المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حول كلمتنا الصريحة - آثار ابن باديس - جـ ٣

[ابن باديس، عبد الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌قسم الإصلاح والثورة ضد البدع

- ‌يتكلمون بما لا يعلمون

- ‌الجهة الأولى:

- ‌الجهة الثانية:

- ‌الجهة الثالثة:

- ‌ما هكذا عهدنا أدب صروف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌تمهيد:

- ‌ماذا كان يدبر للاستيلاء على الجمعية:

- ‌نكتة المسألة:

- ‌كيف كنا وكيف كانوا:

- ‌صبيحة يوم الإثنين وما صبيحة الإثنين:

- ‌لوازم واستاجابات:

- ‌مساء الإثنين:

- ‌يوم الثلاثاء:

- ‌كيف كان الترشيح للإنتخاب:

- ‌عناصر مجلس الإدارة:

- ‌رئاسة الجمعية:

- ‌بواعثنا - عملنا- خطتنا- غايتنا

- ‌((عبداويون))! ثم ((وهابيون))

- ‌الدعاء منه عادة ومنه عبادة

- ‌لا يجوز دعاء غير الله ولا أحد مع لله

- ‌من دعا غير الله فقد عبده

- ‌التوسل بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم غير دعائه

- ‌نصيحة بنصيحة

- ‌كلمة كفر لو دري قائلها

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إنكار العلماء المتقدمين على المدعين المبتدعين

- ‌إنكار الإمام القشيري، صاحب الرسالة القشيربة، من أهل القرن الخامس:

- ‌إنكار الإمام أبي بكر الطرطوشي المالكي، من أهل القرن الخامس والسادس:

- ‌إنكار الإمام أبي حيان الأندلسي، من أهل القرن السابع والثامن:

- ‌إنكار الإمام أبي إسحاق الشاطبي المالكي، من أهل القرن الثامن:

- ‌إنكار الإمام القلصادي المالكي، من أهل القرن التاسع:

- ‌إنكار الشيخ عبد الرحمن الأخضري الجزائري، من أهل القرن العاشر:

- ‌إنكار الشيخ عبد الكريم الفكون القسنطيني، من أهل القرن الحادي عشر:

- ‌إنكار الشيخ مصطفى لعروسي، من أهل القرن الثالث عشر:

- ‌الصوفي السنيبين الحكومة السنية والحكومة الطرقية

- ‌الإسلام دين علم خالد

- ‌طلب الآخرة وحدها مذموم فى الإسلام

- ‌بيان عن هلال شوال

- ‌المجتنيات من الجرائد والمجلات

- ‌التقرير الأدبي

- ‌العناية بهلال رمضان وثبوته

- ‌العناية بهلال رمضان

- ‌إدارة البريد:

- ‌(الهيئة الشرعية بالعاصمة):

- ‌(رجاء من أصحاب الفضيلة القضاة والمفاتي):

- ‌(رجاء من الأمة):

- ‌(إلى رؤساء شعب الجمعية):

- ‌الإصلاح أمس واليوم

- ‌إحتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالحجاج

- ‌شيخ الإسلام بتونس

- ‌حول فتوى القراءة على الأموات

- ‌خبز وزيتون ومغفرة من الله:

- ‌جمعية أصوات وأنواع قراءات:

- ‌ حديث قراءة يس

- ‌إلى علماء جامع الزيتونة:

- ‌معاذ الله:

- ‌من آثار جمعية العلماء في تهدئة الأفكار

- ‌المجلة الزيتونية

- ‌المجلة التونسية

- ‌دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها

- ‌لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة

- ‌نص الخطبة

- ‌جواب صريح

- ‌تمهيد:

- ‌تلخيص السؤال:

- ‌الجواب:

- ‌((كلمة إلى العلماء))

- ‌رسالة جواب‌‌ سؤالعن سوء مقال

- ‌ سؤال

- ‌الجواب:

- ‌الفصل الأول: في بيان خروج كلامه عن دائرة الأدب المرعية وتهجمه على الحضرة النبوية

- ‌الفصل الثاني: في بيان حرمة مخاطبة النبي- صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الخطاب

- ‌الفصل الثالث: في أن هذا المقال لا يصدر من العارفين

- ‌الفصل الرابع: في بطلان عذره بعجمة ألسن المحبين

- ‌الخاتمة: في نصيحة نافعة ووصية جامعة

- ‌التقاريظ

- ‌تقريظ محمد النخلي:

- ‌تقريظ بلحسن النجار:

- ‌تقريظ محمد الطاهر بن عاشور:

- ‌تقريظ محمد الصادق النيفر:

- ‌تقريظ معاوية التميمي:

- ‌تقريظ شعيب بن علي بن عبد الله:

- ‌تقريظ محمد المولود بن الموهوب:

- ‌تقريظ العابد بن أحمد بن سودة:

- ‌تقريظ محمد بن العربي:

- ‌تقريظ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر:

- ‌المقرظون، أسماؤهم ووظائفهم وبلدانهم:

- ‌تبيان:

- ‌قسم التربية والتعليم

- ‌أيها المسلم الجزائري

- ‌إصلاح التعليم بجامع الزيتونة، عمره الله

- ‌جمعية التربية والتعليم الإسلامية

- ‌منع التعليم الديني بالمساجد

- ‌إبطال الجمعية الدينية بالجزائر:

- ‌بعد عشرين سنة في التعليم

- ‌الدروس العلمية الإسلامية بقسنطينة

- ‌مقررات المجلس الإداري

- ‌المطلب الأول:

- ‌المطلب الثاني:

- ‌الدروس العلمية بالجامع الأخضر بقسنطينة

- ‌رجاء

- ‌صلاح التعليم أساس الإصلاح

- ‌ختم الدروس العلمية بالجامع الأخضر

- ‌تحية وشكر: إلى أبنائي الطلبة:

- ‌تقرير في التعليم المسجدي

- ‌نوع التعليم المسجدي:

- ‌الحاجة إليه:

- ‌وجوب القيام به:

- ‌الحالة التي هو عليها:

- ‌كيف ينبغي أن يكون:

- ‌بيان عن الحركة العلمية بالجامع الأخضر ونفقاتها

- ‌الطبقات: أربعة

- ‌النفقة:

- ‌نداء وبيان إلى الأمة المسلمة الجزائرية

- ‌لمن أعيش

- ‌مؤتمر المعلمين الأحرار

- ‌الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي

- ‌يا لله! للإسلام والعربية في الجزائر

- ‌للدفاع عن الإسلام والقرآن ولغتهما:

- ‌بمناسبة قانون 8 مارس 1938م

- ‌الغرض من الجمعية:

- ‌في سبيل التعلم والتقدم

- ‌بماذا نعود:

- ‌حول قانون 8 مادس المشؤوم

- ‌النص التقريبي لكامل التقرير الأدبي

- ‌الحركة التعليمية

- ‌أصل الجمعية:

- ‌القانون الأساسي للجمعية:

- ‌تأسيس قسم الشبان:

- ‌أعمال الشبان:

- ‌لجنة الطلبة:

- ‌تعميم فكرة الجمعية:

- ‌قسم السياسة

- ‌خطتنا

- ‌مبدؤنا السياسي:

- ‌مبدؤنا التهذيبي:

- ‌مبدؤنا الانتقادي:

- ‌تعطيل (السنة) وإصدار (الشريعة)

- ‌رد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌حول تصريحات الوالي العام

- ‌في الشمال الأفريقي:

- ‌كلمات حكيمة

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌اللجنة الوزارية:

- ‌الإضراب التونسي:

- ‌حول كلمتنا الصريحة

- ‌إنتهاء الأزمة التونسية:

- ‌حقوق الأمة الجزائرية

- ‌مقدمة:

- ‌الأوضاع والمعاملات الخاصة:

- ‌النيابات:

- ‌اللغة العربية:

- ‌الدين:

- ‌1 - المساجد:

- ‌2 - التعليم الديني:

- ‌3 - القضاء:

- ‌نص المطالب التي قدمها لمكتب المؤتمر

- ‌المؤتمر الجزائري الإسلامي العام

- ‌كلمة قالها ابن باديس

- ‌مع الوفد الإسلامي الجزائري:

- ‌تمهيد:

- ‌على ظهر الباخرة:

- ‌الأستاذ العقبي:

- ‌الأستاذ الإبراهيمي:

- ‌الأستاذ عبد الحميد:

- ‌المقابلات الرسمية:

- ‌عند م. فيوليط:

- ‌عند وزير الداخلية:

- ‌عند وزير الحربية:

- ‌عند رئيس الوزراء:

- ‌كلمة لكبير الوزراء:

- ‌مقابلات الأحزاب الشعبية:

- ‌مقابلة الصحافة:

- ‌النتيجة المحققة:

- ‌العودة إلى الوطن:

- ‌واليوم

- ‌نحن مسلمون وكفى

- ‌النمسا- الدعاية الهتلرية في إفريقيا الشمالية وفلسطين:

- ‌الدعاية الألمانية في إفريقيا الشمالية:

- ‌ليست الزردة وحدها

- ‌تمهيد:

- ‌كيف كنا معا:

- ‌كيف افترقنا:

- ‌طعنة من الخلف في أخطر الأوقات:

- ‌آلة في يد الظلم:

- ‌وافق شن طبقة:

- ‌الأمة حكمت وأبرمت:

- ‌الجنسية القومية والجنسية السياسية

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌فصل الجزائر عن فرانسا:

- ‌نظرنا في إصلاح الحالة:

- ‌بروجي فيوليط والحالة الشخصية:

- ‌رأينا في إلزام الحكومة المسلمين برفض الأحكام الشرعية:

- ‌‌‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌جبر البكر:

- ‌مجلة (الشهاب) ومقاومة الاندماج:

- ‌تقييد في محله:

- ‌وعود نرجو أن تتحقق:

- ‌دعوة وبيان

- ‌نداء

- ‌هل آن أوان اليأس من فرنسا

- ‌الوطن والوطنية

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌نداء إلى الأمة الجزائرية ونوابها

- ‌صدى منشورنا على الأمة والنواب

- ‌إجرام الاستعمار

- ‌الاستعمار يحاول قطع الصلة بين الإخوان

- ‌كلمات صريحة:

- ‌نحن الجزائر:

- ‌كلمة مرة

- ‌نحن والواجهة الشعبية

- ‌على هامش (السانطونير)

- ‌مسألة عظيمة

- ‌قال سعادة الباشا:

- ‌الوحدة العربية

- ‌أصول الولاية في الإسلام

- ‌الأصل الأول:

- ‌الأصل الثاني:

- ‌الأصل الثالث:

- ‌الأصل الرابع:

- ‌الأصل الخامس:

- ‌الأصل السادس:

- ‌الأصل السابع:

- ‌الأصل الثامن:

- ‌الأصل التاسع:

- ‌الأصل العاشر:

- ‌الأصل الحادي عشر:

- ‌الأصل الثاني عشر:

- ‌الأصل الثالث عشر:

- ‌توضيح

- ‌الجزائر المسلمة

- ‌الخلافة أم جماعة المسلمين

- ‌فلسطين الشهيدة

- ‌حول مساجين العلماء

- ‌أولو الأمر

- ‌قسم البرقيات والاحتجاجات

- ‌شكر عام للإحساس العام

- ‌احتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاجنا لدى الأمة:

- ‌إحتججنا لدى الحكومة:

