الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ قِيمَةُ كُلٍّ مِئَةٌ، فَكَسَبَ أَحَدُهُمْ مِئَةً .. أُقْرِعَ، فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِلْكَاسِبِ .. عَتَقَ وَلَهُ الْمِئَةُ، وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِهِ .. عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ .. عَتَقَ ثُلُثُهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ .. عَتَقَ رُبُعُهُ، وَتبَعَهُ رُبُعُ كَسْبهِ.
فصلٌ [في الولاء]
مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَرَابَةٍ وَسِرَايَةٍ .. فَوَلَاؤُهُ لَهُ،
===
(فلو أعتق ثلاثة لا يملك غيرهم قيمة كل مئة فكسب أحدهم) قبل موت السيد (مئة .. أقرع؛ فإن خرج العتق للكاسب .. عتق وله المئة) لما سبق، ورق الآخران، (وإن خرج لغيره .. عتق ثم أقرع) بين الكاسب والآخر؛ ليتم الثلث، (فإن خرجت لغيره .. عتق ثلثه) وبقي ثلثاه مع المكتسب، وكسبه للورثة، وذلك مثلا قيمة الأول وما عتق من الثاني، (وإن خرجت له) أي: للمكتسب ( .. عتق ربعه، وتبعه ربع كسبه) لأنه يجب أن يبقى للورثة ضعف ما عتق، ولا يبقى ذلك إلا بذلك؛ فإنه عتق ربعه، وقيمته خمسة وعشرون، وتبعه من كسبه قدرها وهو غير محسوب عليه، فبقي من كسبه خمسة وسبعون، وبقي منه ما قيمته خمسة وسبعون، وبقي عبد قيمته مئة؛ فجملة التركة المحسوبة ثلاث مئة وخمسة وسبعون؛ منها: قيمة العبيد كلهم ثلاث مئة، ومنها: كسب أحدهم خمسة وسبعون، وجملة ما عتق قيمته: مئة وخمسة وعشرون، وجملة ما بقي للورثة: مئتان وخمسون، وأما ربع كسبه .. فغير محسوب؛ لأنه تابعٌ لِمَا عتق منه.
* * *
(فصل) في الولاء، وأصله: الموالاة، وفي الشرع: عُصوبة متراخية عن عُصوبة النسب؛ فيرث بها المعتق، ويلي أمر النكاح والصلاة، ويعقل.
والأصل فيه: قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" متفق عليه (1).
(من عتق عليه رقيق بإعتاق أو كتابة وتدبير واستيلاد وقرابة وسراية .. فولاؤه له)
(1) صحيح البخاري (6752)، صحيح مسلم (1504) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ. وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إِلَّا مِنْ عَتِيقِهَا وَأَوْلَادِهِ وَعُتَقَائِهِ، فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الأَبِ بِلَا وَارِثٍ .. فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ، وَالْوَلَاءُ لِأعْلَى الْعَصَبَاتِ،
===
أما في من باشر العتق .. فللحديث المذكور، وأما في الباقي .. فقياسًا عليه، (ثم لعصبته) الأقرب فالأقرب، على ما سبق في (الفرائض) لحديث:"الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ"(1).
(ولا ترث امرأة بولاء) يثبت لغيرها؛ فإذا كان للمعتق ابن وبنت، أو أم وأب، أو أخ وأخت .. ورث الذكر دون الأنثى؛ لأن الولاء أضعف من النسب المتراخي، وإذا تراخى النسب .. ورث الذكور دون الإناث؛ ألا ترى أن ابن الأخ والعم وبنيهما يرثون دون أخواتهم، فإذا لم ترث بنت الأخ وبنت العم والعمة .. فبنت المعتق أولى ألَّا ترث؛ لأنها أبعد منهن.
(إلا من عتيقها) لحديث: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"(2)، فجعل الولاء على بريرة لعائشة رضي الله عنها، (وأولاده وعتقائه) كالرجل؛ لأن نعمة إعتاقها شملتهم كما شملت المعتَق، فاستتبعوه في الولاء.
وهذه المسألة مكررة؛ فقد ذكرها المصنف في (الفرائض).
(فإن عتق عليها أبوها ثم أعتق عبدًا فمات بعد موت الأب بلا وارث .. فماله للبنت) لا لكونها بنت معتقه؛ بل لأنها معتقة المعتق، هذا إذا لم يكن للأب عصبة، فإن كان -كأخ وابن عم قريب أو بعيد- .. فميراث العتيق له ولا شيء لها؛ لأن معتق المعتق يتأخر عن عصوبة النسب.
قال الشيخ أبو علي: وقد غلط في هذه المسألة أربع مئة قاضٍ، فقالوا: إن الميراث للبنت، لأنهم رأوها أقرب، وهي عصبة له بولائها عليه.
