الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأطعمة
حَيَوَانُ الْبَحْرِ السَّمَكُ مِنْهُ حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ، وَكَذَا غَيْرُهُ فِي الأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إِنْ أُكِلَ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ .. حَلَّ، وَإِلَّا .. فَلَا، كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ
===
(كتاب الأطعمة)
هي: جمع طعام، والمراد: بيان ما يحل أكله وشربه من المطعوم والمشروب.
والأصل في الباب: آيات؛ منها: قوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} أي: ما تستطيبه أنفسكم.
(حيوان البحر) وهو ما لا يعيش إلا في الماء، وعيشه خارجه كعيش المذبوح (السمك منه حلال كيف مات) سواء بسبب ظاهر؛ كصدمة حجر، أو انحسار ماء، أو مات حتف أنفه طافيًا أو راسيًا؛ لما سلف في (كتاب الصيد والذبائح).
(وكذا غيره) أي: غير السمك (في الأصح) لإطلاق قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْر} وقوله عليه السلام: "الْحِل مَيْتَتُهُ"(1)، وكلامه صريح في انقسام حيوان البحر إلى سمك وغيره، وهو مخالف لتصحيح " الروضة" و"أصلها": أن السمك يقع على جميعها (2)، ولهذا أول قوله:(وكذا غيره) مما ليس على صورته، ويشهد له قول "الروضة": ما ليس على صورة السمك المشهورة (3).
(وقيل: لا) لأنه عليه السلام خص السمك بالحل في قوله: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ: السَّمَكُ وَالْجَرَادُ"(4)، فيبقى ما سواهما داخلًا تحت تحريم الميتة، (وقيل: إن أكل مثله في البر) كالبقرة، والشاة ( .. حل، وإلا) أي: وإن كان لا يؤكل ( .. فلا) يحل (ككلب وحمار) وخنزير؛ اعتبارًا لما في البحر بما في البر، ولأن الاسم يتناوله فأجري عليه حكمه، فعلى هذا: لو وجد ما لا نظير له في البر .. حل؛ لحديث
(1) أخرجه ابن خزيمة (111)، وابن حبان (1243)، والحاكم (1/ 140) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
الشرح الكبير (12/ 141)، روضة الطالبين (3/ 274).
(3)
روضة الطالبين (3/ 274).
(4)
أخرجه ابن ماجه (3314)، وأحمد (2/ 97) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضِفْدَعٍ وَسَرَطَانٍ وَحَيَّةٍ .. حَرَامٌ، وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ
===
العنبر المشهور في الصحيح (1)، وتمثيله بالحمار تبع فيه "المحرر"(2)، وليس في "الشرح"، وحكاه في "زيادة الروضة" عن صاحبي "الشامل" و"التهذيب" وغيرهما (3)، ونازعه البُلْقيني في النقل عن "الشامل" وقال: إن الذي في "التهذيب" شذوذ، والصواب: إلحاقه بالوحشي؛ لأنه وحشي أيضًا، فإلحاق الوحشي بالوحشي أولى وإذا حكمنا بحل ما ليس على صورة السمك .. لم تشترط فيه الذكاة على الأصح.
(وما يعيش في بر وبحر؛ كضفدع، وسرطان، وحية .. حرام) لأنه مستخبث وفيه ضرر، وقد صح النهي عن قتل الضفدع (4)، والمنهي عن قتله محرم.
واحترز بالمثال: عن البط، والإوز؛ فإنه يعيش فيهما، وهو حلال قطعًا، وسائر ذوات السموم كالحية، وكذا التمساح؛ للخبث والضرر.
هذا حاصل كلام "الروضة" و"أصلها"(5)، وقال في "شرح المهذب": الصحيح المعتمد: أن جميع ما في "البحر" يحل ميتته إلا الضفدع، وما ذكره الأصحاب، أو بعضهم من السلحفاة، والحية، والنسناس محمول على ما يكون في غير البحر (6).
(وحيوان البر يحل منه الأنعام) بالإجماع، وهي الإبل، والبقر، والغنم، (والخيل) لما في "الصحيحين" عن جابر رضي الله عنه قال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، ورخص في لحوم الخيل)(7).