- ‌إحتجاجنا إلى ممثل الحكومة في ذلك المجلس:

- ‌تلغراف الاحتجاج

- ‌رفع قضية ضد التعطيل

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائربينوصولاتها الجدد

- ‌وداع وشكر:

- ‌براءة:

- ‌إحتجاج ديني إنساني:

- ‌برقية تألم:

- ‌تلغراف مرسل إلى السيد الوالى العام

- ‌حول مقال نشرته جريدة الطان

- ‌(ترجمة ما يتعلق بالجزائر من مقال لطان)

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌رسلة جمعية العلماء إلى الطان

- ‌عريضة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌الاحتجاجات

- ‌شكر ووداع

- ‌الشقيقة الجزائرية

- ‌سير الجمعية وأعمالها:

- ‌وزير الخارجية بباريس والمقيم العام بتونس

- ‌وزير الخارجية بباريس والقيم العام بالرباط

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاج جمعية العلماء

- ‌إحتجاج رئيس جمعية العلماء

- ‌برقية تهنئة ورجاء

- ‌برقية شكر وتهنئة

- ‌عيد الفطر المبارك

- ‌شكر على تعزية

- ‌برقية جمعية العلماء

- ‌قسم الإجتماعيات

- ‌سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

- ‌رسائل ومقلات:

- ‌الرجل المسلم الجزائري

- ‌سبب اختياري للموضوع:

- ‌ الرجل

- ‌المراد من الموضوع:

- ‌المسلم:

- ‌الجزائري:

- ‌طريق العلم بهذا والعمل به:

- ‌شقيقة رجل وشريكه:

- ‌هو الأول، وهي الثانية:

- ‌المرأة المسلمة الجزائرية:

- ‌المرأة:

- ‌المسلمة:

- ‌الجزائرية:

- ‌الطريق الموصل إلى هذا:

- ‌لا فضل بالمال

- ‌ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌كتاب: "امرأتنا

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌على ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌عيد الحرية

- ‌ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان

- ‌نصيحة وإرشاد

- ‌التسامح الإسلامي:

- ‌عن الصدى الكنسي لقسنطينة وبونة

- ‌الصلاة اليومية:

- ‌التسامح الإسلامي- 2

- ‌سيرة الإصلاح الإسلامي:

- ‌جواب عن كتاب

- ‌نص الكتاب بعد الافتتاح:

- ‌إحياء ليلة المعراج النبوي الشريف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تقوم بواجبها الديني وشعورها الإنساني:

- ‌بيان ما أرسل للمنكوبين:

- ‌تنبيه

- ‌غرداية

- ‌بين المسلمين في غرداية

- ‌للحق والنصفة

- ‌قسم الخطب

- ‌ذكرى المولد النبوي الكريم

- ‌بقية الخطاب الذي ألقاه صاحب المجلة في النادي

- ‌مبدأ رحمته:

- ‌مبدأ قوته:

- ‌مظاهر رحمته:

- ‌مظاهر قوته:

- ‌آثار القوة والرحمة في أخلاقه:

- ‌الأمانة:

- ‌الصدق:

- ‌العدل:

- ‌إهتمامه بالخلق:

- ‌إنقباضه عنهم:

- ‌نبوءته:

- ‌الرحمة والقوة في شريعته:

- ‌خطبتان لصاحب المجلة

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌خطبة منبرية

- ‌ذكرى الشاعرين:

- ‌((خطبة صاحب هذه المجلة))

- ‌خطاب رئيس الجمعية

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌ غاية الجمعية

- ‌ثمرة هذه الغاية:

- ‌دعوة الجمعية:

- ‌ثمرة هذه الدعوة:

- ‌ما حصلنا من الثمرتين:

- ‌الجمعية وأنواع من يتصل بها:

- ‌الجمعية والأمة:

- ‌الجمعية وأهل الطرق:

- ‌الجمعية والحكومة:

- ‌الجمعية والأحزاب:

- ‌الجمعية والمؤتمر الإسلامي الجزائري العام:

- ‌الجمعية وخصومها:

- ‌خطبة رئيس الجمعية

- ‌خطاب الرئيس الجليل

- ‌خطاب الرئيس في الاجتماع العام

- ‌قسم الشعر

- ‌السياسة في نظر العلماء

- ‌تحية المولد الكريم

- ‌القومية والإنسانية

الفصل: ‌حول كلمتنا الصريحة

‌حول كلمتنا الصريحة

لقد أحدثت الكلمة الصريحة التي نشرناها بالعدد الاسبق من الشهاب أثرها المطلوب، وكان لها الدوي العظيم الذي كنا نتوقعه لها. فتلك كانت أول مرة فيما نعلم، جوبهت فيها الحكومة وجوبه فيها رجال السياسة بحقيقة ناصحة، هي عين الحقيقة التي تعتقدها الأمة، وفيها بيان لعواطف وإحساس وشعور الأغلبية المطلقة من سكان هذا الوطن الجزائري.

فأما الذين طهرت سريرتهم وخلصت نيتهم، فقد حبذوا خطتنا وشكروا لنا صراحتنا، وحمدوا لنا هذا الموقف الذي وقفناه ضد محاولات التجنيس الخائبة، ومحاولات هدم القومية واللغة والدين المجرمة، إذ بينا في جلاء ووضوح أننا مع احترامنا للسلطة الفرنسية، وإطاعتنا لقوانين الجمهورية، نريد ونستطيع أن نحافظ على ذاتيتنا الخاصة، وما فيها من مميزات اللغة والدين والإخلاص والثقافة ولا نريد بأي حال من الأحوال ولا نستطيع أن ننسلخ طوعا واختيارا أو كرها وجبرا على تلك الذاتية، وما فيها من مميزات، وما لها من حقوق.

وأما الذين في قلوبهم مرض، والذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وأنكروا ما لهذه الأمة من مجد، وما لها من تاريخ، وما لها من روابط تجعل منها أمة متحدة ومتجانسة لها من الاتحاد والتجانس ما لأكثر الأمم تجانسا واتحادا في كل بلاد الأرض فأولئك قوم فزعوا من مقالنا كما تفزع الخفافيش عندما ينبثق نور الفجر، ومنهم من انتقد ومنهم من رد، ومنهم من أفحش وأقذع، وأن إلى الأمة التي أنكروها إيابهم، وأن عليها- مهما تجاهلوها- حسابهم.

ص: 316

إن كلمتنا الصريحة قد وضعت الكثير من الرجال على المحك، فمنهم من ظهرت نفسه من در مكنون، ومنهم من انطوت جوانبه على حمأ مسنون.

وإنا لنشهد أن من أكمل الرجال الذين رأينا فيهم بهذه المناسبة، الهمة الحالية، وشرف النفس، وطهارة الضمير، الأستاذ فرحات عباس الصيدلي، والعضو البلدي والعمالي بسطيف.

كان هذا الرجل الأبي من أهدافنا في مقالنا (كلمة صريحة) وهو الذي آخذناه عن مقاله (فرنسا هي أنا) وقلنا له ولمن معه إنكم عندما تسمعون لسياسة الاندماج، وتحبذون التجنيس، وترضون ضياع حقوقنا الإسلامية مقابل حق الانتخاب، وتريدون- خلافا للطبيعة- أن يصير جمهور المسلمين بهذه البلاد جمهورا فرنسيا بحتا، لا يختلف عن الجماهير الفرنسية في شيء، إنكم عندما تسعون وتحبذون هذا لا تمثلوننا ولا تتكلمون باسمنا، وإنكم في واد والأمة في واد آخر.

