المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الدعوى والبينات - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٤

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجراح

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع مباشرتين]

- ‌فَصْلٌ [في شروط القود]

- ‌فَصْلٌ [في تغير حال المجروح بحرية أو عصمة أو إهدار أو بمقدار للمضمون به]

- ‌فَصْلٌ [في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني]

- ‌بابُ كيفيَّة القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه

- ‌فَصْلٌ [في اختلاف مستحق الدم والجاني]

- ‌فَصْلٌ [في مستحق القود ومستوفيه وما يتعلق بهما]

- ‌فَصْلٌ [في موجب العمد وفي العفو]

- ‌كتابُ الدِّيات

- ‌فَصْلٌ [في موجب ما دون النفس من جرح أو نحوه]

- ‌فَرْعٌ [في موجب إزالة المنافع]

- ‌فَرْعٌ [في اجتماع جنايات على شخص]

- ‌فَصْلٌ [في الجناية التي لا تقدير لأرشها والجناية على الرقيق]

- ‌‌‌بابُ موجبات الدِّية والعاقلة والكفَّارة

- ‌بابُ موجبات الدِّية والعاقلة والكفَّارة

- ‌فَصْلٌ [في الاصطدام ونحوه مما يوجب الاشتراك في الضمان وما يذكر مع ذلك]

- ‌فَصْلٌ [في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله]

- ‌فَصْلٌ [في جناية الرقيق]

- ‌فَصْلٌ [في الغرة]

- ‌فَصْلٌ [في كفارة القتل]

- ‌كتابُ دعوى الدَّم والقسامة

- ‌فَصْلٌ [فيما يثبت به موجب القود وموجب المال بسبب الجناية من إقرار وشهادة]

- ‌كتابُ البُغاة

- ‌فَصْلٌ [في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة]

- ‌كتابُ الرِّدَّة

- ‌كتابُ الزِّنا

- ‌كتابُ حد القذف

- ‌كتابُ قطع السرقة

- ‌فصلٌ [فيما يمنع القطع وما لا يمنعه]

- ‌ باب

- ‌فصلٌ [في شروط السارق الذي يقطع]

- ‌بابُ قاطع الطريق

- ‌فَصْلٌ [في اجتماع عقوبات على شخص واحد]

- ‌كتابُ الأشربة

- ‌فَصْلٌ [في التعزير]

- ‌كتابُ الصِّيال وضمان الولاة

- ‌فَصْلٌ [في حكم إتلاف البهائم]

- ‌كتابُ السِّيَر

- ‌فَصْلٌ [في مكروهات ومحرمات ومندوبات في الجهاد وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في حكم الأسر وأموال أهل الحرب]

- ‌فَصْلٌ [في أمان الكفار]

- ‌كتابُ الِجزْيَة

- ‌فَصْلٌ [في مقدار الجزية]

- ‌باب

- ‌فَصْلٌ [في أحكام عقد الجزية]

- ‌بابُ الهدنة

- ‌كتابُ الصَّيد والذَّبائح

- ‌فَصْلٌ [في آلة الذبح والصيد]

- ‌فَصْلٌ [فيما يملك به الصيد وما يذكر معه]

- ‌كتاب الأضحية

- ‌فَصْلٌ [في العقيقة]

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌كتاب المسابقة والمناضلة

- ‌كتابُ الأيمان

- ‌فصلٌ [في صفة الكفارة]

- ‌فصلٌ [في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما]

- ‌فصلٌ [في الحلف على أكل وشرب مع بيان ما يتناوله]

- ‌فصلٌ [في مسائل منثورة ليقاس بها غيرها]

- ‌فصلٌ [في الحلف على ألا يفعل كذا]

- ‌كتاب النَّذر

- ‌فصلٌ [في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها]

- ‌كتابُ القضاء

- ‌فصلٌ [فيما يقتضي انعزال القاضي أو عزله وما يذكر معه]

- ‌(باب

- ‌فصلٌ [في آداب القضاء وغيرها]

- ‌فصلٌ [في التسوية وما يتبعها]

- ‌بابُ القضاء على الغائب

- ‌فصلٌ [في بيان الدعوى بعين غائبة]

- ‌فصلٌ [في بيان من يحكم عليه في غيبته وما يذكر معه]

- ‌بابُ القِسْمَة

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌فصلٌ [فيما يعتبر فيه شهادة الرجال]