(1) سبق تخريجه في (ص 329).
(2)
المحرر (ص 468).
(3)
روضة الطالبين (3/ 275).
(4)
أخرجه أبو داوود (3871)، والنسائي (7/ 210) عن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه.
(5)
الشرح الكبير (12/ 142 - 143)، روضة الطالبين (3/ 275).
(6)
المجموع (9/ 30).
(7)
صحيح البخاري (5520)، صحيح مسلم (1941).
وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ، وَظَبْيٌ وَضَبُعٌ وَضَبٌّ وَأَرْنَبٌ وَثَعْلَبٌ
===
وروى الإمام أحمد: (أنه أُكل في بيته)(1).
وأما حديث خالد في النهي عن أكلها .. فقال الإمام أحمد وغيره: منكر، وقال أبو داوود منسوخ (2).
وأما الاستدلال على تحريمها بقوله تعالى: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} ، ولم يذكر الأكل مع أنه في سياق الامتنان .. فرده البيهقي وغيره بأن الآية مكية بالاتفاق، ولحوم الحمر إنما حرمت يوم خيبر سنة سبع بالاتفاق، فدل على أنه لم يفهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة من الآية تحريمًا، لا للحمر ولا لغيرها، فإنها لو دلت على تحريم الخيل .. لدلت على تحريم الحمر، وهم لم يمنعوا منها، بل امتدت الحال إلى يوم خيبر فحرمت.
(وبقر وحش وحماره) لأنها من الطيبات، وفي "الصحيحين": أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الحمار الوحشي (3).
(وظبي) بالإجماع.
(وضبع) لحديث: "الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ .. فَفِيهِ جَزَاءُ كَبْشٍ مُسِنٍّ، ويُؤْكَلُ" رواه الحاكم من حديث جابر، وقال: صحيح الإسناد (4)، ولأن نابه ضعيف لا يتقوى ولا يعيش به، وقيل: إنه من أحمق الحيوان؛ لأنه يتناوم حتى يصاد.
(وضب) لأنه أكل بحضرته الكريمة، وقال:"لَا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ" متفق عليه (5).
(وأرنب) لأنه عليه السلام (أكل منه) كما أخرجه البخاري (6).
(وثعلب) لأنه من الطيبات، ونابه ضعيف.
(1) انظر "مسند أحمد"(6/ 346) عن أسماء رضي الله عنها.
(2)
سنن أبي داوود (3790)، وانظر "التلخيص الحبير"(6/ 3058).
(3)
صحيح البخاري (1821)، صحيح مسلم (1196) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(4)
المستدرك (1/ 453)، وأخرجه أبو داوود (3801).
(5)
صحيح البخاري (5536)، صحيح مسلم (1943) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(6)
صحيح البخاري (2572)، وهو عند مسلم برقم (1953) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
وَيَرْبُوعٌ وَفَنَكٌ وَسَمُّورٌ، وَيَحْرُمُ بَغْلٌ وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ؛ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَقِرْدٍ وَبَازِ وَشَاهِينٍ وَصَقْرٍ وَنَسْرٍ وَعُقَابٍ، وَكَذَا ابْنُ آوَى وَهِرَّةُ وَحْشٍ فِي الأَصَحِّ
===
(ويربوع) لأن العرب تستطيبه، ونابه ضعيف.
(وفنك، وسمور) وسنجاب، وقَاقُم، وحَوْصل؛ إلحاقًا لهم بالثعلب، والفنك بفتح الفاء والنون: دابة يفترى جلدها، والسمور بفتح السين، وتشديد الميم، قال ابن درستويه: هو دابة برية مثل السنور يتخذ من جلدها الفراء؛ للينها، وخفتها، ودفائها، وحسنها، وهو أعجمي معرب، ووقع في "تهذيب اللغات": أنه طائر معروف (1)، واستغرب.
(ويحرم بغل) لتولده بين حرام وحلال؛ فإن تولد بين فرس وحمار وحش .. حل بلا خلاف.
(وحمار أهلي) للنهي عن الحمر الأهلية، متفق عليه (2).
