المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطاب الرئيس الجليل - آثار ابن باديس - جـ ٣

[ابن باديس، عبد الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌قسم الإصلاح والثورة ضد البدع

- ‌يتكلمون بما لا يعلمون

- ‌الجهة الأولى:

- ‌الجهة الثانية:

- ‌الجهة الثالثة:

- ‌ما هكذا عهدنا أدب صروف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌تمهيد:

- ‌ماذا كان يدبر للاستيلاء على الجمعية:

- ‌نكتة المسألة:

- ‌كيف كنا وكيف كانوا:

- ‌صبيحة يوم الإثنين وما صبيحة الإثنين:

- ‌لوازم واستاجابات:

- ‌مساء الإثنين:

- ‌يوم الثلاثاء:

- ‌كيف كان الترشيح للإنتخاب:

- ‌عناصر مجلس الإدارة:

- ‌رئاسة الجمعية:

- ‌بواعثنا - عملنا- خطتنا- غايتنا

- ‌((عبداويون))! ثم ((وهابيون))

- ‌الدعاء منه عادة ومنه عبادة

- ‌لا يجوز دعاء غير الله ولا أحد مع لله

- ‌من دعا غير الله فقد عبده

- ‌التوسل بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم غير دعائه

- ‌نصيحة بنصيحة

- ‌كلمة كفر لو دري قائلها

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إنكار العلماء المتقدمين على المدعين المبتدعين

- ‌إنكار الإمام القشيري، صاحب الرسالة القشيربة، من أهل القرن الخامس:

- ‌إنكار الإمام أبي بكر الطرطوشي المالكي، من أهل القرن الخامس والسادس:

- ‌إنكار الإمام أبي حيان الأندلسي، من أهل القرن السابع والثامن:

- ‌إنكار الإمام أبي إسحاق الشاطبي المالكي، من أهل القرن الثامن:

- ‌إنكار الإمام القلصادي المالكي، من أهل القرن التاسع:

- ‌إنكار الشيخ عبد الرحمن الأخضري الجزائري، من أهل القرن العاشر:

- ‌إنكار الشيخ عبد الكريم الفكون القسنطيني، من أهل القرن الحادي عشر:

- ‌إنكار الشيخ مصطفى لعروسي، من أهل القرن الثالث عشر:

- ‌الصوفي السنيبين الحكومة السنية والحكومة الطرقية

- ‌الإسلام دين علم خالد

- ‌طلب الآخرة وحدها مذموم فى الإسلام

- ‌بيان عن هلال شوال

- ‌المجتنيات من الجرائد والمجلات

- ‌التقرير الأدبي

- ‌العناية بهلال رمضان وثبوته

- ‌العناية بهلال رمضان

- ‌إدارة البريد:

- ‌(الهيئة الشرعية بالعاصمة):

- ‌(رجاء من أصحاب الفضيلة القضاة والمفاتي):

- ‌(رجاء من الأمة):

- ‌(إلى رؤساء شعب الجمعية):

- ‌الإصلاح أمس واليوم

- ‌إحتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالحجاج

- ‌شيخ الإسلام بتونس

- ‌حول فتوى القراءة على الأموات

- ‌خبز وزيتون ومغفرة من الله:

- ‌جمعية أصوات وأنواع قراءات:

- ‌ حديث قراءة يس

- ‌إلى علماء جامع الزيتونة:

- ‌معاذ الله:

- ‌من آثار جمعية العلماء في تهدئة الأفكار

- ‌المجلة الزيتونية

- ‌المجلة التونسية

- ‌دعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها

- ‌لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة

- ‌نص الخطبة

- ‌جواب صريح

- ‌تمهيد:

- ‌تلخيص السؤال:

- ‌الجواب:

- ‌((كلمة إلى العلماء))

- ‌رسالة جواب‌‌ سؤالعن سوء مقال

- ‌ سؤال

- ‌الجواب:

- ‌الفصل الأول: في بيان خروج كلامه عن دائرة الأدب المرعية وتهجمه على الحضرة النبوية

- ‌الفصل الثاني: في بيان حرمة مخاطبة النبي- صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الخطاب

- ‌الفصل الثالث: في أن هذا المقال لا يصدر من العارفين

- ‌الفصل الرابع: في بطلان عذره بعجمة ألسن المحبين

- ‌الخاتمة: في نصيحة نافعة ووصية جامعة

- ‌التقاريظ

- ‌تقريظ محمد النخلي:

- ‌تقريظ بلحسن النجار:

- ‌تقريظ محمد الطاهر بن عاشور:

- ‌تقريظ محمد الصادق النيفر:

- ‌تقريظ معاوية التميمي:

- ‌تقريظ شعيب بن علي بن عبد الله:

- ‌تقريظ محمد المولود بن الموهوب:

- ‌تقريظ العابد بن أحمد بن سودة:

- ‌تقريظ محمد بن العربي:

- ‌تقريظ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر:

- ‌المقرظون، أسماؤهم ووظائفهم وبلدانهم:

- ‌تبيان:

- ‌قسم التربية والتعليم

- ‌أيها المسلم الجزائري

- ‌إصلاح التعليم بجامع الزيتونة، عمره الله

- ‌جمعية التربية والتعليم الإسلامية

- ‌منع التعليم الديني بالمساجد

- ‌إبطال الجمعية الدينية بالجزائر:

- ‌بعد عشرين سنة في التعليم

- ‌الدروس العلمية الإسلامية بقسنطينة

- ‌مقررات المجلس الإداري

- ‌المطلب الأول:

- ‌المطلب الثاني:

- ‌الدروس العلمية بالجامع الأخضر بقسنطينة

- ‌رجاء

- ‌صلاح التعليم أساس الإصلاح

- ‌ختم الدروس العلمية بالجامع الأخضر

- ‌تحية وشكر: إلى أبنائي الطلبة:

- ‌تقرير في التعليم المسجدي

- ‌نوع التعليم المسجدي:

- ‌الحاجة إليه:

- ‌وجوب القيام به:

- ‌الحالة التي هو عليها:

- ‌كيف ينبغي أن يكون:

- ‌بيان عن الحركة العلمية بالجامع الأخضر ونفقاتها

- ‌الطبقات: أربعة

- ‌النفقة:

- ‌نداء وبيان إلى الأمة المسلمة الجزائرية

- ‌لمن أعيش

- ‌مؤتمر المعلمين الأحرار

- ‌الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي

- ‌يا لله! للإسلام والعربية في الجزائر

- ‌للدفاع عن الإسلام والقرآن ولغتهما:

- ‌بمناسبة قانون 8 مارس 1938م

- ‌الغرض من الجمعية:

- ‌في سبيل التعلم والتقدم

- ‌بماذا نعود:

- ‌حول قانون 8 مادس المشؤوم

- ‌النص التقريبي لكامل التقرير الأدبي

- ‌الحركة التعليمية

- ‌أصل الجمعية:

- ‌القانون الأساسي للجمعية:

- ‌تأسيس قسم الشبان:

- ‌أعمال الشبان:

- ‌لجنة الطلبة:

- ‌تعميم فكرة الجمعية:

- ‌قسم السياسة

- ‌خطتنا

- ‌مبدؤنا السياسي:

- ‌مبدؤنا التهذيبي:

- ‌مبدؤنا الانتقادي:

- ‌تعطيل (السنة) وإصدار (الشريعة)

- ‌رد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌حول تصريحات الوالي العام

- ‌في الشمال الأفريقي:

- ‌كلمات حكيمة

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌اللجنة الوزارية:

- ‌الإضراب التونسي:

- ‌حول كلمتنا الصريحة

- ‌إنتهاء الأزمة التونسية:

- ‌حقوق الأمة الجزائرية

- ‌مقدمة:

- ‌الأوضاع والمعاملات الخاصة:

- ‌النيابات:

- ‌اللغة العربية:

- ‌الدين:

- ‌1 - المساجد:

- ‌2 - التعليم الديني:

- ‌3 - القضاء:

- ‌نص المطالب التي قدمها لمكتب المؤتمر

- ‌المؤتمر الجزائري الإسلامي العام

- ‌كلمة قالها ابن باديس

- ‌مع الوفد الإسلامي الجزائري:

- ‌تمهيد:

- ‌على ظهر الباخرة:

- ‌الأستاذ العقبي:

- ‌الأستاذ الإبراهيمي:

- ‌الأستاذ عبد الحميد:

- ‌المقابلات الرسمية:

- ‌عند م. فيوليط:

- ‌عند وزير الداخلية:

- ‌عند وزير الحربية:

- ‌عند رئيس الوزراء:

- ‌كلمة لكبير الوزراء:

- ‌مقابلات الأحزاب الشعبية:

- ‌مقابلة الصحافة:

- ‌النتيجة المحققة:

- ‌العودة إلى الوطن:

- ‌واليوم

- ‌نحن مسلمون وكفى

- ‌النمسا- الدعاية الهتلرية في إفريقيا الشمالية وفلسطين:

- ‌الدعاية الألمانية في إفريقيا الشمالية:

- ‌ليست الزردة وحدها

- ‌تمهيد:

- ‌كيف كنا معا:

- ‌كيف افترقنا:

- ‌طعنة من الخلف في أخطر الأوقات:

- ‌آلة في يد الظلم:

- ‌وافق شن طبقة:

- ‌الأمة حكمت وأبرمت:

- ‌الجنسية القومية والجنسية السياسية

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌فصل الجزائر عن فرانسا:

- ‌نظرنا في إصلاح الحالة:

- ‌بروجي فيوليط والحالة الشخصية:

- ‌رأينا في إلزام الحكومة المسلمين برفض الأحكام الشرعية:

- ‌‌‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌تجزئة الأحكام الشرعية:

- ‌جبر البكر:

- ‌مجلة (الشهاب) ومقاومة الاندماج:

- ‌تقييد في محله:

- ‌وعود نرجو أن تتحقق:

- ‌دعوة وبيان

- ‌نداء

- ‌هل آن أوان اليأس من فرنسا

- ‌الوطن والوطنية

- ‌في الشمال الإفريقي:

- ‌نداء إلى الأمة الجزائرية ونوابها

- ‌صدى منشورنا على الأمة والنواب

- ‌إجرام الاستعمار

- ‌الاستعمار يحاول قطع الصلة بين الإخوان

- ‌كلمات صريحة:

- ‌نحن الجزائر:

- ‌كلمة مرة

- ‌نحن والواجهة الشعبية

- ‌على هامش (السانطونير)

- ‌مسألة عظيمة

- ‌قال سعادة الباشا:

- ‌الوحدة العربية

- ‌أصول الولاية في الإسلام

- ‌الأصل الأول:

- ‌الأصل الثاني:

- ‌الأصل الثالث:

- ‌الأصل الرابع:

- ‌الأصل الخامس:

- ‌الأصل السادس:

- ‌الأصل السابع:

- ‌الأصل الثامن:

- ‌الأصل التاسع:

- ‌الأصل العاشر:

- ‌الأصل الحادي عشر:

- ‌الأصل الثاني عشر:

- ‌الأصل الثالث عشر:

- ‌توضيح

- ‌الجزائر المسلمة

- ‌الخلافة أم جماعة المسلمين

- ‌فلسطين الشهيدة

- ‌حول مساجين العلماء

- ‌أولو الأمر

- ‌قسم البرقيات والاحتجاجات

- ‌شكر عام للإحساس العام

- ‌احتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاجنا لدى الأمة:

- ‌إحتججنا لدى الحكومة:

- ‌إحتجاجنا إلى ممثل الحكومة في ذلك المجلس:

- ‌تلغراف الاحتجاج

- ‌رفع قضية ضد التعطيل

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائربينوصولاتها الجدد

- ‌وداع وشكر:

- ‌براءة:

- ‌إحتجاج ديني إنساني:

- ‌برقية تألم:

- ‌تلغراف مرسل إلى السيد الوالى العام

- ‌حول مقال نشرته جريدة الطان

- ‌(ترجمة ما يتعلق بالجزائر من مقال لطان)

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌رسلة جمعية العلماء إلى الطان

- ‌عريضة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌الاحتجاجات

- ‌شكر ووداع

- ‌الشقيقة الجزائرية

- ‌سير الجمعية وأعمالها:

- ‌وزير الخارجية بباريس والمقيم العام بتونس

- ‌وزير الخارجية بباريس والقيم العام بالرباط

- ‌إحتجاج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌إحتجاج جمعية العلماء

- ‌إحتجاج رئيس جمعية العلماء

- ‌برقية تهنئة ورجاء

- ‌برقية شكر وتهنئة

- ‌عيد الفطر المبارك

- ‌شكر على تعزية

- ‌برقية جمعية العلماء

- ‌قسم الإجتماعيات

- ‌سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ

- ‌رسائل ومقلات:

- ‌الرجل المسلم الجزائري

- ‌سبب اختياري للموضوع:

- ‌ الرجل

- ‌المراد من الموضوع:

- ‌المسلم:

- ‌الجزائري:

- ‌طريق العلم بهذا والعمل به:

- ‌شقيقة رجل وشريكه:

- ‌هو الأول، وهي الثانية:

- ‌المرأة المسلمة الجزائرية:

- ‌المرأة:

- ‌المسلمة:

- ‌الجزائرية:

- ‌الطريق الموصل إلى هذا:

- ‌لا فضل بالمال

- ‌ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌كتاب: "امرأتنا

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌على ذكرى المولد النبوي الشريف

- ‌عيد الحرية

- ‌ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان

- ‌نصيحة وإرشاد

- ‌التسامح الإسلامي:

- ‌عن الصدى الكنسي لقسنطينة وبونة

- ‌الصلاة اليومية:

- ‌التسامح الإسلامي- 2

- ‌سيرة الإصلاح الإسلامي:

- ‌جواب عن كتاب

- ‌نص الكتاب بعد الافتتاح:

- ‌إحياء ليلة المعراج النبوي الشريف

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تقوم بواجبها الديني وشعورها الإنساني:

- ‌بيان ما أرسل للمنكوبين:

- ‌تنبيه

- ‌غرداية

- ‌بين المسلمين في غرداية

- ‌للحق والنصفة

- ‌قسم الخطب

- ‌ذكرى المولد النبوي الكريم

- ‌بقية الخطاب الذي ألقاه صاحب المجلة في النادي

- ‌مبدأ رحمته:

- ‌مبدأ قوته:

- ‌مظاهر رحمته:

- ‌مظاهر قوته:

- ‌آثار القوة والرحمة في أخلاقه:

- ‌الأمانة:

- ‌الصدق:

- ‌العدل:

- ‌إهتمامه بالخلق:

- ‌إنقباضه عنهم:

- ‌نبوءته:

- ‌الرحمة والقوة في شريعته:

- ‌خطبتان لصاحب المجلة

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌خطبة منبرية

- ‌ذكرى الشاعرين:

- ‌((خطبة صاحب هذه المجلة))

- ‌خطاب رئيس الجمعية

- ‌خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌ غاية الجمعية

- ‌ثمرة هذه الغاية:

- ‌دعوة الجمعية:

- ‌ثمرة هذه الدعوة:

- ‌ما حصلنا من الثمرتين:

- ‌الجمعية وأنواع من يتصل بها:

- ‌الجمعية والأمة:

- ‌الجمعية وأهل الطرق:

- ‌الجمعية والحكومة:

- ‌الجمعية والأحزاب:

- ‌الجمعية والمؤتمر الإسلامي الجزائري العام:

- ‌الجمعية وخصومها:

- ‌خطبة رئيس الجمعية

- ‌خطاب الرئيس الجليل

- ‌خطاب الرئيس في الاجتماع العام

- ‌قسم الشعر

- ‌السياسة في نظر العلماء

- ‌تحية المولد الكريم

- ‌القومية والإنسانية

الفصل: ‌خطاب الرئيس الجليل

‌خطاب الرئيس الجليل

الأستاد الشيخ عبد الحميد بن باديس

في عرض حالة الجمعية الأدبية

ــ

الحمد لله الذي فضلنا بالعقل وكملنا بالعلم وجملنا بالفضيلة، وأسعدنا بالهداية والتوفيق.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد الكامل بالفطرة، المكمل بالعصمة، المبعوث إلى الخلق رحمة، الداعي بالحكمة والموعظة الحسنة إلى أقوم طريق.

وعلى آله المنبثقين من أكرم نبعة والمنحدرين من أطهر مزنة، والنابتين من أطيب تربة، فنعم الفريق ذيَّاك الفريق.

وعلى أصحابه الذين نشروا الملة فبينوها بأسلات الألسن، وحملها بأسل الأسنَّة، حتى تبحبح الناس من الإسلام والسلام في روض أنيق.

وعلى التابعين لهم من جميع الأمة، المقتفين آثارهم بحق وقوة، المجددين عهدهم بعلم وحكمة المصطحبين من طريق سعادتهم- من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح خير رفاق.

أما بعد فحياكم الله أبناء العروبة والإسلام وأنصار العلم والفضيلة.

حوربت فيكم العروبة حتى ظن أن قد مات منكم عرقها، ومسخ فيكم نطقها، فجئتم بعد قرن تصدح بلابلكم بأشعارها فتثير الشعور والمشاعر وتهدر خطباؤكم بشقاشقا فتدك الحصون والمعاقل ويهزُّ كتَّابكم أقلامها فتصيب الكُلى والمفاصل.