- ‌فصلٌ [في تحمل الشهادة وأدائها]

- ‌فصلٌ [في الشهادة على الشهادة]

- ‌فصلٌ [في الرجوع عن الشهادة]

- ‌كتابُ الدعوى والبيّنات

- ‌فصلٌ [فيما يتعلق بجواب المدعى عليه]

- ‌فصلٌ [في كيفية الحلف والتغليظ فيه]

- ‌فصلٌ [في تعارض البينتين]

- ‌فصلٌ [في اختلاف المتداعيين في العقود]

- ‌فصلٌ [في شروط القائف]

- ‌كتابُ العتِق

- ‌فصلٌ [في العتق بالبعضية]

- ‌فصلٌ [في الإعتاق في مرض الموت وبيان القرعة في العتق]

- ‌فصلٌ [في الولاء]

- ‌كتابُ التَّدبير

- ‌فصلٌ [في حكم حمل المدبرة]

- ‌كتابُ الكِتابة

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم السيد بعد الكتابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان لزوم الكتابة وجوازها]

- ‌فَصْلٌ [في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة]

- ‌كتابُ أمّهات الأولاد

- ‌أهمّ مصادر ومراجع التّحقيق

الفصل: ‌كتاب الدعوى والبينات

‌كتابُ الدعوى والبيّنات

تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ فِي عُقُوبَةٍ كَقِصَاصٍ وَقَذْفٍ، وَإِنِ اسْتَحَقَّ عَيْنًا .. فَلَهُ أَخْذُهَا إِنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، وَإِلَّا .. وَجَبَ الرَّفْعُ إِلَى قَاضٍ، أَوْ دَيْنًا عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنَ الأَدَاءِ .. طَالَبَهُ، وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ لَهُ،

===

(كتاب الدعوى والبينات)

الدعوى لغة: الطلب والتمني، ومنه قوله تعالى:{وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} وتجمع على دعاوى بفتح الواو وكسرها، وشرعًا: إخبار بنزاع بمجلس الحكم بحق أو باطل.

والبينات: جمع بينة، وهم الشهود سموا به؛ لأن بهم يبين الحق.

والأصل في الباب: قوله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ .. لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" متفق عليه (1)، ورواه البيهقي بلفظ:"الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ" وإسناده حسن (2).

(تشترط الدعوى عند قاض في عقوبة؛ كقصاص و) حدِّ (قذف) ولا يستقل به المستحق؛ لعظم خطره بل يحتاج إلى إثباته ثم استيفائه.

(وإن استحقَّ عينًا) وليس لذي اليد حبسها عنه ( .. فله أخذها إن لم يخف فتنةً) لأنه عليه الصلاة والسلام أذن لهند في أخذ النفقة وهي في الذمة (3)؛ فعين المال أولى، (وإلا) أي: وإن خاف الفتنة ( .. وجب الرفع إلى قاض) لتمكنه من الخلاص به، فلا حاجة على إثارة الفتنة.

(أو دينًا) حالًّا (على غير ممتنع من الأداء .. طالبه) ليؤدي ما عليه، (ولا يحل أخذ شيء له) لأن مَنْ عليه الحق مخيرٌ في الدفع من أيِّ مال شاء، فليس للمستحق إسقاط حقه من ذلك الخيار.

(1) صحيح البخاري (4552)، صحيح مسلم (1711/ 1) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

(2)

سنن البيهقي (10/ 252).

(3)

أخرجه البخاري (2097)، ومسلم (1714/ 7) عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 521

أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ .. أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ إِنْ فَقَدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ أَوْ مُنْكِرٍ وَلَهُ: بَيِّنَةٌ .. فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجِبُ الرَّفْعُ إِلَى قَاضٍ. وَإِذَا جَازَ الأَخْذُ .. فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ، وَنَقْبُ جِدَارٍ لَا يَصِلُ الْمَالَ إِلَّا بِهِ، ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ يَتَمَلَّكُهُ،

===

(أو على منكر ولا بينة .. أخذ جنس حقه من ماله) إن ظفر به؛ لعجزه عن حقه إلا بذلك، (وكذا غير جنسه إن فقده على المذهب) للضرورة، وقيل: قولان.

وجه المنع: أنه لا يتمكن من تملكه، وليس له أن يبيع مال غيره لنفسه، وأطلقا الجواز من غير الجنس، ومحله: إذا لم يجد أحد النقدين، فإن وجده .. تعين ولم يعدل إلى غيره، كذا نقله في "المطلب" عن المتولي وارتضاه.