(وكل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير؛ كأسد، ونمر، وذئب، ودب، وفيل، وقرد، وباز، وشاهين، وصقر، ونسر، وعقاب) وجميع جوارح الطير؛ للنهي عن كل ذي ناب من السباع في "الصحيحين"(3)، وعن كل ذي مخلب من الطير في "مسلم"(4).
والمراد بذي الناب - كما قاله الشافعي -: هو الذي يعدو على الحيوان بنابه طالبًا غير مطلوب.
(وكذا ابن آوى، وهرة وحش في الأصح) أما ابن آوى .. فلأنه مستخبث، وأما الهرة الوحشية .. فلأنها تعدو بنابها، ووجه الحل في ابن آوى: أن نابه ضعيف، وفي الهرة: القياس على الحمار الوحشي، وكان الأولى: إطلاق الهرة بأن في الأهلية وجهًا أيضًا بالحل.
(1) تهذيب الأسماء واللغات (3/ 272).
(2)
صحيح البخاري (5522)، صحيح مسلم (561) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
صحيح البخاري (5530)، صحيح مسلم (1932) عن أبي ثعلبة رضي الله عنه.
(4)
صحيح مسلم (1934) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَغُرَابٍ أَبْقَعَ وَحِدَأَةٍ وَفَأْرَةٍ وَكُلِّ سَبُعٍ ضَارٍ، وَكَذَا رَخَمَةٌ وَبُغَاثةٌ، وَالأَصَحُّ: حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ،
===
(ويحرم ما ندب قتله، كحية، وعقرب، وغراب أبقع، وحدأة، وفأرة، وكل سبع ضار) لقوله عليه السلام: "خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" متفق عليه (1)، وفي رواية لـ "مسلم":"الْغُرَابُ الأَبْقَعُ"(2).
والمعنى فيه: أن الأمر بقتله إسقاط لحرمته، ومنع من اقتنائه، ولو أكل .. لجاز اقتناؤه، والأبقع: الذي فيه سواد وبياض، وتقييده الغراب بالأبقع يوهم حل غيره، وليس كذلك، فإن الغراب الأسود الكبير حرام على الأصح؛ لأكله الميتة.
(وكذا رخمة) لخبث غذائها، (وبغاثة) كالحدأة، وهي: طائر أبيض بطيء الطيران أصغر من الحدأة، وأوله يجوز فيه الحركات الثلاث.
(والأصح: حل غراب زرع) وهو أسود صغير يقال له: الزاغ، وقد يكون محمر المنقار والرجلين، لأنه مستطاب يأكل الزرع، فأشبه الفواخت، والثاني: أنه حرام؛ لأنه من جنس الغربان قال في "أصل الروضة": الغربان أنواع فذكرها ثم قال: ومنها غراب صغير أسود أو رمادي، وهو حرام على الأصح، وكذا العَقْعَق. انتهى (3)، وهو غير مطابق لكلام الرافعي؛ فإن كلامه يقتضي ترجيح حله، فإنه صحح حل غراب الزرع ثم قال: ومنها غراب صغير أسود أو رمادي، وقد يقال له: الغُدَاف الصغير، وفيه وجهان كالوجهين في النوع الذي قبله، وأُجري الوجهان في العَقْعَق، لكن في "التهذيب": أن الأصح: أنه حرام. انتهى (4)، ومراده بأن الأصح أنه حرام: العَقْعَق، كما هو صريح كلام "التهذيب"، لا كما ظنه في "الروضة"، وقال في "المهمات": إن الذي وقع في "الروضة" غلط (5).
(1) صحيح البخاري (3314)، صحيح مسلم (1198) عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
صحيح مسلم (67/ 1198) عن عائشة رضي الله عنها.
(3)
روضة الطالبين (3/ 272 - 273).
(4)
الشرح الكبير (12/ 136).
(5)
المهمات (9/ 61).
وَيَحْرُمُ بَبَّغَا وَطَاوُوسٍ، وَتَحِلُّ نَعَامَةٌ وَكُرْكِيٌّ وَبَطٌّ وَإِوَزٌّ وَدَجَاجٌ وَحَمَامٌ - وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ - وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ وَإِنِ اخْتَلَفَ لَوْنُهُ وَنَوْعُهُ كَعَنْدَلِيبٍ وَصَعْوَةٍ وَزُرْزُورٍ، لَا خُطَّافٌ
===
(ويحرم ببغا، وطاووس)(1) كذا نقله الرافعي عن البغوي خاصة ولم يعلله، ولا علل مقابله (2)، وعلل غيرُه التحريم بخبث اللحم، ومقابله بعدم أكلها المستقذرات.
