الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ [في شروط السارق الذي يقطع]
لَا يُقْطَعُ صَبيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ، وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، وَفِي مُعَاهَدٍ أَقْوَالٌ: أَحْسَنُهَا: إِنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ .. قُطِعَ،
===
وحكاه البُلْقيني عن نصِّ "الأم" و"المختصر"، وقال: إنه المعتمد في الفتوى، وليس في "الروضة" و"أصلها" تصريح بترجيح، هذا كله إذا كان السارق من غير السكان، فإن كان منهم وسرق من العرصة .. لم يقطع، وإن أخرج من بيت مغلق إلى الصحن .. قطع؛ لأن الصحن لهم كسكة منسدة.
* * *
(فصل: لا يقطع صبي، ومجنون، ومكره) بفتح الراء؛ لرفع القلم عنهم، لكن يعزر الصبي؛ كما نص عليه في "الأم"(1)، وكذا المجنون الذي له نوع تمييز؛ كما قاله القاضي الحسين، وأما المكره بكسر الراء: فقال القاضي الحسين: هنا أصلان، أحدهما: المكره على القتل، عليه القود، والثاني: المكره على الزنا، لا حد عليه، فألحق به؛ لأن كلًّا منهما حق لله تعالى، وفي قطع السكران الخلاف في طلاقه وغيره.
(ويقطع مسلم وذمي بمال مسلم وذمي) أما قطع المسلم بمال المسلم .. فإجماع، وأما قطعه بمال الذمي .. فهو المشهور؛ لأنه معصوم بذمته، وأما قطع الذمي بمال المسلم والذمي .. فلالتزامه الأحكام، وكذا يقطع المسلم بمال المعاهد، ومن له أمان؛ لأنه أحرز ماله بالأمان فكان كالذمي، كذا جزم به جمع من العراقيين، وقال القاضي، والإمام، والحجة ومن تبعهم: إن قطع المسلم بمال المعاهد مبني على قطع المعاهد بمال المسلم إن قلنا: يقطع .. قطع المسلم أيضًا، وإلا .. فلا، قال الإمام: إذ من المستحيل ألا يقطع بسرقة مال المسلم، ويقطع المسلم بسرقة ماله (2).
(وفي معاهد) ومستأمن (أقوال: أحسنها: إن شرط قطعه بسرقة .. قطع)
(1) الأم (7/ 382).
(2)
الوسيط (6/ 479)، نهاية المطلب (17/ 268).
وَإِلَّا .. فَلَا. قُلْتُ: الأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا قَطْعَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَتثبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ فِي الأَصَحِّ، وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ، وَالْمَذْهَبُ: قَبُولُ رُجُوعِهِ
===
لالتزامه، (وإلا .. فلا) لعدم التزامه، وقال في "الشرح الصغير": إنه الأقرب، (قلت: الأظهر عند الجمهور: لا قطع) مطلقًا (والله أعلم) لأنه لم يلتزم الأحكام، فأشبه الحربي، والثالث: يقطع مطلقًا كالذمي، واختاره في "المرشد"، وصححه مجلي.
(وتثبت السرقة بيمين المدعي المردودة في الأصح) لأن اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة، والقطع يجب بالأمرين، فأشبه القصاص؛ فإنه يثبت باليمين المردودة، ووجه مقابله: أن القطع في السرقة حق الله تعالى، فأشبه ما لو قال: أكره أمتي على الزنا، وحلف المدعي بعد نكول المدعى عليه .. يثبت المهر دون حد الزنا، وجزما به في "الروضة" و"أصلها" في اليمين من الدعاوى، وجرى عليه "الحاوي الصغير" هنا (1)، وقال الأَذْرَعي: إنه المذهب والصواب الذي قطع به جمهور الأصحاب، وليس في "الشرح" هنا ترجيح، ونقل في "زيادة الروضة" الثبوت عن تصحيح "المحرر"، وسكت عليه (2).
ومحل الخلاف: في ثبوت القطع، أما المال .. فيثبت قطعًا.
(وبإقرار السارق) ولا يشترط تكرره خلافًا للإمام أحمد (3)، لنا قوله عليه الصلاة والسلام:"مَنْ أَبْدَا لَنَا صَفْحَتَهُ .. نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ"(4)، وجه الاحتجاج: أنه لم يفرق بين أن يكرر أو لا، ولا يكفي مطلق الإقرار، بل لا بد من تفصيله؛ كالشهادة.
