الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالحجاج
وتعرض الحكومة لها بعد إذنها (1)
ــ
جرت عادة الجمعية أن تحتفل بالحجاج وكانت تحتفل بهم في (نادي الإتحاد) وكان يضيق عن أفواج الراغبين في السلام على الحجاج والتبرك بهم فرأت هذا العام أن تحتفل بهم في الجامع الكبير فذهب السيد (الحاج إدريس) المحامي كاتبها العام والنائب البلدي والسيد (حسين بن شريف) أمين مالميتها والنائب البلدي فطلبا الإذن من الكاتب العام بدار العمالة فإذن لهم وبعد هذا الإذن أصدرت الجمعية منشورا على الناس يوم الثلاثاء هذا نصه:
جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة تكريم حجاج بيت الله الحرام:
تبتهج النفوس وتنشرح الصدور بقدوم وفد الله وحجاج بيته الحرم حديثي عهد بتلك الديار المطهرة، والآثار الكريمة، فيود كل مسلم أن يراهم وأن يلتمس الخير من الاجتماع بهم.
لكن ذهاب أفواج الناس إليهم في بيوتهم فيه ما فيه من التثقيل عليهم والكلفة لأهلهم، والسرف المذموم فيما يضطرون لتقديمه لقاصديهم، حتى ليكاد يقارب الذي ينفقونه عند قدومهم ما أنفقوه في حجهم. وهذا كله من الحرج والتكلف والتبذير التي نهينا عنها.
(1) نشر هذا المقال أيضا فى الشهاب: ج2، م12، ص 75 - 78 بتاريخ غرة صفر 1355هـ - ماي 1936م
فالجمعية تدعو إخواننا المسلمين أن يقلعوا عن هذه المنهيات وأن ينكفوا عن الذهاب إلى الحجاج في بيوتهم إلا من كان من أقاربهم.
والجمعية قد عزمت على تكريم الحجاج مساء يوم الجمعة القابلة إثر صلاة العصر بالجامع الكبير إن شاء الله تعالى. فهي تدعو جميع المسلمين إلى الإتيان إليهم والتبرك بهم.
وبهذا نكون قد اجتمعنا بوفد الله، في بيت الله، وسلمنا مما نهي عنه الله. فيتضاعف إن شاء الله الأجر، ويتكاثر الغنم، ويتجلى جمال المظهر، ويحسن عند الله وعند الناس الأثر.
جمع الله قلوبنا على الحق، وأقوالنا على الصدق وأعمالنا على العدل والإحسان، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن الجمعية: الرئيس عبد الحميد بن باديس
وفي صبيحة الأربعاء استدعت الإدارة السيد (الحاج إدريس) والسيد (حسين) ولغياب السيد الحاج إدريس ذهب مكانه مع السيد حسين السيد (محمد الشريفه ابن الابيض) المحامي والنائب البلدي والعضو في الجمعية فأخبرهما الكاتب العام بالرجوع في ذلك الإذن لعدم جواز الاجتماع في الجامع فأعلماه بما أصدرته الجمعية من الإعلان بالاجتماع للعموم بناء على إذنه المتقدم، وبعد مراجعة طويلة أوقف الأامر النهائي على مراجعة عامل العمالة السيد البريفي.
وفي مساء الأربعاء سافرت إلى (عنابة) لمقابلة الحجاج صبيحة الخميس فلما نزلت بدار السيد (الحاج الخوجة) رئيس شعبة جمعية العلماء أخبرني أن السيد بريفي يسأل عن قدومي وأمره أن يخبره عني بمجرد قدومي ولما أخبره إذ ذاك بقدومي طلب حضوري لديه
مع السيد الخوجة على السابعة صباح الخميس. ولما ذهبنا إليه في الموعد أخبرني بأن السيد البريفي يمنع من إقامة الاحتفال بالجامع وينكر إعطاء الإذن، فأجبته بأن الناس سوف يجتمعون لأجل المنشور الذي وزع عليهم بعد إذن خليفة البريفي وأما الاحتفال فلا يقام.