والببغا بفتح الباءين؛ الأولى مخففة، والثانية مشددة، ومنهم من سكنها، قال الصاغاني: وهو الطائر الأخضر المعروف، يعني: الدُّرَّة.
(وتحل نعامة، وكركي، وبط، وإوز، ودجاج، وحمام، وهو كل ما عب وهدر، وما على شكل عصفور وإن اختلف لونه ونوعه كعندليب) وهو الهَزار، (وصعوة، وزرزور) لأنها من الطيبات، والإوز بكسر الهمزة، وفتح الواو، وحكي وز أيضًا.
وعطفه الإوز على البط يقتضي تغايرهما، وفسر الجوهري وغيره الإوز بالبط (3).
والدجاج مثلث الدال، والفتح أفصح، والعصفور بضم العين، والصعوة بفتح الصاد، وإسكان العين المهملتين، قال الخليل: صغار العصافير، وهو أحمر الرأس.
وقوله: (عب وهدر) الأشبه - كما قاله الرافعي -: أن كل ما عب هدر، والعب: شدة جرع الماء من غير تنفس، والهدر: ترجيع الصوت ومواصلته من غير تقطيع له.
(لا خطاف) للنهي عن قتله في حديث مرسل، لكنه اعتضد بقول صحابي، فقد صح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ كما قاله البيهقي (4).
وكل ما نهي عن قتله يحرم أكله، إذ لو حل .. لم ينه عن قتله.
(1) في (ز): (وتحريم ببغا).
(2)
الشرح الكبير (12/ 139).
(3)
الصحاح (2/ 734).
(4)
سنن البيهقي (9/ 318).
وَنَمْلٌ وَنَحْلٌ وَذُبَابٌ وَحَشَرَاتٌ كَخُنْفُسَاءَ وَدُودٍ، وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكولٍ وَغَيْرِهِ. وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ؛ إِنِ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ وَطِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعَرَبِ فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ .. حَلَّ، وَإِنِ اسْتَخْبَثُوهُ .. فَلَا،
===
ووقع في "الشرح" و"الروضة" ذكر الخطاف، والخفاش (1)، واعترض: بأن الخفاش، والخطاف واحد، وهو الوطواط؛ كما قاله أهل اللغة.
(ونمل ونحل) للنهي عن قتلهما، رواه أبو داوود بإسناد حسن (2)، وعن الخطابي: أن النهي الوارد في قتل النمل المراد به: السليماني؛ لانتفاء الأذى منه دون الصغير (3)، وفي "شرح السنة" للبغوي: أنه لا يحرم قتل النمل الصغير؛ لأنه مؤذ، ووافقه عليه في "شرح المهذب"(4).
(وذباب، وحشرات، كخنفساء، ودود) لاستخباثها، وقد قال تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .
واحترز بالمثال: عن اليربوع، والوبر، والقنفذ، والضب؛ فإن الأصح: حلها وإن كانت من الحشرات.
(وكذا ما تولد من مأكول وغيره) كالسِّمْع المتولد بين الذئب والضبع؛ تغليبًا للتحريم.
(وما لا نص فيه؛ إن استطابه أهل يسار وطباع سليمة من العرب في حال رفاهية .. حل، وإن استخبثوه .. فلا) لأن الله تعالى أناط الحل بالطيب، والتحريم بالخبيث، ويستحيل عادة اجتماع العالم على ذلك، لاختلاف الطبائع، فتعين أن يكون المراد بعضهم، والعرب بذلك أولى، لأن القرآن نزل بلغتهم، وهم السائلون عن الإباحة المجابون.
وخرج بأهل اليسار: أهلُ الحاجة، وبالطباع السليمة: أجلافُ البادية الذين
(1) الشرح الكبير (12/ 136 - 137)، روضة الطالبين (3/ 273).