ص: 555

وحورب فيكم الإسلام حتى ظن أن قد طمست أمامكم معالمه، وانتزعت منكم عقائده ومكارمه فجئتم بعد قرن ترفعون علم التوحيد وتنشرون من الإصلاح لواء التجديد وتدعون إلى الإسلام كما جاء به محمد- صلى الله عليه وآله وسلم وكما يرضى الله، لا كما حرَّفه الجاهلون وشوَّهه الدجالون ورضيه أعداؤه.

وحورب فيكم العلم حتى ظن أن قد رضيتم بالجهالة وأخلدتم للنذالة ونسيتم كل علم إلا ما يرشح به لكم أو ما يمزح بما هو أضر من الجهل عليكم فجئتم بعد قرن ترفعون للعلم بناء شامخاً وتشيِّدون له صرحا سامقا فأسستم على قواعد الإسلام والعروبة والعلم والفضيلة جمعيتكم هذه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وحوربت فيكم الفضيلة فسمتم الخسف وديثتم بالصغار حتى ظن أن قد زالت منكم المروءة والنجدة وفارقتكم العزة والكرامة فرئمتم الضيم ورضيتم الحيف وأعطيتم بالمقادة، فجئتم بعد قرن تنفضون غبار الذل وتهزهزون أسس الظلم، وتهمهمون همهمة الكريم المحنق وتزمجرون زمجرة العزيز المهان وتطالبون مطالبة من يعرف له حقاً لا بد أن يعطاه أو يأخذه.

فبحق قلت: حياكم الله أبناء العروبة والإسلام وأنصار العلم والفضيلة.

نعم- أيها الإخوان- نهضنا بعد أن صهرتنا بنار الفتنة والابتلاء حوادث الزمان، وقارعتنا وقارعناها الخطوب ودافعتنا ودافعناها الأيام {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} .

نعم نهضنا بعد قرن بعد ما متنا وأقبرنا أحيينا وبعثنا سنة كونية

ص: 556

فقهناها من القرآن ونعمة ربانية تلقيناها من الملك الديان {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا - إلى - يَشْكُرُونَ} ، {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ - إلى - قَدِيرٌ} ، {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ- إلى-الْحَكِيمُ} .

نعم نهضنا نهضة (بنينا على الدين أركانها فكانت سلاماً على البشرية) لا يخشاها- والله- النصراني لنصرانيته ولا اليهودي ليهوديته بل ولا المجوسي لمجوسيته ولكن يجب- والله- أن يخشاها الظالم لظلمه والدجال لدجله والخائن لخيانته.

العروبة والإسلام، والعلم والفضيلة، هذه أركان نهضتنا وأركان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي هي مببعث حياتنا ورمز نهضتنا، فما زالت هذه الجمعية منذ كانت تفقهنا في الدين وتعلمنا اللغة وتنيرنا بالعلم وتحلينا بالأخلاق الإسلامية العالية وتحفط علينا جنسيتنا وقوميتنا وتربطنا بوطنيتنا الإسلامية الصادقة، ولن تزل كذلك بإذن الله ثم بإخلاص العاملين.

كانت جمعية العلماء فكانت نهضة الأمة دوى صوت العلم فأيقظها من رقدتها، وكذلك عرفت الأمم من تاريخها لا تنهض إلا على صوت علمائها، فهو الذي يحل الأفكار من عقلها، ويزيل عن الأبصار غشاواتها ويبعث الهمم من مراقدها ويرفع بالأمم إلى التقدم في جميع نواحي الحياة ولهذا ترى أعداء النهوض من كل عصر ومصر يبذلون لإخفات هذا الصوت كل جهودهم ويكيدون له كل كيد {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} .

وما كانت جمعية العلماء حتى كان العلماء القرآنيون الذين فقهوا

ص: 557

الدين والدنيا بفقه القرآن وعرفوا السنن الأقوم بمعرفة سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهدوا واهتدوا بما كان عليه السلف الصالح ورجال الإسلام العظام.

هذه- أيها الإخوان- نهضتنا وأركانها وأسبابها واضحة للعيان محفوظة للتاريخ خالدة للأجيال نورثها أبناءنا الذين سيقولون- إن شاء الله- فينا مثلما قلنا في أسلافنا:

إِنَّا وَإِنْ كَرُمَتْ أَوَائِلُنَا

لَسْنَا عَلَى الْأَحْسَابِ نَتَّكِلُ

نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائِلُنَا

تَبْنِي وَنَفْعَلُ فَوْقَ مَا فَعَلُوا

أيها الإخوان، هذا يوم الاجتماع العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولكنني أريد أن أسميه بعيد نهضة المسلمين الجزائريين فهل أنتم موافقون (أصوات بالإجماع: موافقون).