رأيت بعد خروجي من عند السيد بريفي أن هذا الأمر لا يجوز السكوت عليه فليس من اللائق بإدارة محترمة أن تضطرب هذا الاضطراب ولا من اللائق بجمعية محترمة أن تعامل هذه المعاملة وعلمت ما يتركه هذا العمل في قلوب المسلمين من الأثر السيء والكدر التام، فبادرت إلى إرسال برقية إلى دار العمالة بقسنطينة، ومثلها إلى دار الولاية العامة ذكرت فيها أن المنشور ما كان إلا بعد الإذن واستنكرت الرجوع في الإذن وأعربت عن الاستياء الذي يحصل من منع المسلمين من إقامة احتفال ديني محض في مسجدهم ونصحت بالرجوع عن المنع في صالح الجميع.
قفلت إلى قسنطينة مساء الخميس ومكثت صبيحة الجمعة أنتظر جوابا عن برقيتي فلم يأت عنها جواب.
لما صليت عصر الجمعة جاءني جماعة من المسلمين فذكروا أن الجامع الكبير قد غص بالناس وأنهم في انتظارك وأنهم لا يتفرقون إلا إذا أتيت فذهبت إلى الجامع الكبير فوجدت رؤساء الشرطة ورجالها قد اكتنفوا بابي الجامع، ووجدت الجامع غاص الرحاب بالناس. فشققت طريقي إلى المحراب حيث وجدت جمعا من الحجاج أربعة عشر أوأكثر فسلمت ثم توجهت للناس فبشرتهم بما لهم عند الله باجتماعهم في بيته لإكرام وفده، ثم أعلمته (1) بمنع الحكومة من إقامة الاحتفال الذي هو عبارة عن تلاوة آيات من القرآن العظيم وإلقاء خطاب ديني فيه
(1) كذا في الأصل وصوابه: أعلمتهم.
تذكير وتشويق وتبشير ولاجل أن أخفف على الناس ما أصابهم من الألم من صدمة المنع قلت لهم: حسبكم أن عملكم قد وقع عند الله وأن نتوجه كلنا بالدعاء إليه وإخواننا الحجاج يدعون الله لكم وبعد الدعاء قام الحجاج ووقفوا عند باب بيت الصلاة فسلموا عليهم وصافحوهم مهنئين متبركين.
الملاحظات:
1 -
ما كان رجوح عامل العمالة في الإذن الذي أعطاه خليفته إلا بعد سعي من المفتي (ابن الموهوب) وتحريش وتهويل، وقد علم السيد (ابن الابيض) لما خاطبه السيد البريفي لغيبتي في "عنابة" أن المسألة أثارتها الناحية الرسمية في الجامع الكبير.
2 -
برهنت الأمة باجتماعها الهائل بالجامع الكبير على أنها تعرف قيمة الناس فلم تلتفت إلى ما نشرته صحيفة معلومة من الصد والتثبيط، ولا ما نشره في أوراق ووزعها من لم يجسر أن يصرح باسمه تحت أوراقه
…
3 -
ما يزال بعض الرجال في الإدارات يغترون ببعض الرسميين الذين لا قيمة لهم عند الأمة حتى يوقعوهم فيما لا ينبغي.
إننا نود أن تعرف الحكومة مقدار تعلق الأمة بمساجدها ورغبتها في عمارتها بأمور دينها فترجع عن معأرضتها فيها ومنعها منها فتكسب شيئا من قلوبها وصادق شكرها.
عبد الحميد بن باديس
رئيس جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة
البصائر: السنة1 العدد14 الصفحة1 و2 العمود الأول الجزائر في يوم الجمعة 18 الحرم الحرام 1355هـ الموافق ليوم 10 أفريل 1936م.