(2)
سنن أبي داوود (5267)، وأخرجه ابن حبان (5646)، وابن ماجه (3224) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
معالم السنن (4/ 157).
(4)
شرح السنة (7/ 144).
وَإِنْ جُهِلَ اسْمُ حَيَوَانٍ .. سُئِلُوا وَعُمِلَ بِتَسْمِيَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ عِنْدَهُمُ اعْتُبِرَ بِالأَشْبَهِ بِهِ. وَإِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ جَلَّالَةٍ .. حَرُمَ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: يُكْرَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا فَطَابَ .. حَلَّ. وَلَوْ تنَجَّسَ طَاهِرٌ كَخَلٍّ وَدُبْسٍ ذَائِبٍ .. حَرُمَ
===
يتناولون ما دب وما درج من غير تمييز، وبحال الرفاهية: حالُ الجدب، فلا عبرة به.
(وإن جهل اسم حيوان .. سئلوا وعمل بتسميتهم) حلًّا وحرمة، (وإن لم يكن له اسم عندهم .. اعتبر بالأشبه به) في الصورة، أو الطبع، أو الطعم؛ فإن استوى الشبهان، أو لم نجد له شبهًا .. حل على الأصح في "أصل الروضة"، و"شرح المهذب"(1).
(وإذا ظهر تغير لحم جلالة .. حرم) للنهي عن أكلها (2)؛ لأنها صارت مستخبثة، (وقيل: يكره، قلت: الأصح: يكره، والله أعلم) لأن النهي هو لتغير اللحم، وهو لا يوجب التحريم؛ كما لو نتن لحم المذكى، وهذا ما نقله الرافعي عن الأكثرين (3).
والجلالة: هي التي تأكل العذرة والنجاسات، سواء كانت من الإبل أو من البقر، أو من الغنم، أو من الدجاج، والاعتبار بالرائحة والنتن لا بأكثر علفها على الصحيح، وقيل: إن كان أكثر علفها النجاسة .. فهي جلالة، وإن كان الطاهر أكثر .. فلا.
وتقييده باللحم ليس بجيد؛ فإن لبنها وبيضها كذلك، ويكره الركوب عليها بدون حائل.
وحكم السخلة المرباة بلبن كلب كالجلالة.
(فإن علفت طاهرًا فطاب .. حل) لزوال العلة.
(ولو تنجس طاهر؛ كخل ودبس ذائب .. حرم) أكله؛ لأنه عليه السلام سئل عن الفأرة تكون في السمن فقال: "إِنْ كَانَ جَامِدًا .. فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ
(1) روضة الطالبين (3/ 276)، المجموع (9/ 25).
(2)
أخرجه أبو داوود (3785)، والترمذي (1824) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
الشرح الكبير (12/ 151).
وَمَا كُسِبَ بِمُخَامَرَةِ نَجسٍ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ .. مَكْرُوهٌ، وَيُسَنُّ أَلَّا يَأْكُلَهُ وُيطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ. وَيَحِلُّ جَنِينٌ وُجِدَ مَيْتًا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ
===
مائِعًا .. فَلَا تَقْرَبُوهُ" رواه أبو داوود وابن حبان (1).
وهذا إذا قلنا: يتعذر تطهيره، وهو الصحيح، فإن قلنا: يمكن وغسل .. زال التحريم.
واحترز بالذائب: عن الجامد، فإنه يزيل النجاسة وما حولها، ويحل الباقي؛ للحديث.
(وما كسب بمخامرة نجس، كحجامة وكنس .. مكروه) للنهي عن كسب الحجام، متفق عليه (2).
وإنما لم يحرم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحاجم أجرته، كما رواه البخاري (3)، ولو كان حرامًا .. لم يعطه؛ لأنه حيث حرم الأخذ .. حرم الإعطاء؛ كأجرة النائحة.
(ويسن ألا يأكله) الحر (ويطعمه رقيقه وناضحه) لأن مُحيِّصة رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أجرة الحجام فنهاه، وكان له مولى حجام، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال له آخرًا:"اِعْلِفْهُ نَاضِحَكَ، وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ" رواه مالك في "الموطأ"، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان.