فالسيد فرحات عباس، لم يتألم ولم يتكدر، وسلك مسلك كبار رجال السياسة الذين يحبذون النقد وينصاعون لكلمة الحق، فزار إدارة الشهاب، وأكد لها تقديره لجهودها، وجرت له مع صاحب الشهاب محادثة دلت على سمو أدبه وعلو كعبه في عالم السياسة والتفكير.

ثم نشر مقالا في جريدة (لا ديفانس)(1) الصادقة الثابتة الجسورة، يبين فيه نظريته، ويشرح فيه فكرته الاجتماعية التي بنى عليها سلوكه السياسي، وسيجد قراؤنا تعريب هذا المقال إثر فصلنا هذا.

ولقد تولت بعض الدوائر مهاجمتنا، مستترة وراء جريدة النجاح، ووراء ورقة تدعى (صدى الصحافة الإسلامية)، ولقد كنا ننتظر من تلك الدوائر التي هاجمتنا، مناقشة هادئة تتناسب مع وقارها، وكنا

(1) La défense: الدفاع يصدرها المرحوم الأمين العمودي.

ص: 317

ننتظر منها نضالا بأسلحة حادة، لكن خاب أملنا في الأمرين. فالمناقشة كانت صبيانية الشكل والموضوع، والأسلحة كانت عتيقة مفلولة أبلتها كثرة الاستعمال.

فأما السلاح الذي استعمل ضدنا في النجاح فهو أسئلة وضعها رجل كبير، وأمضاها رجل صغير وقد حسب الذين قدموا لنا هذه الأسئلة أنهم يحرجوننا بوضع البحث فوق ميدان الاستقلال، كأننا قد رفعنا علم العصيان، ونادينا بفصل الجزائر عن فرنسا من الآن.

فهو يسألنا أولا: متى كانت حدود الجزائر على ما هي عليه الآن؟ وإننا نجيبه لنفرض أن حدود الجزائر لم ترسم على صفتها الحالية شرقا وغربا إلا منذ نحو مائة عام، فهل له أن يجيبنا متى كانت حدود فرنسا وألمانيا وإيطالبا والنمسا والمجر ورومانيا ويوغوسلافيا واليونان وبلغاريا كما هي الآن؟ وهل لم تتغير المرات العديدة خلال هذه المائة عام؟

ثم يسألنا: متى كانت بلاد الجزائر مستقلة؟ ونحن نقول له: إن ضربنا صفحا عن الدول الإسلامية المستقلة التي نشأت وازدهرت بالقطر الجزائري، وسلمنا بأن القطر الجزائري بصفته الحالية لم يكن مستقلا في وقت من الأوقات، فهل لحضرة السائل أن يجيبنا: متى كانت دولة تشيكوسلوفاكيا مستقلة؟ وإلى أي عهد يرجع استقلالها؟

ويسألنا أخيرا، ما هي وحدة اللغة التي تكلمنا عنها في كلمتنا الصريحة، فهل هي اللغة العربية، والحال ليس كذلك، كما يقول، أم ماذا؟

فهل نستطيع أن نجيبه بأن لغة هذا الوطن ليست عربية بدليل أن جريدة النجاح تنشر بلغة الصين، وأن الجريدة الرسمية الحكومية تنشر إلى جانب نسختها الفرنسية نسخة بلغة النبط والكلدانيين؟ أم نقول له أن الواقع يثبت بأنه لا يوجد في أرض الجزائر إلا واحد في المائة

ص: 318

فقط من السكان المسلمين لا يتكلم العربية. ثم نسأله: هل لا توجد في فرنسا إلى جانب اللغة الرسمية الفرنسية لغات أخرى ذات آداب ولها صحف سيارة ويتكلمها الملايين من الناس، وخاصة بالألزاس، وبجهات الفلاندر، وببلاد ابروتانيا التي يقوم أهلها بحملة تكاد تكون ثورية لإجبار الحكومة على تعليم لغتهم بالمدارس، وببلاد البروفانس، وضواحي مرسيليا، وبجزيرة كورسيكا؟