(أو على مقر ممتنع أو منكر وله بينة .. فكذلك) له الاستقلال بالأخذ، لأن في المرافعة مؤنة ومشقة وتضييع زمان، (وقيل: يجب الرفع إلى قاض) كما لو أمكنه تخليص الحق بالمطالبة والتقاضي.

(وإذا جاز الأخذ .. فله كسر باب، ونقب جدار لا يصل المالَ إلا به)(1) ولا يضمن ما فوته على الأصح؛ كمن لا يقدر على دفع الصائل إلا بإتلاف ماله، فأتلفه لا يضمن، واستشكل البُلْقيني هذا، وقال: أصل الظفر: القياس على قصة هند، وبينها وبين المديون فرق، وهو تكرر نفقة الزوجة والأولاد كلَّ يوم، فيشق الرفع إلى القاضي، ولو سُلِّم .. فمن أين في المقيس عليه كسر باب ونقب جدار؟ ولم أجد للشافعي نصًّا بذلك، ولم يذكره أكثر الأصحاب وإنما ذكره القاضي الحسين، وجرى عليه أتباعه، والدليل يخالفه، ثم يترتب عليه دخول السُّرَّاق ونحوهم، وقد يكون الباب أكثر ثمنًا من الدين وهذا ضرر لا يصار إليه. انتهى.

(ثم المأخوذ من جنسه يتملكه) بدلًا عن حقه، وظاهر كلامهما: أنه لا يملكه بنفس الأخذ بل لا بد من إنشاء تملك، والذي صرح به القاضي والبغوي واقتضاه كلام غيرهما: أنه يملكه بمجرد الأخذ، واعتمده في "المهمات"، ووجهه بأنه إنما يجوز

(1) في (ز): (لا يصل إلى المال).

ص: 522

وَمِنْ غَيْرِهِ يَبِيعُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ رَفْعُهُ إِلَى قَاضٍ يَبِيعُهُ، وَالْمَأْخُوذُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ، فَيَضْمَنُهُ إِنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَبَيعِهِ، وَلَا يَأْخُذُ فَوْقَ حَقِّهِ إِنْ أَمْكَنَ الاقْتِصَارُ،

===

لمن يقصد أخذ حقه، وإذا وجد القصد مقارنًا للأخذ .. كفى، ولا حاجة إلى اشتراطه بعد ذلك (1).

(ومن غيره يبيعه) بنفسه مستقلًا للحاجة؛ كما يتسلط على الأخذ، ولا يتملكه على الأصح، (وقيل: يجب رفعه إلى قاض يبيعه) لأنه كيف يلي التصرف في مال غيره لنفسه؟ !

وترجيح الاستقلال بالبيع من تصرف المصنف، وعبارة "المحرر": فيه وجهان رجح كلًّا منهما طائفة من الأصحاب. انتهى (2).

نعم؛ ظاهر كلام "الشرح الكبير": ترجيحه (3)، هذا إذا كان القاضي جاهلًا بالحال ولا بينه للآخذ، فإن كان عالمًا بالحال .. لم يبع إلا بإذنه على المذهب.

(والمأخوذ مضمون عليه) أي: على الآخذ (في الأصح، فيضمنه إن تلف قبل تملكه، وبيعه) لأنه أخذه لغرض نفسه فكان من ضمانه؛ كالمُستام، بل أولى؛ فإن المالك لم يأذن فيه، والثاني: لا يضمنه من غير تفريط؛ لأنه مأخوذ للتوثق والتوصل به إلى الحق؛ فأشبه الرهن، وإذن الشرع في الأخذ يقوم مقام إذن المالك.

(ولا يأخذ) المستحق (فوق حقه إن أمكن الاقتصار) على قدر حقه، فإن زاد .. فالزيادة مضمونة عليه، فإن لم يمكن الاقتصار؛ بأن كان حقه خمسين فوجد سيفًا يساوي مئة (4)؛ فإن قلنا: إن المأخوذ بقدر الحق لا يضمن .. فكذا الزيادة، وإن ضمناه .. فقيل: يضمن الزيادة أيضًا، والأصح: المنع؛ لأنه لم يأخذه بحقه وهو معذور في أخذه.

(1) المهمات (9/ 386).

