياه أفضل من بعير) ومن بقرة؛ لأن لحم الغنم أطيب، والدم المراق أكثر، (وشاة أفضل من مشاركة) بسبع (في بعير) للانفراد بإراقة الدم، وطيب اللحم.

(وشرطها) أي: الأضحية (سلامة من عيب ينقص لحمًا) في الحال؛ كقطع فلقة من الفخذ ونحوه، أو في المآل؛ كعرج بين ونحوه مما سيأتي؛ لأنه ينقص رعيها فتهزل.

وكان الأولى أن يقول: (ينقص مأكولًا) بدل (لحم) فإن مقطوعة الألية لا تجزئ، مع أنها ليست بلحم.

وقضية كلامه: عدم إجزاء التضحية بالحامل؛ لأن الحمل يهزلها، وهو ما حكاه في "شرح المهذب" في أواخر (زكاة الغنم) عن الأصحاب (4).

وما وقع في "الكفاية": من أن المشهور: إجزاؤها؛ لأن ماحصل من نقص

(1) أخرجه أبو داوود (2795) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(2)

صحيح مسلم (1213/ 138) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(3)

أخرجه الحاكم (2/ 391) عن أبي رافع رضي الله عنه.

(4)

المجموع (5/ 383).

ص: 349

فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ، وَمَجْنُونَةٌ، وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ الأُذُنِ، وَذَاتُ عَرَجٍ وَعَوَرٍ وَمَرَضٍ وَجَرَبٍ بَيِّنٍ، وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا، وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ، وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا فِي الأَصَحِّ

===

اللحم ينجبر بالجنين .. ليس بمعتمد (1).

(فلا تجزئ عجفاء) وهي التي ذهب مخها من غاية الهزال؛ لحديث: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضةُ الْبيق مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي" رواه الأربعة، وصححه ابن حبان (2)، ومعنى (لا تنقي) أي: لا نِقْي لها، وهو المخ.

(ومجنونة) لأنه ورد النهي عن الثَّوْلاء (3)، وهي المجنونة التي تستدبر المرعى، ولا ترعى إلا القليل، وذلك يورث الهزال.

(ومقطوعة بعض الأذن) وإن قل؛ لذهاب جزء مأكول.

(وذات عرج وعور ومرض وجرب بين) للحديث المار.

وقضية عطف الجرب على المرض: أنه غير المرض، وليس كذلك، بل هو نوع منه؛ كما قاله الرافعي، بل نقل في "البيان" عن الأصحاب: أن المراد بالمريضة في الحديث: الجرباء (4).

(ولا يضر يسيرها) أي: يسير الأربعة المذكورة؛ لعدم تأثيره في اللحم، (ولا فقد قرون) لأنه لا يتعلق بالقرن عظيم غرض.

(وكذا شق أذن وخرقها وثقبها في الأصح) بشرط ألا يسقط من الأذن شيء؛

(1) كفاية النبيه (8/ 83 - 84).

(2)

سنن أبي داوود (2802)، سنن الترمذي (1497)، سنن النسائي (7/ 214)، سنن ابن ماجه (3144)، صحيح ابن حبان (5919) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.

(3)

قال ابن الملقن رحمه الله تعالى في "البدر المنير"(9/ 291): (ورد النهي عن التضحية بالثولاء، هذا الحديث غريب، لا أعلم من خرجه بعد شدة البحث عنه، وكذا قال ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": "هذا الحديث لم أجده ثابتًا"، قلت: وفي "نهاية" ابن الأثير من حديث الحسن: "لا بأس أن يُضحَّى بالثولاء"). انظر "الوسيط"(7/ 133)، و"النهاية في غريب الحديث"(1/ 230).

(4)

الشرح الكبير (12/ 65)، البيان (4/ 444).

ص: 350

قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَيَبْقَى حَتَّى تَغْرُبَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

===

لأنه لا ينقص من لحمها شيئًا، والثاني: يضر ذلك؛ لصحة النهي عن التضحية بالخرقاء، وهي مخروقة الأذن، والشرقاء، وهي مشقوقة الأذن (1).