والناضح: البعير الذي يستقى عليه، وكل الدواب في معناه.
والفرق بين الحر والعبد: أن الرق دناءة، فلاق به الكسب الدنيء، بخلاف الحر، وقبل: يكره للعبد أيضًا، ونسبه الماوردي إلى الأكثرين (4).
(ويحل جنين وجد مينًا في بطن مذكاة) سواء أشعر أم لا؛ لقوله عليه السلام:
(1) سنن أبي داوود (3842)، صحيح ابن حبان (1393) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه ابن حبان (5154)، وأبو داوود (3422)، والترمذي (1277)، ومالك (ص 974) عن مُحيِّصة بن مسعود رضي الله عنه، وفي "صحيح البخاري"(2238) النهي عن ثمن الدم، وفي "صحيح مسلم"(1568) أن كسب الحجام شر الكسب.
(3)
صحيح البخاري (2210)، وهو عند مسلم برقم (1577) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(4)
الحاوي الكبير (19/ 183).
وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا وَوَجَدَ مُحَرَّمًا .. لَزِمَهُ أَكْلُهُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ،
===
"ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" صححه ابن حبان (1).
وقضية كلامه: أنه لو أخرج الجنين رأسه وبه حياة مستقرة، فلما فتح كرش الأم وجد ميتًا .. أنه يحل، وهو الأصح في "زيادة الروضة"(2)، وصحح البُلْقيني مقابله، قال الدميري:(ولا يخفى أن مراد الأصحاب: إذا مات بذكاة أمه، فلو مات قبل ذكاتها .. كان ميتة لا محالة؛ لأن ذكاة الأم لم تؤثر فيه)(3).
وخرج بقوله: (ميتًا): ما لو وجد حيًّا؛ كما لو اضطرب بعد ذبح أمه اضطرابًا طويلًا .. فإنه لا يحل بذكاة أمه.
نعم؛ لو كانت حياته غير مستقرة، بل حركته حركة مذبوح .. حل.
(ومن خاف على نفسه موتًا أو مرضًا مخوفًا ووجد محرمًا) كميتة، وخنزير، ودم، وما في معناه ( .. لزمه أكله) لقوله تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} إلى قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، وكما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال، (وقيل: يجوز) ولا يجب؛ لأنه قد يتورع؛ لتردده في الانتهاء إلى حد الضرورة؛ كالمصول عليه يتردد في القدر الدافع للصائل فيتورع، وهو مخرج من قول جواز الاستسلام.
وفرق الأول؛ بأن المستسلم للصائل يؤثر مهجة على مهجته؛ طلبًا للشهادة، وهنا بخلافه، وخوف طول مدة المرض كخوف المرض، وكذا الضعف عن المشي أو الركوب، وينقطع عن الرفقة ويضيع، وكذا إذا أجهده الجوع، وعيل صبره على الأصح في "زيادة الروضة"(4).
ويستثنى من المأكول والمشروب: الخمر، ونحوها من المسكر، فلا يجوز تناوله لجوع وعطش على الأصح.
(1) صحيح ابن حبان (5889)، وأخرجه أبو داوود (2827)، والترمذي (1476)، وابن ماجه (3199) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(2)
روضة الطالبين (3/ 279 - 280).
(3)
النجم الوهاج (9/ 568).
(4)
روضة الطالبين (3/ 282).
فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلَالًا قَرِيبًا .. لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ، وَإِلَّا .. فَفِي قَوْلٍ: يَشْبَعُ، وَالأَظْهَرُ: سَدُّ الرَّمَقِ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفًا إِنِ اقْتَصَرَ. وَلَهُ أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيْتٍ،
===
ومن الآكلين العاصي بسفره، فلا يباح له الأكل على الأصح، وطريقه: أن يتوب ثم يأكل، وما إذا أشرف على الموت .. فلا يلزمه الأكل، بل لا يحل له؛ فإنه لا ينفع حينئذ، ذكره في "أصل الروضة"(1).
