الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ زَكَّوْهُمْ .. قُبِلَ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ .. لَمْ يَجُز.
فصلٌ [في الرجوع عن الشهادة]
رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ .. امْتَنَعَ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَالٍ .. اسْتُوفِيَ، أَوْ عُقُوبَةٍ .. فَلَا، أَوْ بَعْدَهُ .. لَمْ يُنْقَضْ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْفَى قِصَاصًا أَوْ قَتْلَ رِدَّةٍ أَوْ رَجْمَ زِنًا أَوْ جَلْدَهُ وَمَاتَ وَقَالُوا:(تَعَمَّدْنَا) .. فَعَلَيْهِمْ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ،
===
عدالتهم، وقيل: يشترط؛ لأن تركه يورث ريبة.
(فإن زكوهم .. قبل) إذا كانوا من أهل التعديل؛ لأنهم غير متهمين في تعديلهم.
(ولو شهدوا على شهادة عدلين أو عدول ولم يسموهم .. لم يجز) لأنه يسدُّ بابَ الجرح على الخصم.
* * *
(فصل: رجعوا) أي: الشهود (عن الشهادة) بعد الأداء (قبل الحكم .. امتنع) الحكم بشهادتهم؛ لأن الحاكم إنما يحكم بسبب موجود وقت الحكم، والسبب شهادتهم وقد عدم، ولأن القاضي لا يدري أصدقوا في الأول أو في الثاني، فلا يبقى ظن الصدق، (أو بعده) أي: بعد الحكم (وقبل استيفاء مال .. استوفي) لأن القضاء قد تم، وليس هو مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع، وإن كانت الشهادة في شيء من العقود أمضى؛ كاستيفاء المال، (أو عقوبة) لآدمي؛ كقصاص وحد قذف، أو لله تعالى؛ كحد زنا أو سرقة ( .. فلا) تستوفى؛ لأنها تسقط بالشبهة، والرجوع شبهة بخلاف المال، (أو بعده) أي: بعد الاستيفاء ( .. لم ينقض) لتأكد الأمر.
(فإن كان المستوفى قصاصًا أو قتل ردة أو رجم زنًا أو جلده ومات) من الجلد، ثم رجعوا، (وقالوا:"تعمدنا " .. فعليهم قصاص، أو دية مغلَّظة) في مالهم موزعة على عدد رؤوسهم؛ لتسببهم إلى إهلاكه، ويحدون في شهادة الزنا حدَّ القذف أولًا، ثم يقتلون، وهل يرجمون أو يقتلون بالسيف؟ فيه احتمالان للعبادي،
وَعَلَى الْقَاضِي قِصَاصٌ إِنْ قَال: (تَعَمَّدْتُ)، وَلَوْ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ .. فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ إِنْ قَالُوا:(تَعَمَّدْنَا)، فَإنْ قَالُوا:(أَخْطَأْنَا) .. فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ، وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يَضْمَنُ، أَوْ وَلِيٌّ وَحْدَهُ .. فَعَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ، أَوْ مَعَ الشُّهُودِ .. فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ وَهُمْ شُرَكَاءُ
===
أصحهما عند الشيخين: الأول (1).
وهذه المسألة مكررة في "الكتاب" سبقت في أول (الجراح).
واستثنى المصنف من وجوب القصاص عليهم: ما إذا اعترف الولي بعلمه بكذبهما.
(وعلى القاضي قصاص) إذا رجع دون الشهود (إن قال: "تعمدت") لاعترافه بالعمدية وعدم الإلجاء؛ إذ هو مختار في الاستيفاء، فإن آل الأمر إلى الدية .. وجبت مغلظة في ماله.
(ولو رجع هو وهم) يعني: القاضي والشهود ( .. فعلى الجميع قصاص) أو دية مغلظة (إن قالوا: "تعمدنا") لاستناد الجناية إلى الجميع.
(فإن قالوا: "أخطأنا" .. فعليه نصف دية وعليهم نصف) توزيعًا على المباشرة والسبب.
(ولو رجع مزك .. فالأصح: أنه يضمن) بالقصاص أو الدية؛ لأنه بالتزكية يلجئ القاضي إلى الحكم المفضي إلى القتل، والثاني: لا؛ لأنه لم يتعرض للمشهود عليه، وإنما أثنى على الشاهد، والحكم إنما يقع بشهادة الشاهد، فكان كالممسك مع القاتل.