والأول حمل النهي على التنزيه؛ جمعًا بينه وبين مفهوم العدد في قوله عليه السلام: "أَرْبَع لَا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِي

" الحديث (2)، فإنه يقتضي جواز ما سواها.

والجمع بين الخرق والثقب تبع فيه "المحرر"(3)، ولا وجه له؛ فإن الرافعي فسر الخرق بالثقب (4).

(قلت: الصحيح المنصوص: يضر يسير الجرب، والله أعلم) لأنه يفسد اللحم، والثاني: لا يضر؛ كالمرض.

(ويدخل وقتها) أي: التضحية (إذا ارتفعت الشمس كرمح يوم النحر، ثم مضي قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين) فإن ذبح قبل ذلك .. فشاة لحم؛ لحديث: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ .. فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ .. فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ" متفق عليه (5).

ومقتضى قوله: (خفيفتين): اعتبار الخفة في الخطبتين خاصة، وهو وجه، والأصح: اعتبارها في الركعتين أيضًا، فلو قال:(خفيفات) .. لاستقام، ووقع في "مناسك المصنف":(معتدلتين) بدل (خفيفتين)(6)، واستغرب.

(ويبقى) وقت التضحية (حتى تغرب آخر التشريق) لقوله عليه السلام: "في كُلِّ

(1) أخرجه الحاكم (4/ 224)، وأبو داوود (2804) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(2)

سبق تخريجه في (ص 350).

(3)

المحرر (ص 466).

(4)

الشرح الكبير (12/ 67).

(5)

صحيح البخاري (5556)، صحيح مسلم (1961) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.

(6)

الإيضاح (ص 337).

ص: 351

قُلْتُ: ارْتفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ، وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا، ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَمَنْ نَذَرَ مُعَيَّنَةً فَقَالَ:(للهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) .. لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ .. فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا .. لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا وَيَذْبَحَهَا فِيهِ،

===

أيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ" رواه ابن حبان في "صحيحه" (1).

نعم، تكره التضحية والذبح ليلًا.

(قلت: ارتفاع الشمس فضيلة، والشرط طلوعها، ثم مضي قدر الركعتين، والخطبتين، والله أعلم) بناء على أن دخول صلاة العيد بطلوع الشمس، وهو ما جزم به في "الكتاب"، وصححه في "زيادة الروضة"(2)، قال الأَذْرَعي ومن تبعه: والصواب من حيث النقل: ما في "المحرر"، فإن الجمهور عليه، وحكاه في "البحر" عن نص الشافعي في "المبسوط"، وهو الراجح من حيث الدليل كما قرره في "المطلب".

(ومن نذر معينة فقال: "لله علي أن أضحي بهذه" .. لزمه ذبحها في هذا الوقت) ليقع أداء؛ لأنه الوقت السائغ شرعًا، فلو أخرها عن الوقت .. لزمه ذبحها بعده، وتكون قضاء؛ كما حكاه الروياني عن الأصحاب.

(فإن تلفت قبله) بغير تفريط ( .. فلا شيء عليه) لأنها وديعة عنده، (وإن أتلفها .. لزمه أن يشتري بقيمتها) يوم الإتلاف (مثلها ويذبحها فيه) أي: في الوقت المذكور؛ لتعديه.

وقضية كلامه: أنه يلزمه قيمتها فقط، حتى إنه لو لم يجد مثلها إلا بأكثر من قيمتها .. لم يلزمه شراؤها كالأجنبي، وهو وجه، والأصح: أنه يلزمه أكثر الأمرين من قيمتها، وتحصيل مثلها، وعلى هذا: لو كانت قيمة يوم الإتلاف أكثر، ثم رخصت الغنم، وأمكن شراء مثل الشاة الأولى ببعضها .. فتشترى بها كريمة، أو

(1) صحيح ابن حبان (3854)، وأخرجه الدارقطني (4/ 284)، والبيهقي (9/ 295)، وأحمد (4/ 82) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.

(2)

روضة الطالبين (2/ 70)، منهاج الطالبين (ص 141).

