الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصيحة وإرشاد
من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى وفد الله من إخواننا
المسلمين الجزائريين ومن بلغه كلامنا من إخواننا المسلمين.
ــ
قد جرت عادة الناس من قديم عند قدومهم من الحج أن يمكثوا في بيوتهم أياماً ثلاثة أو سبعة يقتبلون الزائرين والمهنئين وينفقون في ذلك ما قد يبلغ شطر ما أنفقوا في الحج أو يقاربه أو يجاوزه بحسب حالهم وعدد معارفهم، ويحسبون أنهم بذلك يعظمون الحج والحجاج ويتقربون إلى الله بذلك التعظيم.
وفي هذا مفسدتان عظيمتان، أحداهما: بالقعود عن مساجد الجماعات وذلك من شأن المنافقين الذين همَّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أن يحرق عليهم بيوتهم، وقبيح- والله- بمن جاء من بيت الله وحرم الله أن يتخلف عن بيوت الله ويكون في حال أهل هذا الوعيد. الثانية بارتكاب الإسراف والتبذير في غير طاعة، مما يعقب اللوم والحسرة، وبغض الله الذي لا يحب المسرفين.
ونحن ننصح لإخواننا المسلمين أن يقلعوا عن هذه العادة الذميمة والبدعة الضالة التي يزداد قبحها ويعظم إثمها بصدورها من وفد الله وضيوفه الذين رجعوا- إن شاء الله تعالى- برحمته ومغفرته وإكرامه.
ونرشدهم إلى ما يحصل لهم ولأحيائهم بركة الاجتماع في غير رياء ولا إثم ولا تبذير. ذلك بأن يصبح الحاج في مسجد قريته أو حومته من بلدته يؤدي تحية المسجد أو يؤدي فريضته ويتلقى أحبابه فيه، وقد كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدم من سفر ابتدأ
بالمسجد، وما أسست المساجد إلا لذكر الله وجمع المسلمين على صلواتهم ودروسهم ومصالحهم.
ففي هذا- إن شاء الله تعالى- الأجر الكثير، والنفع الغزير في الدنيا والدين.
…
قد تواترت الأخبار المشرقية بما يقاسيه سكان المدينة المنورة من جهد ومشقة واحتياج. فنحن ندعو إخواننا وفد الله إلى اغتنام هذه الفرصة العظيمة والمبرة الكريمة بالإحسان إلى سكان طيبة الطيبة وجيران سيد المرسلين- صلى الله وسلم عليه وعليهم وآله كل أجمعين- وعمار حرمه الأمين ومسجده الكريم، وغذا وفقوا- وهم موفقون إن شاء الله- إلى استبدال هذا الإنفاق المشكور المبرور بذلك التبذير المذموم الموزور، استجمعوا الخير من طرفيه، وحصلوا الأجر بسببيه، فعل ما أمروا به وترك ما نهوا عنه ورضي الله عنهم- إن شاء الله- ورضوا عنه.
…
هذه نصيحتنا إليكم- إخواننا- جعلها الله سبب الأجر والمثوبة لكم ولنا. وإن الجمعية عازمة- بإذن الله- في الأعوام القابلة على إيفاد عضو من رجالها يذكر الحجاج ويفقههم ويكون مرجعا لهم في أمر دينهم وأعمالهم.
والله نسأل التوفيق إلى الخير والعون عليه والإخلاص فيه لوجهه آمين والحمد لله رب العالمين.
عن الجمعية الرئيس: عبد الحميد بن باديس
البصائر: السنة الأولى العدد 7 الجمعة 21 ذي القعدة 1354ه 14 فيفري 1936م الصفحة: 6 ع 1 و 2.