الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ.
فصلٌ [في حكم حمل المدبرة]
وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا .. لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الأَظْهَرِ، وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا .. ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ،
===
عتق بالتدبير، فإن لم يخرج من الثلث .. عتق قدر الثلث وبقيت الكتابة في الباقي، فإذا أدى قسطه .. عتق.
(وكتابة مدبر) لموافقتها لمقصود التدبير، لكن هل يبطل بها التدبير؟ وجهان؛ إن قلنا وصية .. بطل، أو تعليق .. فلا.
* * *
(فصل: ولدت مدبرة من نكاح أو زنًا لا يثبت للولد حكم التدبير في الأظهر) لأنه عقد يقبل الرفع فلا يسري إلى الولد كالرهن، والثاني: يثبت؛ كما يتبع ولد المستولدة أمه، وهذا ما نسبه في "الشرح الصغير" إلى الأكثرين، وقال في "الكبير": أظهرهما: على ما ذكره الشيخان أبو حامد والقفال وغيرهما، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: أنه يتبع (1)، واختصره في "الروضة" فنقل ذلك عن الأكثرين من كلام الرافعي، ثم استدرك عليه، فقال: بل الأظهر عند الأكثرين: أنه لا يتبعها. انتهى (2).
واعترض عليه: بأنه في "الكبير" لم يصرح بنقله عن الأكثرين.
وخرج بقوله: (ولدت مدبرة) ولدها قبل التدبير؛ فإنه لا يتبع قطعًا، وما إذا مات السيد وهي حامل؛ فإنه يتبعها قطعًا، ويعتقان إن احتملهما الثلث، وإلا .. فما يحتمله.
(ولو دبر حاملًا .. ثبت له) أي: للحمل (حكم التدبير على المذهب) وإن قلنا:
(1) الشرح الكبير (12/ 434).
(2)
روضة الطالبين (12/ 203) قال في "العجالة"[4/ 1882] بعد ذكر الثاني: (وهذا ما صححه الرافعي في "شرحه" وردَّ عليه في "الروضة" بتصحيحه الأول في "المحرر"). انتهى، وما ذكره عن "الروضة" ليس بصحيح، بل الصواب: ما ذكرته في الأصل. اهـ من هامش (أ).
فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا .. دَامَ تَدْبِيرُهُ، وَقِيلَ: إِنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ .. فَلَا، وَلَوْ دَبَّرَ حَمْلًا .. صَحَّ، فَإِنْ مَاتَ .. عَتَقَ دُونَ الأُمِّ، وَإِنْ بَاعَهَا .. صَحَّ وَكَانَ رُجُوعًا عَنْهُ. وَلَوْ وَلَدَتِ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا .. لَمْ يَعْتِقِ الْوَلَدُ، وَفِي قَوْلٍ: إِنْ عَتَقَتْ بِالصِّفَةِ .. عَتَقَ. وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ، وَجِنَايَتُهُ كَجِنَايَةِ قِنٍّ،
===
الحمل لا يعلم؛ لأن الجنين بمنزلة عضو من أعضائها؛ كما يتبعها في العتق والبيع، والطريق الثاني: إن قلنا: إن الحمل يعلم .. فمدبر، وإلا .. فالقولان في المسألة الأولى، (فإن ماتت) الأم في حياة السيد (أو رجع في تدبيرها) وصححناه ( .. دام تدبيره) أما في الأولى .. فكما لو دبر عبدين فمات أحدهما قبل موت السيد، وأما في الثانية .. فكالرجوع بعد الانفصال، (وقيل: إن رجع وهو متصل .. فلا) يدوم تدبيره بل يتبعها في الرجوع كما يتبعها في التدبير، وفرق الأول: بتغليب الحرية فيها.
(ولو دبر حملًا) بمفرده ( .. صح) كإعتاقه دونها، ولا يسري ذلك إلى الأم، بخلاف عكسه؛ لأن الحمل تابع فلا يكون متبوعًا، (فإن مات) السيد ( .. عتق) الحمل (دون الأم) لما ذكرناه، (وإن باعها) حاملًا ( .. صح وكان رجوعًا عنه) أي: عن تدبير الحمل؛ لأن التدبير يبطل ويدخل الحمل في البيع.
(ولو ولدت المعلق عتقها) من نكاح أو زنًا ( .. لم يعتق الولد) لأنه عقد يلحقه الفسخ، فلم يتعد إلى الولد؛ كالرهن والوصية، (وفي قول: إن عتقت بالصفة .. عتق) كولد أم الولد.
والخلاف فيمن حدث حملها بعد التعليق، فلو علق عتق حامل .. تبعها الحمل قطعًا؛ كما نقله في "الكفاية" عن ابن الصباغ، لكن المصنف في "تصحيح التنبيه" أجرى فيه الخلاف (1).
(ولا يتبع مدبرًا ولده) قطعًا؛ لأن الولد يتبع أمه في الرق والحرية لا أباه، فكذا في سبب الحرية.
