الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمناسبة قانون 8 مارس 1938م
كتاب مفتوح
إلى السيد الوالي العام على القطر الجزائري
ــ
مضى زمن حسب بعض الناس فيه أن الإسلام والعربية إنما هما من هم قراء العربية وطلبة القرآن وعامة الناس. وأما المثقفون باللسان الفرنسي فلا همَّ لهم فيهما. وأنهم قد ذهبت بأبصارهم آفاق أخرى عن الالتفات إليهما، وأن أحسنهم حالا من يعطف عليهما عطفا رقيقا مراعاة للبيئة وحنواً على العشير. حتى جاءت هذه المقاومة الصريحة لتعليم الإسلام ولغة الإسلام من الإدارة بقانون 8 مارس وما سبقه وما لحقه من منع الرخص ومحاكمة المعلمين. فتجلت الحقيقة وانقشعت سحب الغرور وظهر أنَّ أخواننا المثقفين باللسان الفرنسي من الدكاترة والمحامين والأستاذة وغيرهم لا ينقصون عن غيرهم غيرةً ودفاعا عن الإسلام ولغة الإسلام.
وها هو الدكتور ابن خليل- النائب البلدي بباتنة ورئيس الجمعية الدينية بها وأحد الأعضاء البارزين في جمعية النواب لعمالة قسنطينة- يدافع دفاعا فيه من حرارة الإيمان بقدر ما فيه من قوة الحجة وقد نشره باللسان الفرنسي في جريدة جمعية النواب (الانطانط) الغراء فرأينا تعريبه ليطلع عليه القراء ويكونوا على علم بما فيه من حجج قانونية يحتاجون إليها.
وبعد فإنا نرجو أن ترجع الإدارة إلى الحق وتراعي شعور الأمة فتكسب بذلك محمدة وتفعل جميلاً هو في صالح
الجميع وذلك ما نعمل كلنا في سبيله (1).
عبد الحميد بن باديس
…
إنني من الذين فوجئوا بقانون 8 مارس وبالطبع قرأت بتأمل واهتمام زائد (بيان حقيقة) الذي أصدره السيد الوالي العام ونشر بالجرائد اليومية. وإنني اأكون مسرورا بكل فكرة حكومية يراد بها التنظيم الإداري في العمالات الجزائرية الثلاث طبق ما هو جار بأم الوطن حتى إنني أتفاءل لقانون فصل الدولة عن الدين- بالسلم الديني في هذا الوطن- وعلى الأخص الديانة الإسلامية- الذي هو من جملة المطالب الرئيسية لوحدة النواب التي أتشرف بالانتماء إليها ومع ذلك فإن قراءتي لهذا الـ: (بيان حقيقة) لم ترفع عني الدهشة لأنه في الواقع- كل شيء يبنى على فهم الحكومة لذلك القانون وتفسيرها إياه عمليا. وبهذا المثل الراجح الذي أضربه لكم فوق هذا المنبر سأحاول إفهامكم- على ما ارتآه فكري الضعيف، أحقية الدهشة المستولية عفى الأمة الإسلامية:
في بلدة باتنة أربعة أديان جاري بها العمل (كاثوليكي، إسرائيلي، إسلامي، بروتيستاني) وعلى هذا يوجد في نفس هذه البلدة جمعية دينية إسرائيلية، وجمعية دينية إسلامية، حصل لي الشرف برئاستها منذ سنة 1934م- وجمعية دينية بروتيستان- ما عدا رجال الكهنوت الكاثوليكي فإنهم لم يؤسسوا جمعية دينية كإخوانهم في فرنسا.
الجمعية الدينية الإسلامية بباتنة كميثلاتها من الجمعيات الدينية،
(1) تعليق له على مقال كتبه ابن خليل النائب البلدي بباتنة ورئيس الجمعية الدينية بها وعضو جمعية النواب لعمالة قسنطينة رأينا نقل المقال لأهميته التاريخية.
تأسست في سبتامبر 1925م على أساس قانون فصل الدين عن الدولة الصادر في ديسامبر 1905 ومرسوم 27 سبتامبر 1957م وهي لا تملك إلا مسجدا واحدا- وهو المسمجد الوحيد- في البلدة المذكورة كلها وهي التي تقوم بدفع أجر القائمين على الديانة من كيسها وما زالت منذ تأسيسها دائبة على تعليم الأكبار والصغار من المسلمين أمور دينهم. والمعروف عن التعليم المذكور أنه عبارة عن تعليم القرآن والتوحيد وأحكام العبادات ولهذا فهو لم يكن في وقت من الأوقات يصادف أدنى عرقلة ولا حتى مجرد ملاحظة حكومية حتى سنة 1935م أو هي كما ترى مدة عشر سنوات أو ونيف ثم إن السيد البريفي عامل عمالة قسنطينية أعلمني بكتاب مرقوم بـ 29763 ومؤرخ في 16 ديسامبر 1935م أن لا حق لهذه الجمعية- أي تعليم كان- وأن عليها قبل أن تفعل أن تمتثل وتعمل بمقتضى مرسوم 1892م فأجبته بالجواب التالي:
باتنة 23 ديسامبر سنة 1935م
من رئيس الجمعية الدينية الإسلامية في باتنة.
جناب السيد البريفي عامل عمالة قسنطينة، سيدي أبلغكم مع الاحترام أنني اتصلت بمكتوبكم رقم 39763
وأعلم جنابكم أن الجمعية الدينية الإسلامية بباتنة ممثلة ومتبعة للوضعيات المعينة بالمادة الخامسة وما يليها من مواد قافون أول جوليت 1901 وكذلك وضعيات قانون 9 ديسنامبر 1905 وأمر 27 سبتمبر 1907.
والمادة الأولى من القانون الأساسي لهذه الجمعية تنص على ما يأتي: تأسس بباتنة بعضوية جماعة من المسلمين مشتركين في مسؤولية وضع هذا القانون الأساسي جمعية دينية إسلامية ومنظمة على مقتضى