الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعوة وبيان
إلى عموم الشعب المسلم الجزائري الكريم
ــ
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تعلم ما تجتازه الأمة اليوم في طريق نهضتها من وقت حرج، ومصاعب جمة، وما يحف بها من أخطار، وما ينصب لها من عراقيل، وما يتجاذبها من عوامل التفريق من الخارج ومن الداخل، وأن الجمعية التي بثت روح النهضة في الأمة بما دعت إليه من الرجوع إلى الكتاب والسنة والمحافظة على الجنس واللغة، والاعتزاز بالإسلام والعروبة حتى عرفت الأمة نفسها، ووجهت للحياة السعيدة رغبتها، ووجد السبيل إلى مخاطبتها وتفهيمها من أراد- بحق أو بباطل- قيادتها أن الجمعية التي بثت هذه النهضة هي حارستها في جميع أطوارها والمدافعة عنها بكل ما لديها، والصابرة على البلاء من القريب والبعيد في سبيلها.
إن أعداء الأمة الذين تمثلهم الجرائد الاستعمارية الكبرى هنا وهنالك ويصدع بأمرهم كراسي متنوعة، ما فتئوا يوالون ضرباتهم، ويعيدون هجماتهم على الجمعية لأنهم يرون فيها حياة الأمة ويشاهدون فيها السد الحصين دون ما يرغبون من ذوبان الأمة وانحلالها لإفنائها وابتلائها وتنقصها من أطرافها فكل ما تجتازه الأمة اليوم وما تعانيه وما تلاقيه هو ما تجتازه الجمعية وما تعانيه وما تلاقيه على أبلغه وأشده، لأن الجمعية هي الأمة، والأمة هي الجمعية.
إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- كالمسلمين الجزائريين- جبلت على النضال والمقاومة والصبر والمصابرة وقد صبرت لغشم
الحكومة وأذنابها وكيد الاستعمار وجرائده، ولن تزال ثم لن تزال.
ولقد ولدت الأيام الجارية والظروف الحاضرة مقاومين جددا ينطحون صخرتها برؤوسهم الحاسرة وينحتون أثلتها بأظافرهم المتآكلة ويضربون على نغمات من تقدمهم من أعداء الأمة والجمعية ويخدمون عن علم أو عن غير علم، مقاصد من يحاربون في الجمعية روح الإسلام والعروبة، فهنالك في عمالة قسنطينة وهنا بعمالة الجزائر من يعملون لرفع أنفسهم بالحط من الجمعية ويموهون على الأمة بما يقولونه عليها وعلى رجالها فمرة يربطون الجمعية بحزب من الأحزاب الأجنبية، والجمعية لا تنتمي لحزب ولا تعادي حزبا إلا من حارب الإسلام والعروبة فإنها تكون عليه- كائنا من كان- بلاء وحربا، ومرة يصمونها بالتدخل في السياسة والجمعية ما تدخلت في سياسة الكراسي والنيابات والمكاتب والممرات
…
وإنما وقفت الجمعية في مؤتمر الأمة تضع مطالب الدين واللغة وشروط المحافظة على الجنسية والشخصية. ومثلت ذلك كله بلسانها وهيئتها أصدق تمثيل.
يا هؤلاء!
…
إن الجمعية ليست عاجزة عن مقاومتكم وإظهار خطئكم وكشف باطلكم. ولكنها تعلم ما تحتاج إليه الأمة اليوم من اجتماع الكلمة وعدم الفرقة وتوحيد الصفوف، فلهذا تركتكم وتترككم راجية لكم أن تدركوا حقيقة الموقف فتعملوا بما يقتضيه.
أيها الشعب الجزائري الكريم!
…
قد بينت لك جمعيتك حقيقة الموقف وحرجه، وكشفت لك شيئا مما تعانيه أنت وتعانيه هي من الأقرباء والبعداء وهي تدعوك إلى التبصر والتثبت والاتحاد والتجمع والتنبه والتيقظ، وتحثك على الاعتماد على الله وحده، ثم على نفسك والصادقين من أبنائك، وما الصادقون إلا الذين يحافظون بأقوالهم وأعمالهم ومواقفهم على إسلامك وعروبتك
وجميع مقوماتك، يناضلون بالنفس والنفيس عن جميع حقوقك، وهم فيك اليوم إن شاء الله كثيرون وسيكونون أكثر والله أكبر!.
الجزائر 5 جمادى الثانية 1356هـ
عن الجمعية الرئيس: عبد الحميد بن باديس
البصائر: السنة الثانية العدد 79 الجمعة 12 جمادى الثانية 1356ه
20 أوت 1937 م ص 1 و 12 أسفلها.