(وجنايته كجناية قن) فإذا جنى بيع في الأرش؛ لبقاء الرق فيه كما قبل التدبير؛
(1) كفاية النبيه (12/ 357)، تصحيح التنبيه (2/ 444).
وَيَعْتِقُ بِالْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ. وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقًا عَلَى صِفَةٍ تَخْتَصُّ بالْمَرَضِ كـ (إِنْ دَخَلْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِي. . فَأَنْتَ حُرٌّ). . عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِنِ احْتَمَلَتِ الصِّحَّةَ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ. . فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الأَظْهَرِ.
===
لتمكن السيد فيه من البيع وغيره، فكان كغيره، والجناية عليه كالجناية على القن.
(ويعتق بالموت من الثلث كله أو بعضه بعد الدين) لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ"، قال الدارقطني: روي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح (1)، ولأنه تبرع يلزم بالموت فأشبه الوصية.
وأشار بقوله: (بعد الدين) إلى أنه إن لم يكن دين ولا مال سواه. . عتق ثلثه، وإن كان عليه دين مستغرق. . لم يعتق منه شيء؛ فإن كان يستغرق نصفه. . بيع نصفه في الدين، ويعتق ثلث الباقي منه.
والحيلة في عتق جميعه بعد الموت وإن كان عليه دين مستغرق أن يقول: (أنت حُرٌّ قبل مرض موتي بيوم، وإن مت فجأة. . فقبل موتي بيوم)، فإذا مات بعد التعليقين بأكثر من يوم. . عتق من رأس المال، ولا سبيل عليه لأحد، حكياه عن إبراهيم المروزي وأقراه (2).
(ولو علَّق عتقًا على صفة تختص بالمرض؛ كـ"إن دخلت في مرض موتي. . فأنت حر". . عتق من الثلث) كما لو نجز عتقه حينئذ.
(وإن احتملت الصحة فوجدت في المرض. . فمن رأس المال في الأظهر) لأنه حين علَّق لم يكن متهمًا بإبطال حق الورثة، والثاني: من الثلث؛ اعتبارًا بوقت وجود الصفة، فإن العتق حينئذ يحصل.
ومحل الخلاف: ما إذا وجدت الصفة بغير اختياره؛ كنزول المطر، فإن كانت باختياره؛ كدخول الدار. . اعتبر من الثلث جزمًا، قاله الرافعي تفقهًا، وصرح به الماوردي (3).
(1) سنن الدارقطني (4/ 138) وأخرجه الشافعي في "الأم"(9/ 312)، وابن ماجه (2514).
(2)
الشرح الكبير (13/ 428)، روضة الطالبين (12/ 198).
(3)
الشرح الكبير (3/ 430)، الحاوي الكبير (22/ 143).
وَلَوِ ادَّعَى عَبْدُهُ التَّدْبِيرَ فَأَنْكَرَ. . فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، بَلْ يُحَلَّفُ. وَلَوْ وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ فَقَالَ:(كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ)، وَقَالَ الْوَارِثُ:(قَبْلَهُ). . صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بيَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا بيِّنَتَيْنِ. . قُدِّمَتْ بَيِّنَته.
===
(ولو ادعى عبده التدبير فأنكر. . فليس برجوع) وإن جوزنا الرجوع عنه؛ كما أن جحود الردة لا يكون إسلامًا، وجحود الطلاق لا يكون رجعة، وهذا ما جزم به في "أصل الروضة" هنا، وجعله في (الدعاوى) رجوعًا (1)، قال في "المهمات": والمذكور هنا هو الصواب؛ لنصِّ الشافعي عليه (2).
(بل يحلف) السيد أنه ما دبره؛ لاحتمال أن يُقِرَّ، ولو نكل. . حلف العبد وثبت تدبيره، ولا تتعين اليمين، بل له أن يسقط اليمين عن نفسه؛ بأن يقول:(إن كنت دبرته. . فقد رجعت) إذا جوزنا الرجوع لفظًا.
(ولو وجد مع مدبر مال فقال: "كسبته بعد موت السيد"، وقال الوارث: "قبله". . صدق المدبر بيمينه) لأن اليد له فترجح، وهذا بخلاف ولد المدبرة إذا قالت:(ولدته بعد موت السيد فهو حُرٌّ)، وقال الوارث:(قبله فهو قن). . فإن القول قول الوارث؛ لأنها لمَّا ادعت حريته. . نفت أن يكون لها عليه يد وإن سمعت دعواها؛ لمصلحة الولد.
(وإن أقاما بينتين. . قدمت بينته) أي: بينة المدبر؛ لاعتضاده باليد، فلو أقام الوارث بينة بأن هذا المال كان في يد المدبر في حياة السيد، فقال المدبر:(كان في يدي لكن كان لفلان فملكته بعد موت السيد). . صُدِّق أيضًا؛ كما نقلاه عن النص (3).
* * *
(1) روضة الطالبين (12/ 198، 11/ 245).
(2)
المهمات (9/ 468).
(3)
الشرح الكبير (13/ 439)، روضة الطالبين (12/ 207).