ص: 352

وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَ .. لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ .. بَقِيَ الأَصْلُ عَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ. وَتشتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ إِنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِين، وَكَذَا إِنْ قَالَ:(جَعَلْتُهَا أُضْحِيَةً) فِي الأَصَحِّ،

===

شاتان فصاعدًا، وإن لم توجد كريمة، وفضل ما لا يفي بأخرى .. شارك به في ذبيحة أخرى على الأصح، فإن لم يمكن شراء شقص، لقلة الزائد فيشترى به لحم، ويتصدق به، أو يتصدق به دراهم؛ فيه وجهان.

(وإن نذر في ذمته ثم عين) بأن قال: (لله علي أضحية)، ثم قال:(عينت هذه الشاة لنذري) .. تعين على الأصح، و (لزمه ذبحه فيه) أي: في الوقت؛ لأنه التزم أضحية في الذمة، والضحية مؤقتة، وقيل: لا تتأقت به؛ لثبوتها في الذمة؛ كدم الجبرانات.

(فإن تلفت) المعينة (قبله .. بقي الأصل عليه في الأصح) لأن ما التزمه ثبت في ذمته، والمعين وإن زال ملكه فهو مضمون عليه؛ كما لو كان لرجل على آخر دين فاشترى منه سلعة بذلك الدين، ثم تلفت السلعة قبل التسليم في يد بائعها .. فإنه ينفسخ البيع ويعود الدين، كذلك هنا يبطل التعيين، ويعود ما في ذمته كما كان، والثاني: لا يجب الإبدال؛ لأنها تعينت بالتعيين.

(وتشترط النية عند الذبح إن لم يسبق تعيين) وجه اشتراط النية: أنها عبادة، والأعمال بالنيات، وأما كونها عند الذبح: فلأن الأصل اقتران النية بأول الفعل، وهذا وجه، والأصح في "الشرح"، و"الروضة"، و"شرح المهذب": جواز تقديم النية في غير المعينة؛ كما في تقديم النية على تفرقة الزكاة (1)، قال في "المهمات": لكن يشترط صدور النية بعد تعيين المذبوح، فإن كان قبله .. لم يجز كما صرحوا به في الزكاة، وهذا مثله (2).

(وكذا إن قال: "جعلتها أضحية" في الأصح) لأن التضحية قربة في نفسها فتحتاج إلى النية، والثاني: الاكتفاء بما سبق، ولا حاجة للتحديد؛ كما لو قال

(1) الشرح الكبير (12/ 77 - 78)، روضة الطالبين (3/ 200)، المجموع (8/ 298).

(2)

المهمات (9/ 27).

ص: 353

وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ .. نَوَى عِنْدَ إِعْطَاءِ الْوَكِيلِ أَوْ ذَبْحِهِ، وَلَهُ الأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَةِ تَطَوُّعٍ،

===

لعبده: (أعتقتك)، وبه جزما في "الروضة" و"أصلها" في المسألة العاشرة، فقالا: إنه لو ذبح أجنبي أضحية معينة ابتداءً في وقت الذبح .. فالمشهور: أنه يقع الموقع؛ لأن ذبحها لا يفتقر إلى نية، فإذا فعله غيره .. أجزأ؛ كإزالة النجاسة (1).

(وإن وكل بالذبح .. نوى عند إعطاء الوكيل أو) عند (ذبحه) لأنه قائم مقامه، وهذا صريح في جواز تقديم النية على الذبح، وهو الأصح كما قدمناه، ويجوز أن يفوض النية إلى الوكيل المسلم دون الكافر (2).

(وله الأكل من أضحية تطوع) بل يستحب، لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ، وقيل: يجب الأكل؛ لظاهر الأمر.

وقضية كلامه: منع الأكل من الواجبة مطلقًا، وهو قضية كلام الرافعي من حيث النقل، وصرح به في "شرح المهذب"(3)، لكن الرافعي قال: يشبه أن يتوسط فيرجح في المعين الجواز، وفي المرسل في الذمة: المنع، سواء عين عنه، ثم ذبح المعين، أو ذبح بلا تعيين؛ لأنه عن دين في الذمة؛ كجبرانات الحج، وإلى هذا ذهب الماوردي، وعليه ينطبق سياق الشيخ أبي علي (4). انتهى

قال الأَذْرَعي: وهذا التفصيل قاله الماوردي تفقهًا، وأنكره عليه الشاشي، وقال: ليس له معنى يعول عليه، والفرق المذكور ضعيف، بل قد يقال: إن المعينة في الحال خرجت من ملكه؛ كالعتق فهي بالمنع أجدر، والصحيح المختار، والمنصوص عليه في "الأم": المنع مطلقًا. انتهى

ثم الخلاف في غير نذر المجازاة، أما هو .. فلا يجوز الأكل منه قطعًا؛ لأنه وجب على سبيل المجازاة والمعاوضة فأشبه جزاء الصيد.