(أو ولي وحده) دون الشهود ( .. فعليه قصاص أو دية) لأنه المباشر (أو مع الشهود .. فكذلك) أي: فعليه القصاص أو الدية وحده؛ لأنه المباشر وهم معه كالممسك مع القاتل، (وقيل: هو وهم شركاء) لتعاونهم على القتل، بخلاف الممسك؛ فعلى هذا: عليه وعليهم القود؛ فإن آل الأمر إلى الدية .. فعليه نصفها
(1) الشرح الكبير (13/ 124)، روضة الطالبين (11/ 297).
وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي فَرَجَعَا .. دَامَ الْفِرَاقُ وَعَلَيْهِمْ مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ: نِصْفُهُ إِنْ كَانَ قَبْلَ وَطْءٍ. وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ وَفَرَّقَ وَرَجَعَا فَقَامَتْ: بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ .. فَلَا غُرْمَ، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ .. غَرِمُوا فِي الأَظْهَرِ،
===
وعليهم نصفها، وترجيح الأول من "زيادات الكتاب" على "أصله" من غير تمييز، فإنه قال في "المحرر": فيه وجهان رجح كلًّا مرجحون، ولم يرجح في "الشرح" أيضًا شيئًا (1).
نعم؛ صحح في "الروضة" الأول من زياداته (2).
(ولو شهدا بطلاق بائن أو رضاع) محرم (أو لعان وفرق القاضي فرجعا .. دام الفراق) لأن قولهما في الرجوع محتمل، فلا يُرَدُّ القضاء بقول محتمل، (وعليهم مهر مثل) لأنه بدل ما فوتاه عليه، (وفي قول: نصفه إن كان قبل وطءٍ) لأنه الذي فات على الزوج؛ لأن النصف الآخر عاد إليه سالمًا، والأظهر: يلزمهم مهر المثل أيضًا؛ لأنه بدل ما أتلفوه، والنظر في الإتلاف إلى المتلف لا إلى ما قام به على المستحق، ولهذا لو أبرأته عن الصداق وشهدا بالطلاق ورجعا .. غرما وإن لم يفت على الزوج شيء، وفي قول آخر: نصف المُسمَّى.
واحترز بالطلاق البائن: عن الرجعي؛ فإنه إذا راجع لا غرم؛ إذ لا تفويت ولا غرم؛ فإن لم يراجع حتى انقضت العدة .. التحق بالبائن، ووجب الغرم على الصحيح في "أصل الروضة"، ولم يصرح الرافعي بترجيح (3).
(ولو شهدا بطلاق وفرَّق) بينهما (ورجعا فقامت بينة أنه كان بينهما رضاع) محرم ( .. فلا غرم) إذ لم يفوتا شيئًا، ولو غرما قبل إقامة البينة .. استرد المغروم.
(ولو رجع شهود مال .. غرموا) للمحكوم عليه (في الأظهر) لحصول الحيلولة بشهادتهم، والثاني: المنع؛ لأن الضمان باليد أو الإتلاف، ولم يوجد واحد منهما، وإن أتوا بما يقتضي الفوات؛ كمن حبس المالك عن ماشيته حتى ضاعت، وعزاه
(1) المحرر (ص 503)، الشرح الكبير (13/ 125).
(2)
روضة الطالبين (11/ 298).
(3)
روضة الطالبين (11/ 301)، الشرح الكبير (13/ 131).
وَمَتَى رَجَعُوا كُلُّهُمْ .. وُزِّعَ عَلَيْهِمُ الْغُرْمُ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ .. فَلَا غُرْمَ، وَقِيلَ: يَغْرَمُ قِسْطَهُ. وَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ وَلَمْ يَزِدِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ .. فَقِسْطُهُ، وَإِنْ زَادَ .. فَقِسْطٌ مِنَ النِّصَابِ، وَقِيلَ: مِنَ الْعَدَدِ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ .. فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُمَا نِصْفٌ، أَوْ وَأَرْبَعٌ فِي رَضَاعٍ .. فَعَلَيْهِ ثُلُثٌ وَهُنَّ ثُلُثَانِ،
===
الفوراني والإمام إلى الجديد، وذكر في "العدة": أنه ظاهر المذهب، وأن الفتوى على الأول (1)، كذا قالاه (2).
