الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ فِي الأَصَحِّ، فَإِنْ حَزَّ عَمْدًا وَالْجِنَايَاتُ خَطَأً أَوْ عَكْسُهُ .. فَلَا تَدَاخُلَ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ حَزَّ غَيْرُهُ .. تَعَدَّدَتْ.
فَصْلٌ [في الجناية التي لا تقدير لأرشها والجناية على الرقيق]
تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ؛ وَهِيَ جُزْءٌ نِسْبَتُهُ إِلَى دِيَةِ النَّفْسِ - وَقِيلَ: إِلى
===
وقد تجب في الشخص سبعة وعشرون دية، وهو حي إذا كان رجلًا، وستة وعشرون إذا كان امرأة، يظهر ذلك بالتأمل فيما سبق، كذا قاله ابن الملقن (1)، ولم يظهر بلوغها إلى سبعة وعشرين في الرجل، ولا إلى ستة وعشرين في المرأة.
(وكذا لو حزه الجاني قبل اندماله في الأصح) لأن دية النفس وجبت قبل استقرار بدل الأطراف، فيدخل فيها بدل الأطراف؛ كما لو سرت، والثاني: تجب ديات الأطراف مع دية النفس، ولا تداخل؛ كما لو حز بعد الاندمال، وكما لو كان الحاز غيره.
واحترز بقوله: (قبل اندماله): عما بعده؛ فإنه تجب دية الأطراف، وفى ية النفس قطعًا؛ لاستقرار دية الأطراف بالاندماله.
(فإن حز عمدًا والجنايات خطأ أو عكسه .. فلا تداخل في الأصح) بل يستحق بدل الطرف والنفس؛ لاختلافهما واختلاف من تجب عليه، والثاني: يتداخلان؛ كما لو كانا عمدين أو خطأين.
(ولو حز غيره .. تعددت) ولا تداخل قطعًا؛ لأن فعل الإنسان لا ينبني على فعل غيره.
* * *
(فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه) ولم تعرف نسبته من المقدر، فإن عرفت نسبته من مقدر .. وجب ذلك.
(وهي) أي: الحكومة (جزء) من الدية (نسبته إلى دية النفس - وقيل: إلى
(1) عجالة المحتاج (4/ 1573).
عُضْوِ الْجِنَايَةِ - نِسْبَةُ نَقْصِهَا مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ. فَإِنْ كَانَتْ لِطَرَفٍ لَهُ مُقَدَّرٌ .. اشْتُرِطَ أَلَّا تبلُغَ مُقَدَّرَهُ، فَإِنْ بَلَغَتْهُ .. نَقَصَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ كَفَخِذٍ .. فَأَلَّا تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسٍ
===
عضو الجناية - نسبة نقصها من قيمته لو كان رقيقًا بصفاته) أي: يقوم المجني عليه بصفاته التي هو عليها لو كان رقيقًا، وينظر كم نقصت الجناية من قيمته .. فيوجب من الدية بمثل تلك النسبة، فإذا قوم بمئة قبل الجناية، وبعدها بتسعين .. فالتفاوت العشر، فتجب عشر دية النفس، والوجه الثاني: يعتبر قدر النقصان من دية العضو الذي وردت الجناية عليه لا من دية النفس، فلو نقص عشر القيمة بالجناية على اليد .. وجب عشر دية اليد، وبالجناية على الرأس .. تجب عشر دية الموضحة.
وأفهم قوله: (من دية النفس) اعتبار الإبل في الحكومة، وهو كذلك، لكن قضية كلامه: أنه يقوم بالنقد، وعليه جرى الأصحاب، ونص الشافعي رضي الله عنه على التقويم بالإبل، حكاه البُلْقيني، ثم قال: وهو صحيح جار على أصله في الديات: أن الإبل هي الأصل، فلا حاجة للتقويم بالنقد قال: ولم أر من ذكر ذلك من الأصحاب.
(فإن كانت لطرف له مقدر .. اشترط ألا تبلغ مقدره، فإن بلغته .. نقص القاضي شيئًا باجتهاده) لأن العضو مضمون بالأرش لو فات، فلا يجوز أن تكون الجناية عليه مضمونة بما يضمن به العضو نفسه مع بقائه، قال في "الأم": فلا أوجب في الجناية على أنملة دية أنملة بل أنقص عنها (1)؛ يعني: كما ينقص التعزير عن الحد، والرضخ عن سهم الغنيمة.
وقضية قوله: (شيئًا): أنه يكفي أقل متمول، وصرح الإمام بأنه لا يكفي، ونقل في "المطلب" عن الماوردي: أن أقله: ما يجوز أن يكون ثمنًا أو صداقًا.