فلنتعاهد في هذا اليوم العظيم، والعيد القومي العلمي الكريبم على خدمة مبادئ الجمعية وتوسيع نطاق أعمالها ونشر هدايتها ونصر كل عامل من رجالها بصبر وتضحية ونزاهة وثبات، فهل أنتم معاهدون (أصوات بإجماع: معاهدون).

{وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} .

أيها الإخوان تنتظرون مني الآن أن أبين لكم مواقف الجمعية من بعض الجهات التي تعاصرها وتلتقي بها في محجة السير وميدان الحياة.

أما موقفها من الحكومة فهو هو: المطالبة والاحتجاج من ناحية الجمعية والصد والإعراض من الناحية الأخرى، ولقد كنت في خطاب السنة الماضية علقت رجاء الجمعية على الحكومة الشعبية وحسنت الظن بها، وأنا أعلن اليوم- مع الأسف المر- خيبة ذلك الظن ووهن ذلك

ص: 558

الرجاء فحسبنا إيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا فذلك- والله- أجدى لنا وأعود بالخير علينا.

وأما موقف الجمعية مع الأحزاب فأعيد فيه نص ما قلته بالسنة الماضية.

"إن الإسلام عقد اجتماعي عام فيه جميع ما يحتاج إليه الإنسان في جميع نواحي الحياة لسعادته ورقيه وقد دلت تجارب الحياة كثيراً من علماء الأمم المتمدنة على أن لا نجاة للعالم مما هو فيه إلا بإصلاح عام على مبادئ الإسلام فالمسلم الفقيه في الإسلام غني به عن كل مذهب من مذاهب الحياة فليس للجمعية إذاً من نسبة إلا إلى الإسلام، وبالإسلام وحده تبقى سائرة في طريق سعادة الجزائر، والبلوغ بها - إن شاء الله- إلى أرقى درجات الكمال.

وإلى هذا فنحن نشكر ونعترف بالجميل لكل من يؤيدنا في سيرنا نصرة للمظلوم ومقاومة وخدمة للإنسانية في جميع أجناسها".

وأزيد اليوم: إن الجمعية لا توالي حزباً من الأحزاب ولا تعادي حزباً منها، وإنما تنصر الحق والعدل والخير من أي ناحية كان وتقاوم الباطل والظلم والشر من أي جهة أتى. محتفظة في ذلك كله بشخصيتها ومبادئها محترسة في جميع مواقفها مقدرة للظروف والأحوال بمقاديرها.

وأما موقفها مع المؤتمر فقد أوكلته لمن شاء من رجالها ليحافط فيه على اللغة والقومية والمطالب الدينية والعلمية، يعمل فيه على مسئوليته لا على مسئوليتها.

وأما مواقف الجمعية مع خصومها فإنها تعلم أن الأمة اليوم تجتاز طوراً من أشق أطوارها وأخطرها فهي تتناسى كل خصومة وتعمل لجمع الكلمة وتوحيد الوجهة ولا تنبذ إلا أولئك الرؤوس رؤوس الباطل

ص: 559

والضلال الذين لا تجدهم الأمة في أيام محنتها إلا بلاء عليها ولا يتحركون إلا إذا حركوا الغايات عكس غايتها، فرقوا المسلمين بددا وصيروهم قددا، وقد هد الله- والحمد لله- ركنهم المنهار وفضح أمرهم في رابعة النهار، وصيرهم أقل من أن يعتني بهم وأحقر من أن يضيع الوقت في الحديث عليهم.

هذه مواقف جمعيتكم- أيها الإخوان عرضتها عليكم في إيضاح وإيجاز، والله أسأل أن يثبت أقدامنا في مواقف الحق كلها في الدنيا وفي مواطن السؤال والجزاء في الأخرى {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} . آمين يا رب العالين.

البصائر: السنة 2 العدد 83 الجزائر يوم 25 رجب 1356ه 30 سبتامبر 1937م ص 1 ع 2 و 3 ص 2 ع 1 و 2 و 3 ونشر هذا الخطاب أيضا بالشهاب: ج 8، م 13، ص 357 - 361 غرة شعبان 1356ه - أكتوبر 1937م.

ص: 560