(ومتى رجعوا كلهم .. وزع عليهم الغرم) بالسوية عند اتحاد نوعهم، (أو بعضهم وبقي نصاب) كما إذا رجع من الثلاثة واحد فيما يثبت بشاهدين؛ كالعتق ( .. فلا غرم) لبقاء من تقوم به الحجة، فكأن الراجع لم يشهد، (وقيل: يغرم قسطه) لأن الحكم وقع بشهادة الجميع، وكل منهم قد فوَّت قسطًا فيغرم ما فوت.
(وإن نقص النصاب، ولم يزد الشهود عليه .. فقسطه) فإذا شهد اثنان فيما يثبت بهما؛ كالقتل ثم رجع أحدهما .. فعليه النصف؛ لأن ما لزم المجموع يوزع عند الانفراد.
(وإن زاد) عدد الشهود على النصاب؛ كما إذا رجع من الخمسة في الزنا أو الثلاثة في غيره اثنان ( .. فقسط من النصاب) بناءً على أنه لا غرم إذا بقي نصاب، فيجب النصف على الراجعين من الثلاثة؛ لبقاء نصف الحجة، (وقيل: من العدد) بناءً على الغرم فيما إذا بقي نصاب، فيجب الثلثان على الراجعين من الثلاثة؛ لأن البينة إذا نقص عددها .. زال حكمها، وصار الضمان متعلقًا بالإتلاف وقد استووا فيه.
(وإن شهد رجل وامرأتان) فيما يثبت بذلك ثم رجعوا ( .. فعليه نصف، وهما نصف) على كل واحدة ربع؛ لأنهما كالرجل.
(أو وأربع في رضاع) ونحوه مما يثبت بمحض النساء ثم رجعوا ( .. فعليه ثلث وهن ثلثان) وتنزل كل امرأتين منزلة رجل؛ لأن هذه الشهادة تنفرد بها النساء، فلا يتعين الرجل للشطر.
(1) وقع في "الكفاية": أن النووي صحح الثاني، ووهم في ذلك. اهـ هامش (أ).
(2)
الشرح الكبير (13/ 140)، روضة الطالبين (11/ 302).
فَإِنْ رَجَعَ هُوَ أَوْ ثِنْتَانِ .. فَلَا غُرْمَ فِي الأَصَحِّ، وَإِنْ شَهِدَ هُوَ وَأَرْبَعٌ بِمَالٍ .. فَقِيلَ: كَرَضَاعٍ، وَالأَصَحُّ: هُوَ نِصْفٌ وَهُنَّ نِصْفٌ، سَوَاءٌ رَجَعْنَ مَعَهُ أَوْ وَحْدَهُنَّ، وَإِنْ رَجَعَ ثِنْتَانِ .. فَالأَصَحُّ: لَا غُرْمَ، وَأَنَّ شُهُودَ إِحْصَانٍ أَوْ صفَةٍ مَعَ شُهُودِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَا يَغْرَمُونَ.
===
(فإن رجع هو) أي: الرجل (أو ثنتان) فقط ( .. فلا غرم في الأصح) لبقاء الحجة، والثاني: عليه أو عليهما ثلث الغرم؛ كما لو رجع الجميع.
(وإن شهد هو وأربع بمال .. فقيل: كرضاع) فعليه ثلث، وعليهن ثلثان (والأصح: هو نصف، وهن نصف، سواء رجعن معه أو وحدهن) بخلاف الرضاع؛ لأن المال لا يثبت بشهادة النساء المتمحضات، وإن كثرن .. فنصف الحجة تقوم بالرجل معهن، سواء قلوا أم كثروا.
(وإن رجع ثنتان .. فالأصح: لا غرم) لبقاء الحجة، والثاني: عليهما ربع الغرم؛ لأنهما ربع البينة.
(وأن شهود إحصان) مع شهود الزنا (أو) شهود (صفة مع شهود تعليق طلاق وعتق لا يغرمون) إذا رجعوا، أما شهود الإحصان .. فلأنهم لم يشهدوا بموجب عقوبة وإنما وصفوه بصفة كمال، وأما في شهود الصفة مع شهود تعليق الطلاق والعتق .. فلأنهم لم يشهدوا بطلاق ولا عتق، وإنما أثبتوا صفة، والثاني: يغرمون؛ لأن الرجم يتوقف على ثبوت الزنا والإحصان جميعًا، فالقتل لم يستوف إلا بهم، وكذلك الطلاق والعتق وقع بقولهم.
* * *