(أو لا تقدير فيه كفخذ)(وكتف وظهر) .. فألا تبلغ دية نفس) فإن بلغتها .. نقص منها، وأفهم جواز بلوغها دية عضو مقدر؛ كاليد، والرجل، وأن يزاد عليه، وهو كذلك، فيجوز أن تبلغ حكومة الساعد والعضد دية الأصابع الخمس وتزيد عليها.
(1) الأم (7/ 207).
وَيُقَوَّمُ بَعْدَ انْدِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ .. اعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إِلَى الانْدِمَال، وَقِيلَ: يُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ، وَقِيلَ: لَا غُرْمَ. وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ كَمُوضِحَةٍ يَتبعُهُ الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ، وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ فِي الأَصَحِّ. وَفِي نَفْسِ الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ، وَفِي غَيْرِهَا مَا
===
(ويقوم) لمعرفة الحكومة (بعد اندماله) لا قبله؛ لأن الجراحة قد تسري إلى النفس، أو إلى ما يكون واجبه مقدرًا، فيكون ذلك هو الواجب لا الحكومة.
(فإن لم يبق نقص) في الجمال ولا المنفعة، ولا تأثرت به القيمة ( .. اعتبر أقرب نقص إلى الاندمال) لئلا تحبط الجناية على المعصوم، ولو لم يظهر نقمان إلا في حال سيلان الدم .. اعتبرنا القيمة حينئذ، فلو كانت الجراحة خفيفة لا تؤثر في حال سيلان الدم .. ففي "الوسيط": أنا نلحقها باللطمة والضرب؛ للضرورة (1)، وفي "التتمة": أن الحاكم يوجب شيئًا بالاجتهاد، ورجحه البُلْقيني.
(وقيل: يقدره قاض باجتهاده) أي: يوجب شيئا قدر ما أوصل إليه من الألم، وينظر إلى خفة الجناية وفحشها في المنظر؛ كيلا تذهب الجناية هدرًا، (وقيل: لا غرم) بل يجب التعزير فقط؛ كما في الضرب والصفع الذي لم يبق له أثر.
(والجرح المقدر كموضحة يتبعه الشين حواليه) ولا يفرد بحكومة؛ لأنه لو استوعب بالإيضاح جميع موضع الشين .. لم يكن فيه إلا أرش موضحة.
ويستثنى من الاستتباع: ما لو أوضح جبينه، وأزال حاجبه .. فعليه الأكثر من أرش موضحة، وحكومة الشين، وإزالة الحاجب، قاله المتولي وأقراه (2).
(وما لا يتقدر) أرشه (يفرد) الشين الذي حوله (بحكومة) ولا يتبع حكومة الجرح بل تجب حكومتان (في الأصح) لأن الاستتباع إنما يكون في المقدر، وحيث لا تقدير لكل حكمه.
(وفي نفس الرقيق قيمته) سواء زادت القيمة على دية الحر أم لا؛ لما تقدم في الغصب، وسواء القن والمدبر والمكاتب وأم الولد، (وفي غيرها) أي: النفس (ما
(1) الوسيط (6/ 337).
(2)
الشرح الكبير (10/ 355)، روضة الطالبين (9/ 311).
نَقَصَ إِنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ فِي الْحُرِّ، وَإِلَّا .. فَنِسْبَته مِنْ قِيمَتِهِ، وَفِي قَوْلٍ: مَا نَقَصَ، فَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ .. فَفِي الأَظْهَرِ: قِيمَتَانِ، وَالثَّانِي: مَا نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ .. فَلَا شَيْءَ.
===
نقص إن لم يتقدر في الحر) لأنا نشبه الحر في الحكومة بالعبد، ليعرف قدر التفاوت ليرجع به، ففي المشبه به أولى.
(وإلا) أي: وإن تقدر من الحر؛ كالموضحة، وقطع اليد ( .. فنسبته من قيمته) أي: فيجب جزء من قيمته، نسبته إلى القيمة كنسبة الواجب في الحر إلى الدية، رواه البيهقي عن عمر وعلي رضي الله عنهما (1)، ولأنه أشبه الحر في أكثر الأحكام؛ بدليل التكاليف، فألحقناه به في التقدير، فعلى هذا في يديه قيمته، وفي إحداهما: نصفها، (وفي قول: ما نقص) من قيمته؛ لأنه مملوك؛ كالبهيمة.
وقد استوفى المصنف في (باب الغصب) حكم الجناية على الرقيق وغيره من الحيوان أحسن من هنا.
(فلو قطع ذكره وأنثياه .. ففي الأظهر: قيمتان) كما يجب فيها من الحر ديتان، (والثاني: ما نقص) من قيمته؛ كالبهيمة (فإن لم يثقص) القيمة بقطع الذكر والأنثيين ( .. فلا شيء) لعدم النقص.
* * *
(1) سنن البيهقي (8/ 37)، وانظر "التلخيص الحبير"(5/ 2672).