وهل توجد وحدة اللغة، كما توجد بالقطر الجزائري، في رومانيا، ويوغوسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا إن لم نتكلم إلا عن هذه البلاد؟

وأما السلاح الذي استعمل ضدنا بصدى الصحافة الأهلية، والذي خرج من معمل جريدة الهك القديمة وكتب بأقلام محرريها، ونحن لا نشرِّفهم بذكر اسمهم، احهتقارا لا جهلا، فهو ذلك الشتم البذيء الرقيع، سلاح الأسافل العاجزين، فصاحب الشهاب عند أولئك السادة: أحمق. مجنون، أخرق، جاهل غبي، مجرم، وهو بوحماره الخارجي الذي أثار إفريقيا قصد تأسيس دولة فوق الخرائب، ولم يتورع الكاتب شلت يمينه عن نبش قبر عبد المؤمن بن علي قدس الله روحه، لتبشيع سياسته والحط بكرامته.

ثم يصف ذلك الكاتب الأمة الجزائرية بكل أوصاف الجهل والفوضى، والتهديم والتخريب، حتى ليكاد الإنسان يعتقد أن ذلك الرجل الذي استؤجر لينال منا، إنما استؤجر لكي يقول للناس في العالم أجمع: أنطروا كيف أصبحت حالة المسلمين الجزائريين بعد أن حكمت فرنسا بلادهم نيفاً ومائة من السنين!

ولو كنا نستطيع أن ننحطَّ إلى تلك الدركة السافلة، ونجاري أولئك المحررين- في أسلوبهم لقلنا لهم إنهم أنذال، سفهاء ليس لهم ضمير، ولا يعرفون شهامة ولا كرامة. لكننا لا نقول لهم هذا، ولا

ص: 319

نوجه لهم أمثال هذا الكلام، فلنا من آدابنا الإسلامية، ولنا مع شهامتنا العربية ما يمنعنا عن الانغماس في مستنقهم النتن.

فدعهم هم والذين يملون عليهم تلك السخافات الرقيعة، يقفون أمام الرأي العام بهذه البلاد، ولننظر كيف يكون حكمه عليهم قاسيا أليما.

إننا أكدنا في (الكلمة الصريحة) رغبتنا في الاحتفاظ بكياننا العربي الإسلامي، فوق أرض هي أرض آبائنا وأجدادنا، مع أحترامنا التام للسلطة وخضوعنا لقوانين البلاد.

لكن خصومنا، كما قلنا آنفا، أرادوا أن يفهموا من كلامنا أننا نريد الاستقلال ورأوا أنهم يحرجوننا إذا وضعوا البحث على بساط الاستقلال. حتى إذا زل بنا القدم فوق هذا البساط الأملس استنزلوا علينا نقمة الحكومة وطلبوا أن نعامل معاملة الثائرين المهيجين، وأن نذهب (1) ضحية قوانين روني وما سبقها.

لكن خابت آمالهم، فنحن قوم لا نتأخر عن الخوض في مثل هذه الميادين، وأنهم لا يزعجوننا أن جرونا للبحث في مسألة الاستقلال.

إن الاستقلال حق طبيعي لكل أمة من أمم الدنيا. وقد استقلت أمم كانت دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة، ولسنا من الذين يدعون علم الغيب مع الله ويقولون أن حالة الجزائر الحاضرة ستدوم إلى الأبد. فكما تقلبت الجزائر مع التاريخ فمن الممكن أنها تزداد تقلبا مع التاريخ. وليس من العسير بل إنه من الممكن أن يأتي يوم تبلغ فيه الجزائر درجة عالية من الرقي المادي والأدبي، وتتغير فيه السياسة الاستعمارية عامة والفرنسية خاصة، وتسلك فرنسا مع الجزائر مسلك

(1) في الأصل: ننهب.

ص: 320