(والولاء لأعلى العصبات) لقول عمر وعثمان رضي الله عنهما: (الولاء للكُبْر)(3)،
(1) أخرجه ابن حبان (4950)، والحاكم (4/ 341).
(2)
سبق تخريجه في (ص 569).
(3)
أخرجه البيهقي (10/ 303)، وعبد الرزاق في "المصنف"(16238).
وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ .. فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتِهِ. وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ .. فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الأُمِّ، فَإِنْ أُعْتِقَ الأَبُ .. انْجَرَّ إِلَى مَوَالِيهِ. وَلَوْ مَاتَ الأَبُ رَقِيقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ .. انْجَرَّ إِلَى مَوَالِيهِ، فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَالأَبُ رَقِيقٌ .. انْجَرَّ، فَإِنْ أُعْتِقَ الأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ إِلَى مَوَالِيهِ، وَقِيلَ: يَبْقَى لِمَوَالِي الأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الأَبُ فَيَنْجَرُّ إِلَى مَوَالِي الْجَدِّ، وَلَوْ مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ
===
وهو بضم الكاف وإسكان الباء؛ بمعنى: الأكبر في الدرجة لا كبير السن؛ إذ لا فرق بين الصغير والكبير، ومثل هذا لا يكون إلا توقيفًا، فإذا خلَّف ابن مولى وابن ابن مولى .. فالمال للابن.
(ومن مسَّه رق) فعتق ( .. فلا ولاء عليه إلا لمعتقه وعصبته) فإن لم يوجدوا .. فالمال لبيت المال، ولا ولاء عليه لمعتق الأصول بحال؛ لأن نعمة من أعتقه عليه أعظم من نعمة من أعتق بعض أصوله، ولأن عتق المباشرة أقوى.
(ولو نكح عبد معتقة، فأتت بولد .. فولاؤه لمولى الأم) لأنه المنعم عليه؛ فإنه أعتق بإعتاق أمه، (فإن أعتق الأب .. انجرَّ) الولاء (إلى مواليه) لأن الولاء فرع النسب، والنسب إلى الآباء دون الأمهات، وإنما يثبت لموالي الأم؛ لعدمه من جهة الأب، فإذا أمكن .. عاد إلى موضعه.
ومعنى الانجرار: أن ينقطع من وقت عتق الأب عن موالي الأم، فإذا انجرَّ إلى موالي الأب، فلم يبق منهم أحد .. لم يرجع إلى موالي الأم، بل يكون الميراث لبيت المال.
(ولو مات الأب رقيقًا وعتق الجد .. انجرَّ إلى مواليه) لأنه كالأب في النسب والتعصيب، (فإن أعتق الجد) أبو الأب (والأب رقيق .. انجرَّ) إلى موالي الجد؛ لما سبق، (فإن أعتق الأب بعده .. انجرَّ إلى مواليه) لأن الجد إنما جرَّه لكون الأب رقيقًا، فإذا أعتق .. كان أولى بالجرِّ، (وقيل: يبقى لموالي الأم حتى يموت الأب فينجر إلى موالي الجد) أو يعتق الأب فينجر إليه؛ لأن الولاء ينبغي أن يستقر، وما دام الأب رقيقًا يمكن أن يعتق .. فلا يستقر لمولى الجد.
(ولو ملك هذا الولد) أي: ولد العبد من المعتَقة بعد ثبوت الولاء لموالي الأم
أَبَاهُ .. جَرَّ وَلَاءَ إِخْوَتِهِ إِلَيْهِ، وكَذَا وَلَاءُ نَفْسِهِ فِي الأَصَحِّ. قُلْتُ: الأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: لا يَجُرُّهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
===
(أباه .. جرَّ ولاء إخوته إليه) قطعًا؛ لأن الأب يعتق، فيثبت له الولاء عليه وعلى أولاده، سواء كانوا من أمه أو من معتَقة أخرى، (وكذا ولاء نفسه في الأصح) كإخوته؛ كما لو أعتق الأب غيره ثم يسقط ويصير كحر لا ولاء عليه، (قلت: الأصح المنصوص: لا يجره، والله أعلم) بل يبقى لموالي الأم؛ لأنه لو جرَّه .. لثبت له على نفسه ولاء، ولا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء، ولهذا لو اشترى العبد نفسه .. عتق، وكان الولاء للسيد، وهذا ما صححه الرافعي في "الشرحين"(1)، قال في "المهمات": والظاهر: أن ما وقع في "المحرر" سهو (2).
* * *
(1) الشرح الكبير (13/ 390).
(2)
المهمات (9/ 459).