(والمذهب: قبول رجوعه) بالنسبة إلى القطع فيسقط؛ لأنه حق الله تعالى، كحد الزنا، لا الغرم؛ لأنه حق آدمي، والطريق الثاني: لا يقبل في المال، ويقبل في القطع على الأصحَّ، والثالث: يقبل في القطع لا في المال على الأصحِّ.
(1) روضة الطالبين (12/ 38)، الشرح الكبير (13/ 201)، الحاوي الصغير (ص 592).
(2)
الشرح الكبير (11/ 227)، روضة الطالبين (10/ 143).
(3)
انظر "المغني"(12/ 464).
(4)
أخرجه الحاكم (4/ 244)، والبيهقي (8/ 330)، والشافعي في "الأم"(7/ 367) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ للهِ تَعَالَى .. فَالصَّحِيحُ: أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ وَلَا يَقُولُ: (ارْجِعْ). وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ .. لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ، بَلْ يُنْتَظَرُ حُضورُهُ فِي الأَصَحِّ، أَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًا .. حُدَّ فِي الْحَالِ فِي الأَصَحِّ.
===
(ومن أقر بعقوبة لله تعالى .. فالصحيح: أن للقاضي أن يعرض له بالرجوع) لأنه عليه السلام قال لماعز: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ نَظَرْتَ" رواه البخاري (1)، وقال لمن أقر عنده بالسرقة:"مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ" قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقطع، رواه أبو داوود وغيره (2).
قالا: والتعريض في الزنا: لعلك فاخذت، أو لمست، أو قبلت، وفي الشرب: لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر، وفي السرقة: لعلك غصبت، أو أخذت من غير حرز، ونحوها (3).
والثاني: لا يفعل ذلك، ونقله الإمام عن الجمهور.
والثالث: إن لم يكن عالمًا بجواز الرجوع عرض له، وإلا .. فلا.
واحترز بالإقرار: عما إذا ثبت زناه بالبينة، وبقوله:(لله تعالى) عن حقوق الآدميين .. فإنه لا يعرض بالرجوع عنها.
(ولا يقول: ارجع) عن الإقرار أو اجحده؛ لأنه يكون أمرًا بالكذب.
(ولو أقر بلا دعوى أنه سرق مال زيد الغائب .. لم يقطع في الحال، بل ينتظر حضوره) ومطالبته (في الأصح) لأنه ربما حضر وأقر أنه كان أباح له المال، أو يقر له بالملك فيسقط الحد وإن كذبه السارق؛ فإنه يسقط بالشبهة، والثاني: يقطع في الحال؛ عملًا بإقراره، والأصل: عدم المسقط؛ كما لو أقر أنه زنى بفلانة .. لا ينتظر حضورها.
(أو أنه أكره أمة غائب على زنًا .. حد في الحال في الأصح) لأن حد الزنا
(1) صحيح البخاري (6824) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
سنن أبي داوود (4380)، وأخرجه ابن ماجه (2597)، والنسائي (8/ 67) عن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه.
(3)
روضة الطالبين (10/ 145)، الشرح الكبير (11/ 233).
وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، فَلَوْ شَهِدَ رَجُل وَامْرَأَتَانِ .. ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ شُرُوطَ السَّرِقَةِ
===
لا يتوقف على طلب، ولو حضر وقال:(كنت أبحتها له) .. لم يسقط الحد بذلك؛ لأن إباحة البضع ملغاة، والثاني: ينتظر حضور المالك؛ لاحتمال أنه يقر أنه كان وقفها عليه، فيسقط الحد، بخلاف ما لو أقر أنه كان باعها منه، أو وهبها له، وأنكر المقر .. فإنه لا يسقط الحد.
والفرق: أن الوقف لا يحتاج إلى القبول، بخلاف البيع والهبة، كذا ذكره في "الروضة"(1).
