الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمات صريحة:
الشمال الإفريقي
كيف يجب أن يعالج
ــ
يقلق بال السياسة الفرنسية اهتزاز الشمال الأفريقي واضطرابه وتذمره واحتجاجه، ويقلق بال السياسة ذلك من القطر الجزائري على الخصوص.
لقد أدى هذا القلق السياسي إلى التفكير الجدي في هذا الشمال وفي الجزائر "الفرنسية"، كما يقولون! وانتهى هذا التفكير إلى آراء في الداء- حسب تسميتهم- وآراء في العلاج وأخطأت كلها في معرفة الداء على وضوحه وفي معرفة العلاج على قربه.
فأما الداء- كما يسمون- فقال قوم: هو اليد الأجنبية، وقال آخرون: هو الشيوعية الأفرنسية، وقال غيرهم: هو الاتحاد الإسلامي والوحدة العربية. وماذا نقول نحن في هذه الآراء؟
نقول بكل صدق وصراحة تعرفهما الدوائر الحكومية منا- أولا: إن اليد الأجنبية التي يعنون هي يد موسوليني وهيتلر، بعد ما كانوا يعنون بها قبل التحالف الفرنسي الروسي يد موسكو. وأنا على يقين تام من أن الأوطان الافريقية الثلاث التي تهم فرانسا لم تتصل يوما بيد أجنبية لا من موسكو ولا من روما ولا من برلين. وأعرف عن نفسي وعن رجال هذا الشمال الافريقي إخواني، إننا نأبى أن نكون آلة في يد أي كان من الأمم التي تكيد لفرنسا اباء وترفعا يمليهما علينا عزة الإسلام وشمم العروبة.
وثانيا- أن الشيوعية الفرنسية، وإن فسحت لها الواجهة الشعبية المجال، فإنها لم تستطع ولن تستطيع أن تتمكن من أوساط شعبنا أو تحوز أكثر مما حازته من النزر اليسير جدا من أطرافه، ما دام الشعب يعتقد أن مبادئها الأساسية لا يتفق كثيرا منها مع الإسلام. هذا رغم ما يبديه رجالها مما يستحقون عليه الشكر من العطف على ضعفنا ومقاومة الظالمين لنا، لكن الشكر والاعتراف بالجميل شيء والتأثر بالمبادئ والانقياد للحزب شيء آخر.
وثالثا- أن الاتحاد الإسلامي والوحدة العربية بالمعنى الروحي والمعنى الأدبي والمعنى الأخوي هما موجودان، تزول الجبال ولا يزولان، بل هما في ازدياد دائم بقدر ما يشاهد الناس من عمل في الغرب ضد العروبة والإسلام. وأما بالمعنى السياسي والمعنى العملي فلا وجود إلى اليوم لهما.
وأما العلاج فقد كادت كلمة القوم تتفق على أنه الضغط والإرهاق واستعمال القوة والشدة ..
وماذا نقول نحن في هذا العلاج؟
نقول- بالصدق والصراحة اللذين تعرفهما منا الدوائر الحكومية- أنه علاج قد يسكن الشعب شيئاً ما، حيناً ما، ولكنه يزرع في القلوب بغضا وحقداً ويملأ الصدور ثورة وحماسا، وما مآل ذلك- بطبيعة الامتلاء وطول الزمان- إلَاّ الانفجار، ولا يدري إلا الله على من تكون عواقب ذلك الانفجار.
هذا ما يفكره الساسة في الداء والعلاج وقد زيفناه.
أما نحن- ونحن أعرف بأنفسنا- فإننا نتيقن أن هذه الأمم الإسلامية العربية استيقظت من سباتها وهبت للنهوض من كبوتها،