(2)

المحرر (ص 505).

(3)

الشرح الكبير (13/ 149).

(4)

في (ز): (فوجد شيئًا يساوي مئة).

ص: 523

وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّ الْمُدَّعِيَ: مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَنْ يُوَافِقُهُ، فَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ:(أَسْلَمْنَا مَعًا) .. فالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَقَالَتْ:(مُرَتَّبًا) .. فَهُوَ مُدَّعٍ

===

(وله أخذ مال غريم غريمه) بأن يكون لزيد على عمرو دين، ولعمرو على بكر مثله؛ يجوز لزيد أن يأخذ من مال بكر ما له على عمرو، ولا يمنع من ذلك رد عمرو، وإقرار بكر له، ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو، كذا أطلقاه (1).

واستشكله البُلْقيني: بأن تسليطه على مال غريم غريمه من غير أن يوجد منه ما يقتضي أن للغريم أن يأخذ من ماله بطريق الظفر .. محذور، وخرق لا يصار إليه، ويلزم منه محذور آخر، وهو أن الظافر يأخذ من مال غريم الغريم والغريم لا يدري فيأخذ من غريمه فيؤدي إلى الأخذ مرتين، قال شيخنا: ورأيت المسألة في "تتمة التتمة"، وذكر لها شرطين؛ أحدهما: ألا يظفر بمال الغريم، والثاني: أن يكون غريم الغريم جاحدًا ممتنعًا أيضًا، وبهذا الشرط الثاني ينتفي المحذور الذي ذكره شيخنا أولًا. انتهى.

وأشار بقوله: (أولًا) إلى أن المحذور الثاني لا ينتفي، وقد صرح بالشرط الثاني الذي نقله عن "تتمة التتمة" القاضي الحسين والشيخ إبراهيم المروذي في "تعليقهما"، وكلام البغوي يقتضي التصوير به؛ كما نقله الأَذْرَعي.

(والأظهر: أن المدعي: من يخالف قوله الظاهر، والمدَّعى عليه: من يوافقه) أي: يوافق الظاهر، وهو براءة الذمة، والثاني: أن المدعي: من لو سكت .. خُلِّيَ، ولم يطالب بشيء والمدعى عليه: من لا يُخلَّى، ولا يكفيه السكوت، وينبني على هذين التفسيرين قول المصنف:(فإذا أسلم زوجان قبل وطء فقال: "أسلمنا معًا .. فالنكاح باق، وقالت: "مرتبًا") فلا نكاح بيننا ( .. فهو مُدَّعٍ) على الأظهر؛ لأن المعية خلاف الظاهر، والمرأة مدعىً عليها؛ لموافقتها الظاهر؛ فتحلف ويرتفع النكاح، وإن قلنا: بالقول الثاني .. فالمرأة مدعية، وهو مدعى عليه؛ لأنه

(1) الشرح الكبير (13/ 152)، روضة الطالبين (12/ 6 - 7).

ص: 524

وَمَنِ ادَّعَى نَقْدًا .. اشْتُرِطَ بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ إِنِ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ، أَوْ عَيْنًا تَنْضَبِطُ كَحَيَوَانٍ .. وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ - وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ .. وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ - أَوْ نِكَاحًا .. لَمْ يَكْفِ الإِطْلَاقُ عَلَى الأَصَحِّ، بَلْ يَقُولُ:(نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا) إِنْ كَانَ يُشْتَرَطُ، فَإِنْ كَانتْ أَمَةً .. فَالأَصَحُّ: وُجُوبُ ذِكْرِ الْعَجْزِ عَنْ طَوْلٍ وَخَوْفِ عَنَتٍ،

===

لا يُترك إذا سكت، فإنها تزعم انفساخ النكاح؛ ليترتب لها جواز التزويج بغيره فيحلف، ويحكم باستمرار النكاح إذا حلف.

(ومن ادعى نقدًا .. اشترط بيان جنس ونوع وقدر وصحة وتكسر إن اختلفت بهما قيمة) فيقول مثلًا: (لي عليه مئة درهم فضة أشرفية أطالبه بها) لأن العلم بالمُدَّعى شرط، وبذلك يحصل التعريف، وإنما يحتاج إلى ذكر الصحة والتكسير عند الاختلاف؛ للتفاوت بينهما، فإن لم تختلف .. لم يحتج إليه.