(ويثبت) القطع (بشهادة رجلين) كسائر العقوبات، وشهادة الزنا هي التي خصت بمزيد العدد، (فلو شهد رجل وامرأتان) أو رجل وحلف معه ( .. ثبت المال ولا قطع) كما لو علق الطلاق والعتق على غصب أو سرقة، فشهد رجل وامرأتان على الغصب، أو السرقة .. ثبت المال دون الطلاق والعتق، كذا ذكر الرافعي هذا التنظير هنا (2)، وذكر فيه تفصيلًا في (الشهادات)، وهو أن يكون التعليق قبل ثبوت الغصب والسرقة، فلو ثبت الغصب والسرقة أولأ برجل وامرأتين، وحكم الحاكم به، ثم جرى التعليق فقال لها:(إن كنت غصبت أو سرقت فأنت طالق) .. وقع الطلاق (3).
(ويشترط ذكر الشاهد شروط السرقة) ولا يكفي الإطلاق؛ إذ قد يظن ما ليس بسرقة سرقة، ولاختلاف العلماء فيما يوجب القطع، ويشير إلى عين المشهود عليه إن كان حاضرًا، ويذكر اسمه ويرفع في نسبه بحيث يتميز إن كان غائبًا، كذا قالا (4)، واستشكل بأن البينة لا تسمع على غائب في حدود الله تعالى.
ويشترط: أن يبين المسروق والمسروق منه، وكون السرقة من حرز بتعيين الحرز أو صفته.
(1) روضة الطالبين (10/ 144).
(2)
الشرح الكبير (11/ 235).
(3)
الشرح الكبير (13/ 51 - 52).
(4)
الشرح الكبير (11/ 235)، روضة الطالبين (10/ 146).
وَلَوِ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ؛ كَقَوْلِهِ: (سَرَقَ بُكْرَةً)، وَالآخَرِ:(عَشِيَّةً) .. فَبَاطِلَةٌ. وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ، فَإِنْ تَلِفَ .. ضَمِنَهُ. وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ، فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا .. فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَثَالِثًا .. يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرَابِعًا .. رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ .. يُعَزَّرُ
===
(ولو اختلف شاهدان؛ كقوله: "سرق بكرة"، والآخر: "عشية" .. فباطلة) لأنهما شهدا على الفعل، ولم يتفقا عليه.
وقضية قوله: (باطلة) أنه لا يلزمه شيء، لكن في "الشرح" و"الروضة": أن المشهود له لو حلف مع أحدهما .. غرم المال (1).
(وعلى السارق ردُّ ما سرق) لقوله عليه السلام: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدَّيَهُ"(2)، (فإن تلف .. ضمنه) جبرًا لما فات.
(وتقطع يمينه) بالإجماع، كما قاله القاضي أبو الطيب، وإنما لم يقطع ذكر الزاني قياسًا على السارق لأوجه؛ أحدها: أن للسارق مثلها، بخلاف الزاني، ثانيها: ما فيه من إبطال النسل، ثالثها: أن اليد تبرأ غالبًا، بخلافه.
(فإن سرق ثانيًا بعد قطعها .. فرجله اليسرى، وثالثًا .. يده اليسرى، ورابعًا .. رجله اليمنى) لما رواه الشافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السارق: "إِنْ سَرَقَ .. فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فاقْطَعُوا رِجْلَهُ"(3)، وله شواهد كثيرة.
روى البيهقي بإسناد صحيح عن عكرمة عن ابن عباس قال: (شهدت عمر قطع يدًا بعد يدٍ ورجل)، قال البيهقي:(وقد أشار على أبي بكر بذلك أيضًا)(4).
(وبعد ذلك) أي: بعد قطع اليدين والرجلين (يعزر) على الجديد؛ لأن القطع
(1) الشرح الكبير (11/ 236)، روضة الطالبين (10/ 47).
(2)
أخرجه أبو داوود (3561)، والترمذي (1266)، وابن ماجه (2400) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
(3)
مختصر المزني (ص 264)، وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(12/ 411)، والدارقطني (3/ 181).
(4)
سنن البيهقي (8/ 274).
وَيُغْمَسُ مَحَلُّ قَطْعِهِ بِزَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ مُغْلَىً، قِيلَ: هُوَ تتَمَّة لِلْحَدِّ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ؛ فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، وَلِلإِمَامِ إِهْمَالُهُ. وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ، وَالرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ. وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ .. كَفَتْ يَمِينُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ
===
ثبت بالكتاب والسنة، ولم يثبت بعد ذلك شيء آخر، والسرقة معصية فتعين التعزير، وعن القديم: أنه يقتل في الخامسة؛ لحديث فيه لكنه ضعيف؛ كما قاله النسائي وغيره (1).