(1) الشرح الكبير (12/ 96)، روضة الطالبين (3/ 214).

(2)

قال في "العجالة"[4/ 1741] بعد ذكر كلام الكتاب: (ولا يخفى أن المراد: إذا كان الوكيل مسلمًا، فإن كان كتابيًّا .. لا يجوز تفويض النية إليه). انتهى، وهو كلام عجيب؛ فإنه لم يتقدم في كلام المصنف ولا في كلامه ذكر تفويض النية حتى يقول ذلك. اهـ هامش (أ).

(3)

المجموع (8/ 309).

(4)

الشرح الكبير (12/ 107).

ص: 354

وَإِطْعَامُ الأَغْنِيَاءِ، لَا تَمْلِيكُهُمْ، وَيَأْكُلُ ثُلُثًا، وَفِي قَوْلىٍ: نِصْفًا،

===

(وإطعام الأغنياء) لقوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ، قال مالك: أحسن ما سمعت: أن القانع: الفقير، والمعتر: الزائر (1)، (لا تمليكهم) ليتصرفوا فيه بالبيع وغيره، بل ترسل إليهم على سبيل الهدية؛ لأن الآية دلت على الإطعام لا التمليك، ولأن الأغنياء ضيفان الله تعالى على لحوم الأضاحي، والضيف لا يهب، ولكن يطعم، وهذا تبعا فيه الإمام، وهو من فقهه (2).

قال ابن الصلاح: وفيه نظر؛ فإن ما أطلقوه من جواز الإهداء إلى الأغنياء ظاهره الهدية المفيدة للملك الممكنة من التصرفات، قال ابن الرفعة: والظاهر: مع ابن الصلاح.

(ويأكل ثلثًا) على الجديد؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ} جعلها على ثلاثة أقسام، وفسر المفسرون القانع بالذي يسأل، والمعتر بالذي يتعرض له ويحوم حوله، وعلى هذا: قيل: يتصدق بالثلثين الآخرين، وقيل: يأكل الثلث، ويتصدق بالثلث، ويهدي للأغنياء والمتجملين الثلث، ولم يرجحا في "الشرحين" و"الروضة" شيئًا (3).

نعم؛ صحح في "تصحيح التنبيه" الثاني (4)، ونقله الأَذْرَعي عن نص "البويطي"، وجعل الرافعي في "التذنيب" المشهور: الأولى، وقال في "الشرح": يشبه ألا يكون في الحقيقة اختلاف، ولكن من اقتصر على التصدق بالثلثين .. ذكر ما هو الأحب، أو توسع .. فعد الهدية من الصدقة (5).

(وفي قول) قديم (نصفًا) ويتصدق بالنصف؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فجعلها على قسمين.

(1) انظر " تفسير القرطبي"(12/ 65).

(2)

نهاية المطلب (18/ 200).

(3)

الشرح الكبير (12/ 110)، روضة الطالبين (3/ 224 - 225).

(4)

تصحيح التنبيه (1/ 265).

(5)

الشرح الكبير (12/ 110).

ص: 355

وَالأَصَحُّ: وُجُوبُ تَصَدُّقٍ ببَعْضِهَا، وَالأَفْضَلُ: بِكُلِّهَا إِلَّا لُقَمًا يَتبَرَّكُ بِأَكْلِهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتفِعُ بِهِ، وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ يُذْبَحُ، وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ

===

والمقصود من كلام المصنف على ما دل عليه كلام "الروضة": أنه يستحب ألا يزيد في الأكل ونحوه على الثلث على الأول، ولا على النصف على الثاني، وليس المراد أنه يستحب أكل هذا القدر؛ كما عبر به في "البيان"(1)، والروياني في "الحلية".