(فإن توقع حلالًا قريبًا .. لم يجز غير سد الرمق) لاندفاع الضرورة به، والرمق: هو بقية الروح؛ كما قاله في "الصحاح"(2)، وقال بعضهم: هو القوة، يقال: شد الله ملكه؛ أي: قواه، قال في "المهمات": وإذا علمت ذلك .. ظهر لك أن الشدَّ المذكور في مثالنا بالشين المعجمة. انتهى (3)، وقال شيخنا: سد الرمق في كلام المصنف: المشهور: أنه بالسين المهملة.
(وإلا) أي: وإن لم يتوقعه ( .. ففي قول: يشبع) بحيث يكسر سورة الجوع، ولا يطلق عليه اسم جائع لإطلاق الآية، ولأن له تناول قليله، فجاز له الشبع؛ كالمذكى، ولا يحل له أن يملأ جوفه حتى لا يجد للطعام مساغًا.
(والأظهر: سد الرمق) لاندفاع الضرورة به (إلا أن يخاف تلفًا إن اقتصر) على سد الرمق فيجب الشبع قطعًا.
نعم؛ لو كان في بلد وتوقع الحلال قبل عود الضرورة .. قال الإمام: فيجب القطع بالاقتصار على سد الرمق.
(وله أكل آدمي ميت) إذا لم يجد ميتة غيره؛ كما قيداه في "الشرح" و"الروضة"(4)؛ لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، ويأكله تناولًا، ولا يزيد على سد الرمق قطعًا، قاله الماوردي (5).
ويستثنى: ما إذا كان الميت نبيًّا؛ فإنه لا يجوز الأكل منه قطعًا؛ كما قال إبراهيم
(1) روضة الطالبين (3/ 282).
(2)
الصحاح (4/ 1225).
(3)
المهمات (9/ 70).
(4)
الشرح الكبير (12/ 161)، روضة الطالبين (3/ 284).
(5)
الحاوي الكبير (19/ 205).
وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَصَبِيِّ حَرْبِيٍّ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ لِلأَكْلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ .. أَكَلَ وَغَرِمَ، أَوْ حَاضرٍ مُضْطَرٍّ .. لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ إِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ، فَإِنْ آثَرَ مُسْلِمًا .. جَازَ، أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ .. لَزِمَهُ إِطْعَامُ مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، فَإِنْ مَنَعَ .. فَلَهُ قَهْرُهُ وَإِنْ قَتَلَهُ،
===
المروزي، وأقراه، وكذا إذا كان المضطر ذميًّا، والميت مسلمًا على أقيس الوجهين في "زيادة الروضة"(1).
(وقتل مرتد وحربي) لأن قتلهما مستحق، وكذا له قتل الزاني المحصن، والمحارب، وتارك الصلاة على الأصح، (لا ذمي ومستأمن وصبي حربي) لحرمة قتلهم.
(قلت: الأصح: حل قتل الصبي والمرأة الحربيين للأكل، والله أعلم) لأنهما ليسا بمعصومين، ومنع قتلهما لا لحرمتهما بل لحق الغانمين، ولهذا لا يتعلق بقتلهما الكفارة.
(ولو وجد طعام غائب .. أكل) لدفع الإضرار (وغرم) مراعاة لحق الغير، (أو حاضر مضطر .. لم يلزمه بذله، إن لم يفضل عنه) بل هو أولى؛ إبقاءً لمهجته إلا أن يكون الطالب نبيًّا، فيلزمه بذله وإن لم يستدعه منه، ويتصور هذا في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم، أو الخضر على القول بحياته ونبوته، فإن فضل عنه شيء .. لزمه بذله وإن احتاج إليه في أثناء الحال على الصحيح.
(فإن آثر مسلمًا .. جاز) بل يستحب؛ لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .
واحترز بالمسلم: عن الكافر، فلا يؤثره وإن كان ذميًّا، وكذا البهيمة.
(أو غير مضطر .. لزمه إطعام مضطر مسلم، أو ذمي) أو مستأمن ولو كان يحتاج إليه في أثناء الحال على الأصح، للضرورة الحالية.
(فإن منع) المالك من إطعامه ( .. فله) أي: للمضطر (قهره) على أخذه (وإن قتله)، ويكون مهدرًا، وإن قتل المالك المضطر في الدفع عن طعامه .. فعليه
(1) الشرح الكبير (12/ 161)، روضة الطالبين (3/ 284).
وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إِنْ حَضَرَ، وَإِلَّا .. فَبِنَسِيئَةٍ، فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا .. فَالأَصَحُّ: لَا عِوَضَ. وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ، أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتةً وَصَيْدًا .. فَالْمَذْهَبُ: أَكْلُهَا، وَالأَصَحُّ: تَحْرِيمُ قَطْعِ بَعْضِهِ لأَكْلِهِ
===
القصاص، وإن منع منه الطعام فمات جوعًا .. فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يحدث فيه فعلًا مهلكًا.
(وإنما يلزمه) يعني: المالك الإطعام (بعوض ناجز إن حضر، وإلا .. فبنسيئة) ولا يلزمه البذل مجانًا على الصحيح؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، وكما يجب البذل لإبقاء الآدمي المعصوم .. يجب لإبقاء البهيمة المحترمة وإن كانت ملكًا للغير.
(فلو أطعمه ولم يذكر عوضًا .. فالأصح: لا عوض) حملًا على المسامحة المعتادة في الطعام لا سيما في حق المضطر، والثاني: يلزمه؛ لأنه خلصه من الهلاك بذلك، فيرجع عليه بالبدل؛ كما في العفو عن القصاص، كذا في "الرافعي"(1)، لكن الصحيح في (الجنايات): أنه إذا عفا مستحق القصاص ولم يذكر مالًا .. لا شيء له.
(ولو وجد مضطر ميتة وطعام غيره) والغير غائب أو حاضر، ولم يبعه إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل، (أو محرم ميتة وصيدًا .. فالمذهب: أكلها) لأنها حق الله تعالى ولا عوض فيها، بخلاف طعام الغير والصيد، وقيل: يأكل طعام الغير؛ لأنه حلال العين، وقيل: يتخير بينهما في الصورتين، وفي قول: أنه يأكل الصيد؛ لأن تحريم الميتة آكد وأغلظ؛ لأنه يتأبد ويعم المحرم وغيره، بخلاف تحريم الصيد.
والخلاف في الثانية - كما قاله أبو علي الطبري، وابن أبي هريرة - مبني على الخلاف في أن ما يذبحه المحرم هل يصير ميتة؟ إن قلنا: نعم؛ وهو الجديد .. أكل الميتة قطعًا، وإلا .. فقولان، قال الماوردي: والخلاف إذا كانت الميتة غير ميتة آدمي، فإن كانت .. لم يأكل إلا الصيد قطعًا (2).
(والأصح: تحريم قطع بعضه لأكله) لأنه قطع لحم حي قد يتوقع منه الهلاك،
(1) الشرح الكبير (12/ 167).
(2)
الحاوي الكبير (19/ 207).
قُلْتُ: الأَصَحُّ: جَوَازُهُ، وَشَرْطُهُ: فَقْدُ الْمَيْتةِ وَنَحْوِهَا، وَأَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ، وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ لِغَيْرِهِ وَمِنْ مَعْصُومٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
===
وكقطعه من غيره، (قلت: الأصح: جوازه) لأنه إتلاف بعض لاستيفاء الكل، فأشبه قطع اليد بسبب الأكلة، وهذا ما رجحه في "الشرح الصغير"، وقال في "الكبير": يشبه أن يكون أظهر، وأطلق تصحيحه في "أصل الروضة"(1).
(وشرطه) أي: قطع بعضه لأكله (فقد الميتة ونحوها) فإن وجد شيئًا يأكله .. حرم قطعًا، (وأن يكون الخوف في قطعه أقل) من الخوف في ترك الأكل، فإن كان مثله أو أكثر .. حرم قطعًا.
(ويحرم قطعه) أي: قطع بعضه (لغيره) قطعًا، وليس إبقاؤه أولى من إعدام نفسه، (ومن معصوم، والله أعلم) أي: ويحرم قطعه من معصوم لأجل غيره؛ إذ ليس فيه إتلاف البعض لإبقاء الكل، قال الأَذْرَعي: والظاهر: أن المعصوم من لا يجوز قتله للأكل.
* * *
(1) الشرح الكبير (12/ 164)، روضة الطالبين (3/ 284 - 285).