(ويغمس محل قطعه بزيت، أو دهن مُغلىً) لورود الأمر به؛ كما رواه الحاكم وصححه (2)، والمعنى فيه: سدُّ أفواه العروق لينقطع الدم، قال الماوردي: وهذا في الحضري، أما البدوي .. فيحسم بالنار؛ لأنه عادتهم (3)، (قيل: هو تتمة للحد) فيجب على الإمام فعله؛ لأن فيه مزيد إيلام، وما زال الولاة يفعلونه على كراهة من المقطوعين، ولم يراعوا ذلك في قطع الأطراف قصاصًا.
(والأصح: أنه حق للمقطوع) لأن الغرض المعالجة، ودفع الهلاك عنه بنزف الدم، (فمؤنته عليه، وللإمام إهماله) ولا يجبر المقطوع عليه؛ لأنه نوع مداواة.
وقضية كلامه: أن المؤنة على الوجه الأول لا تكون عليه، وليس كذلك ففي "الروضة" و"أصلها": أنه على الخلاف في مؤنة الجلاد، والأصحُّ في مؤنة الجلاد: أنها على المجلود والسارق (4).
(وتقطع اليد من كوع) بالإجماع (والرجل من مفصل القدم) اتباعًا لعمر رضي الله عنه؛ كما رواه ابن المنذر (5).
(ومن سرق مرارًا بلا قطع .. كفت يمينه) لأن السبب واحد فتداخلت؛ لحصول الحكمة، وهو الزجر، وقياسًا على من زنى أو شرب مرارًا (وإن نقصت أربع أصابع) ولا يعدل إلى الرجل؛ لحصول الإيلام والتنكيل.
(1) سنن النسائي (8/ 90 - 91)، وأخرجه أبو داوود (4410) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(2)
المستدرك (4/ 381) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
الحاوي الكبير (17/ 198).
(4)
الشرح الكبير (11/ 243)، روضة الطالبين (10/ 149 - 150).
(5)
الإشراف (2/ 306).
قُلْتُ: وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتِ الْخَمْسُ فِي الأَصحِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَتُقْطَعُ يَدٌ زَائِدَةٌ إِصْبَعًا فِي الأَصحِّ، فَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ .. سَقَطَ الْقَطْعُ، أَوْ يَسَارُهُ .. فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ.
===
(قلت: وكذا لو ذهبت الخمس في الأصح، والله أعلم) لما ذكرناه، والثاني: لا تكفي، وتقطع الرجل اليسرى، لانتفاء البطش، وحكاه أبو حامد عن النصِّ، وقال القاضي الحسين: إنه المذهب، والخلاف جار فيما إذا سقط بعض الكف أيضًا وبقي محل القطع.
(وتقطع يد زائدة إصبعًا) فأكثر (في الأصح) لإطلاق الآية؛ فإن إطلاق اليد تتناول ما عليه خمس أو أكثر، والثاني: المنع؛ كالقصاص، فيعدل إلى رجله اليسرى.
وفرق الأول: بأن القصاص مقصوده المساواة، والمقصود هنا الزجر والتنكيل.
(فلو سرق فسقطت يمينه بآفة) أو جناية ( .. سقط القطع) لأن القطع تعلق بعينها فسقط بفواتها؛ كموت المرتد، وكذا لو شلت يمينه بعد السرقة وخشي من قطعها تلف النفس؛ كما في "الكفاية" عن القاضي الحسين (1)، (أو) سقطت (يساره) واليمنى موجودة ( .. فلا) يسقط القطع (على المذهب) لبقاء محل القطع، وعن أبي إسحاق أنه يسقط القطع؛ كما في مسألة الجلاد إذا قطع اليسار غلطًا، ورُدَّ: بأن يساره قطعت هناك بعلة السرقة، فلو أبقينا القطع في اليمين .. لذهبت يداه بعلة السرقة، ولم يوجد هذا فيما إذا سقطت بآفة.
* * *
(1) كفاية النبيه (17/ 369).