(والأصح: وجوب تصدق ببعضها) أي: مما ينطلق عليه الاسم؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ويكفي صرفه إلى مسكين واحد، ولا بد من تمليكه نيئًا، فلا يجزئ المطبوخ؛ فإنه يشبه الخبز في الفطرة، ولا يكفي التصدق بالجلد، والثاني: لا يجب التصدق، ويكفي في الثواب إراقة الدم بنية القربة.

(والأفضل: بكلها) لأنه أقرب إلى التقوى، وأبعد عن حظ النفس (إلا لقمًا يتبرك بأكلها) عملًا بظاهر القرآن، وكان عليه السلام يأكل من كبد أضحيته؛ كما رواه البيهقي (2)، وللخروج من خلاف من أوجب الأكل.

(ويتصدق بجلدها أو ينتفع به) والتصدق به أفضل، ولا يباع؛ لحديث:"مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَتِهِ .. فَلَا ضَحِيَّةَ لَهُ" صححه الحاكم (3).

هذا في المتطوع بها، أما الواجبة .. فيجب التصدق بجلدها إذا قلنا: لا يجوز أن يأكل منها؛ كما ذكره في "شرح المهذب"(4).

(وولد الواجبة يذبح) لأن تعيينها يزيل الملك، فاستتبع الولد؛ كالعتق، فإن ماتت الأم .. بقي أضحية.

(وله أكل كله) لأنه جزء منها، وليس بمستقل للتضحية، وهذا ما نقله الرافعي عن ترجيح الغزالي (5)، وهو لا يصح إلا على القول بجواز الأكل من الواجبة، وقد

(1) البيان (4/ 455).

(2)

سنن البيهقي (3/ 283) عن بريدة رضي الله عنه.

(3)

المستدرك (2/ 389 - 390) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

المجموع (8/ 313).

(5)

الشرح الكبير (12/ 114).

ص: 356

وَشُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا. وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ، فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ .. وَقَعَتْ لَهُ، وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إِذْنٍ، وَلَا تَضْحِيَةَ عَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَا عَنْ مَيْتٍ إِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا.

===

تقدم أن المذهب: منع الأكل منها مطلقًا، والغزالي ممن يجوز الأكل من المعينة، فلهذا جوز أكل جميع الولد، فإذًاا لمجزوم به في "الكتاب"، و"أصله" مفرع على الضعيف.

(وشرب فاضل لبنها) عن ولدها، لقوله تعالى:{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} ، قال النخعي: إن احتاج إلى ظهرها .. ركب، وإن حلب لبنها .. شرب.

وفرق بين الولد واللبن من ثلاثة أوجه: أحدها: أن بقاء اللبن معها يضرها، وثانيها: أن اللبن يستخلف مع الأوقات، فما يتلفه يعود فيسامح به، وثالثها: أنه لو جمعه .. لفسد.

(ولا تضحية لرقيق) لعدم ملكه، والتضحية تعتمد الملك، هذا في كامل الرق، أما المبعض .. فهو فيما يملكه كالحر الكامل، (فإن أذن سيده .. وقعت له) أي: للسيد، وكأنه آلة، (ولا يضحي مكاتب بلا إذن) لأنها تبرع، فإن أذن .. فالقولان في تبرعه بالإذن، والأظهر: الجواز.

(ولا تضحية عن الغير بغير إذنه) لأنها عبادة، والأصل ألا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما مع عدم الإذن، ويستثنى: تضحية الإمام عن المسلمين من بيت المال؛ فإنه يجوز، (ولا عن ميت إن لم يوص بها) لأنها عمل بدني كذا علل، وفيه نظر، فإن أوصى بها .. جاز، لما رواه الترمذي:(أن عليًّا رضي الله عنه كان يضحي بكبشين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر عن نفسه، فقيل له، فقال: أمرني به؛ يعني: النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدعه أبدًا) وصححه الحاكم وغيره (1).

وما أطلقاه من المنع .. قاله صاحب "العدة" والبغوي، وأطلق أبو الحسن

(1) سنن الترمذي (1495)، المستدرك (4/ 229)، وأخرجه أبو داوود (2790)، والبيهقي (9/ 288).

ص: 357