(أو عينًا تنضبط؛ كحيوان .. وصفها بصفة السلم) ولم يحتج لذكر القيمة على الأصح؛ لحصول التمييز بذلك، (وقيل: يجب معها ذكر القيمة) احتياطًا (فإن تلفت وهي متقومة) بكسر الواو ( .. وجب ذكر القيمة) لأنها الواجبة عند التلف، وإن كانت مثلية .. فلا حاجة إلى ذكرها، ويكفي الضبط بالصفات؛ فإن المطلوب المثل.

(أو نكاحًا .. لم يكف الإطلاق على الأصح، بل يقول: "نكحتها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها" إن كان يشترط) لكونها غير مجبرة؛ لأن النكاح فيه حق الله تعالى، وحق الآدمي، وإذا وقع .. لا يمكن استدراكه؛ فلا تسمع دعواه إلا ببينة؛ كالقتل، والثاني: يكفي الإطلاق؛ كما لا يشترط ذكر انتفاء الموانع؛ كالردة والرضاع.

وفرق الأول: بأن الشروط يعتبر وجودها ليصح العقد، والموانع يعتبر عدمها، والأصل العدم؛ فاكتفي به.

(فإن كانت أمة .. فالأصح: وجوب ذكر العجز عن طول وخوف عنت) مع ما سبق؛ لأن الفروج يحتاط لها، والثاني: لا يجب؛ كما لا يجب التعرض لعدم الموانع.

ص: 525

أَوْ عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ .. كَفَى الإِطْلَاقُ فِي الأَصَحِّ. وَمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ .. لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ المُدَّعِي، فَإِنِ ادَّعَى أَدَاءً أَوْ إِبْرَاءً أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ أَوْ هِبَتَهَا وَإِقْبَاضَهَا .. حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِهِ، وَكَذَا إِذَا ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ أَوْ كَذِبِهِ فِي الأَصَحِّ، وَإِذَا اسْتَمْهَلَ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ .. أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَوِ ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ:(أَنَا حُرٌّ) .. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، أَوْ رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ .. لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ فِي يَدِهِ .. حُكِمَ لَهُ بِهِ إِنْ لَمْ يَعْرِفِ اسْتِنَادَهَا إِلَى الْتِقَاطٍ،

===

(أو عقدًا ماليًّا؛ كبيع وإجارة وهبة .. كفى الإطلاق في الأصح) لأنه أخفُّ حكمًا من النكاح، ولهذا لا يشترط فيه الإشهاد، بخلاف النكاح، والثاني: يشترط؛ كالنكاح، فيقول:(تعاقدناه بثمن معلوم ونحن جائزا التصرف، وتفرقنا عن تراض).

(ومن قامت عليه بينة .. ليس له تحليف المدعي) على استحقاق ما ادعاه؛ لأنه كالطعن في الشهود، (فإن ادعى أداء أو إبراء أو شراء عين أو هبتها، وإقباضها .. حلفه على نفيه) لاحتمال ما يدعيه، هذا إذا ادعى حدوث شيء من ذلك بعد قيام البينة، ومضى زمن إمكان ذلك؛ فإن لم يمكن .. لم يلتفت إليه.

(وكذا لو ادعى علمه بفسق شاهده، أو كذبه في الأصح) لأنه لو أقرَّ به .. لبطلت شهادته، والثاني: لا؛ اكتفاءً بظاهر العدالة وتعديل المزكين.

(وإذا استمهل ليأتي بدافع .. أمهل ثلاثة أيام) لأنها مدَّةٌ قريبة لا يعظم الضرر فيها، ومقيم البينة يحتاج إلى مثلها للفحص عن الشهود.

(ولو ادعى رق بالغ فقال: "أنا حر") في الأصل ( .. فالقول: قوله) لموافقته الأصل، فلو قال:(أعتقتني) أو (أعتقني الذي باعني منك) .. لم يقبل إلا ببينة وإن كان فيه دعوى الحرية.

(أو رق صغير ليس في يده .. لم يقبل إلا ببينة) لأن الأصل عدم الملك، (أو في يده .. حكم له به إن لم يعرف استنادها إلى التقاط) كما لو ادعى الملك في دابة أو ثوب في يده ولا أثر لإنكاره إذا بلغ في الأصح، بل يستمر الرق، فإن استندت إلى التقاط .. فلا في الأظهر.

وهذه المسألة مكررة، فقد ذكرها في (اللقيط).

ص: 526