الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وآله وسلم- يتغير وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه.
وكان جعفر الصادق كثير الدعابة والتبسم وإذا ذكر عنده النبي- صلى الله عليه وآله وسلم اصفر. والواقف على سير السلف الماضيين والعلماء المتقدمين يجد فيها كثيرا من هذا في مراعاة حرمته- صلى الله عليه وآله وسلم وشدة التأدب مع جنابه الشريف، ومن أكثر الناس محافظة على الأدب وتحريضا عليه ووصاية به شيوخ الزهد والعلم من أئمة التصوف العارفين كرجال الرسالة القشيرية الذين أبقى الله بعظيم فضله على الإسلام وجميل صنعه لنصرة الدين كلامهم حجة على كل من ينتسب إلى طريقتهم في مثل هاته الأزمان، قال في الرسالة عن عبد الله بن المبارك: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم، وعن أبي علي الدقاق: من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إلى القتل، وقال أبو حفص الحداد: التصوف كله أدب لكل وقت أدب ولكل حال أدب ولكل مقام أدب فمن لازم الأدب بلغ مبلغ الرجال، ومن حرم الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث يرجو الوصال، وقال: حسن الأدب في الظاهر عنوان حسن الأدب في الباطن (1).
الفصل الأول: في بيان خروج كلامه عن دائرة الأدب المرعية وتهجمه على الحضرة النبوية
.
إنْ مت بالشوق منكد
…
ما عذر ينجيك
أي حق للعبد الحقير، على السيد الجليل الكبير، حتى يطالبه
(1) وقيل: من يتأدب ساد
…
ومن لم يتأدب طرد عن الباب.
بالاعتذار إليه إذا لم يأته، أم كيف ساغ لهذا المسكين أن يقول له لا عذر ينجيك، مم ينجيه هذا العذر؟ إن لو كان ينجيه، أمن اللوم في شأنك والعتاب لأجلك؟ من أنت يا هذا حتى يعتذر سيد الأولين والآخرين لك، ثم لا ينجيه من التقصير في حقك عذر عندك، لقد وضعت نفسك والله في غير محلها وجهلت مقام النبوة وجلالة منصبها. قال:
إن تبق في هجري زائد
…
للمولى ندعيك
من هو بالملك موحد
…
ينطر في أمرك
أي حق لك على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم حتى صرت تخوفه بأنك تدعوه وتشكو به إلى الله- تعالى- لينظر في أمره، وهل يتصور منه- صلى الله عليه وآله وسلم تقصير في حق أحد حتى يشكو به إلى الله- تعالى- حاشا ذلك الجناب الكريم، والنبي الرؤوف الرحيم (1)، أن يقصر في خير لأحد في حال حياته وبعد مماته وكيف ذلك وهو الذي قال له الله تعالى:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (2). وهو الذي لما تعرض عليه في قبره أعمال أمته يستغفر للمذنبين، لكنك يا مسكين توهمته كعظماء الدول الذين يقصرون مع من دونهم فيخوفون بمن فوقهم على أنه لم يكن من أدب العبيد أن يهددوا الوزير بسلطة الأمير فأين أنت يا هذا حتى من آداب الوزراء والسلاطين بله الأنبياء والمرسلين.
قال:
عبس بالقول تساعد
…
ما نرجوه فيك
(1) القائل إنما أنا قاسم وألله يعطى
…
الخ.
(2)